ها وقد دخلنا في العام الجديد 2017، وبعد اثني عشرا شهرا من الان سنبدأ في انتظار عام اخر، كما قمنا بتوديع عام 2016، وهنا لا بد ان نجلس مع انفسنا بعض الدقائق لندرس هذا الحال، هل نحن من الاشخاص الذين تمضي بهم السنون دون الانتباه اليها، وهل نحن من الاشخاص الذي يبدلون فقط ثيابهم وتتبدل هيئاتهم الخارجية مع تبدل تلك الفصول والشهور دون اي تبدل داخلي.
في هذا السياق ارغب بإن اذكر تلك الحكمة الرائعة والتي تقول : ( الاعوام تغير الكثير، انها تبدل تضاريس الجبال، فكيف لا تبدل شخصيات البشر )، وقد يكون في هذه الحكمة الكثير من المعاني والعبر، ففي كل المقايس والادوات الحسابية والتي تستخدم لقياس الاطوال والتي تستخدم لقياس الارواح ايضا، نصل دوما الى ذات النتيجة، ان الانسان عليه ان يتبدل ويتغير مع مرور الايام وتغييرها، مع تبدل الطقوس التي يعيشها وتلك التي تفرض عليه، ولكن الى اين تذهب تلك التحفة البشرية التي يطلق عليها الروح، ضمن سيول السنوات، الى اين ستجرفها معها، وهل النهر الجاري نقي، ام ان البحيرة الراكدة امامه مليئة بالوحل وهو لا يدري، نعم تستطيع الاعوام تبديل الاف الجبال والتضاريس المختلفة، ولكن فعليا هناك بعض الارواح لا يمكن للعقود من تغييرها، فهي عنيدة وقاسية، جافة ويابسة، هي كانها زيتونة رومية مغروسة في الارض البعيدة في ذاك الشمال، وهناك اخر، ارواح واشخاص، قد يقلبها موقف واحد، لحظة وثانية ، ومضة حدث امامه فيعتبر و يتغير، تلك الارواح والشخصيات التي تعاشر نسائم بحر هوائه ازرق، وتلك الشخصيات التي تنمو كالجوري لتنمو على الندى وتعطي الكثير من البريق الاحمر والابيض.
مضى عام، وهاهو العام الجديد، كيف ستدقق فيه ايها البشري، والى اين سيقودك، وقد يعنيك هنا ان تبحث في خطواتك لتأمل مصير يخصك وان تبحث اكثر عن طريق جديد، فيعجبني اكثر من يتعلم من رحيق الايام اكثر ممن يتعلم من جلدات السنين.
خطواتك لتبحث عن ذاتك في عام جديد :
تحقق من النشاطات التي قمت فيها في العام السابق :
علينا ان نتعلم ان لا شيء نقوم به دون اثر او فائدة علينا، وبالتالي ان نقوم بتجميع تلك التصرفات والافعال والنشاطات التي قمنا بها خلال العام المنصرم وكتابتها كلها ضمن بيان واحد خطة واحدة، وبعد ذلك القيام بدراستها وتمحيصها، ويفضل القيام بهذه الدراسة ضمن اطار محايد، وعقلاني ومنطقي دون تغليب العاطفة في هذا البحث، ويفضل ان يكون الشخص منا قد سجل سابقا الاهداف والطموحات التي كان يرغب بتحقيقها، ومن ثم القيام بالتدقيق عليها، ما هي الاهداف التي حققها من ضمن تلك التي كان يضعها في جدوله وما تلك التي لم يحققها، فمثلا ان كان قد وضع في حسبانه في ذلك العام ان يتقدم على الصعيد الدراسي لينال درجة ما ضمن معدل ما، فهل حقا قام بتحصيل تلك الدرجة العلمية التي يرغب، واذا كان قد حصل عليها فعلا، هل حقق المعدل الذي يرغب والذي كان ضمن تطلعاته ؟
تحقق من الاخطاء التي وقت فيها في ذلك العام :
الكائن البشري بطبيعته غير كامل وهو معرض دوما لارتكاب الهفوات والسقطات والاخطاء، ولكن الى هنا فالامر طبيعي، ويمكن الحكم عليه بالمستطاع القبول، الامر الغير مقبول اطلاقا ان لا يتعلم هذا الانسان من اخطاءه ويبقى عليها في السنوات اللاحقة، ومن ابلغ ما قيل في هذا الامر ما ورد على لسان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام عندما قال ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ) ، فعلى الانسان الحكيم ان يبحث في تلك الاخطاء التي ارتكبها ضمن العام الماضي وان يقوم بدراستها، ضمن دائرة لماذا وكيف، ثم ينتقل الى التعامل معها ضمن اطار التصحيح والحذر منها والابنعاد عن ارتكبها، ومرة اخرى ان علينا الادراك ان كل ما نقوم به من تصرفات و ينتج عنه هو بطريقة او باخرى في صالحنا، فقط علينا ان نعرف كيف نسخره الى خدمتنا.
تحقق من الاشياء الايجابية التي قمت بها في العام المنصرم :
وهذه ايضا امور يجب البحث فيها ايضا، وقد يستغرب البعض لماذا؟ والجواب ان النجاح في هذه الامور قد يعني ان هناك العديد من نقاط القوة عن هذا الانسان، وبالتالي العمل على تنميتها ودراستها ومن ثم المثابرة على ممارستها في العام القدم، فهي امور تصب في النهاية في مصلحة هذا الانسان والى المساعدة في تصريف شؤونه وجعلها تسري ضمن خير نطاق، وهي ايضا تساعده على الابتعاد عن الفشل، والسقوط وهو الغول الاكبر الذي يخشاه الانسان عادة ويحاول الابنعاد عنه، وحتى يستطيع ان يقوم بذلك عليه ان يحاول قدر استطاعته وباكثر مواهبه القيام بذلك وبعمل شاق وممنهج ودؤوب، وقد يكون من افضل هذه الوسائل البحث عن نقاط قوته، والتركيز عليها.
تعرف على اهدافك اكثر ضمن العام القادم :
بعد ان تنتهي من دراسة ما حدث معك في العام الماضي من ايجابيات وسلبيات، قد يعنيك ان تبحث عما ترغب بتحقيقه من اهداف للعام القادم، وخاصة تلك التي لم تستطع القيام بها مسبقا، وما هي الاهداف الجديدة التي يرغب بتحقيقها ضمن العام الجديد، وعليه ان يتعلم من العام السابق، عن ماهية الاحلام والطموحات القابلة للتحقيق وتلك التي يتعذر تحقيقها والتي يجب الصبر عليها بعض الاوقات، وقد يكون من الامور الضرورية ان يكون منطقيا وثابتا وعقلانيا في مثل هذه القرارات التي يرغب بدراستها لتحقيق احلام ينتظر عاما جديدا لتحقيقه.
ضع خطة معينة لكي تنفذ هذه الاهداف :
بعد ان يتم وضع قائمة بالاهداف التي ترغب بالعمل على تحقيقها في العام القادم، عليك الشروع بالبدء بوضع خطة متوازنة ومعقولة للتنفيذ، وهذه الخطة يجب ان تكون ضمن نمطين احداهما خطة رئيسية قابلة للتطبيق، والثانية خطة طوارئ يمكن العمل عليها في حال حدوث اي امر يعيق تنفيذ الخطة الاولى وبالتالي فإن هذا الامر يقيك من العجز و التوقف، ويضمن الاستمرارية في العمل والتقدم، ان اساس الخطة لهذا العام يجب ان تكون مبنية على قدراتك، وان تقوم بسكب الكثير من العمل الشاق والمثابرة بجهد وتعب لتحقيق ما تكتبه على ورق، وترسمه المخيلة الى واقع ملموس، حتى يصبح للعام الجديد معنى.
وكل عام وانتم بخير
أضف تعليق