حققت الكاتبة نوال السعداوي شهرة كبيرة جدًا في مجال الأدب وحازت كتاباتها على قراءة الكثيرين وإعجابهم، حتى أصبحت أشهر كاتبة حديثة في مصر بل وقد وصل صيتها إلى العالم العربي والغربي، فنادتها الولايات المتحدة الأمريكية لكي تعمل كدكتورة في إحدى جامعاتها الكبيرة، وسرعان ما تدرجت نوال السعداوي حتى عملت في أكثر من جامعة داخل الولايات المتحدة، وجامعات أخرى في دول أوروبية مثل بريطانيا العظمى وفرنسا وغيرهم، كل هذا بالطبع لم يكن من فراغ بل لأن ما كتبته كان مختلف تمامًا عن أي أحد، لدرجة إن هذا الاختلاف قد أدى إلى الزج بها في سجن النساء بالقناطر، وجعل بعض الجامعات الإرهابية تدرج اسمها ضمن قوائم الاغتيالات المقرر تنفيذها، كل هذا بسبب آراءها وكتاباتها التي اختلف مع الدين الإسلامي وأحكامه والعرف المصري وعاداته وتقاليده، عامة سوف نتناول في هذا المقال كل الكتابات والآراء الخاصة بالكاتبة نوال السعداوي والتي سببت جدل واختلاف كبير في مصر، فإن كنت من المهتمين بمعرفة هذه الأمور فيتوجب عليك أن تتابع هذا المقال إلى نهايته.
استكشف هذه المقالة
من هي نوال السعداوي ؟
نوال السعداوي المرأة الأكثر جدالًا واختلافًا عليها في مصر ولدت نوال في السابع والعشرين من أكتوبر عام 1931، وكان مولدها ونشأتها في محافظة القاهرة تحديد في كفر طحلة التابع لمركز بنها، استمرت نوال في دراستها تحت رعاية والدها الذي كان يعمل في وزارة التربية والتعليم ولذلك فقد كان مصر على تعليم أولاده حتى النهاية، وهذا ما جعل نوال تلحق بكلية الطب وتتخرج منها حاملة لبكالوريوس الطب والجراحة تخصص أمراض الصدر والجهاز التنفسي، تزوجت نوال ثلاثة مرات حتى أنها قد طلقت في المرة الثالثة والأخيرة وهذا لكثرة الخلافات التي نشبت بينها وبين أزواجها، حتى أن تلك الخلافات طالت المجتمع بأكمله فتم إقصاءها من جميع مناصبها التي كانت تتمتع بها في مصر، بل وتم الزج بها في السجن نتيجة لأفكارها المختلفة مع الدين الإسلامي والعرف المصري والعربي.
فمثلًا من الأفكار الشهيرة التي تؤمن بها الطبيبة نوال هو أنه لابد من المساواة بين الرجل والأنثى في الميراث، وهذا بالطبع ليس من الإسلام في شيء فالميراث محدد ومعروف منذ ظهور الإسلام، وغيرها من الآراء والأفكار المختلفة التي جعلت من نوال شخصية مضطهدة من قبل الحكومة المصرية والشعب أيضًا، وهذا ما حثها على قبول السفر إلى خارج مصر حيث عرض عليها العمل في الولايات المتحدة الأمريكية بأحدي الجامعات الكبرى، وبالفعل وافقت الطبيبة والكاتبة نوال السعداوي على ذلك وسافرت في الثامن والثمانين من القرن العشرين.
اضطهاد وحبس نوال السعداوي
تعرضت الكاتبة والطبيبة نوال السعداوي للكثير من الاضطهاد والبغض من قبل الحكومة المصرية والشعب المصري والعربي، فقد زج بها إلى السجن للمرة الأولى في العام الواحد والثمانين من القرن العشرين، وكان ذلك في فترة حكم الرئيس أنور السادات ولكن سرعان ما خرجت من السجن وذلك بعدما اغتيل السادات وتولى الرئيس مبارك الحكم، فقد خرجت في نفس العام بعد شهر واحد من الاغتيال الذي حدث للرئيس، وكانت المدة التي قضتها في سجن النساء بالقناطر هي الملهمة لها في كتابة كتاب مذكرات في سجن النساء، وقد صدر هذا الكتاب في عام 1883 ولكنه لم يكن الكتاب الأول لها الذي يتحدث عن النساء وسجنهم، فقد كتبت قبلها وتحديدًا في الخامس والسبعين من نفس القرن رواية حملت اسم امرأة عند نقطة الصفر، وهي أيضًا تتحدث عن السجن ولكن على لسان امرأة أخرى كانت مسجونة في تلك الفترة.
هذا لم يكن فقط ما تعرضت له الكاتبة نوال السعداوي فور نشر كتاباتها المتعارضة مع أفكار الكثيرين، بل قد وصل الأمر إلى وضع نوال في قائمة الموت التي كانت تعدها الجماعات الإرهابية، وهناك أيضًا بعض الإسلاميين الذي رفعوا قضايا ضدها مثل القضية التي رفعها المحامي نبيه الوحش عام 2001 للتفرقة بينها وبين زوجها الأخير شريف حتاتة، وذلك لزعمه أنها مرتدة عن الإسلام وهنا ستكون العقوبة التفرقة والحبس مع الأشغال الشاقة، وهناك أيضًا قضية أخرى رفعت ضد الدكتورة نوال السعداوي وهي قضية إسقاط الجنسية المصرية عنها نتيجة لآرائها المختلفة.
نوال السعداوي خارج مصر
نتيجة لكل ما سبق ذكره فقد قبلت الطبيبة والكاتبة نوال السعداوي عرض السفر إلى الخارج الذي طرح من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تقدمت جامعة ديوك أحد أقدم الجامعات في تاريخ أمريكا بعرض إلى نوال للتدريس لديها في قسم اللغات الأفريقية، وبالفعل سافرت نوال إلى الولايات المتحدة وعاشت بعض الوقت بولاية كارولينا الشمالية وهي التي تتواجد بها جامعة ديوك، ثم ما لبثت أن انضمت لجامعة واشنطن، ولم تكتفي بتلك الجامعتين فقط بل عملت بالتدريس في جامعات غربية أخرى بعد ذلك، مثل جامعة هارفارد الأقدم على الإطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم جامعة كولومبيا، ثم جامعة بيل، ثم بعدها جامعة جورج تاون، ثم جامعة كالفورنيا، ثم جامعة ولاية فلوريدا.
كل هذا كان داخل الولايات المتحدة الأمريكية فقط أما عن خارجها فقد عملت ببعض المؤسسات والجامعات الأوربية، أشهرهم جامعة السربون المتواجد في مدينة باريس بدولة فرنسا، ومن الجدير بالذكر أن الطبيبة نوال السعداوي قد عملت في منظمة الأمم المتحدة بعض الوقت حيث شغلت منصب مستشارة المنظمة في برنامج المرأة في الشرق الأوسط وإفريقيا، وبالرغم من كون نوال السعداوي تعيش فوق الأراضي الأمريكية وتُدرس لدى جامعاتها، إلا أنها قد احتجت على غزو الولايات المتحدة لأفغانستان ووصفته بأنه من أجل النفط فقط، وأيضًا قالت أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل يعني دعمها للإرهاب الحقيقي المتمثل في الكيان الصهيوني، كانت هذه الكلمات في قلب أمريكا تحديد في جامعة كالفورنيا عام 2002.
آراء نوال السعداوي المثيرة للجدل
اتسمت آراء الكاتبة نوال السعداوي بالاختلاف مع الرأي العام سواء من الناحية الدينية أو العرفية، ومن ضمن هذه الآراء هو حديثها عن الحجاب حيث قالت إن الحجاب صورة من الصور المضادة للأمن والأخلاق وهي أيضًا من أشكال العبودية، وأردفت قولها بسؤال يدور في أذهانها ولا تصل إلى إجابة قاطعة له، وهو أنه لماذا لا يتحجب الرجل مثلما تتحجب النساء بالرغم من كون الشهوة موجودة لدى الطرفين، وهناك رأي ثاني لها في مسألة أخرى وهي تعدد الزوجات حيث أنها ترى أن التعدد فكرة خاطئة تمامًا، فهي تزرع الخلاف والحقد والمشكلات بين الزوجة الأولى والثانية وبين الأولاد المختلفين من ناحية الأم، ولو تكتف بالاعتراض هكذا فقط بل قالت أن التعدد ليس من القرآن في شيء ويجب إلغاءه ومنعه مثلما فعلت تونس.
وأيضًا في مسألة أخرى وهي الختان فقد قالت أنه يجب منع الختان للذكور والإناث، وهذا أمر فاق الحدود لدى المصريين حيث أن ما يحدث من جدل حول الختان يكون خاص بالإناث فقط، أما قول نوال السعداوي بمنع الختان للذكور أيضًا فهذا هو الغريب جدًا والمثير للجدل الواسع.
أشهر أعمال الكاتبة نوال السعداوي
قامت الطبيبة والكاتبة نوال السعداوي بنشر العديد من الأعمال الأدبية وتعد أشهرها على الإطلاق هي رواية امرأة عند نقطة الصفر، فقد صدرت هذه الرواية في الخامس والسبعين من القرن العشرين وحققت نجاحًا كبيرًا في مصر، ثم ترجمت إلى اللغة الإنجليزية من قبل زوجها شريف حتاتة ونشرت مترجمة عام 1983 وحققت نجاحًا عالميًا غربيًا، ثم بعدها أعيدت طباعة الرواية باللغة العربية مرة أخرى ولكن في بيروت بلبنان وبذلك تحقق نجاحًا ثالث في الوطن العربي، وتتحدث هذه الرواية عن فتاة تسمى فردوس وهي شخصية حقيقية كانت مسجونة في فترة السبعينات وهي ملهمة الرواية للكاتبة.
فتروي أن فردوس كانت فتاة تعيش مع مجموعة من الأشخاص المتخبطين والمريضين والمشوهين فكريًا، ونظرتهم للعلاقة الإنسانية هي نظرة مزدوجة في المعايير لا يمكن النظر إليها بتاتًا، وهذا ما أثر على فردوس بطلة الرواية بشكل كامل حتى أصبحت شخصية مريضة ووحيدة ومقهورة تثير الشفقة لدى كل من يسمع عنها، ومع مرور الوقت والعيش في معاناة وليال سوداء كالحة من قبل فردوس كان لابد من مجيء الصباح حتى يتغير كل شيء، حيث قامت فردوس بشن ثورة على كل ما يتعلق بالطرفين أو يجمع بين الرجل والمرأة في أغلب أمور الحياة.
كتاب ملك وامرأة وإله
أيضًا من الأعمال الشهيرة التي صدرت عن الكاتبة نوال السعداوي هو كتاب ملك وامرأة وإله، وقد صدر هذا الكتاب في عام 2012 بواسطة دار الربيع العربي، وهو يتحدث حول بعض القضايا المثيرة والشائكة في مصر، فعلى سبيل المثال قد حث الكتاب على الثورة على كل الأنظمة المستبدة الظالمة، وتقرب كثيرًا من الفقراء والمظلومين الموجودين في مصر، وأيضًا تناول الكتاب حقوق المرأة، وتفكير البشر الرجعي ولذلك يسعى الكتاب إلى تسوية أفكار الناس وإنسانيتهم وعقائدهم، وترفض الكاتبة منظور الوهابيين للمرأة وأيضًا منظور الأحزاب السياسية للمرأة لأنهم يهمشونها تهميشًا شبه تام، وتدعو الكاتبة إلى حرية الوطن وحرية المرأة وهو ما جعلته عنوان لفصل كامل من فصول الكتاب الثلاثة، أما عن الفصل الثاني فهو يحمل اسم الكباري مع السلطة والمجتمع، والفصل الثالث سقوط الأب ونزاهة القاضي، بداخلهم الكثير من النقاشات التي تدور حول قضايا رئيسية شائكة، ولا جديد في ذلك فالكاتبة القديرة نوال السعداوي منذ شبابها وهي صاحبة أفكار مختلفة وغير تقليدية بالنسبة للمجتمع المصري والعربي.
رواية إنه الدم
تعد رواية إنه الدم هي أحد أحدث الأعمال في تاريخ الكاتبة نوال السعداوي حيث نشرتها في عام 2014 وحققت من خلالها نجاح كبير جدًا، وتصنف هذه الرواية من نوع الخيال ولكنه يميل للحقيقة في نفس الوقت، حيث تتناول الكتابة في تلك الرواية بعض من الأحداث التي جرت في ميدان التحرير عام 2011، فتروي قصص لشبابه وخاصة الفتيات منه لأنه وكما نعرف دائمة الحديث عن النساء في جميع أعمالها الأدبية، ولم يكن الأمر مقتصرًا فقط على ما حدث في ميدان التحرير خلا شهري يناير وفبراير، بل يعود الأمر إلى ما قبل ذلك حيث أنه قد تناولت في بداية روايتها الكثير من الأحداث التي جرت مع أبطالها قبيل عام 2011، بمعنى أدق تناولت بإيجاز غير مخل بعض من المشكلات التي دفعت الناس إلى القيام بثورة كبيرة، وقد تسمية الرواية باسم إنه الدم كدلالة على التعذيب والانتهاك والقتل الذي جرى مع المتظاهرين من قبل قوات الشرطة، وفي روايتها وكالعادة دعت إلى التحرر الفكري وكسر جميع القيود التي تقف أمام الناس.
كتاب مذكرات طفلة من تأليف نوال السعداوي
صدر كتاب مذكرات طفلة في عام 2015 والذي كتبته الطبيبة نوال السعداوي في صورة أولية بالعام الرابع والأربعين من القرن العشرين، ثم كتبت مرة أخرى وتم تعديلها وضبطها ونشرتها الكاتبة في معرض الكتاب منذ أربعة أعوام تقريبًا، وتقول نوال السعداوي في هذا الكتاب أنها حينما كانت ترتب مكتبتها وتنظم مؤلفاتها رأت في أحد الأدراج كراسة قديمة جدًا، عندما فتحتها وجدت فيها واجب الإنشاء الذي كتبته وهي في الصف الأول الثانوي، وذكرت أيضًا أن هذا الواجب قد أخذت عليه صفر وهذا ما كان بالضربة الموجعة بالنسبة لها، فقد قامت نوال بالتوقف عن الكتابة لفترة من الوقت حتى أنها غيرت حلمها من كلية الآداب إلى كلية الطب، ومن الجدير بالذكر أن عنوان واجب الإنشاء كان مذكرات طفلة اسمها سعاد، عامة قامت الكاتبة بإعادة كتابة كراسة الإنشاء وجعلتها كتاب يسمى بمذكرات طفلة، وأهدته إلى كل طفل وطفلة لكي يقاوموا الصدمات والعقبات التي قد يتعرضوا لها في حياتهم المستقبلية.
أضف تعليق