تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » أمور الاسرة » وقت فراغ الطفل : كيف تدير وقت فراغ طفلك بطريقة جيدة ؟

وقت فراغ الطفل : كيف تدير وقت فراغ طفلك بطريقة جيدة ؟

مخطئ من يظن أن وقت الطفل لا أهمية له، ومخطئ من يظن أنه ليس على الطفل أن يتعلم تنظيم وقته، تابع نصائحنا القيمة لتعرف كيف تدير وقت فراغ الطفل بالشكل الأمثل.

وقت فراغ الطفل

من أهم الأشياء التي تشغل بال الكثير من الآباء والأمهات هو وقت فراغ الطفل ، وكيفية إدارته، أو من أكثر تلك الأشياء التي لها تأثير مباشر على الطفل، وتربيته، وهي التي من شأنها أن تعطيه الكثير من القيم والمهارات بنوعيها، السيئة، والإيجابية، كما أن وقت فراغ الطفل هو الوقت المناسب إما للإبداع، أوتقوية العلاقة بين الطفل وبين أسرته، أو هو الوقت الذي قد يمر على الطفل دون فعل أي شيءٍ مفيد يذكر، فيؤثر بالطبع على الطفل من نواحٍ عديدة، كما أن مقياس تقدم الدول هو مقدار استثمارها لوقت فراغها، حتى يعود هذا الأمر بالنفع على الدولة ذاتها.

أهم نصائح إدارة وقت فراغ الطفل بشكل سليم

ما هو وقت فراغ الطفل ؟

يختلف وقت الفراغ لدينا عن وقت الفراغ الذي يمتلكه الأطفال في سنٍ صغيرة، فيعتبر وقت الفراغ لدينا هو الوقت الذي نمتلكه بعد فراغنا من واجباتنا الأصلية، أو المسئولية التي تقع فوق عاتقنا من مهامٍ في العمل، أو في المنزل بأكمله، أو الوقت الذي لا نحتاج لعمل شيءٍ إلزامي فيه، أو الذي يقع بين المهام التي لدينا، فهو الوقت الذي نعمل فيه ما نشاء، وبالطبع يجب علينا استغلاله بطريقة جيدة، ولكن بالنسبة إلى الطفل في سنٍ صغيرة فإن الوقت بأكمله هو وقت فراغ، لذا فإنه من المهم جدًا أن يتم استغلال هذا الوقت بالطريقة المناسبة والصحيحة لأن هذا الوقت هو الذي سيكوِّن شخصية الطفل، ويبني عقله ومهاراته البدنية واللغوية أيضًا، حتى يصبح فردًا صالحًا صحيحًا، لا شخصًا يلفظه المجتمع والناس. وعندما يصل الطفل إلى سنٍ يحمل فيه بعض المهام الضرورية من واجباتٍ مدرسية وغيرها، فإن وقت الفراغ يقل، ولكن بالطبع يجب استثماره من قبل الأبوين بالطريقة التي تناسب الطفل في هذا العمر حتى يحظى بأكبر فائدة من هذه الأنشطة التي يقوم بها وقت فراغه.

أهمية وقت فراغ الطفل ؟

لا شك أن استثمار وقت فراغ الطفل يساعد على إكسابه الخبرات الجيدة والإيجابية، والعديد من المهارات والفوائد والصفات الخلقية، والصحية، والاجتماعية، والثقافية، وغيرها. فمثلًا الأنشطة الترويحية الرياضية تساعد الطفل في استعادة نشاطه، وتجديده، والخروج من الروتين اليومي الذي يقضيه بين واجباته المدرسية، والتي تركز على العقل أكثر من الجسد، كما أن الأنشطة الرياضية تساعده على تفريغ طاقته في شيءٍ مفيد غير ضار مثل الضرب مثلًا، فالطفل قد يعمل على تفريغ طاقته في الشجار مع إخوانه، وهذا بالطبع ليس شيئًا جيدًا، لذا فمن المهم توجيه تلك الطاقة في نشاطاتٍ مفيدة له، وأيضًا الأنشطة الرياضية تساعد على الارتقاء بالمستوى البدني، والقوام الجيد، فلا يكون الطفل ضعيفًا أو هزيلًا، وتلك الأنشطة بالطبع تمنح الطفل السعادة، والمرح الكافي الذي يجعله يقوم بواجباته الأخرى بكل نشاط، فيكون قادرًا على المذاكرة والتحصيل الجيد، ولدينا أيضًا الأنشطة التخيلية، والأنشطة الإبداعية، وغيرها من الأنشطة الرائعة التي تساعد الطفل كثيرًا، وتساعد أوقات الفراغ على اكتشاف مواهب الأطفال، والتي يجب تنميتها فيما بعد، كما أن مشاركة الطفل في هذه الأنشطة يقوي علاقته بأبويه، أويزيد من اجتماعياته عندما يشارك هذا الأمر مع غيره، فيبعد عن الانطوائية التي قد تتسبب فيها النشاطات الفردية مثل مشاهدة التلفاز أو الألعاب الإلكترونية، والتي لا تغرس قيم مثل التعاون، وحب المشاركة، وغيرها.

وقت فراغ الطفل إن لم يُستغل بطريقة جيدة

إن عدم استغلال وقت فراغ الطفل قد يؤدي إلى أضرار كثيرة، مثل الأمراض النفسية، فقد يتسبب هذا الأمر بالإصابة بالاكتئاب مثلًا، نتيجة عدم استثمار وقت الطفل فيما يحتاج إليه، أوينفعه، أو نتيجة لمنعه مما يحبه، فقد يلجأ بعض الأهل إلى منع الطفل من تفريغ طاقته والبقاء في المنزل دون حركة، مما قد يسبب للطفل أمراضًا نفسية، وأيضًا وقت الفراغ إن لم يستغل بطريقة جيدة، فيمكن أن يتم استغلاله بطريقة سيئة، مثل الإفراط في مشاهدة التلفاز، أو لعب الألعاب الإلكترونية بطريقة مفرطة، أو التسكع مع بعض الأشخاص السيئين، أو غيرها من الأمور، كما أن وقت الفراغ دائمًا يسبب الكثير من المشكلات إما الانطواء للعكوف على فعل شيء معين باستمرار، أو المشاحنات وغيرها لأن الطفل لا يجد ما يفعله فيفرغ طاقته في شيء غير مفيد، وعندما لا يتم إهدار وقت الفراغ فإنه قد تهدر معه الكثير من المهارات التي من الممكن أن يتم تنميتها لدى الطفل، أو التأثير سلبًا على مهاراته بشكلٍ عام.

كيف نتعرف على وقت فراغ الطفل ؟

من الطبيعي أن يعرف كل أب أو أم الوقت الذييلعب في ه الطفل، والوقت الذي لم يؤد فيه واجباته المفروضة عليه، فمعرفة أوقات الطفل المختلفة تساعد على وضع الأنشطة المناسبة لوقت الطفل، وبالتالي غرس القيم والمبادئ، والصفات الحسنة، وإكساب الطفل –كما ذكرنا- القوام الجيد، والارتقاء بالمستوى البدني، وهو الذي سيحصل عليه من الأنشطة الرياضية والبدنية بالطبع. ومعرفة أوقات فراغ الطفل تأتي من معرفة مقدار ساعات النوم التي يحصل عليها الطفل في اليوم الواحد، والساعات التي يقضيها في المدرسة، والساعات التي يقضيها في مراجعة دروسه واستذكارها، والأوقات التي يقضيها في المنزل أو خارج المنزل، وأي وقتٍ يقضيه الطفل في فعل أي شيء، ثم نجمع هذه الساعات ونطرحها من عدد ساعات اليوم الـ24 ساعة، حتى نحصل على عدد ساعات الفراغ التي يقضيها الطفل في اليوم، ووقت الفراغ الخاص به، لأنك لو كان لديك أكثر من طفل فسيكون لكل طفل الوقت الخاص به إن كانا أخوان، وإن لم يكونا فإن السن فقط ليس عاملًا لاختلاف وقت الفراغ، فإن عمل الوالدين، والظروف المادية والاجتماعية سوف تؤثر على استغلال وقت الطفل بطريقةٍ مناسبة له، فأنت عندما تبحث في إدارة وقت طفلك، فأنت لا تضع فقط نشاطٍ ما لتشغل فقط طفلك به، بل تنظر إلى وقته، وإلى ميوله، وإلى وقتك، وظروفك المادية وغيرها.

معايير تحديد الأنشطة التي تناسب وقت فراغ الطفل

الأنشطة التي يمارسها الطفل يجب أن تكون ترفيهية، ترويحية في المقام الأول، بحيث لا يجبر الطفل على ممارستها، لذا فيجب من البداية التعرف على ما يحب الطفل أن يفعله، حتى يستطيع أن يستمتع بما يقوم به، ويدخل السرور والفرح على قلبه، ويعيد نشاطه وحيويته، ويكسبه الخبرات، فيكون وقت الفراغ قد أدى مهمته المرجوة منه، وعلى هذا فإن الأب والأم يجب عليهم تحديد نوع الأنشطة المناسب للطفل، فمثلًا من حيث النوع سواءً كان ذكرًا أو أنثى، لأن نوع الجنس يساعد في تحديد نوع الأنشطة المناسبة، فمثلًا الأولاد يميلون للعنف والحركة، فيما تميل البنات إلى الهدوء، وأيضًا السن، فإن لكل مرحلة عمرية اهتماماتها، التي تبنى على درجة الثقافة، وأوقات الفراغ، فإن أوقات الفراغ تتباين في كل مرحلة عمرية، تزيد أو تقل، وعلى هذا المر يتم تحديد الأنشطة التي تناسب الطفل في وقت الفراغ.

كيف تدير وقت فراغ طفلك بطريقة جيدة؟

بعد أن يتم تحديد نوع النشاطات المناسبة بالطفل، بالنظر إلى عمره، ونوعه ذكرًا كان أو أنثى، فإنه يقوم باختيار الأنشطة المناسبة به، فمثلًا ممارسة الرياضة من الأمور الجيدة والهامة جدًا، فالنشاطات البدنية تساعد الطفل على تفريغ طاقته الحركية، واستغلالها في شيء مفيد عوضًا عن إهدارها، فلا يستخدمها الطفل بطريقة سلبية، مثل العنف ضد إخوته، وأقرانه، أو الحركة الزائدة بطريقة تثير ضيق من حوله، وأيضًا النشاط البدني له تأثير قوي على القدرات العقلية، فينمي الذكاء، ويوسع المدارك، كما أنه يمكن تطوير مواهب الطفل التي تم اكتشافها، فمثلًا عندما يعلم الأهل أن طفلهم لديه موهبة معينة في الرسم أوالغناء، أو يلحظون عليه ميولًا اتجاه شيء معين فمن الجيد أن يتم استغلال هذا الأمر بطريقة صحيحة، كما أن مشاركة الطفل من الأمور الهامة أيضًا، ربما يجب تحديد وقت معين للطفل إن تعلق الأمر بمشاهدة التلفاز أو اللعب بالألعاب الإلكترونية، ربما ليس وقتًا معينًا بل تحديد بعدد البرامج التي يتم مشاهدتها في اليوم مثلًا، كما أن تلك المشاركة مع الطفل تصنع رقابة على ما يفعل دون إحساس الطفل بذلك، فيصبح صديقًا لك دون أن تطلب، وأيضًا عندما يكون الطفل في سنٍ صغيرة فإنه من السهل عليك أن تشكل شخصيته واهتماماته.

ومن الضروري أن يتعود الطفل على القراءة منذ الصغر، وأهمية القراءة لا تخفى على أحدٍ بالطبع، كما أن وقت الفراغ يمكن استغلاله في تعلم مهاراتٍ جديدة ولكن يجب على الأهل أن يعلموا أن هذا الوقت يجب أن يكون للمرح كعامل أساسي، وليس من قبيل الإلزام أو الإجبار، فهو الوقت الذي يقضيه الطفل ليرتاح من واجباته، فنحن فقط نحاول أن ندير هذا الوقت أو هذا المرح بطريقة جيدة، وليست إلزامية بطريقة تجعل الطفل مصابًا بالملل، أو يكره هذا الوقت وما إلى ذلك.. كما أنه يمكن تنظيم وقتٍ ثابت للتنزه مع الطفل، أو مشاهدة فيلمٍ ما ممتع، ويعطي قيمًا جيدة للطفل بطريقة هادفة، فإن وقت الفراغة من أفضل الطرق التي تساعد على مصادقة الطفل، والتقرب إليه، ولكن يجب على الطفل أن يعلم جيدًا أن وقت الفراغ لا يأتي قبل أن يفرغ من مهامه المطلوبة منه أولًا حتى يتعلم بهذا تنظيم وقته، وأن يكون مسئولًا منذ صغره.. ومن الأماكن التي من الممكن أن تكون مكانًا مناسبًا لاستغلال مواهب الطفل، المنزل بالطبع فهو الذي يقضي فيه الطفل معظم وقته، ولكن بعض الأنشطة تعتمد على بعض الأماكن الأخرى فمثلًا عندما نتحدث عن المواهب أو الرياضة فسنجد أن لكل موهبة، أو لعبة ما مكانها المختص بها، فمثلًا كرة القدم في الملعب، أو النادي، فإنه من الخاطئ أن يلعب بكرة القدم في المنزل، فيقوم بإحداث ضرر ما، كما أن بعض الألعاب القتالية أيضًا كذلك، ولكن بعض المواهب لا بأس بأن تمارس في المنزل وخارجه، وهي أغلب نشاطات الفتيات، أو تلك التي تحت لعقلٍ أو إبداع أكثر من كونها تحتاج إلى نشاطٍ حركي، مثل كرة القدم أو الألعاب القتالية، أو السباحة بالطبع، وغيرها، فمراعاة المكان في النشاط يعلم الطفل النظام، واحترام المكان، ويعزز في داخله المسئولية اتجاه الأشياء المختلفة، فعندما يعلم أنه من الممنوع اللعب بكرة القدم في المنزل فيحترم القوانين، وعندما يدرك أن هذا الأمر ممنوعًا لأنه قد يزعج أحدهم، أو يصيب ضررًا بالمنزل، أو يضر أحدهم فإنه بهذا يتعلم المسئولية اتجاه هذا الأمر.. فينشأ طفلًا سليمًا راشدًا.

الإنسان لا يمتلك حقيقة سوى الوقت الذي يجب أن يدرك أهميته منذ الصغر، حتى يستطيع استغلاله بطريقةٍ جيدة ما إن يكبر، ويقل وقت الفراغ الذي لديه، أو يقل وقته عمومًا، فالوقت نعمة من الله، يجب أن يتم تقديرها والمحافظة عليها.. وشكر الله على تلك النعمة يكون بذلك.

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.

أضف تعليق

خمسة × واحد =