نظرية الهدف هي واحدة من نظريات علم النفس، والتي تهتم بذكر دوافع الإنسان نحو التعلم، وكيف يؤثر الدافع الداخلي لدى الإنسان على الهدف الذي يسعى إليه في طريق التعلم، لذلك ترتكز النظرية على خمسة جوانب رئيسية كأهداف يسعى إليها الإنسان، وتحاول توضيح الدافع الذي يحرّكه في كل جانب، وفي هذا المقال سوف نوضح نظرية الهدف بشكل أكبر، بحيث يمكنك أن تستخدمها في حياتك أثناء رحلة التعلم الخاصة بك. تعرضت نظرية الهدف لبعض النقد والتطوير من العلماء، حيث رأى بعضهم أن الأمر لا يجب أن يقتصر على أهداف التعلم، ولذلك فإننا سوف نبدأ بالحديث عن هذا الأمر قبل أن نغرق في تفاصيل النظرية.
ما هي نظرية الهدف؟ وكيف تقوم بفهمها وتحقيقها؟
نظرية الهدف في عيون العلماء
رأى الكثير من العلماء أن نظرية الهدف يجب أن تتسع لتشمل كل جوانب الأهداف لا أهداف التعلم فقط، فمثلًا الأهداف الشخصية لا تقل أهمية عن أهداف التعلم.
وهو أمر صحيح بالطبع، لكن تحقيقه في الواقع يحتاج إلى مجهود أكبر، فكلما زادت مساحة الأهداف، كلما أصبحت الحاجة إلى قياسها أصعب، وبالتالي فإن رغب العلماء أن تتسع نظرية الهدف لتشمل النقاط التي يرغبوا فيها، فعليهم إذًا تطوير النظرية ووسائل القياس الخاصة بها.
أما السبب الذي جعل العلماء يذكرون نظرية الهدف في إطار التعلم، هو أهمية هذا الأمر، وأنه يجب أن تكون لدينا القدرة على فهم الدافع الداخلي لكل شخص من العملية، فلكل منّا غالبًا هدف خاص به في التعلم بناءً على دوافعه الداخلية، وفهم جوانب النظرية يساعدنا على التعامل مع بعضنا البعض بالشكل الصحيح.
والآن يمكننا أن نبدأ في الحديث عن جوانب النظرية ليتاح لنا أن نفهمها سويًا بسهولة.
الإجادة
التوجه نحو الإجادة هو المحور الأول في نظرية الهدف من المحاور الخمسة التي سوف نتحدث عنها، ويوضح لنا أن هدف الإجادة يحدث لأن الدافع الموجود لدى الشخص هو أن يكون قادرًا على تنفيذ الشيء بأفضل شكل ممكن بأن يبلغ درجة عالية من البراعة في فعله.
هذا الهدف لا يتأثر بالدرجة التي يحققها الشخص، فلا يهمه مثلًا التقدير الذي يحصل عليه إن كان الأمر يتعلق بمحتوى دراسي معين، لكن الأهم شعوره بأنه تمكن من إجادة الشيء.
مثال على الإجادة: أرغب في تعلم أكبر قدر ممكن عن نظرية الهدف من خلال هذا المقال.
فإذا وجد الشخص أن هناك اختبار في النهاية مثلًا، لن يهمه الدرجة التي سوف يحرزها قدر أن يهتم بشعوره إن كان فعلًا قد نجح في فهم نظرية الهدف بشكل صحيح كما يرغب وبالكفاءة التي يريدها أو لا، دون النظر إلى أي عوامل أخرى.
الأداء
التوجه نحو الأداء هو المحور الثاني في نظرية الهدف بعد الإجادة، والمقصود به هو أن الدافع الداخلي لدى الشخص في هذا الهدف هو رغبته في أن يصير الأفضل من الأفراد من حوله، فينصب تركيزه على تجميع درجات أكبر من غيره.
هذا الدافع يؤدي إلى شعور الشخص بالقلق في العديد من الأحيان، لأنه يرتبط بالخوف من عدم إمكانيّة تحقيق الدرجة الأكبر، فهو قد يجعل الشخص يشعر بالإحباط في حالة تحقيقه لدرجات منخفضة.
وقد يلجأ الشخص أحيانًا إلى وسائل غير مشروعة كالغش لتحقيق التفوق، أو أن يهتم بالحفظ من أجل النجاح في الامتحان دون أن يهتم بفهم المعلومات التي يدرسها.
مثال على الأداء: أرغب في أن أكون متمكنًا من فهم نظرية الهدف أكثر من الأفراد الموجودين حولي.
وهذا الشخص إذا نجح في فعل ذلك، فإن الدافع الداخلي نحو الأداء من المتوقع أن يتحسن كثيرًا، أما في حالة لم ينجح، فإن الرغبة الداخلية قد تتراجع، وهذه المشكلة الرئيسية في هدف التوجه نحو الأداء.
تداخل المهمة
تداخل المهمة هو المحور الثالث ضمن نظرية الهدف من محاورها الخمسة، وهو الأقل في الدوافع من بقية الأجزاء الأخرى، حيث أن الشخص في هذا المحور يشارك في المهمة من أجل جزء من خصائصها، كأن يختار مهمة معينة يؤديها من أجل الاستمتاع أو التجربة.
في هذا المحور غالبًا لا يكون الشخص معرضًا للآثار السلبية بدرجة كبيرة مقارنة ببقية المحاور، لأن الفشل لا يؤثر عليه، نظرًا لأن درجة الدافع في هذه الحالة ليست كبيرة، كما أنه لا يهتم بالدرجة النهائية أو حتى بتمكنه من تنفيذ الشيء بكفاءة عالية. وبالتالي فهو يفعل الشيء للتجربة فقط.
الأنا
يكون التركيز في المحور الرابع من نظرية الهدف على الأنا، حيث الشخص يشترك في المهمة من أجل الحصول على الثناء والتقدير من الآخرين مثلًا، أو من أجل الشعور بالسعادة والمرح.
وبالتالي فالمهم بالنسبة للشخص ليس نجاح المهمة قدر اهتمامه بالحصول على الثناء مثلًا، أو شعوره بالمرح من تنفيذ المهمة.
أي أن الأمر يعتمد في الأساس على نظرة الشخص للموضوع، لا على وجود مقياس واضح يمكن الاعتماد عليها، ولعل هذا ما جعل العلماء يضعون هذا المحور في نظرية الهدف لأنه يعتمد على فكرة الأنا، والتي يختلف شكلها ودوافعها من فرد للآخر.
التجنب
هذا هو المحور الخامس من نظرية الهدف والأخير، وهو لا يشبه بقية المحاور، بل هو يعبر عن التضاد معهم.
فكل الأهداف والدوافع التي ذكرناها في النظرية لها العديد من الإيجابيات والسلبيات، لكنها تتفق فيما بينها في أنها تعتمد على الإنجاز وإظهار الكفاءة.
أما محور التجنب فهو يعتمد على إظهار العكس، أي أن يظهر الشخص نقص الكفاءة فيما يفعله، ويكون حريص على أن يصل هذا للآخرين.
يبدو هذا الهدف غريبًا بعض الشيء، والأكثر غرابة أن يكون أحد عناصر نظرية الهدف التي توحي بمعاني إيجابيّة لمن يقرأها أو يسمع عنها. لكننا لو نظرنا إليه بدقة أكبر، قد نجد أنه يتواجد عندما يشعر الشخص بعدم الرغبة في تعلم ما يتعلمه حاليًا، أي أنه من الأساس لا يجد في داخله الدافع ليفعل المطلوب منه حاليًا، وقد تكون وسيلته في التعبير عن ذلك أن يظهر نقصًا في الكفاءة أثناء تنفيذه، فينعكس الأمر إلينا ونفهم هذا الأمر.
وعندما ننظر إلى الفارق بين هذا العنصر والعناصر الأربعة الماضية، سنجد أنهم يعملوا على تعزيز الدوافع الداخلية لدى الشخص ويمنحونه شعورًا طيبًا، أما هذا العنصر فهو لا يفعل ذلك.
كيف تستفيد من نظرية الهدف في حياتك؟
من خلال فهمك لعناصر نظرية الهدف بالشكل الصحيح، ستكون قادرًا على التعامل مع الأشخاص الموجودين من حولك، فأنت عندما تعرف الدافع الخاص بكل منهم والهدف الذي يريد تحقيقه، سوف تكون قادرًا على فهم القرارات والسلوكيات التي تصدر عنهم، والخطوات التي يتّبعها كل شخص بناءً على هدفه الذي وضعه لنفسه، وبالتالي إن رغبت في أن تنصح أحدهم، ستفعل ذلك بصورة صحيحة.
أما انعكاس نظرية الهدف على حياتك الشخصية فهو أمر هام جدًا، لأنك إن عرفت الدافع والهدف من التعلم الموجود بداخلك، ستتغير كثير من الأمور في نظرتك إلى عملية التعلم، وبالتالي إن كنت لم تعرف بعد ما هو هدفك، فأنصحك أن تبدأ في تحديده من الآن، وأن تطبق نظرية الهدف في حياتك باستمرار.
أضف تعليق