الحبيب العنيد قد يكون قدرك في يوم من الأيام، فالعناد صفة بشرية أساسية، قد تكون إيجابية أو سلبية، إيجابية حينما تتمسك بالحق ومحاولة الوصول للأهداف الطيبة، وسلبية حينما تكون مجرد تمسك أعمى بآراء شخصية ورفض كامل لأية مصالحة وسطية أو تنازل لطرف آخر. أحيانا يكون هذا العنيد فردا من عائلتك، وقد يكون الشخص الذي ارتبطت به هو هذا العنيد، فهل هناك طرق تساعدك في التعامل مع الحبيب العنيد؟ وهل للعناد علاج؟
بالطبع هناك علاج، لكنه يتطلب أن يكون الشخص المعالج واعيا بالأمر وراغبا في علاجه، وعليه فسيتجه لطبيب علاجات سلوكية لمساعدته على تخطي هذه الصفة إذا كانت سلبية ومعيقة له في حياته الاجتماعية.
لكن، ماذا عن الحبيب العنيد الذي لا يعترف بامتلاكه لمشكلة، كيف تتعامل معه؟
التعامل مع الحبيب العنيد
فلننظر لأسباب وجود هذه الصفة بالأساس
غالبا ما تكون مشكلة تربوية من الصغر، نشأت عن دلال زائد وعدم رفض الوالدين لأيّ من طلبات الطفل، وعدم عقابه مهما فعل. ربما تكون صفة اكتسبها الطفل من أحد أبويه، وفي الغالب يكون أحبّ الأبوين إلى قلبه، فيجنح إلى تقليده بشكل غير واعٍ، وهكذا لن يتقبل الذم في صفات وتصرفات تشبه ما كان يفعله مثله الأعلى. هذا النوع من العناد صعب جدا. البيئة المتحدية بشكل مستمر، والحياة وسط أناس عصبيين، كفيلتان بتثبيت صفة العناد في شخص بالغ لم يكن يملكها من قبل!
أن يكون شخصية مرضية بالأساس، تشمل عدة أمراض نفسية، منها عقد نقص كثيرة، يحاول إخفائها بعناد أحمق. هذا النوع خطر، ومحاولة التعامل معه مرهقة وصعبة وغير مجدية.
صفات الشخص المصاب بالعناد السلبي
في الغالب هو شخص لديه إحساس كبير بفقدان الثقة بالنفس، وبالتالي أكثر عرضة لافتقار الخيال والتجدد والإبداع. ورغم كون أفكاره في الغالب مجرد تكرار لنماذج فكرية ليست ملكا له، فهو يتمسك بها رغم هذا، التمسك ذاته هو المهم. لكن أحيانا تكون هناك شخصيات مبدعة عنيدة، ينبع هذا من الشعور بثقة زائدة في النفس وتقدير كبير لإمكاناته الشخصية، فيرى الجميع أقل منه وهو الأعلى دائما والقادر على الفهم والتقرير بالشكل المناسب سواء له أو لغيره. وفي ما يلي طرق التعامل مع الحبيب العنيد .
التقبل
كل إنسان في حاجة لمحبة وتقبل من الآخرين، ولأن يشعر بهذا طوال الوقت، ما يساعده على الشعور بالأمان وتقليل قلقه وتوتره، ويضعف من حدة حاجته للعناد، ويجعله أقرب لهذا الذي يحبه، وأكثر تقبّلا له وخوفا على إزعاجه. ببساطة، المعاملة الجميلة تستوجب جمالا في المقابل.
الابتعاد عن العصبية
الحبيب العنيد تثيره العصبية وتزيد حدة عناده. يجب تجنب العصبية بأيّة طريقة. البيئة الهادئة المطمئنة بشكل مستمر تضمن علاجا مستمرا للعناد. حتى لو فقد هو أعصابه، عندما يرى الهدوء المقابل له سينكسر تعصبه لرأيه وينخفض صوته العالي، وسيشعر بحجم خطئه وكم كان تمسكه برأيه أحمق ومبالغا.
لا تقابل العناد بالعناد!
الخطأ الأكبر في معاملة الحبيب العنيد هو مقابلة العناد بعناد، هذا سيدفع الأمر لمستويات تفوق القدرة على التحكم فيها، وقد يؤدي لنتائج مؤسفة تماما، فالعناد سيثير عنادا أكبر، وبالنسبة للشخص العنيد، فهو لن يتوقف قبل أن ينتصر، فقد تحول الأمر لحرب عليه إثبات نفسه فيها. والحروب تهدم العلاقات بالكامل. ثم إن التراجع قليلا لا يعني الهزيمة، والهدوء والتقبل وكلمات المحبة اللطيفة كفيلة بكسر شوكة الشخص العنيد وإرجاعه لصوابه، فهو محب أيضا، العناد ينسيه فقط، والكلمات الجميلة تذكير ناجع.
عدم التركيز على الصفات السيئة
لا تركز طوال الوقت على صفات الحبيب السيئة، حتى لو كان حبيبا عنيدا جدا، لا تواصل إخباره بهذا طوال الوقت. في المقابل ركز على الصفات الجيدة، فهي ستقربه منك أكثر وتجعله يثق بك. ذكر صفة العناد له يكون على فترات متباعدة وينصح باختيار الوقت المناسب، يفضل أن يكون بعد هدية أو فعل طيب منك له. وحاول تقبل رد فعله أيا يكن بهدوء وتفهم واستعداد للحوار الهاديء.
استمع إليه جيدا
العناد بالأساس هو محاولة للتعبير عن النفس، حتى ولو كان محاولة سلبية ومضرة. وبالتالي فمن وسائل قطع الطريق على هذه المحاولات السلبية للتعبير، إفساح مجال أكبر لطرق التعبير الصحية. اترك للحبيب العنيد المجال كي يتكلم ويعبر عن نفسه كما يشاء، واستمع إليه جيدا وأظهر له استماعك هذا وتابع حواره باهتمام.
الشرح المستفيض
كثيرا ما يصدر العناد عن سوء فهم فقط، وربما كان شرح الموضوع بشكل مستفيض وتبيان كل جوانبه هو الحل الأفضل من البداية. أثناء بدء الحديث في موضوع ما مع الحبيب العنيد ، احرص على أن تكون كل جوانب الموضوع واضحة، ولا تبخل في الشرح وإعادته، وتبيان السلبيات والإيجابيات بشكل مناسب. بهذا توفر على نفسك مشقة خوض لجة من عناد غير ضروري.
الشكر وتقديم الهدايا من وسائل التقدير
البشر في حاجة مستمرة للشعور بأهميتهم والإحساس أن لحياتهم منجز وقيمة. وكما قلنا سابقا أن الحبيب العنيد يعاني من أزمة ثقة أو شعور متضائل بأهميته الشخصية، بالتالي فكل وسيلة تساعد على تقليل هذا الشعور هي خطوة في الاتجاه الصحيح. الشكر من الوسائل الغير مكلفة، شكره على كل فعل حسن يقوم به من أجلك، هذا سيدفعه للاستزادة من هذا السلوك، وسيعطي حياته دينامية تدفع الضجر بعيدا عنه وتقلل حاجته لخلق إثارة مرضية بالعصبية والعناد.
الهدايا أيضا شكل جميل ولطيف، ولا يجب أن تكون الهدايا غالية ومرهقة ماديا، ينبغي فقط أن تكون هدايا مناسبة له، وهذا يأتي من معرفتك به ولأي شيء يحبه ويحتاجه. وهذه الهدايا المناسبة ستساعد أيضا على تقريبه منك جدا وتقليل حدة عناده معك بالذات.
لا تناقش الحبيب العنيد أمام الناس
مناقشته في أيّ موضوع أمام الناس سيعطيه حسّا مسرحيا، يجعله ينفصل عن نفسه وعن علاقتك به للحظات، ويتخيل نفسه ممثلا في حاجة شديدة لإرضاء جمهور حوله وإثبات نفسه أمام أكبر عدد ممكن، أو بشكل أدق، عدم خسارة الحرب/النقاش أمام عدد من الناس. فهو لن يخسر أمام أحد. أوقف حوارك مع الحبيب العنيد إذا أخذ هذا الاتجاه وكان هناك آخرون حاضرون، وفي وقت لاحق حينما يكون هادئا، عاود فتح الموضوع بشكل عرضي كأنه غير مهم، راقب نبرة صوتك واختر الكلمات بعناية في تلك الأثناء، ستجد نتيجة مرضية جدا هذه المرة، فلا مجال للاستعراض، وسينسى أصلا أن عليه الفوز!
لا تنس، الضحك مهم!
استخدام روح الدعابة في الحوار يقلل كثيرا من ثقله عليكَ وعلى الحبيب العنيد . ويعطيه صكّ خروج سريع من جبهة الحرب. فمن سيحاول العناد في حوار مضحك سوى ليحاول الاستزادة من الضحك؟ الدعابة الذكية الجميلة مرحب بها دائما! كما أن هذا الضحك سيقرب بينكما أكثر، لأنه سيضفي هالة من سعادة دائمة على حواراتكما، ويجعله يشعر بقرب مستمر منك.
هكذا، هذه عدة طرق لفهم والتعامل مع الحبيب العنيد بشكل ملائم. العند صفة يمكن ترويضها إذا فهمت أساسها، وقررت أن تستثمر وقتا في تجريب استراتيجيات كثيرة معها حتى تصل إلى المناسب منها. ولأجل الوصول إلى هدف جميل، لا مفر من التعب!
أضف تعليق