تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » منوعات » كيف سيكون الحال على الأرض عندما يحين موعد موت الشمس ؟

كيف سيكون الحال على الأرض عندما يحين موعد موت الشمس ؟

موت الشمس حدث لابد من حدوثه في لحظة ما، فكل النجوم التي تشبه الشمس عانت أو ستعاني من نفس المصير، هنا نناقش مصير الأرض والبشرية بعد موت شمسنا العزيزة، ومتى سيحين هذا الموعد بالتقريب؟ هذا ما سنناقشه هنا.

موت الشمس

اعترف جميع العلماء بحقيقة موت الشمس في نقطة ما في المستقبل. فهو حدث لابد منه لأنها دورة طبيعة في حياة أي نجم ينتج طاقة. فلابد لتلك الطاقة أن تنفذ، وتنفذ معها جميع العمليات التي تحدث داخل الشمس. شمسنا العزيزة تمتلك فترة حياة تقدر بعشرة بليون سنة، وفي وقتنا الحالي، استنفذت الشمس من هذا المقدار، خمسة بلايين سنة. أي إن موت الشمس لن يحدث في وقت قريب، ونحن بالتأكيد لن نكون على قيد الحياة. ولكن السؤال المهم يدور حول مصير الأرض والبشرية في تصور العلماء بعد موت الشمس. فالشمس هي المصدر الأول للطاقة التي تغذي جميع الكائنات كل يوم، ولابد عند موتها أن تؤثر على جميع الكائنات الحية، هذا إذا كانت هناك كائنات حية من الأساس بعد خمسة بلايين عام.

حقيقة موت الشمس

يؤكد جميع علماء الفلك على حقيقة موت الشمس. إنها مجرد دورة حياة معتادة للشموس. وقد شاهد العلماء بالفعل ما خلفته شموس مثل الشمس بعد انتهاء فترة حياتها. ومن هنا بنوا العلماء الاعتقادات والحسابات المترتبة على موت الشمس.

متى ينفذ وقود الشمس؟

لن ينفذ وقود شمسنا إلا بعد خمسة بلايين عام من الآن. وهذا الرقم تقريبي بالطبع ومطمئن جدًا. إذ يتوقع العلماء موت البشرية والحياة على كوكب الأرض قبل هذا الوقت بكثير. نتيجة لعوامل أخرى خلافًا لموت الشمس. ولكن القضية تثير التفكير وتخيل ما قد يحدث إن بدأت الشمس بالموت.

تأثير الاحتباس الحراري سيزيد

هذا أول تأثير على كوكب الأرض بعد موت الشمس. فعندما يحين موعد انتهاء كمية الهيدروجين بالشمس، ونهاية عمليات الاندماج النووي بداخلها، سوف تسطع الشمس لبعض الوقت بقوة أكبر من الآن بكثير. وكلما قل الهيدروجين كلما زاد سطوع الشمس في البداية فقط. مما يعني وصول كمية أكبر من أشعة الشمس إلى الأرض، ومعها طاقة حرارية أكبر وأشد بأضعاف.

الغلاف الجوي لكوكب الأرض يحتوي على عدة غازات مثل: ثاني أكسيد الكربون، الميثان، وأكسيد النيتروز. هذه الغازات تعمل كبطانة حماية لكوكب الأرض من الأشعة الخطيرة للشمس وحرارتها العالية، مما يسمح بحدوث بيئة صالحة للحياة على كوكب الأرض في الداخل. ولكن مع زيادة عمل الشمس في بداية موتها، سيزيد عمل تلك الغازات في منع الحرارة للوصول إلى الأرض. وتخيل معي أن الغازات كبطانة تلف الأرض ستزيد في سمكها وطاقتها. مما يزيد من حرارة الأرض في الداخل، وهذا ما نسميه “الاحتباس الحراري”.

هذه الحرارة الشديدة ستزيد من تبخر مياه البحار والأنهار حول العالم. فتتكون سحب كثيفة جدًا حول الأرض. وسيكون المنظر المعتاد للسماء هو الغيوم وليس الصفاء. هذه السحب ستعمل مبدئيًا كغطاء واقي يحجب أشعة الشمس الضارة. ولكن ستستمر الحرارة في الارتفاع بشكل جنوني، وستصل البحار إلى درجات الغليان في كل العالم. وعند هذه النقطة لن تكون الأرض صالحة للحياة. هذا إذا تواجد البشر والحيوان في ذلك الوقت من الأساس. ليس فقط بسبب الحرارة القاتلة، ولكن أيضًا بسبب نقص المياه الشديد. ولكن يؤكد العلم أن البشرية ستموت لأسباب أخرى، قبل موت الشمس بكثير.

مرحلة النجم الأحمر

لن تزيد الشمس في سطوعها فقط عند بداية موتها، بل إنها أيضًا ستتمدد. أي سيزيد حجمه عن الطبيعي تدريجيًا وبشكل ملحوظ. هذا ما يسميه العلم “مرحلة العملاق الأحمر”. لأن سطوع الشمس سيصبح أقرب إلى اللون الأحمر عن الأصفر، ستتضخم في الحجم. هذه المرحلة تأتي بعد نفاذ كل الوقود الطبيعي الموجود بالشمس، وتبدأ في تفاعلات كيميائية مختلفة عن التي تحدث الآن.

تضخم الشمس سيقلل المسافة بينها وبين الكواكب، ونحن ثالث كوكب فقط. يمكن للشمس أن تأكل كوكب عطارد بالكامل إن وصلت له ببساطة. وبالنسبة لنا فيزيد وصول الحرارة والأشعة إلينا بشكل أسرع. فمن المعروف أن ضوء الشمس يحتاج إلى 8 دقائق و20 ثانية حتى يصل إلى الأرض، هذه المدة ستقل بالتأكيد. ولكن من ناحية أخرى، عندما تدخل الشمس في تلك المرحلة، سيبرد السطح الخارجي للشمس إلى 2000 أو 3000 درجة مئوية. بالطبع مازال الرقم هائل بالنسبة لدرجات الحرارة، لكنه لا يقارن بحرارة سطح الشمس الحالية التي تصل إلى 5000 أو 9000 درجة مئوية. هذا الرقم يعتبر برودة بالنسبة إلى الشمس.

هذه هي دورة حياة شمسنا، ولكن هذا الكلام لا ينطبق على جميع النجوم الأخرى. فمثلًا النجوم التي تسمى “الأقزام الحمراء”، لن تتضخم عند موت الشمس بل ستموت بمجرد انتهاء الوقود الخاص بها ببساطة. على الرغم من أنها تعيش لفترة أطول من النجوم التي تكبرها مثل شمسنا. من ناحية أخرى توجد شموس أكبر من شمسنا بكثير، مثل العمالقة البيضاء والزرقاء. هذه النجوم لن تموت بسهولة شمسنا، فهي أكبر لدرجة امتلاكها القدرة على صهر معادن ثقيلة مثل الحديد. هذه النجوم تدخل في مرحلة تسمى “انفجار السوبر نوفا”. وينتج قزم أبيض، أو نجم نيوتروني. وإن كان النجم كبير بما يكفي، سينهار على نفسه وقد ينتج عنه ثقب أسود يبتلع كل ما هو حوله.

مدار الأرض

كتلة الشمس الكبيرة هي التي تسبب الجاذبية والتي تضع الكواكب في مدارتها الثابتة. وعندما يحين موعد موت الشمس ستكبر في الحجم كما ذكرنا، ولكن على نقيض ما قد يتخيله البعض، فإن قدرتها على جذب الكواكب في مدارتها ستقل. بالتالي ستبدأ الأرض وباقي الكواكب في الهرب كوسيلة بائسة للحياة من هذا النجم المتوهج الملتهب. وبطريقة ما إن تمكنت الأرض من الإفلات من الشمس، فإنها ستسير سابحة في الفضاء الفسيح في خط مستقيم. بسرعة 18 ميل في الثانية لمدة 43 ألف سنة. قد تتخبط بكواكب أخرى أو نيازك أو تقع في ثقب أسود، أو تظل سابحة إلا أن تصل إلى نجم أخر مثل الشمس يضمها في مجموعته في مدار جديد.

حياة مستحيلة على كوكب الأرض

فلنتخيل جدلًا أن البشرية والمخلوقات الحية تخطت مرحلة موت الشمس، واختفت الشمس تمامًا عن الأرض وكأنها لم تكن موجودة. في هذا الحالة الحياة على كوكب الأرض مستحيلة. درجة حرارة الأرض ستظل في هبوط دائم إلى 400 فهرنهايت تحت الصفر. ستموت كل الكائنات من الصقيع. النبات لن يستطيع القيام بالبناء الضوئي، ولن يكون هناك طعام. الأشجار فقط ستستمر لبضعة عقود نتيجة عملياتها الحيوية البطيئة. الحياة الوحيدة المتبقية ستكون بقاع المحيط، لأن المحيط بالقرب من مركز الأرض سيتمكن من الحفاظ على حرارته والمياه السائلة. على الأقل لبضعة بلايين من السنين، حتى يصبح الكوكب كله قطعة صخرية جليدية كبيرة. هذا بخلاف الظلام الدامس الذي سيحل بعد ثمان دقائق ونصف من وصول أخر شعاع نور إلى الأرض. بعض النجوم البعيدة فقط هي التي سترسل لنا نور خافت إلى سماء الأرض.

حياة جديدة

على الرغم من الاحتمال الضئيل لوجود حياة على كوكب الأرض عند موت الشمس، ولكن احتمال وجود حياة على أقمار كوكب المشتري وزحل يبدو معقولًا جدًا. قمر غانيميد وقمر أوروبا، كليهما أقمار كبيرة الحجم ويمتلكان قدرًا كبيرًا من الثلج. في الوقت الحالي، الحياة تبدو صعبة عليهما، ولكن عندما تتضخم الشمس ستتمكن من إذابة الجليد. وبالتالي ستكون الأقمار قادرة على استيعاب نوع ولو بدائي من أشكال الحياة.

أخيرًا، قد يكون موت الشمس نهاية للحياة التي نعرفها، ولكن أيضًا قد يكون بداية لحياة جديدة لا نعرفها. نحن لا نستطيع التنبؤ بدقة عن مدى التقدم التكنولوجي الذي سيمتلكه الإنسان في ذلك الزمان. أسيتمكن الإنسان من السفر عبر الكواكب والمجرات والوصول إلى عوالم جديدة بعيدة قبل حادثة موت الشمس! نحن بالفعل وصلنا إلى مراحل متقدمة من المعرفة، وتطمح وكالة ناسا للسفر إلى كوكب المريخ في 2030. إذًا فلما لا؟ في خلال الخمسة بلايين سنة القادمة، كل الخيارات مطروحة أمام الإنسان وعقله. a

أيمن سليمان

كاتب وروائي، يعشق منهج التجريب في الكتابة الروائية، فاز ببعض الجوائز المحلية في القصة القصيرة، له ثلاث كتب منشورة، هُم "ألم النبي (رواية)، وإنها أنثى ولا تقتل (رواية)، والكلاب لا تموت (مجموعة قصص)".

أضف تعليق

سبعة + 6 =