تُعد ملابس رجال الفضاء ركيزة أساسية في الرحلات الفضائية منذ أن عرف الإنسان السفر إلى الفضاء، وذلك لما توفره هذه الملابس من حماية، فهي تمده بالأوكسجين وتُخلصه من ثاني أكسيد الكربون، فرائد الفضاء خاصةً تُجبره الظروف على العمل في بيئة قاسية تتصف بالفراغ وانعدام الهواء.
كل ما يخص ملابس رجال الفضاء
صعود الإنسان إلى السماء
مع انتصاف القرن العشرين بدأت رحلات الفضاء كمنافسة بين الدول العظمى المتنافسة في ذلك الوقت، الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، حيث كان للاتحاد السوفيتي السبق في إرسال أول رحلة فضائية وذلك في الرابع من أكتوبر عام 1957، وتم ذلك عن طريق “قمر سبوتنك-1” وهو أول قمر صناعي أرضي في التاريخ، ثم أتبعته بقمر صناعي أخر يحمل اسم “سبوتنك-2” وكان ذلك في الثالث من نوفمبر من نفس العام، وكان يحمل حيوانًا حيًا لأول مرة،ومن المعروف طبعًا أن هذا الحيوان كان الكلبة “الاسكا”.
في الخامس عشر من مايو عام 1958 أطلق الاتحاد السوفيتي القمر الصناعي الثالث “سبوتنك-3” وكان يحمل الكثير من الأجهزة، وذلك لإجراء عدة بحوث في الفضاء.
أما الولايات المتحدة فاستطاعت بعد عدة محاولات فاشلة إطلاق القمر الصناعي إكسبلورر في نوفمبر 1958، وذلك بعد أن أثار القمر الصناعي”سبوتنك-1″ الذي أطلقه الاتحاد السوفيتي أزمة في الولايات المتحدة أُطلق عليها”أزمة سبوتنك”.
في عام 1961 كان للاتحاد السوفيتي السبق مرة أخرى في إرسال أول رجل للفضاء، كان يُدعى “يوري جاجارين” واستغرقت رحلته 108 دقيقة، في السابع من أغسطس من نفس العام تبعه رجل سوفيتي أخر وهو “جيرمان ستيبانوفيتش” وبحلول عام 1962 كان الاتحاد السوفيتي قد أرسل ستة أشخاص إلى الفضاء، في الوقت الذي انزعج فيه المجتمع الأمريكي بسبب الدور الريادي للاتحاد السوفيتي، لذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإطلاق أول رجل فضاء مدري في فبراير 1962، وكان يُدعى”جون غلين”.
عقب نهاية سباق الفضاء بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي أخذت الرحلات الفضائية منحدرًا أخر، حيثُ اتسمت بتعاون من دولي بين جميع الدول،ودخلت بعض الدول في الصورة، مثل الصين التي تُعتبر ثالث أكبر دولة في في هذا المجال بعد الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، لذلك، ومع كثرة الرحلات، كان لابد من تصميم بدلة فضاء تتناسب مع ضراوة هذه الرحلات التي تكون نسبة نجاة رائد الفضاء بها 1%.
ملابس رجال الفضاء
يجب أن تتسم بدلة رجال الفضاء بعدة صفات أهمها توفير الوقاية من الحر والبرد، لذلك تنوعت هذه الملابس بين الرياضية والنومية والمستخدمة في الدخول والخروج من وإلى المركبة، وهناك أيضًا البدل التي تُستخدم في السير على الفضاء، وهذه خصيصًا تمتاز بوجود عدد كثيف من الفتحات والجيوب تُستخدم لحمل الأدوية والأدوات والطعام، الغريب أن هذه الملابس تُستخدم مرة وحدة، فيتم إلقاءها من المركبة عند الاقتراب من الغلاف الجوي للأرض، لكن الأغرب أن هذه البدلة لا يقل سعرها عن مليون دولار، لذلك لا يُمكنك تخيل تكلفة رحلة واحدة للفضاء!
هذا وقد اختلفت أنواع تلك البدل باختلاف الدول المُصنعة لها والطامحة في الوصول للقمر، فمثلًا وكالة ناسا الأمريكية تستخدم بدلة فضاء من نوع ال” eva ” البيضاء، وهذه البدلة تمتاز بأنها تعكس الحرارة الضارة للشمس، وتحمي كذلك من النيازك،كما أنها مُزودة بمفصلات تساعد على الحماية من الالتحام والتلسكوبات، إجمالًا، صُممت هذه البدلة للبقاء على قيد الحياة في الفضاء.
الاتحاد السوفيتي كان قد سبق ذلك وقدّم اختراع مركز الطيران والطب الفضائي، وكان بدلة ” pengun “، وتمنع هذه البدلة التأثيرات الضارة مثل انعدام جاذبية العضلات وتهشش العظام وتفكك المفاصل، بعد ذلك تم تعديل البدلة وإطلاق اسم أخر عليها وهو ” adelsult “، وقد تم استخدامها أيضًا لعلاج حالات الشلل واضطرابات الجهاز العصبي، حيث تُساعد تلك البدلة على مُجابهة الجاذبية، وهو ما يحتاجه المرضي بمثل هذه الأمراض.
في عام 1994 صممت الولايات المتحدة بدلة أخرى بُرتقالية اللون، اطلق عليها”بدلة نجاة الطاقم”، وذلك لكونها مُتجهزة بمواد غذائية وهوائية، وجيوب تُساعد على حمل مواد الإغاثة مثل الجهاز اللاسلكي والراديو والمصباح.
في عام 1999 بدأت الصين في الظهور على سطح تصميم ملابس رجال الإطفاء، حيث صمم معهد شيانغ ما يقرب من 500 قطعة مطاطية تُستخدم للسير خارج المركبة الفضائية، وكانت تستغرق 8 سنوات لصنعها، أما الآن فتستغرق 3 سنوات فقط، كذلك بدلة فيتان التي استخدمت في سبتمبر 2008.
وتتكون بدلة الفضاء في الغالب من عدة طبقات، هذه الطبقات معزولة من نسيج “النيوبرين” المغطي، كما تحتوى على طبقة تُمكنها من امتصاص البول وسائل للتبريد والتهوية والتخلص من الحرارة الزائدة، وتكون تلك البدلة على شكل قطع تبدأ بخوذة لا تُسرب هواء الأوكسجين ولا تمنع الرؤية كذلك، يلي ذلك أسطوانتا أوكسجين، واحدة أساسية وأخرى احتياطية تستخدم في حالة السير على الفضاء، ثم يأتي بعد ذلك جهاز التحكم الذي يساعد على التحكم في الحركة والدوران، وقفاز وقميص وبنطلون مصنوعين من احد مواد الألومنيوم، ثم يأتي أخيرًا الحذاء الثقيل والمصنوع من المواد الثقيلة للمساعدة في عملية التحكم أيضًا. ومن الواضح تنافس نفس الدول التي تنافست على الصعود للفضاء، مما يعني أن الحاجة هي ما دفعت تلك الدول للتفكير في تطوير تصميم ملابس رجال الفضاء وليس فقط مجرد الربح التجاري، بدليل أن الاتحاد السوفيتي يرفض تصدير هذه البدل للخارج، في الوقت الذي تبيع فيه الولايات المتحدة البدلة الواحدة بمبلغ لا يقل عن مليون جنيه، أما الصين فتحاول بكل ما أوتيت من قوة التشبث قي هاتين الدولتين للوصول إلى ما وصلتا إليه، وإن كانت قد سلكت مسارًا صحيحًا من البداية جعلها من أكبر ثلاث دول في العالم.
رواد الفضاء طب الفضاء
يُعامل رواد الفضاء في كافة الدول التي تعمل في هذا المجال معاملة خاصة، فرائد الفضاء لا تزيد نسبة عودته في الكثير من الرحلات نسبة الواحد بالمئة لذلك يُحاول القائمون على الأمر تسهيل العملية بكل الطرق المتاحة، ومن هذه التسهيلات إنشاء مركز طب الفضاء وهو مركز يختص بدراسة تأثير الجو المحيط بالأرض على الإنسان، وهو أيضَا فرع وقائي يتناول التأثيرات الفسيولوجية التي تحدث أثناء عملية التحليق، حيث يدرس صحتهم الجنسية والنفسية وتهيئة كافة الظروف لعمل رائد الفضاء أو الطيار، كما يتناول رواد الفضاء والطيارين مُرتبات خيالية لا يُمكن توافرها في أي وظيفة أخرى، وبالطبع يحدث هذا من قبيل الإغراء والتحفيز.
أما المحفز الرئيسي لدى رواد الفضاء يكون في تسجيل اسمهم في سجلات التاريخ وتخليدها، بل ومُعاملتهم معاملة الأبطال الفاتحين وتصديرهم على أنهم قدوة وتمثيل أمثل لوطنهم، فلا يقل التنافس بين الدول في هذا المجال عن التنافس في المعارك والحروب، كلاهما يحملان خاسر وفائز.
الآثار السلبية
كما أن الصعود للفضاء يبرهن على تقدم الدول فإنه كذلك قد يؤدي إلى العديد من المخاطر أهمها التعرض الاختناق في حالة عدم التأهب الجيد وبالتالي الموت، كذلك قد يحدث غليان للجسم تؤدي إلى تمزق الخلايا الذهنية وقد تطور إلى جلطة في الأوعية الدموية ومن الجائز جدًا حدوث شلل أو خلل بالمخ،كما يتعرض رائد الفضاء-خاصة عند السير- إلى الأشعة الضارة والرياح الخطيرة مما ينتج عنه تمدد في الأنسجة الداخلية للقلب والجلد، وهنا تبرز أهمية ملابس رجال الفضاء .
أضف تعليق