تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » أبوة وأمومة » الرضاعة الطبيعية : كيف تحمي مولودكِ الجديد ؟

الرضاعة الطبيعية : كيف تحمي مولودكِ الجديد ؟

الرضاعة الطبيعية هي الأسلوب الأمثل لتغذية المواليد الجدد، فلم تعتبر الرضاعة الطبيعية كذلك؟ ولم يجب على الأم البعد عن التغذية الصناعية لمولودها؟

الرضاعة الطبيعية

الرضاعة الطبيعية هي عملية فطرية في عائلة الثدييات بشكل عام وفي الإنسان بشكل خاص، حيث تبدأ الأم بإطعام طفلها الجديد من ثدييها ،بمجرد ميلاده حتي ما يسمي بالفطام، من لبنها الذي هو المصدر الوحيد الذي يتقبل منه جسم الطفل الصغير الغذاء في بداية حياته. يبدأ نزول اللبن عند إتمام الولادة مباشرة حيث يتم إفراز هرمون البرولاكتين مباشرة أثناء عملية الولادة. ومع تقدم الحضارة البشرية اختلفت طرق الرضاعة عن الطريق التقليدي المعروف، فكانت العائلات الأوروبية الغنية تؤجر نساء مخصصة لعملية الرضاعة، ثم في أيامنا هذه أصبح اللبن الصناعي سلعة غذائية تتهافت عليك الشركات المصنعة لتعلن أن منتجها هو الأفضل بين الجميع. ولكن الحقيقة هو أن لبن الأم لا ينافسه منافس وإذا كنتِ تبحثين الآن عن طرق مختلفة، اقرئي عن فوائد الرضاعة الطبيعية الأتية وأنا أثق أنكِ ستغيرين رأيكِ.

ما هي أهمية الرضاعة الطبيعية بالنسبة للمولود ؟

الرضاعة الطبيعية تحمي طفلك من بعض الأمراض المزمنة

حيث أثبتت الأبحاث أن الرضاعة الطبيعية للطفل تحميه من داء الربو المزمن، وسرعة الإصابة بحساسية الأنف، ومن مرض الأكزيما التأبيتية، أيضاً تحميه من الحساسية الناتجة عن بروتينات الأبقار. كما أكدت الدراسات انخفاض معدل الإصابة بمرض السرطان في الحالات الأطفال الذين أُرضعوا طبيعياً، ومن أمراض مزمنة أخرى مثل السل. والجدير بالذكر أن الأطفال الذين تمتعوا بحليب أماهتهم يقل عندهم نسبة الكوليستيرول ويكونوا أقل عرضة للإصابة بالسمنة المفرطة وكذلك يقل ضغط الدم، وتقل نسبة الإصابة بمرض السكري. هذه الحماية ليست مئة بالمئة بالتأكيد وإنما هي حماية تقلل من خطر الإصابة بالمرض.

الرضاعة الطبيعية تجعل نمو طفلك طبيعياً

لبن الأم يختلف عن اللبن الصناعي في كثرة مكوناته الطبيعية المفيدة حيث يحتوي علي 87% من الماء، ومن السكريات 7%، ومن الدهون 4%، ومن البروتين 1% بالإضافة إلي 0.5% من الأملاح والفيتامينات والإنزيمات، أي أنه مصنع خصيصاً لطفلك أنتِ فقط وليس للجميع كما في باقي المنتجات الصناعية. وبالطبع يختلف اختلافاً طفيفاً حسب نوع تغذية الأم نفسها. الجدير بالذكر أن هناك من العلماء من يصدقون أنه يحدث اختلاف في مكونات لبن الأم حسب حاجة الرضيع الصحية. بذلك الفرق يعمل اللبن الطبيعي علي إعطاء جسد طفلك المواد الأساسية الخام لبناء عضلي، وعظمي صحيح، حيث يعمل علي تقوية الأسنان بالكالسيوم اللازم وبناء هيكلي سليم لعظام طفلك. بالإضافة إلي مكونات الحليب، عملية المص نفسها التي يفعلها الطفل بشكل غرائزي في صدر الأم تقوي الفك والعملية الطبيعية لنموه ونمو الأسنان.

الرضاعة الطبيعية تزيد من مناعة طفلك

حين يولد الطفل من هذا المكان الدافئ المعقم جيداً في رحم الأم يكون بلا مناعة مقارنة بنا نحن البالغين حيث أنه لا يكون في حاجة لها أولم يعرض لها حتي زمن ولادته، من ثم تبدأ مناعته في النمو تدريجياً حتي يكون قادراً بذاته علي محاربة شتى أنواع الفيروسات والجراثيم. في غضون ذلك تكون الأم ومناعتها هي السبيل الوحيد لحماية الطفل فنجد أن الأطفال الذي يشربون لبناً صناعياً أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الأذن الوسطى والأمعاء والرئة، وهم كثيرو الإصابة حتي بالفيروسات البسيطة مثل الإنفلونزا. لبن الأم يحتوي علي الإنزيمات اللازمة لبناء مناعة الطفل، كما يحميه أيضاً بشكل مباشر من بعض أنواع البكتريا إذا كانت الأم مطعمه قريباً. فلبن الأم يحتوي علي أجسام مضادة مثل الأي جي جي والأي جي أي الذين يتم إفرازهم من مناعة الأم إلي اللبن. بالطبع لا غنى عن التطعيمات الخاصة بالطفل لأمراض مثل شلل الأطفال والحصبة الألمانية ولكن الاستجابة من الأطفال المرضعون طبيعياً من إنتاج أجسام مضادة كافية من جهازهم المناعي أكثر بكثير من الأطفال المرضعون صناعياً.

الرضاعة الطبيعية تساعد أجهزة طفلك علي العمل

ليس فقط الجهاز المناعي هو من يعمل جيداً بحليب الأم، أيضاً الجهاز الهضمي علي سبيل المثال حيث تساعد الإنزيمات المفرزة في اللبن علي عمل جهاز هضم طفلك وبالتالي يتمتع جسم طفلك بشكل أكبر من الغذاء الكافي له. كما يساعد علي حمايته من الالتهابات المعوية مثل الالتهاب المعوي القولوني الناخر. وأيضاً يعمل الحليب علي مساعدة في تكاثر الجراثيم المفيدة في القولون وهذه جراثيم تعيش مع الإنسان في تناغم فتأخذ وتعطي وتكون مفيدة جيداً في تحليل بعض الأكل وإنتاج المواد المفيدة لجسم طفلك.

التطور النفسي والعقلي لطفلك

في عملية الإرضاع نفسها تحضن الأم الطفل وهي عملية مهمة لإيصال أقوى مشاعر الاهتمام والأمومة فيرتبط الطفل عاطفياً بأمه خاصة إذا أبدت الأم اهتماماً أكبر بمحادثة الطفل ومداعبته، مما يجلب لطفلك مناعة خاصة ناحية أمراض الاكتئاب والأمراض النفسية الشائعة. فيعمل علي تقرب الأم من الطفل ويشعر الطفل بالأمان والحنان مما يجعل نفسية الطفل الصغيرة ملئية بالمشاعر الإجابية لحياة نفسية صحيحة. كما أن الطفل يتفاعل عقلياً مع الأم بحيث يعمل جهازه العصبي بشكل سليم ويقويه، فتثبت أخر الدراسات أن القدرة العقلية والذكاء للطفل تزيد بالرضاعة الطبيعية. وتعمل مستقبلات الطفل مثل حاسة الشم واللمس فيتعلم بذلك تفرقة أمه بطريقة قد تدهشك أنت الكبير فيبدأ الطفل أولى خطواته لاكتشاف الدنيا من حوله.

وفي هذا السياق نذكر أيضاً أن حليب الأم يعمل علي تخفيف حدة توتر الطفل بالتالي يمكنه من بداية حياة اجتماعية سليمة حيث تفرز الأم مواد كيميائية تعمل علي تهدئة الطفل عصبياً، لذلك من البديهي أن نرى طفلاً يصيح باكياً لا لشئ إلا لاشتياقه لصدر أمه وحين يأخذه يهدأ وينام في أمان الطفل النائم الضاحك الذي لا يقوى إنسان علي عدم الابتسام لهذه الصورة الرائعة.

الرضاعة الطبيعية مفيدة لكِ أنتِ سيدتي

لا تحمي الرضاعة طفلكِ فقط بل تحميكِ أنتِ أيضاً من الكثير ونذكر علي سبيل المثال:

1-يتم إفراز هرمون (الاوكسيتوسين) الذي يعمل علي سرعة إتمام الشفاء بعد عملية الولادة، وسرعة تقلص الرحم.
2-بإفراز هرمون البرولاكتين (هرمون اللبن) يعمل علي خفض التوتر عند الأم حيث يعمل علي المستقبلات العصبية لتهدئة الأم نفسياً فتكون قادرة أكثر علي إتمام مهامها اليومية الشاقة كأم حنونة راعية لأولادها.
3-الرضاعة الطبيعية تعمل علي زيادة حرق السعرات الحرارية عند الأم بالتالي قد تستفيدي منها سيدتي في عملية خفض وزنك بعد الولادة.
4-توفر الرضاعة الطبيعية وسيلة حماية تجاه سرطان المبيض والثدي وكذلك داء هشاشة العظام وأيضاً أمراض القلب وأمراض الأوعية الدموية.
5-أخيراً يكون للرضاعة الطبيعية عامل التوفير الاقتصادي حيث تكون أسعار اللبن الصناعي الجيد باهظ الثمن لكثرة الاستخدام اليومي له لإطعام الطفل.

مدة فترة الرضاعة الطبيعية الكافية وطريقتها الصحيحة

تكون مدة الرضاعة الطبيعية جيدة عند الإنسان ما بين الستة أشهر والسنتين حيث إن قلة تقل فوائدها وإذا زادت تزداد خطورة تمسك الطفل الزائد بأمه إلي حد الاعتماد الكلي علي لبنها حتي وقت متأخر في كبره مما يسبب خطر علي الأم أيضاً من ضعف حيث الأم تعطي في لبنها الكثير من المواد الضرورية من جسمها إلي طفلها كما ذكرنا فتأتي عملية الفطام ضرورية ليبدأ ابنها بالاستفادة من الأكل الطبيعي العادي. أما عن كيفية حمل الطفل للرضاعة، فيجب أن تحمل الأم الطفل علي يديها فوق بطنها وتضع حلمة ثديها في فم الطفل فلا تجعل الطفل يشد كثيراً الصدر لتحت حيث ينتج عن ذلك حساسية وصعوبة في الإرضاع وستأخذ الغرائز الطبيعية مجراها في تعلم الطفل كيفية الامتصاص من ثدي الأم. تتراوح عدد مرات الإرضاع علي حسب الطفل وشهيته، فكوني حكيمة في معرفة طفلك، ارضعيه حتي يكتفي هو ولا تضغطي عليه أكثر ظناً منكِ أنه يفيده.

أما عن طرق الإرضاع خارج المنزل فيمكن أن تضعي غطاء في حقيبتك لتغطي بها نفسك وطفلك أثناء الإرضاع أو إذا كنتِ تخجلين تماماً توجد بعض الطرق لشفط اللبن وتخزينه لاستخدامه لاحقاً بالخارج مع أن بعض السيدات قد تنزعج أوتسبب لها هذه العملية مشاكل مثل التهابات وما إلي ذلك في الثدي. يفضل أن تطهر الحلمة بعد وقبل كل فترة رضاعة وإذا جرحت بيمكن استخدام بعض المرطبات أو المراهم الموضعية ولكن باستشارة طبيب، أما إذا شعرتِ باحتقان في الصدر فالإرضاع سيساعد علي تخفيف هذا الاحتقان أو باستخدام كمادات أو أخد حمام دافئ فتخفيفين من حدته.

بعض الملاحظات الهامة لزيادة معدل إنتاج اللبن والحفاظ عليه سليماً

الآن بعد ما عرفتي سيدتي أهمية الرضاعة الطبيعية تعلمي كيف تزيدي من إفراز اللبن الطبيعي حيث تعاني الكثير من السيدات من قلة اللبن بعد الولادة مباشرة، وهذه النصائح لا تغنيك عن سؤال الطبيب حيث أنها نصائح عامة وقد تكوني في حاجة فعلية لدواء معين لزيادة الإنتاج:

التغذية السليمة

ابدئي بالاهتمام بوجبات يومك سيدتي ليس فقط عند بدأ الرضاعة بل من بداية الحمل أيضاً، فعليكِ الاهتمام بأكل الغذاء المحتوي علي الكالسيوم بشكل خاص والغذاء المحتوي علي الفيتامينات والبروتينات عامة واذكر منها:

  • منتجات الألبان والجبن والبيض.
  • الأسماك واللحوم.
  • .الأوراق الخضرية مثل الجرجير والخس وكل أنواع الخضراوات
  • الكربوهيدرات مثل العيش والمكرونة.

كما يقال أن السبانخ وحبوب الشوفان والجنزبيل وحبة البركة أو ما تسمى بالحبة السوداء والشبت والحمص والجزر والسلمون والمكسرات كلها من الوجبات الطبيعية لزيادة معدل إفراز اللبن. ويجب أن تهتمي جيداً بشربك للماء سواء في العصائر أومنفرداً ،وهو الأفضل، فأنتِ الآن تشربي لكِ ولطفلك فاكثري من الماء ويقال أن أكلك للحلاوة الطحنية يجعلك تتعطشين للماء أكثر فتشربي أكثر.

استخدام الأعشاب الطبيعية

شرب الأعشاب مثل القرفة والحلبة وتوت العليق يكون مفيداً لرضاعة طبيعية أقوى.

زيادة الإرضاع

زيادة إرضاع طفلك مرة بعد مرة تزيد من قدرة جسمك علي ضخ اللبن فعودي طفلك علي لبنك من أول ثانية بعد الولادة، وبدلاً من استخدام اللهاية ( الببرونة) استخدمي ثديك لإرضاء طفلك، إذا كنتي لا تنزعجين لعملية الشفط فاحتفظي بلبنك لطفلك في الثلاجة وبذلك تعملين علي زيادة معدل إنتاجك للبن.

استخدام ثدييك الاثنين

الخالق وهب النساء ثديين فاستخدميهما في إشباع طفلك بالتساوي حيث تزيدي من فرص ضخ اللبن.

الاسترخاء

يعمل العامل النفسي لكِ سيدتي عاملاً مهماً في زيادة معدل اللبن لديكِ، فخذي وقتكِ واطلبي من زوجك مساعدتك في الاسترخاء وقضاء وقت مع طفلك الجديد لتزيد لديكِ إحساس الأمومة والمحبة فيستطيع جسمك استخراج محبته هذه علي صورة أهم غذاء يقوي ابنكِ.

احذري بعض الأدوية

حيث يكون لبعض الأدوية خواص جانبية تقلل من إفرازك للبن فاقرئي الروشته الدوائية جيداً عن أي دواء تتعاطيه أو احرصي علي ذكر الأمر أمام الطبيب المختص حتي تتأكدي أنها لن تؤثر علي رضاعة طبيعية أمنة لكِ ولطفلكِ. كما أن لبعض المواد الكيميائية من الكحول والمواد الداخلة في صنع السجائر والتدخين لأنها تفرز في اللبن، وهي تؤثر بشكل مباشر علي عملية الرضاعة الطبيعية فابتعدي عن كل ما يضر بصحتك وصحة لبنك وطفلك.

وخلاصة القول سيدتي العزيزة أن لبنك الطبيعي هو هدية عظيمة تهبيها لطفلك تحميه من الأمراض المزمنة والمعدية وتوفري له حياة صحية أكثر اجتماعياً ونفسياً ولبنيان جسمي أفضل، فكري جيداً وأنتِ تختارين الأقل لطفلك حين تشترين المنتجات الصناعية بأنك قد توفري منتج أقوي لطفلك فقط بعناية جيدة لنفسك وصحتك واستشري طبيبك لرضاعة طبيعية رائعة لكِ ولطفلك.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

تسعة عشر − ستة =