تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » زرادشت : كيف أثر هذا الفيلسوف الفارسي على العالم ؟

زرادشت : كيف أثر هذا الفيلسوف الفارسي على العالم ؟

زرادشت أحد أشهر الشخصيات الفلسفية في تاريخ الإنسانية، حظيت أفكار زرادشت بالكثير من الاهتمام مؤخرًا في السنوات الأخيرة، فهيا نتعرف على زرادشت .

زرادشت

زرادشت قد تسمع هذا الاسم لأول مرة في حياتك وقد تكون قد سمعت عنه مراراً وتكراراً، ومن الممكن أيضاً أن تكون قد سمعت أشياء عن الديانة الزرادشتية والتابعين لها وقد تكون قرأت كتاب نيتشه الشهير “هكذا تكلم زارادشت” وقد تكون سمعت لغط في تشابه قصة زرادشت مع قصص بعض الأنبياء وقد تكون سمعت عن بلاد فارس وكورش ملك فارس وكثير والكثير قد تكون قد سمعته في عجالة عن هذا الزرادشت ولكن ما لا تعلمه عزيزي القارئ أن زرادشت وديانته كانت من ضمن الديانات الأكثر انتشاراً لقرون طويلة جداً وتقريباً كديانة تعتنق بصورة شعبية في مملكة كبيرة مثل مملكة مادي وفارس فهي كانت الأولى في التاريخ قبل حتى اليهودية، وهذا من ضمن المأخوذات على التوراة أن التشابه أتى من الزرادشتية، والزرادشتية هي الأقدم سواء في التسجيل الكتابي أو التاريخي لوجود زارادشت كنبي الرب الواحد في السماء (أهورا مازدا) كما كان يزعم في القديم كل هذه التفاصيل والحيثيات ستعلمه جيداً معنا في هذا المقال بصورة تفصيلية ومدققة وممتعة لن تجدها في مقال أخر.

زرادشت : القصة الكاملة للفيلسوف الفارسي

زرادشت هو نبي فارسي ومؤسس الديانة الزرادشتية وقد عاش في أذربيجان وإيران وكردستان واسمه يتكون من مقطعين زارا ودشت على حسب اللغة لأن لكل لغة نطق مختلف لاسمه ولكنه بالعربية يطلق عليه زرادشت كما سماه بن النديم في الفهرست وكل شق من اسمه يمثل معنى ولكن المعاني تختلف فأحدهم يقول إن معناه الجمل الأصغر لأنه كان يلعب مع الجمال وهو صغير وأخر يقول قائد الجمال لأنه كان يعيش في الصحراء.

طفولته

ولد الطفل زرادشت في أذربيجان وكان اسم والده “بوروزهازيو” واسم والدته “دوغدما” والأب والأم من نفس القبيلة التي كانت تدعى “سبيتاما” وحسب الأقاويل الزرادشتية التي يزعمها معتنقين هذه الديانة تتعدد قصص الإعجاز في ولادته الطفل زرادشت ومن هذه القصص، يقال أن والده ووالدته لم يكن لديهم أي أطفال و كان أبوه يعمل في الحقل ويرعى الغنم وأثناء رعيه للغنم ظهر له شبحان اثنان أعطوه غصناً من نبات يدعي “الهوما” فأخذه الرجل وذهب به إلي زوجته فحكى لها ما حدث ولم تصدقه فأمرها الرجل أن تسمع كلامه وتطبخ الغصن في ماء وتشربه ففعلت المرأة كما أمرها زوجها ثم حدث الغير متوقع للمرأة وأنها حبلت وبعد عدة شهور من هذا الحبل، حلمت المرأة بحلم ذلذل وجدانها حيث حلمت أنها ولدت ولد وغمت غيمة على البيت ساعة الولادة وسحبت الغيمة الولد من بين حضنها فصرخت صرخة شديدة فحدث أن نوراً قوياً شق الغيمة ونفضها وأخذ النور والولد وأرجعه لها وقال لها أن هذا الطفل سيصير نبي، ويقال أنه حينما ولد الطفل زرادشت فهو لم يبكي مثل بقية الأطفال بل ضحك ضحكاً شديداً ومفرحاً جعل جميع الناس تعيش حالة فرح، ويقال أيضاً أن الأرواح الشريرة هربت عندما سمعت صوت ضحكاته وهو طفل وهناك قصص أخرى مشهورة عن ميلاده حيث يقال أن السحرة الخاصين بالملك الذين يخدموه أخبروه أن هناك طفل ولد في أذربيجان سيكبر وسيقضي علي الأصنام والوثنية والسحر فقرر الملك أن يتخلص منه فأمر السحرة أن يحضروا الطفل كي يراه ثم يقتله فذهبوا الثلاثة سحرة كي يخطفون الطفل ويحرقونه مباشرة ومن ثم يقولون للملك أنه كان به أرواح شريرة وكان لابد من التخلص منه مباشرة خوفاً من تأثيره على الملك عند مقابلته للطفل فخطفوا السحرة الطفل ورموه في محرقة المعبد المليئة بالجمر وبعد ذلك اكتشفت أم الطفل زرادشت اختفائه فذهبت للمعبد حتى تصلي لتجده فوجدته في المحرقة يلعب بالجمر فلم تستطيع المرأة أن تتكلم وظهرت عنزتان وأرضعاه.

حياته

حياة زرادشت بالنسبة للكثيرين قبل أن ينزل عليه الوحي كانت عادية جداً فهو عندما وصل إلى سن السابعة ذهب ليتعلم من رجل حكيم اسمه “بورزين كوروس” وظل مع هذا الرجل الحكيم يدرس تقريباً ثمان سنوات حيث وكان الرجل يحبه كثيراً وعلمه العقيدة الدينية المحلية في ذاك الوقت والزراعة والطب والرعي، ثم بعد الثمان سنوات عاد زرادشت إلى بلده وارتدى القميص والحزام المقدس وكان هذا رمزاً لتعميده كرجل ضمن العشيرة في هذا الوقت، ولكن بعدها تم غزو بلده من قبل “التورنيون” من الإقليم المجاور فتطوع زرادشت للذهاب إلى هذه الحرب الضروس لخبرته في مداواة المرضى وبعد انتهاء الحرب انتشرت المجاعة والفقر في جميع أنحاء مملكة إيران في هذا الوقت فتطوع زرادشت مرة أخرى للاهتمام بالمرضى الذين يعانون من الفقر حتي وصل إلى سن العشرين ثم ذهب إلى بلده مرة أخرى وطلب من أبيه أن يتزوج، ثم تزوج فعلاً وأنجب طفلين ومن ثم بدأ يتساءل عن الأسئلة الوجودية التي تخص الحياة والموت والإله وتختلف الأقاويل عن العمر الذي هبط عليه الوحي فيه حيث يقولون العشرين وأحياناً الثلاثين ولكن لا أحد يعلم الحقيقة في الواقع ثم بعد ذلك شرع في طريق نبوته.

نبوة زرادشت

تجلى زرادشت بأفكاره في البداية أمام قصر الملك “فيشتاسيا” وبدأ ينشر رسالته التي كانت تحث البشر على عبادة إله واحد وهو (اهورمازدا) الذي يسكن في السماء ولا يراه أحد لأن لا يستطيع أحد أن يرى نوره ويعيش، وكانت طريقة نشره لرسالته عن طريق المحاجة والإقناع وليس عن طريق الحرب والعنف حيث كان يجادل أصحاب الديانات الأخرى أمام الناس وكان الرجل متكلم جداً وعقلاني جداً لدرجة أنه لم يجاريه أحد وزعم أن أهور مازدا رفعه إلى السماء ومن ثم حمله رسالته السماوية، ومن أشهر من أمنوا بالزرادشتية أسفيندار ابن الملك كوشتاسب أو المعروف بكوش الذي اعتنق هو أيضاً الزرادشتية كما ابنه معتقداً أن زرادشت هو النبي وأن أهور مازدا هو إله السماء، وهنا يربط التاريخ سر سماح الملك كوش لإرجاع بعض اليهود إلى بلادهم حتى يبنون سور أورشاليم حيث أنه كان يعتقد أن إلوهيم إله اليهود هو أهور مازدا ولكن الطقوس تختلف، وفرض الملك كوش الزرادشتية كديانة عامة على الشعب وكان تقريباً هذا هو أول حكم ديني سياسي في التاريخ ومر حتى يومنا هذا عن تاريخ هذا الحدث 3500 عام على اعتناق كوشتساب الزرادتية وكانت بالفعل ديانة تدعوا إلى التسامح والمحبة حيث كانت الوصايا الخاصة لرزرادشت من الإله أهورمازدا فحواها شيئين: أن تعمل جاهداً ولا تكن كسولاً، وكان هذا سر ازدهار بلاد فارس فيما بعد أنهم كانوا شعب يقدس العمل لأنه كان وصية إلهية والكسل يعتبر خطيئة كبرى عند أهورمازدار، الشيء الثاني كان المحبة والتسامح وكان هذا أيضاً من ضمن أسباب ازدهار بلاد فارس جداً حيث أنهم كانوا يقدسون المحبة وخصوصاً بين الأزواج والزوجات وكانوا يقدرون النساء جداً ويضعوهن في مرتبة عالية من الاهتمام والتبجيل.

أيضاً زرادشت كان يؤمن ويدعو أن هذا الكون والطبيعة لها خالق الذي هو “أهورمازدا” وكي تصل إلى الحكمة والمعرفة اللازمة معه فيجب عليك أن تتصالح مع نفسك ويصير عقلك صالح جداً وخالي من كل الخطايا مثل الكراهية والكسل وعبادة المظاهر حيث كان زرادشت إنساناً بسيط جداً في ملبسه وليس ذو مال أو جاه بل كان متضعاً في كل شيء لذلك كانت حربه الأولى مع الأغنياء ورجال الدين الذين يستغلون الدين والمال والسلطة في الشر.

بهذا يكون زرادشت عزيزي القارئ صاحب ديانة مهمة جداً بالتاريخ وأثره على مجموعة كبيرة من الناس ليس هيناً، وكتبه التي تاركها والتي مع الأسف ضاعت معظمها إلا أن تابعيه حاولوا كتابة ما قاله ومواقفه في المحادثات وأفكاره العالية النظيفة، وإذا قرئنا تعاليمه بعقل منفتح بغض النظر عن كلامه عن هذا الإله أو إيمان الناس به كنبي، سنجد أنها جديرة بأن تكون تعاليم إنسانية متبعة في العالم كله، وأنه حقاً مفكر قوي ومؤثر في حياة البشرية.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

14 − 4 =