العلاقات طويلة المدى ليس كغيرها من العلاقات الأخرى حيث تتطلب منا هذه النوعية من العلاقات معاملة مختلفة عن معاملتنا لباقي العلاقات التي ندخلها، وعادة تكون العلاقات طويلة المدى والتي نكون فيها منبهرين بالبدايات ونحاول دائمًا فيها إبهار الطرف الآخر لجعله يأخذ انطباع جيد عنا خاصة وأن مدى معرفتنا به قصير لذلك نحاول أن نرسخ بداخله الصورة الجيدة التي نود دائمًا أن يأخذها الآخرين عنا، أما في العلاقات طويلة المدى فيخشى أطرافها دائمًا أن يتسرب إليها الملل والرتابة ولا نستطيع أن نعيدها أدراجها إلى البداية حيث الشغف والدهشة ويصيبنا الإحباط منها وتتبلد الأحاسيس وتفتر المشاعر وتصبح هذه العلاقة عبئًا ولا تكن أبدًا دافعًا للحياة، لذلك إليك هذه النصائح كي لا تكون هذه العلاقة طويلة المدى بعد ذلك حملاً تسعى للتخلص منه بدلاً من أن تكون دافعًا ودعمًا معنويًا وظهيرًا عاطفيًا كبيرًا يساعدك على المضي قدمًا في دروب الحياة.
كيفية التعامل مع العلاقات طويلة المدى
التفاهم
كلمة السر في أي علاقة من العلاقات طويلة المدى هو التفاهم، والقدرة على التواصل، البعض يصرخون في وجوه بعضهم البعض، يعبرون عن ضيقهم واستيائهم بشتى الطرق دون مراعاة مشاعر من أمامهم ولا خوفًا من جرح أحاسيسه، يقومون بتحميل الطرف الآخر كل المسئولية ويتهمونه بأنه بضغط عليهم لتنهال بعد ذلك الاتهامات المتبادلة مما يفقد العلاقة الحميمية اللازمة والحنان الذي لابد منه، ويصاب أطراف هذه العلاقة بتحجر المشاعر ويموت الحب وتفتر عاطفة كل طرف تجاه الآخر، لذلك يجب أن يتم الاستغناء عن التوتر والضغط والصراخ واستبدالهم بالحب والحنان والتفاهم، والقدرة على التواصل والاحتواء لأن ذلك هو ما يزيد العاطفة وبمرور الأيام وبتراكم هذه المواقف الطيبة تتزايد العاطفة وتصبح هذه العلاقة من أكثر العلاقات حبًا وحميمية، كما يجب أن يسود جو هذه العلاقة الهدوء وحل كل المشاكل بروية، وإشراك الطرفين في العقبات التي تعترضهما، لأنه من جهة سيزيد ارتباط كلا منهما بالآخر وشعور كل طرف بأن الآخر يقف بجواره ويعضده، ومن جهة أخرى أن شخصين في وجه مشكلة أفضل بكثير من شخصٍ واحد، وأن تحمل شخص واحد مسئولية مواجهة المشكلات وحلها سوف يشعره بأن الآخر يستغله ويستنزفه ويبتزه عاطفيًا لمواجهة المشكلات بدلاً منه، أو على الجانب الآخر إذا اضطلع شخص واحد بحل المشكلات دون إشراك الآخر فيها، سيشعر الآخر أنه شريكه يهمشه ويتجاهله ولا يثق به بدليل أنه لا يهتم بأخذ رأيه في مشكلة ما أو طلب المساعدة منه، أما إذا وقفا جنبًا إلى جب واستطاعا اجتياز المشكلات سويًا سيعرفان أن تعاونهما في حل المشكلات هو الحل الوحيد.
الرومانسية
العلاقات طويلة المدى مثلها مثل أي شيء في الدنيا يطول أمده فينتابه الفتور ويتسرب إليه الملل والركود والرتابة، اليوم مثل الأمس والأمس مثل الغد ولا جديد تحت الشمس ولا شعاع نور يلوح في الأفق، لذلك في العلاقات طويلة المدى نجد أنه بعد فترة تفقد العلاقة من هذا النوع دهشتها وتتحول إلى روتين يومي اعتيادي، لكن إن تخلل هذا الروتين اليومي، وهذه العادات اليومية الرتيبة لحظات رومانسية جميلة، ولحظات دفء ولين وعاطفة فياضة، ستمحى آثار الروتينية والرتابة لأن جل ما يتمناه المرء في العلاقات هو الحب والحنان والتقدير والعاطفة المتبادلة، لذلك مهما كانت الضغوطات حولك ومهما كانت مصاعب الحياة ومهما كانت الأزمات التي تمر بها لا تتردد في إبراز عاطفتك وحبك وحنانك ولا تبخل بأي كلمة طيبة تنم عن الرومانسية والحنان ولا بفعل يدل على التقدير والعاطفة الجياشة والمشاعر العذبة الفياضة، بذلك ستتحول العلاقات طويلة المدى إلى دافع معنوي جيد طالما تشعر أن هناك في العالم من يهتم بك ولأمرك ويفيض عليك من حبه وحنانه، وأنت أيضًا لديك من تعمل وتسعى وتعيش لأجله وتغدق عليه من حنانك وعاطفتك ومشاعرك.
المفاجآت السعيدة غير المتوقعة
في علاقة من العلاقات طويلة المدى ، هل تتخيل أن تستيقظ صباحًا فتجد من يعد لك الإفطار في السرير، هل تتخيل إن كانا أطراف هذه العلاقة متزوجان أن تنادي الزوجة زوجها “يا حبيبي” بعد مرور الأعوام الطويلة؟ حسنًا إليك هذا، أكثر ما يؤجج المشاعر مرة أخرى، أكثر ما يعيد العلاقات طويلة المدى إلى بداياتها المحببة الجميلة، أكثر ما يجعل الطرف الآخر سعيدًا بك فرِحًا، هو أن تفاجئه، المفاجأة دائمًا تقضي على الملل والركود تمامًا، تخفف الضغط والتوتر، وتقلص من حدة الأزمات التي تواجهونها، وليست كل المفاجآت تعني أن تشتري له شيئًا باهظ الثمن أو تأخذه على جزيرة وحدكما وهذه الأجواء، بل من الممكن أن تكون المفاجأة بسيطة جدًا ومع ذلك تحدث نفس التأثير وزيادة، وإليك مثلاً بعض الأفكار لمفاجأة شريكك في علاقة طويلة المدى:
كما أشرنا سابقًا
إفطار في السرير ذات صباحٍ في يوم أجازة عقب أسبوع عمل مرهق مليء بالتوترات والضغوطات النفسية ومواجهة مشاكل الحياة، أو عشاء رومانسي في مكان هادئ لم تذهبا إليه من قبل.. أو حتى كان مطعمكما المفضل في بداية العلاقة وتريدان أن تحييا الأمجاد ثانية وتذكرا بعضكما بالمشاعر الجميلة الطيبة والأحاسيس الرقيقة المرهفة التي كانت بينكما والتي لا زالت تلوح في الأفق لم تتلاشى بعد.
هدية صغيرة لشيءٍ تيقن جيدًا أنها ستحبه
كتاب كانت تود أن تقرأه، فستان عبرت عن إعجابها به ولم تعرف أنك انتبهت لهذا، مشغولات ذهبية، وغيرها.. الهدايا عمومًا تعمِّق العلاقات وتجعلها أكثر ألفة وحميمية، وتزيد من قوة المودة والمحبة بين الطرفين.
إذا سنحت الظروف نزهة في مكانٍ ما
السفر دائمًا يجدد روح الإنسان وينشط ذهنه وقدرته على مواصلة الحياة ويحيي بداخله البهجة التي قضت عليها الحياة اليومية بتفاصيلها المملة الرتيبة.
لا تتردد في التعبير عن مشاعرك ولو بكلمة
فمثلما قال الرسول: الكلمة الطيبة صدقة. والأقربون أولى بالمعروف فما بالك بشريكك في الحياة؟ هل تعلم أن العلاقات طويلة المدى ينقصها أهم شيء وهو “التعبير عن المشاعر”، يظن كل شخص منهما أن التعبير عن المشاعر هو شيء عديم الجدوى، وليس له أي فاعلية عند الطرف الآخر على الإطلاق، فيصاب كلا منهما بالإحباط والإحجام عن التعبير عن مشاعره بسبب سكوت الطرف الآخر وبسبب ظنه أن تعبيره هو سيكون غير فعال أو غير ذي جدوى، وسيقابل بالتجاهل أو عدم التقدير مما يصيب الشخص بالإحباط أكثر.. لذلك بادر الآن أن تعبر عن مشاعرك ولو بكلمة شكر، كلمة شكر عن كل ما يفعله الطرف الآخر من أجلك.. ربما هذه الكلمة ستجعل الطرف الآخر يفهم أنك تقدر أفعاله وحرصه الدائم على العبور بهذه العلاقة إلى بر الأمان، ربما “شكرًا” قد تقلب شخصًا ما يشعر بلا جدوى ما يفعله إلى حماس أكثر لمواصلة ما يفعله من واجبات.
هذا عن كلمة شكرًا، فماذا عن “يا حبيبي”.. إنها تعني: “نعم لا زلت أحبك، لا زالت بداخلي نفس المشاعر تجاهك” إنها ليست تؤثر بشكل إيجابي داخل الطرف الآخر فحسب وتجعله يفهم أنك لا زلت تحبه، بل تحفزه هو الآخر للتعبير عن مشاعره تجاهك، وإن كانت متراجعة في الفترة الأخيرة فإن تعبيرك عن مشاعرك سيجعلها تتقدم وتستعيد قوتها لا محالة، هذه هي قوة التعبير عن المشاعر.. كلمات مثل: “شكرًا..” “يا حبيبي”، وغيرها من الجمل التي تجعل الإنسان يشعر بالتقدير لتصرفاته مثل: “ممتنة تمامًا لوجودك بجانبي..” أو “وجودك يصنع فارقًا في حياتي..” أو “كانت رحلتي في الحياة ستفقد كثيرًا إن لم تكن فيها..” هذه هي الكلمات التي تشعر الطرف الآخر بأهميته وبجدوى ما يفعله، لذلك لا تتردد في قول هذه الكلمات.. فقط أترك نفسك للرغبة في إسعاد الطرف الآخر وستجد الكلام تنساب على لسانك دون أي جهد.
نحن لسنا آليون
في العلاقات طويلة المدى وكما أشرنا سابقًا يتسرب الملل والركود إلى العلاقة حتى يحتلها تمامًا وتصبح العلاقة مجرد روتين يومي كدخول الحمام وغسيل الأسنان والتدخين والطعام والشراب، وتدور معظم الحوارات بينك وبين شريكك حول الحياة اليومية وتفاصيلها والوجبات والعمل ولا شيء جديد، الكلام الضروري فقط والذي يشبه إعطاء أوامر لإنسان آلي وانتظار تنفيذها منه، لأنك لن تسأل الإنسان الآلي عن حاله ولن تناقشه في الموسيقى أو الفلسفة!
لذلك شريكك في العلاقة ليس بإنسانٍ آلي.. بل هو بشر، ينتظر أن يعامل كبشر، لذلك ناقشه في الموسيقى أو في مطرب معين وأفضليته على مطرب آخر، اختر أن تشاهدا فيلمًا وخيّره أي فيلم يحب أن يشاهد، اقترح فجأة أن تذهبا لتناول فنجانين من القهوة بالخارج، واترك لشريكك مهمة اختيار المكان، هذه هي الحياة.. لا بد أن تتناقشا في شيءٍ غير تفاصيل الحياة اليومية ومصروفات المنزل، والمشتريات والأشياء التي تستلزم التصليح وغيرها، نحن بشر ونود أن نعامل كبشر ونتعامل مع الأشخاص الذين يشعروننا أننا بشرًا، لذلك لا تترك الروتين اليومي ينال منك، تستطيع الشعور بالسعادة بأبسط الأشياء وإشعار من معك بالسعادة بأبسط وأبسط الأشياء.. ربما أبسط بكثير مما تتخيل عن الأمر.
الصبر
بعد فترة طويلة من الاعتياد على الملل والرتابة والتصرف بروتينية الحياة اليومية في العلاقات طويلة المدى ، تصدأ المشاعر والأحاسيس وتتحجر القلوب، لذلك أي مبادرة منك لإصلاح الأمر أو لتخفيف وطأة الموقف والتخفيف من تأزمه ومن تعقيده، ربما لن تأتيك بالنتائج التي ترغبها، ربما سيخيب أملك عندما يكون رد الفعل أقل بكثير مما توقعت، فتصاب بالإحباط وتحجم عن تكرار المحاولة، رغم أن هذا هو الخطأ بعينه، لاحظ أن مبادرة كتلك بعد فترة من الملل والركود ستكون مريبة وربما مشكوك في نواياها الطيبة وأن وراءها غرض آخر، لذلك لا تتوقف عن المحاولات حتى يحل بدلاً من ملل وروتين الحياة اليومية، التفاصيل السعيدة المفرحة والمبادرات الرقيقة التي تقوم بها من أجل التخفيف من حدة الأمر، لذلك تحلى بالصبر، ولا تحبط من أول محاولة، فالعلاقات طويلة المدى تستلزم الصبر.
خاتمة
ربما تكون العلاقات طويلة المدى عبئًا بسبب تحولها لواحدة من عادات الحياة اليومية دون أي فرصة للبهجة أو الشغف، ولكن إن استطعت تحويلها إلى البهجة والدهشة والشغف عن طريق إبراز المحبة والمودة والهدايا والمفاجآت السعيدة غير المتوقعة وعن طريق التفاهم والقدرة على التواصل والاحتواء وأن تكون سندًا فعليًا ومعينًا على الحياة لا إحدى مصاعب الحياة ستفوز بالسعادة الأبدية التي لا تتخيل وجودها، ذلك وأن العلاقات طويلة المدى تمتاز بميزة أنها بسبب طول المعاشرة تجعل كل طرف يتطبع بطباع الآخر ويتأقلم على صفاته وسماته، وما أجمل أن تجد هناك من يفهم طباعك وطبيعة تصرفاتك وسلوكياتك ويتأقلم على الحياة على أساسها لا يطلب منك أن تتغير أو تغير شيء فيك، فما بالك بهذه الميزة العظيمة، مع القليل من الدفء والرومانسية والتفهم والاحتواء؟ أليست هذه هي السعادة المبتغاة؟
أضف تعليق