مهارة الإنصات من أهم المهارات الاتصالية الواجب تعلمها، فالفرد العادي لا يستغنى عن حاسة السمع، ولا يستغن
عن الإنصات للآخرين، وهي قيمة اجتماعية يفضلها الناس ويعلي المجتمع من قدر أولئك المنصتون الذين قلما تجدهم يتكلمون، ودائما تراهم مستمعين، والاستماع لا يكون بنفاذ صبر وعدم تركيز وانتظار الدور في الكلام لإفحام الآخر، فهذا لا يعد إنصاتا، ويعتبر إنقاصا من قدر من تستمع إليه، و مهارة الإنصات على أهميتها يمكن تعلمها واكتسابها، ولا تصدق نفسك إن خدعتك وأقنعتك أنك لا يمكنك أن تكف عن الكلام وتصبح مستمعا ولو لوقت قليل، ولكن علينا أن نفرق في حديثنا هذا بين الاستماع والإنصات، فالسماع هو الجانب العضوي من مرحلة الإنصات، عبارة عن الإحساس بالموجات الصوتية وترجمتها، يلي ذلك استكمال باقي المراحل حتى يتحقق الإنصات أما الإنصات فهو فهم مضمون الكلام أو تدبر معاني الكلمات، ويقوم الإنصات على التركيز في السماع، وهو مرحلة فوق السماع ودون الإصغاء، وعلى هذا فإن ما نرغب في تعلمه هو مهارة الإنصات وليس مهارة الاستماع.
تعلم خطوات مهارة الإنصات
أهداف الإنصات
هناك ما يسمى بدوافع الإنصات وهي إن وجدت فإن نسبة نجاح عملية الإنصات تكون كبيرة وفي حال فقدان الهدف يكون ذلك سببا في فشل عملية الاتصال، لذلك فعليك الاهتمام بالبحث عن دافع يدفعك للإنصات قبل المضي قُدُماً في عملية الاتصال، وتتمثل هذه الأهداف أو الدوافع في الرغبة في معرفة معلومة ما أو الإنصات لرأي مخالف، أو حتى الإنصات لرأي مؤيد لرأيك، فأنت الذي تحدد دوافعك من الإنصات، وبناءً عليه تنجح عملية الإنصات أو تفشل.
وظائف الإنصات
تشير التجارب والدراسات إلى أن نصف وقت الفرد العادي تقريبا ينقضي في الاستماع إلى الآخرين وذلك من أجل تحقيق عدة وظائف ( نقل وتلقي المعلومات لتقليل حالة الشك وزيادة مساحة اليقين، وتبادل المشاعر، والتعارف والإقناع).
فوائد الإنصات
تعلمك مهارة الإنصات يتيح لك العديد من الفوائد، فهو يوفر الوقت، لأنك إذا أنصت بشكل سليم للمعلومة لن تطلب إعادة المعلومة مرة ثانية مما يوفر لك ولمحدثك وقتا، كما أن الإنصات يزيل اللبس والغموض عن الأشياء فتستطيع باستماعك للآخر حتى ينهي كلامه أن تحكم عليه وعلى مبادئه التي يتبناها، كما أن إنصاتك للآخرين يجعلهم يكوّنون عنك انطباعا جيدا لأن الإنصات صفة محمودة مجتمعيا.
أنواع الإنصات
هناك ثلاثة أنواع عليك التعرف عليها لتعلم مهارة الإنصات بشكل صحيح، بحيث تدرك أي الأنواع هو المطلوب لتحقيق عملية اتصال فعالة، فالنوع الأول هو الإنصات السطحي وهو ذلك الإنصات الذي لا تعطي فيه لما يدور حولك من أصوات ونقاشات أهمية، غير أنك تستطيع أن تعلم أن حديثا يدور ويمكنك أيضا التركيز على جزء معين فيه، أم النوع الثاني فهو الإنصات النشط وهو ذلك الإنصات الذي تكون فيه غير منتبها حقيقة لمحدثك ولكنك تحاول أن تبدي انتباها وربما تفكر في شيء آخر أو تخطط لقطع حديثه أو ترتب ردا مناسبا عليه،والنوع الثالث هو الإنصات الموجه وهذا هو الإصغاء الفعال، والمطلوب تحقيقه لنجاح عملية الاتصال ولتصبح منصتا جيدا ويكون بالتفاعل والتركيز مع المتحدث والمتابعة باهتمام وتدوين الملحوظات.
تحسين مهارة الإنصات
تشير دراسات علم الاتصال إلى أن هناك عدة خطوات لتحسين مهارة الإنصات لدى الأفراد:
إظهار الاهتمام
إن إظهار الاهتمام للمتكلم من أهم خطوات تحسين مهارة الإنصات لديك فحاول أن تظهر اهتمامك حقيقة لكل من يحدثك، وليس أن تنظر إليه دون تركيز مما قد يوقعك في حرج أكبر من حرج عدم الإنصات.
الصبر
عليك أن تصبر على المتكلم حتى يفرغ ما في جعبته، وإن أردت التعقيب على نقطة معينة فتخير الوقت الملائم للمقاطعة، ولا تكن عجولا فتصيب محدثك بالضيق، مما يجعله يأخذ عنك انطباعا سيئا.
التعقل المتفتح
اجعل عقلك متفتحا ومرنا وأنت تستمع، وقلّب الكلمات في عقلك بشكل يسع كل الآراء والاتجاهات، وأخبر نفسك مرارا بأن بإمكانك تقبل الجميع، وهذا الأمر سيجعلك تتقبل الكثير ولا تسعى للرد على كل كلمة تقال فتفقد تركيزك وإنصاتك.
تأجيل الحكم على المتحدث
أجل حكمك على المتحدث لحين انتهاء الحديث،لأن الرغبة في إصدار حكم متسرع تجعلك تشرد بعيدا، ويفقدك ذلك قدرتك على الإنصات، كما أن إعطاء المتحدث فرصة لينهي حديثه قد يجعلك تغير وجهة نظرك في كلامه كلية، وسيوفر ذلك عليك وعليه وقتا ثمينا.
تلخيص ما يقال
لخص ما يقال لإظهار الاهتمام، ومعرفة أهم النقاط وإلقاء الضوء عليها، وهذه النقطة تساعدك جدا في تحسين مهارة الإنصات، وحاول هنا صياغة ما قيل بكلمات جديدة فهذا سيساعدك على اختبار نجاحك في الإنصات، واحرص على تدوين الملحوظات التي قد تستخدمها فيما بعد كسجل للمعلومات.
الاستجابات العاطفية
مهارة الإنصات تتطلب إصدار استجابات عاطفية وذلك لتشجيع المتكلم على الاستمرار في حديثه، ونستطيع هنا بإيماءة أن نشير إليه ليكمل ما بدأ أو ندعوه للتوقف للاستفسار، وتكون الاستجابات العاطفية وسيلة للتواصل مع المتحدث أثناء تحدثه.
البعد عن التشويش
ربما يتكون في مكان يصعب فيه تفادي عمليات التشويش، ولكن عليك المحاولة لكي تصبح منصتا جيدا، فابتعد قدر ما تستطيع عن أي مشوشات، وإن لم تستطع فلا تدع ذهنك يشرد لأوقات طويلة، وذلك عن طريق مراقبة نفسك أثناء الاستماع.
سيطر على مشاعرك
حاول أن تسيطر على مشاعرك الرافضة أو المؤيدة لما يقال حتى ينتهي المتكلم من حديثه، واحرص ألا تجعل غضبك من بعض الكلمات أو تأييدك لأخرى يذهب بك لعالم آخر تشرد فيه وتفكر فيما يقيل وتنسى عملية الإنصات.
وصايا” ديانا بووهر” عن الإنصات
لديانا بووهر خبيرة الاتصال الأمريكية بعض الوصايا حول الصمت والإنصات أستعرض لك بعضا منها في هذا المقال لتستفيد منها في تحسين مهارة الإنصات:
- أحيانا عليك أن تصمت إذا أردت أن يسمعك الآخرون.
- أنصت لوجهة نظر المخالفة لرأيك بدلا من الانشغال بإعداد الرد عليها.
- تعلم كيف تنصت سوف تستفيد حتى ممن يسيئون إليك.
- استخدم الصمت لتشجيع المتحدث.
- أنصت حتى ينتهي محدثك من الكلام ولا تفترض شيئاً.
- تعلم كيف تحلل أثناء الإنصات.
خاتمة
كثرة الكلام تودي بنا إلى المهالك، بينما نجد أن في الإنصات فوائد عدة فكما يقول كسرى ( لم أندم على ما لم أقل أبدا، وندمت على ما قلت مراراً) فنحن دائما ما نندم على كلمات تفلتت منا دون قصد ، وكثيرا ما نحزن لأن معلومات عامة قد مرت علينا نتيجة لانشغالنا بأشياء بعيدة عن جوهر الإنصات،كما أن فقدك لمهارة الإنصات يجعل المجتمع من حولك يكون عنك انطباعا سيئا لا يرغب أي منّا في أن يتكون عنه، فالإنسان إذا أصغى وطوَّر مهارة الإنصات لديه كان ذلك راحةً له ولمن حوله، فلكي تفهم الناس من حولك عليك بأن تقلل كلامك بعض الشيء وتزيد من قدر استماعك لهم.