علم نفس الشخصية هو أحد أفرع علم النفس التي تهتم بفهم طبيعة الشخصية البشرية، ومحاولة وضعها في أطر وقواعد تحدد طريقة التعامل معها، نستعرض هنا علم نفس الشخصية. لقد وضع العلماء ما يقرب من 50 تعريفاً للشخصية ولكن ما هي الشخصية وما هي مكوناتها وكيف نستدل على السمات بأنواعها؟ دعونا نستوضح علاقة بعض الجوانب بالشخصية الإنسانية.
علم نفس الشخصية : دليلك لفهم الشخصية بشكل مبسط
هل الشخصية هي الخلق؟
يعتبر الخلق جانب من جوانب الشخصية ولا يعبّر عن شخصية الإنسان في المجمل حيث أن الخلق لا يرتبط بالقدرات العقلية أو السمات النفسية للإنسان فلا يمكننا الحكم على الشخصية في ضوء المعايير الأخلاقية.
هل الشخصية هي المزاج؟
إن الصفات الانفعالية للفرد هي صفات وراثية المنشأ غير أنها تعتمد اعتمادا كليًّا على حالة الجهاز العصبي والجهاز الغدي الهرموني وهي صفات صعبة التغير وتعتبر جانبا فقط من جوانب الشخصية.
هل الشخصية هي الذكاء؟
يرى فريق من علماء النفس أن الذكاء هو جانب من جوانب الشخصية، أما علماء النفس المحدثين فقد أقروا باستبعاد الذكاء والقدرات العقلية من بناء الشخصية، حيث أن الذكاء ليس له علاقة بالتوافق الاجتماعي فقد يكون الفرد ضعيف العقل ولكن له من قدرات التكيف الاجتماعية ما يتفوق به على شخص غاية في الذكاء، كما أن الأمراض النفسية والعقلية قد تصيب كلاً من الأذكياء وغير الأذكياء. فعامل الارتباط بين القدرات العقلية والسمات الخلقية ضعيف.
سمات الشخصية في علم نفس الشخصية
لا يمكننا الحكم على سمات الشخصية من المظهر الخارجي بل يجب أن نأخذ نظرة تحليلية لمعرفة نعمات الشخصية Personality Traits وأبعاد الشخصية مثل وجود عقدة نقص أو القدرة على تحمل الشدائد وغيره. والسمة هي استعداد ميلي ثابت نسبياً إلى نوع معين من السلوك الذي يبدو أثره في كثير من المواقف. فمثلا المثابرة هي الاستعداد للاستمرار في العمل رغم صعوبته، والسيطرة هي استعداد وميل للتحكم والظهور الدائم.
وقد تتغير السمة حسب الحاجة إلى سلوك معين ولكن هذا لا ينفيها عن الشخص فقد يكون هناك رجل هادئ في العمل عدواني في منزله ولكن هذا لا ينفي عنه سمة العدوانية. يرى فريق من علماء النفس أن هناك سمات عامّة ثابتة ثباتاً مطلقاً بشكل مستقل عن المواقف، ويرى فريق آخر بأن الشخصية لا تتكون من سمات عامة ثابتة ثباتاً مطلقا أو حتى نسبياً، بل سمات وعادات نوعية تتوقف على نوع الموقف.
وقد أجرى عالم يسمى Hartshorne تجربة في علم نفس الشخصية لإثبات ذلك، أجريت هذه التجربة على ثمانية آلاف طفل لمعرفة بعض السمات في شخصياتهم، ووجد أن هناك أطفالا قد يغشون في الامتحان ولكنهم لا يغشون في اللعب ومن هنا استنتج بأن السمة تعتمد اعتمادا كلية على نوع الموقف فهي ليست ثابتة إطلاقاً.
ولكن في الغالب كلا الرأيين متطرفين، فبعض السمات تأخذ وقتاً حتى تثبت في الشخصية مثل صفة الأمانة، بالإضافة إلى أن إثبات عدم وجود سمة واحدة عامّة ثابتة لا يعني بأنه لا يوجد أي سمة يمكنها أن تكون ثابتة ثباتاً نسبياً. وقد دلّت التجربة بأن سمة حب الاجتماع بالناس من السمات التي تكون ثابتة ثباتاً نسبياً عند الصغار والكبار.
السمات الأولية
حاول علماء النفس الوصول إلى بعض السمات الأولية الأساسية في الشخصية وذلك نتيجة الدراسات في في علم نفس الشخصية ولكنه ليس أمراً بهذه السهولة، فهناك الكثير من السمات التي تحمل نفس المعنى مثل القوة و الإرادة والمثابرة، لذلك اهتمت مدرسة تحليل العوامل بأن تصل إلى أقل عدد من السمات الأولية الأساسية، فإذا كان معامل الارتباط بين السمات كبير فيمكن اعتبار أن السمتين متشابهتان، أمّا إذا كان معامل الارتباط صغير فالسمتان مختلفتان، وإذا كان معامل الارتباط صفراً فالصفتان مستقلتان ولا صلة بينهم. إلا أنه مؤخراً قد ظهرت بعض الأدلة التي تشكك في وجود هذا البناء الأولي البسيط من السمات الأساسية، كما ظهرت أدلة تشير إلى احتمالية عدم استقلال أي صفة عن غيرها استقلالاً تامّاً.
السمات الشعورية واللاشعورية في علم نفس الشخصية
السمات الشعورية هي التي يشعر بها الفرد ويعرفها في نفسه وشخصيته مثل الصداقة وضبط النفس والروح الاجتماعية. أمّا السمات اللاشعورية في تلك الرغبات والعواطف والمخاوف المكبوتة المخزنة في العقل اللاواعي والتي لا يمكن لغالبية الناس أن يتعرّفوا عليها. وتنقسم السمات المكبوتة إلى نوعين:
السمات العصابية المنطلقة في علم نفس الشخصية
وتبدو في صورة سلوك يعبّر عن المكبوت، كالشعور بالقلق نتيجة خوف مكبوت، أو التصرف بعدوانية أو غضب نتيجة كراهية مكبوتة، أو كالشعور بضعف الثقة بالنفس والخضوع نتيجة عقدة نقص مكبوتة لاشعورية، وغالباً ما يكون هذا السلوك قسريّا وهو يتعارض مع السلوك الدائم لهذا الشخص.
السمات العصابية العكسية في علم نفس الشخصية
عكس السلوك الذي يصدر عن انطلاق المشاعر المكبوتة، مثال الرجل المراوغ الخبيث الذي يتصرف بتهذيب وصدق وأمانة حتى لا ينكشف، أو التصرف بقسوة مع الشريك نتيجة الشعور باحتياج عاطفي له، وتسمى هذه الظاهرة بالتناقض الوجداني. وهي في الغالب صفات مزمنة لأنها يجب أن تمنع السمات المكبوتة من الظهور. فالسمات المنطلقة تعبّر عن قوة مكبوتة وانطلقت أما السمات العكسية تعبّر عن قوة كابتة لم تنطلق فهي عكسية.
الشخصية وحدة متكاملة
يعرّف التكامل بأنه انتظام وحدات صغيرة لتكوين وحدة أكبر وأرقى، وهذه الأجزاء متفاعلة بتنظيم معين. التكامل الاجتماعي مثلا يظهر في صورة الجيش المنظم، والتكامل النفسي هو الشخصية السويّة المتزنة التي تتكون من سمات متآلفة ومتوازنة مع بعضها ولا تبغى إحدى هذه السمات على الأخرى. وخصائص الوحدة المتكاملة غير خصائص أجزائها الصغيرة فهي خصائص فذة وفريدة أما إذا حللناها إلى أجزائها فقدت خواصها الفريدة وتلاشت قوتها. إن تحليل الشخصية إلى سمات مختلفة بشكل منفصل هو ضرورة علمية من أجل دراسة وبحث هذه الصفات أمّا إذا نظرنا إلى الإنسان فلا يجب أن ننظر إلى صفاته كل على حدة بل يجب أن ننظر إليه كوحدة نفسية اجتماعية جسمية متكاملة وهذا هو تعريف الشخصية في علم نفس الشخصية .
شروط تكامل الشخصية في علم نفس الشخصية
سلامة الجهاز العصبي والهرموني
وأول عامل هو خلو الشخصية من الصراعات النفسية العنيفة المتتالية، الشعورية واللاشعورية، كالصراع بين الغرائز والضمير، والنزوات واحترام الذات، أو ما يريد وما يقدر عليه… إلخ. والشخصية المتكاملة هي كفريق متكاتف من أجل هدفٍ واحد ويجب أن يعمل أفراده معاً. إذا الشخصية هي وحدة ونسيج متكامل من سمات الفرد تمييزه عن غيره من ناحية التوافق الاجتماعي. ويظهر عدم التكامل في صورة انحراف أو سلوك غريب وقد يكون أشد عنفاً مثل الإصابة بالاضطرابات العقلية.
الطرز المزاجية في علم نفس الشخصية
قسم العلماء قديما الشخصيات حسب الأربعة سوائل الموجودة في الجسم وهي :
1- الطراز الدموي: ويكون صاحب هذا النوع متفائل ومرح ونشيط وسهل الاستثارة وسريع الاستجابة.
2- الطراز الصفراوي: وصاحب هذا المزاج قوي وطموح وعنيد وحاد الطبع وسريع الغضب.
3- الطراز السوداوي: وصاحب هذا المزاج متأمل بطئ التفكير لكنه قوي الانفعال ثابت الاستجابة، ويعلق أهمية بالغة على كل ما يتصل به ولديه صعوبة في التعامل مع الناس، ويتميز بالانطواء والتشاؤم.
4- الطراز اللمفاوي: وصاحب هذا المزاج بطئ الاستثارة وخامل وضحل الانفعال ويميل إلى الشره.
والشخصية المتزنة في علم نفس الشخصية تنشأ من توازن هذه السوائل الأربعة.
الطرز الجسمية في علم نفس الشخصية
1- البدين: ويتميز بالمرح والانبساط والصراحة وسرعة التقلب
2- الواهن: وهو طويل نحيل ويتميز بالانطواء والاكتئاب
3- الرياضي: يتصف بالنشاط والعدوان.
ولكن بالطبع تم اكتشاف أن هذه الطرز غير صالحة للتمييز بين الشخصيات إطلاقاً، فهي أسس واهية لا تصلح للحكم على الشخص كما أن هذه الطرز لم تضع حدا فاصلا بين الأنواع المختلفة والأمزجة المختلفة كما أنه يوجد الكثير والكثير من الأشخاص الذين يتميزون بصفات تجمع بين أمزجة مختلفة.
الطرز الهرمونية في علم نفس الشخصية
1- الدرقي (نسبة إلى الغدة الدرقية): شخص متهور سهل الاستثارة قلق ونشط وعدواني
2- أدريناليني: مثابر ونشط وقوي
3- جنسي: خجول ويسهل استثارته للضحك والبكاء
4- نخامي: يتميز بضبط النفس
5- التيموسي: يتميز بانعدام المسئولية الخلقية
الطرز النفسية في علم نفس الشخصية
قسّم يونج عالم النفس السويسري الناس إلى نوعين حسب أسلوبهم في الحياة، المنطوي والمنبسط.
المنطوي
فهو الذي يؤثر العزلة والاعتكاف ويجد صعوبة في الاختلاط بالناس وهو خجول شديد الحساسية يجرح شعوره بسهولة، لديه وعي زائد بمظهره ونفسه ولا يعبر عن عواطفه بسهولة ويهتم بتحليل أفكاره ومشاعره ويتركز وعيه في الداخل أكثر من الخارج وإذا أصيب هذا الشخص بصدمة نفسية أومرض نفسي ربما أصيب بالوسواس القهري.
المنبسط
وهو عكس المنطوي وهو يقبل على الدنيا بحيوية وعنف وسريع التكيف الاجتماعي ولا يهتم كثيرا بالنقد أو بمظهره أو بعالمه الداخلي، ويحب الأنشطة الاجتماعية وهذا الشخص إذا أصيب بانهيار نفسي أو صدمة نفسية ربما أصيب بالهستيريا.
من الواضح أن تقسيم الشخصيات في علم نفس الشخصية بهذه الطريقة لا يدرس الشخصية من جميع جوانبها بل هي تقسيمات قاصرة ولا تركز إلا على جوانب محددة كما أنها لا تضع حدوداً فاصلة بين الأنواع وهي تمثل الحالات المتطرفة فقط من الطرز المختلفة لأن معظم الناس خليط من كل هذه الأمزجة أو الطرز وهي لا تعطي للشخصية صفة التكامل.
الشخصية عند مدرسة التحليل النفسي
الشخصية عند هذه المدرسة في علم نفس الشخصية التي أسسها فرويد هي تكامل بين ثلاثة جوانب:
1- الهو: وهو منبع الطاقة البيولوجية التي يولد بها الإنسان، وتضم الدوافع الفطرية والجنسية والعدوانية أي الطبيعة الحيوانية قبل أن تؤثر عليها العوامل المجتمعية بالتهذيب. وهذا الجانب لا يعرف القيم والأخلاق والمعايير والأعراف الاجتماعية والمنطق والزمان والمكان، ويندفع إلى إشباع رغباته إشباعا عاجلا وهو باختصار ” الصورة البدائية للشخصية”
2- الأنا: وهذا الجانب ينمو بتأثير الخبرات المؤلمة والتربية نتيجة احتكاكه بالعالم الخارجي وهو الضابط للهو من حيث إشباع الرغبات والتمسك بالقيم والأعراف، ووظيفته هي إحداث توازن بين مطالب الهو وبين الظروف الخارجية والمجتمع. والأنا هي مركز الشعور والإدراك والحكم على المواقف المختلفة.
3- الأنا العليا: وهي التي تحكم بالصواب والخطأ والخير والشر والعدل والظلم، وتتكون من المعايير الأفلاطونية والمثل العليا وهي عبارة عن سلطة داخلية تضبط الشهوات فهي بمثابة رقيب نفسي. ويمكن تعريفها بأنها استعداد لا شعوري دافع مانع رادع مكتسب على أساس من الخوف والحب والاحترام.
نستطيع الآن أن نرى الجانب الدينامي من الشخصية والصراع بين الشخصية والبيئة الاجتماعية، والجوانب المتدافعة من الشخصية في علم نفس الشخصية ، وهذا ما أضافته مدرسة التحليل النفسي لعلم النفس بوجه عام.
الحكم على الشخصية في علم نفس الشخصية
وتستخدم نتائج اختبارات الحكم على الشخصية في علم نفس الشخصية في العديد من الأمور، مثل التوجيه والاختيار المهني، وتشخيص أسباب سوء التوافق لدى مضطربي الشخصية، ولقياس مدى التحسن في العلاج السلوكي، أو للدراسات النظرية التي تجيب عن الأسئلة التي لابد من الإجابة عليها فيما يخص العلوم النفسية. الأخطاء التي تعرضت لها الاختبارات: 1- الحكم على الشخصية من المميزات الجسمية. 2- الحكم على الشخصية من الصور الفوتوغرافية. 3- الحكم على الشخصية من كيمياء وسوائل الجسد.
الطرق الصحيحة للحكم على الشخصية
1- دراسة الحالة: وتستخدم في الملاحظة الإكلينكية وهي بحث في تاريخ وظروف الحالة والعوامل الجسمية والنفسية والاجتماعية وكل ما مر به الشخص لدراسة الاضطرابات النفسية أكلينيكياً حسب علم نفس الشخصية .
2- التداعي الحر وتأويل الأحلام: وقد ابتكر فرويد هذه الطريقة لتحليل الحياة النفسية اللاشعورية، وفيها يسترخي المريض ثم يشجعه المحلل على أن يطلق العنان لأفكاره وخواطره فيذكر كل ما يرد على ذهنه حتى لو لم يكن متصل ببعضه.
3- المقابلة: وهي عبارة عن مجموعة أسئلة يوجهها بعض الأشخاص إلى شخص ما بهدف الحصول على معلومات عن شخصيته وسلوكه من أجل اختبار مهني أو تشخيص أو علاج نفسي.
ولكن لهذه الطريقة بعض العيوب: 1- تأثر الحكام بالخبرات السابقة لا شعورياً. 2- الميل إلى التعميم في ملاحظة السلوك. 3- الإسقاط النفسي لما لمدى الحكام من سمات مكبوتة ما يجعلهم يبالغون في تقديرها لدى الآخرين، وقد فشلت هذه الطريقة في دراسة علم نفس الشخصية في التنبؤ في النجاح بالجامعات في الوقت الذي نجحت فيه اختبارات الذكاء، ولكن إذا تم توحيد الأسئلة وتدريب الحكام فستعطي المقابلة نتيجة جيدة.
اختبارات الشخصية
الاختبارات الموقفية والإسقاطية
الاختبارات الموقفية في دراسات علم نفس الشخصية هي التي يتم فيها تهيئة مواقف وظروف يؤديها المفحوص فتوضح ما لديه من سمات دون أن يشعر بالغرض من ذلك، مثل اختبار العمل في فريق واختبار روح التعاون والأمانة والعدوان والمثابرة والتهور، كاختبار المرشح لمنصب مدير المدرسة بأن يكون مديرا لفترة اختبارية معينة.
الاختبارات الإسقاطية في دراسات علم نفس الشخصية
وكلمة إسقاط هنا لها معنى مختلف غير الذي قصده فرويد ويتمثل في: 1- تأويل سلوك الغير على أساس خبرتنا اللاشعورية 2- تأويل ما ندركه من مدركات غامضة على أساس أحوالنا النفسية الشعورية واللاشعورية 3- تجسيد أحوالنا النفسية في الرسومات والتعبير اللغوي والأحلام. ومن أنواع الاختبارات الإسقاطية:
1- الاختبارات التأويلية والتجسيدية: إعطاء مدركات مبهمة غامضة ثم يطلب من المفحوص أن يصف ما يراه (تأويلية)
أو أن يُطلَب منه صنع دمى من الصلصال أو رسم شخص وفحص النتيجة (تجسيدية).
2- اختبار رورشاخ: عبارة عن بقع من الحبر لها أشكال غريبة ويطلب من المفحوص وصفها فإذا ركز على اللون كان ذلك يعني سمة الاندفاع في شخصيته، وإذا ركز على أشكال محددة فهذا يعني أنه يمارس ضبط النفس ويعاني من صراعات نفسية أما إذا رأى في بقع الحبر صور عامة فهذا يعني قدرة على التأليف والتجريد إذا رأى صور تفصيلية فهو يهتم بالأشياء الحسية العينية.
3- اختبار تفهم الموضوع TAT: وهي صور أشخاص في مواقف معينة ويطلب من المفحوص أن يتقمص هذا الشخص ويقص قصة توحي بها الصورة ويتحدث عن الأحوال والمشاعر والمتاعب وغالبا يحكي المفحوص مشاكله ومشاعره الشخصية دون أن يشعر مما يلقي الضوء على ما يعانيه هذا الشخص.
4- اختبار تكميل الجمل: يطلب منه أن يكمل جمل معينة بدون تفكير وهذه الجمل غالبا ما تحرك مناطق الصراعات اللاشعورية
5- اختبار الأصوات الخافتة: يسمع المفحوص بعض الأصوات الغير واضحة ومن ثم يؤولها حسب حالته النفسية
6- اختبار تداعي المعاني: وهو عبارة عن قائمة طويلة من الكلمات يسمعها المفحوص ويطلب منه أن يرد على كل كلمة بكلمة أخرى بدون تفكير، وهذا الاختبار يسهل الكشف عن العقد النفسية والرغبات المكبوتة.
نمو الشخصية
النمو بمعناه العام في علم نفس الشخصية هو سلسلة من التغييرات المستمرة بهدف اكتمال النضج. هناك مجالات مختلفة للنمو فهناك النمو الجسمي الحركي والنمو العقلي والنمو الاجتماعي والنمو الجنسي وكل هذه المجالات مستقلة عن بعضها بحيث أن كل نوع يتطور بشكل مستقل عن الأنواع الأخرى وإذا اضطرب تطور نوع فلا يؤثر ذلك على نمو آخر. ونمو الشخصية، يمكن أن نطلق عليه النمو الاجتماعي والانفعالي.
خصائص النمو
1- النمو عملية تمايز: تبدأ الشخصية في مرحلة الطفولة لا يوجد فيها ما يميزها من انفعالات وسمات ولكن مع عملية النمو والنضج يتفاعل الإنسان مع البيئة وتنمو شخصيته وتتحدد وتتمايز وتصبح واضحة المعالم.
2- النمو حذف وإضافة: فمع الوقت تزول بعض سمات الطفولة كالأنانية وإشباع الدوافع وتظهر سمات أخرى كالاتجاهات والعواطف والميول الجديدة.
3- النمو تنظيم وتكامل: ليس مجرد زيادة ونقص في السمات ولكن تغيرا في النوع والتنظيم للسمات في مجموعات متكاملة لا يبغي بعضها على بعض ولا تشذ أي صفة، فإذا شذت أي صفة كان ذلك عائقا لعملية التكامل، مثل الاهتمام الزائد بالنظافة أو الانطواء الزائد أو العجز عن ضبط النفس.
لذلك تعرّف الشخصية في علم نفس الشخصية بأنها طبيعة الفرد بعد التفاعل الاجتماعي وهي الصراع الدائم بين الجوانب الثلاثة لفرويد، الهو والأنا والأنا العليا.
نمو الشخصية نضج وتعلم
يتعلم الإنسان الكثير من طرق الاستجابة مع البيئة وعن طريق المحاولات والأخطاء، ولكن هناك بعض السمات تكون وراثية المنشأ لا تتأثر بنمو الشخصية مثل السمات المزاجية كالحيوية والخمول ودرجة التأثر الانفعالي وقوة الاستجابة أو ضعفها، فالأطفال منذ صغرهم يتسمون إما بالحيوية أو بالخمول أو العصبية.
تغير الشخصية
في علم نفس الشخصية تتغير الشخصية بسرعة في السنوات الأولى من العمر ثم تبطئ حتى مرحلة الشباب ثم لا يكون التغيير ملحوظا. تتغير الشخصية بتغير العادات والخبرات وطرق التفكير، فتزداد القدرة على التكيف للمواقف المختلفة. ويمكن تغيير بعض نواحي الشخصية بالمجهود الذاتي مثل استجاباتهم حيال المواقف الاجتماعية، أما السمات المزاجية والعصابية وسمات الطفولة المبكرة لا يمكن تغييرها ذاتيا وكلما بادرنا بتغيير سمة معينة في مرحلة الطفولة كان هناك استجابة أكبر للتغيير.
عوامل تكوين الشخصية
هناك عوامل وراثية وأخرى بيئية تتفاعل فيما حسب علم نفس الشخصية بينها وهذه العوامل هي:
الشخصية والغدد الصماء
تفرز هذه الغدد هرمونات تؤثر على السلوك والمزاج ومنها:
1- الغدد الدرقية: زيادة إفراز هذه الغدة يزيد من نشاط العمليات الحيوية ويسبب قلق وعدم استقرار انفعالي أما قلة نشاطها فيسبب خمول وبلادة وبطء في التفكير وتعب وهبوط وفقدان في الشهية
2- غدتا الأدرينالين: ويفرز هذا الهرمون في حالات الانفعال العنيف مثل الخوف أو الغضب أو الألم ليزود الجسم بطاقة تؤهله لمواجهة الموقف. أما قشرة هذه الغدة فتفرز هرمون الكورتين اللازم للعمل العقلي ومقاومة العدوى وزيادة إفرازه يؤدي إلى فتور الرغبة الجنسية وانخفاض عملية الأيض.
3- الغدد التناسلية: وهما المبيضان عند الأنثى والخصية عند الذكر. وتفرز نوعان من الهرمونات؛ إفراز خارجي وهو الحيوانات المنوية عند الرجل والبويضات عند الأنثى، والإفراز الداخلي وهي هرمونات جنسية تساهم في نضج الأعضاء التناسلية وظهور الخصائص الجنسية الثانوية لدى الجنسين مثل ظهور اللحية وتضخم الصوت عند الذكور وبروز الصدر عند الإناث، وتساهم أيضا في إبراز الصفات الجنسية النفسية عند الجنسين.
4- الغدة النخامية: ومكانها في الفص الجبهي وهي المسؤولة عن النمو العام والنمو الجنسي، أقراط نشاطها يؤدي إلى العملقة وزيادة النشاط الجنسي، أما قصورها فيؤدي إلى القزامة وضعف النمو الجنسي.
من الملاحظ أن النشاط الجسمي والنفسي يتأثران بشكل مباشر بعمل الغدد ومعدل إفرازها مما يؤكد على أن الشخصية وحدة جسمية نفسية متكاملة حسب علم نفس الشخصية .
أثر العوامل الجغرافية على الشخصية
إن أسلوب حياة جماعة ما يتأثر تأثرا مباشراً بالمكان الذي تعيش فيه، نأخذ على سبيل المثال جماعة الإسكيمو، يعيشون في ظروف جغرافية قاسية جدا ولا يقوى على العيش إلا الأقوياء أما الضعيف فيموت. كل مسؤول عن نفسه، نوع التكيف في هذا المكان هو تكيف فردي وليس جماعي لذا نجد فيهم سمات التحدي والمنافسة والاعتماد على النفس والأنا القوية.
أثر العوامل الاجتماعية
إن نشأتنا في مجتمع معين تلزمنا بتكوين منظومة فكرية معينة، فالمعرفة المكتسبة في الصين غير المعرفة المكتسبة في الإسكيمو، ولكل مكان عاداته وتقاليده الخاصة كما أن المعلومات والمهارات والعواطف والميول تتحدد بشكل مباشر تبعا للثقافة المجتمعية، كما أن التربية الأسرية تسهم في خلق سمات معينة حسب شخصيات الوالدين مثل التسامح أو العدوان، الحزم أو التساهل والمرونة، المادية أم الروحانية في التعامل، ولكن هذا لا يعني أن كل أفراد هذا المجتمع له نفس الشخصية فالثقافة الفرعية المكتسبة هي ما يميز كل فرد عن غيره.
علاقة الثقافة بالوراثة.
لقد كان هناك بعض السمات التي نظن بانها وراثية ولكن اتضح أنها عوامل بيئية ومجتمعية مثل حدة طبع الرجل وعدوانيته وعناده أو سلبية طبع المرأة وخضوعها، ولكن إذا نظرنا إلى قبيلة في غينيا فسنرى أن الرجل المثالي هو الرجل ذا السمت الهادئ والمرأة كذلك، إذا فلا فرق بينهم، وليس للوراثة دخل في الأمر.
عملية التطبيع الاجتماعي
لا يولد الطفل إنسانا، ولكن المجتمع يبدأ في تهذيبه وترويضه حتى تظهر إنسانيته وتسمى هذه العملية التطبيع الاجتماعي :
1- المشي والفطام وضبط المثانة
2- القدرة على تحويل الاهتمامات المحظورة إلى بدائل مقبولة
3- القدرة على كف الدوافع الغير مرغوب فيها مثل الدوافع الجنسية
4- الآداب الاجتماعية طبقا للدين والسلطة
5- القدرة على التوقيت
وتبدأ عمليات التطبيع في المنزل داخل الأسرة ثم في المدرسة الابتدائية التي تعتبر من أهم عوامل نمو الشخصية حسب علم نفس الشخصية حيث تحرر الطفل من مركزيته ويصبح جزءا من العالم، حيث أكد بياجيه أن الطفل في سن السابعة يكون شديد الخضوع لدوافعه وحاجاته ومستغرقا في اهتماماته وأموره الخاصة وفي المدرسة يتجول هذا الاهتمام من داخله إلى العالم المحيط. وفي المدرسة الثانوية يكون الأمر مختلف فيسعى الفرد إلى إرضاء حاجات الطالب الفردية وإعطاءه الفرصة في كسب مهاراته واتجاهاته الاجتماعية، وتكون فترة التطبيع عادة مليئة بالصراعات النفسية والمشاعر العنيفة مثل الحرمان والكبت والغضب من المجتمع، ويجب أن تكون عملية التطبيع مرنة بقدر يسمح بتوازن قوى المجتمع الجامدة المحافظة وقوى الفرد الابداعية الكامنة، فالتشدد في عملية التطبيع يجعل من الفرد شخصا عاديا ويكبت قواه الفريدة الابداعية.
أثر الدور الاجتماعي في الشخصية
حسب علم نفس الشخصية الدور هو النمط السلوكي المنتظر من فرد معين في المجتمع، فالمجتمع ينتظر من المرأة غير ما ينتظره من الرجل وينتظر من العاقل غير الذي ينتظره من الطفل، وكل دور يفرض على صاحبه أن يتسم بسمات معينة فإذا فشل في ذلك فإنه يتعرض لصراع نفسي يهدد شخصيته. وإذا ما وضع الشخص في موضع حيث كان من المفترض أن يقوم بأكثر من دور، تداخلت الأدوار مع بعضها ودخلت في صراعات بحيث لا يستطيع الفرد التوفيق بينهما مما يؤثر على شخصيته بشكل سلبي، ويكون هذا الصراع على أشده حينما يتغير اتجاه حياة الفرد بشكل كبير كانتقال الرجل من الحياة المدنية إلى العسكرية أو انتقال المراهق من الثانوية إلى الجامعة.
وتختلف شخصية الطفل باختلاف الدور الذي يؤديه داخل الأسرة، فالطفل الأكبر يؤدي دور الأب المساعد والطفل الوحيد يجعله مركز حياة والديه مما يعطيه إحساسا زائدا بأهميته وقيمة ذاته، والطفل الأخير عرضة للتراخي والإهمال في المعاملة من قِبَل الوالدين وأحيانا يكون مصدر إزعاج بالنسبة لهم مما يفقده الشعور بالأمن ويجعله يشعر بالنقص حينما يقارن نفسه بأخواته.
نستطيع من كل ما سبق ذكره أن نستنتج أن الشخصية هي عبارة عن تضافر عوامل ومؤثرات جسمية ونفسية واجتماعي تجعل منها وحدة كاملة متكاملة لا تنفصل عن بعضها وتشارك كل وحدات التنظيم في بناء هذه المنظومة الفريدة لكل شخص وذلك حسب علم نفس الشخصية .
أضف تعليق