الفكر المتطرف هو ظاهرة اجتماعية موجودة منذ القدم ولكن انتشرت بشكل واسع الآن، ماذا يعني التطرف عموما؟ لغويًا هو الخروج عن الاعتدال والتطرف هنا يرتبط بالمجتمع الذي نشأ فيه، فهو أمر نسبي ربما ما يعده مجتمع ما تطرفا يعده مجتمع آخر أمر طبيعي، ويختلف من زمن إلى آخر أيضا فربما ما كان متطرفا في الماضي لم يعد متطرفا في الحاضر وهكذا فالتطرف سلوك مرتبط ببنية الأفكار لدي الشخص والتي ترتبط بالمجتمع الذي نشأ فيه الفرد. ماذا يعني الفكر المتطرف؟ الفكر المتطرف هو الذي يسلوك صاحبه سلوك واحد ويعتقد بأنه السلوك الصحيح ويرفض أي مناقشة توضح غير ذلك، بمعني آخر هو اعتناق فكرة أو معتقد ما، قبولا تاما ومطلقا غير قابل للجدال أو ما نطلق عليه الدوجما، يتمسك الشخص برئيه بشكل يصعب تفسيره ولا يقبل آراء أخرى ومن الممكن أن يسلوك سلوك العنف للدفاع عن معتقدة هذا مهما كان.
الأساليب الصحيحة لحماية أطفالنا من الفكر المتطرف
أفكار شائعة خاطئة
أرتبط الفكر المتطرف والإرهاب في عصرنا الحالي في العالم كله بالإسلام والمسلمين، فإذا ذكر لفظ مسلم في العالم الغربي يقابله لفظ إرهابي خصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وأنا أعتقد أن هذا الوصف يحمل نوعا ما من التطرف أيضا، فالتعميم من حادثة جزئية لمجموعة فردية من الأفراد لا يعني صدق حكم التعميم على الكل الذي يشترك معه في الدين، هذا أن كانوا الإرهابين والمتطرفين يدينون بدين أصلا، فلا لا أعتقد أن الإرهاب مرتبط بدين أي يكن هذا الدين وإنما هو مرتبط بفكر معين ينتهجه أشخاص معينون بناءً على مجموعة أفكار دوجماطيقية يؤمنون ويسلمون بها. أيضا يعتقد الكثيرين أن التطرف يقتصر على الكبار فقط وأن الأفكار التطرفية يتم اعتناقها في فترة الشباب وهذا غير صحيح فالتطرف والإرهاب هي عادات مكتسبة يكتسبها الإنسان من مواقف وأحداث عنيفة يمر بها وهي غير مرتبطة بسن معين والدليل على ذلك هي منظمات داعش الإرهابية للأطفال لاستخدامهم في عمليات انتحارية.
لماذا الأطفال؟
بداية يمكننا أن نفرق بين نوعين من الفكر المتطرف، الأول وهو الفكر المتطرف الذي ينشأ بشكل عفوي غير مقصود والثاني هو التدريب على العنف والتطرف حتى يصير صفة للشخص. مرحلة الطفولة هي مرحلة مهمة جدا في حياتنا لماذا؟ لآن الطفل يولد وليس لديه أفكار أصلا لاهي متطرفة ولا هي معتدلة برئ لا يفهم التفرقة بين الخير والشر والخطأ والصواب الجميع عنده سيان، ومن خلال التربية والبيئة المحيطة به والمجتمع الذي ينتمي له تبدأ شخصيته في التشكل وتبدأ مفاهيمه في التكون، فهو سهل أن يتعلم ويكتسب الأفكار ويعتنقها منذ الصغر وتكون صعبة التغيير في الكبر، هذا من جانب ولكن من جانب آخر تعرض الأطفال لمشاهد العنف والتطرف من خلال مشاهدة بعض برنامج التليفزيون أو أفلام ألأكشن التي يعشقها الكثيرين منهم ربما وبشكل كبير تعلمه العنف والتطرف والعصبية، لذلك ينصح علماء التربية بإبعاد الأطفال عن مشاهدة مثل هذه الأفلام والبرامج، هذا عن الجزء الأول وهو التطرف العفوي أو اكتساب الفكر المتطرف عن غير قصد. الجزء الأهم والأصعب هو تدريب الأطفال على الفكر المتطرف والعنف وهذه جريمة إنسانية وأخلاقية بكل المقاييس لا يختلف فيها مجتمع عن آخر في الإدانة.
نماذج حيه
الفكر المتطرف والإرهابي حينما يخطط يعرف جيدا من أين يجب عليه أن يبدأ، الأطفال، الثمار الصغيرة التي لم تنمو بعد ومثال بارز ومتوحش هو انتهاك المنظمات الإرهابية مثل داعش للطفولة وتربية وتدريب الأطفال الصغار على القتل والعنف، وكأنها توجه رسالة للعالم بأنها ستنتج لنا أجيالا هدفها القتل والتدمير، فهل من الممكن أن يخرج طفل من وسط العنف والقتل وإراقة الدماء يعرف معنى الإنسانية والحب والرحمة؟
مظاهر التطرف لدى الأطفال
بالطبع يمكننا أن نلاحظ مظاهر الفكر المتطرف لدى الأطفال في مرحلة مبكرة حيث يمكننا التدخل ومحاولة إصلاح الأمر، فترى الطفل مثلا يتصرف بعنف مع باقي الأطفال أو يعتدي بالضرب على أحدهما أو يأخذ لعبته منه عنوة، وربما يغضب ويعبر عن غضبة بما يجده أمامه وهنا يجب أن نقف ونفهم ما السبب وراء هذا السلوك هل حدث طارئ مثلا وليد لحظة معينة أم هذا الطفل يعاني من اضطرابات ما أو أمراض نفسية وهذا شائع جدا في مثل هذه الأيام فعلينا التوقف واتخاذ إجراء سريع لفهم الموضوع جيدا وحله قبل أن تتفاقم المشكلة ويصبح العنف جزء من تكوينه.
كيف يمكن مواجهته؟
بداية لمواجهه الفكر المتطرف من الجذور يجب على الأبوين معرفة قاعدة مهمه وهي معنى أن تقرران أن تنجبا طفلا فهذا يلزمكم بواجب أخلاقي تجاه المجتمع بتنشئته سويا وعضو صالح في المجتمع فأنتما المسؤولان الأساسين في هذا الموضوع. التربية عامل أساسي ومهم، يجب غرس القيم والمعتقدات التي تدعم التسامح محب الآخر وقبوله، يحب أن يعلم أن الأفراد مختلفون تبع بيئتهم ولا يوجد معيار ثابت للحكم على كل منهم وأن علينا تقبلهم كما هم واحترام معتقداتهم.
التسامح
يجب تعليم الطفل أن التسامح مع المخطئ أفضل من الرد بالعنف وأن سلوك المتسامح هو الأعلى والأفضل، فنجد في مجتمعاتنا العربية إذا ضرب طفل طفلا آخر وهو يلعب معه يقولون له أضربه مثلما ضربك، ماذا تنتظرون من هذا الطفل سوى رد العدوان بالعدوان.
قبول الآخر
قبول الآخر وقبول أفكاره ومعتقداته حتى وأن كانت مخالفة لي هو سلوك حضاري وإنساني راقي، فلا يحق الحكم عليه من خلال موقفك أنت، فعلى سبيل المثال: في المدرسة وطفل مسلم وآخر مسيحي يتم تلقين الطفل المسلم بأن الإسلام هو الدين الحق، ويتم تلقين المسيحي بأن الدين المسيحي هو الحق، ويعتقد كلاهما أن موقفه هو الصحيح أما الآخر فهو لا يتبع الطرق الصحيح فماذا تنتظرون؟! فالأفضل هنا أن نقول أن المعتقد الديني يختلف من شخص لآخر وأن معرفة الإله والطريق إليه متعددة لذلك يوجد الكثير من الأديان وتختلف شرائع كل دين عن الآخر وإنما يشتركون في الغاية وهي معرفة الإله، وأن علينا أن نحترم كل الآراء ونتقبلها باحترام.
علاج سحري
لعلاج الفكر المتطرف بوسيلة مضمون نتائجها وتأثيرها فهي ” الفن” نعم بالفنون المختلفة سواء الموسيقى وفنون المسرح وغيرها يرتفع الحس الإنساني للطفل وينمو وتكون طاقة الحب لديه كبيرة وينشأ يحب الحق والخير والجمال ويحافظ على بيئته ويتعامل برفق مع الحيوان ويشعر بالطبيعة ويحيا على توافق معها، فطاقة الأطفال يمكن توجيهها للفنون المختلفة كتعليمه الرسم، العزف على آلة موسيقية محببه لديه وهكذا، من المستحيل أن ينشأ التطرف أو التعصب أو العنف من شخص محب للفن.
وفي النهاية
بالحب والتسامح والرحمة تعيش المجتمعات في سلام، لا يوجد طفل يولد لديه ميول للعنف أو رغبة في الشر، نحن من ندفعه لمثل هذه الأمور بتصرفات نراها عفوية وبسيطة ولكنها في الحقيقة مدمرة لذا فعلينا أن نأخذ احتياطاتنا جيدا في التعامل معهم وحسن تربيتهم حتى لا يمكن لأحد استقطابهم فكريا وتوجيهم للعنف، وأخيرا أتركوا الزهور الصغيرة تنمو كما تشاء وأبعدوا خلافتكم الفكرية والعقائدية جنبا، فقط أخرجوا لنا إنسان يعرف معنى الإنسانية، إنسان وكفى.