عند مفترق الطرق تصبح الأمور أصعب، فقبل مفترق الطرق يمكنك الهروب، يمكنك الموائمة والمواربة، ويسهل عليك الجمع بين الأشياء، فتأخذ مميزات هذا وذاك، وتظل هكذا حتى تجد نفسك مرغما على اتخاذ قرار، إذ لا مجال للسير في كل الاتجاهات، ولكل قرار عيوبه، فقد تختار طريقا وتظل معلقا بالآخر، كما تقل المعلومات عند مفترق الطرق كثيرا، فلا تعرف حينها الطريق الأفضل، مُفترق الطرق محطة صعبة بدون شك، فهناك تنتظرنا الحيرة ومعها التردد، وتكون الرؤية ضبابية، ولمعرفة القرار السليم حينها، نحتاج لفهم معنى مُفترق الطرق أولا، وسنتحدث عن أسباب التردد وعوامل الحيرة عند مفترق الطرق، كما سنشرح كيف نتخذ القرار الصحيح، وبعد ذلك تأتي أهمية فهم سمات القرار الصائب، كما سنتحدث عن الطريقة المثالية في التصرف بعد تجاوز مفترق الطرق والمضي قدما، فأحيانا نسلك الطريق الصائب بطريقة سيئة، وهي ما تجعلنا نخسر كل شيء، فلا نستفيد بمميزات اختيارنا، وتظل أبصارنا معلقة بالبدائل، فاحتمالات مفترقات الطرق كبيرة، وأكثر من أن تحصى يا عزيزي.
استكشف هذه المقالة
معنى مفترق الطرق
كي نفهم صعوبة مُفترق الطرق ينبغي معرفة ماهية هذا الشيء، يلزمنا هذا الفهم للوصول إلى التصرف الأنسب والقرار الأفضل بالنسبة لنا، مفترق الطرق ليس متعلقا بالأماكن فقط كما قد يظن البعض، بل يمتد ليشمل كل المواقف اليومية في حياتنا، إذ أن مفترق الطرق هو كل لحظة ينبغي عليك فيها اتخاذ قرار، ويتعلق هذا القرار بعملية الاختيار بين مجموعة بدائل، وينطبق هذا الأمر على القرارات العادية قبل المصيرية، فعند اختيار التخصص الدراسي تصبح أمام مفترق طرق هام، والفكرة ببساطة أنه يتوجب عليك اختيار شيء وتفضيله على بقية الاختيارات، وهي مسألة في غاية الصعوبة، إذ لا يمكن معرفة طبيعة الطريق ونهايته حق المعرفة قبل اختياره، وفي حالة نقص المعلومات يزيد التردد، كما قد تفتقر إلى الوقت اللازم لاتخاذ القرار، والأسوأ هو انعدام الوعي بالذات، حينها تهزمك الحيرة، ومن أمثلة مُفترق الطرق أيضا اختيار العمل، وتزداد صعوبة مُفترق الطرق مع القرارات ذات النتائج الطويلة، وأهم تلك القرارات هو قرار الزواج.
التردد ينتظرك عند مفترق الطرق فاستعد له.
نصف صعوبة مفترق الطرق في التردد المصاحب لها، والنصف الآخر في الحيرة التي يصنعها التردد، ويجب فهم أسباب التردد هنا، والتردد أمر طبيعي في تلك اللحظة، فكل قرار نتخذه يأخذ من طاقتنا وحياتنا ومجهودنا، كما يترتب عليه النتائج الطويلة في كثير من الأحيان، وباختيار طريق معين تكون حتما خسرت الآخر، ويزداد التردد كلما زاد عدد البدائل، وأذكر هنا حجم التردد الذي مررت به عند اختيار التخصص الدراسي، فقد حصلت على مجموع كبير في الثانوية العامة، وكانت لدي الفرصة لدراسة الطب، بينما كنت أفضل العلوم السياسية، وكان مفترق طرق بحق، وتوجب علي الاختيار بين المضمون والممتع، ويرجع التردد عند مفترق الطرق إلى الرغبة في الحصول على كل شيء، فنرغب في الدمج بين الطرق، ويستحيل هذا عمليا، ولكل طريق مميزاته وعيوبه، وعند اختيار شيء ستفقد مميزات باقي الاختيارات، والتنازل عملية صعبة، تحتاج معرفة الأولويات والتفضيلات الخاصة بنا بوضوح، وهو ما يصعب توفره أغلب الوقت للأسف.
عوامل الحيرة عند مفترق الطرق
نحتاج جميعا لمعرفة مكمن الخطر لتوقيه، والحيرة هي الخطر عند كل مفترق طرق نمر به، فهي السبب في التأخير وضياع الوقت، كما قد تدفعنا نحو القرارات الخاطئة، والحيرة عند مفترق الطرق هي العجز في المقارنة بين البدائل وترتيبها، والحيرة هي ضبابية الرؤية أيضا، وهي ما يحدث عند غياب المعلومات الكافية عن البدائل التي يتوجب علينا الاختيار بينها، وسنتحدث فيما يلي عن أسباب تلك الحيرة، وبمعرفتها يسهل علينا المواجهة، كما يمكننا تجنب بعض الأمور فتزيد قدرتنا على اتخاذ القرار الأفضل، فاقرأ عوامل الحيرة وتجاوز مفترق الطرق معي.
نقص المعلومات الكافية
غياب المعلومات الكافية سمة رئيسية لكل مفترق في الحياة، إذ تكون في أول الطريق تماما، وتجهل نتائج اختيارك على المدى البعيد، ولا تعرف معالم الطريق الذي ستختاره جيدا، كما تجهل مدى صحة القرارات، وبالطبع نحن لا نعلم الغيب، فلا نجيد توقع المستقبل والتغييرات التي قد يجلبها معه، كلها أشياء تجعل اتخاذ القرار عملية في غاية الصعوبة والخطورة، وهنا تصبح الحيرة أمرا طبيعيا، فعليك الاختيار بين كل ما هو غامض ومجهول، لذا يتوجب جمع المعلومات عند المرور بكل مفترق طرق في الحياة، فالمعلومات هي العنصر الأكثر أهمية في عملية اتخاذ القرار.
الجهل بالذات
يؤدي الجهل بالذات إلى زيادة صعوبة مفترق الطرق علينا، إذ نحتاج معرفة أولوياتنا وتفضيلاتنا بدقة حتى نتمكن من الاختيار، والحياة أضحت صعبة بالفعل، وزادتنا المعرفة حيرة، فقد تكاثرت الاختيارات وتضاعفت الاحتمالات، فأصبحنا تائهين بين ملايين الأشياء التي لم نختبرها بعد، وبالكاد نعرف ما نريد، فكل الأشياء تبدو ممكنة، فقد لا تعرف حدود قدراتك ومنطقة تميزك، وينعكس هذا على قرارك عند مفترق الطرق الذي تمر به، ومعرفة الأولويات وقدرات كل شخص هي سلاحه لمواجهة الحيرة، فبها يسهل علينا التفضيل والمقارنة، فنميز بين ما نجيده وما نرغبه، ونفرق بين ما نحتاجه وما نتمناه، ويمكننا تقليل الحيرة بالبحث في داخلنا، وكذلك بالسعي نحو المزيد من فهم أنفسنا، فنطرح الأسئلة ونبحث عن الإجابات الصادقة لكل سؤال، وبهذا فقط يمكننا اجتياز مفترق الطرق بنجاح.
الطمع
الطمع من أهم أسباب الحيرة، فعندما تصل إلى مفترق الطرق وترغب في الحصول على كل شيء تفشل، تلك حقيقة لا جدال فيها، لابد من خسارة بعض الأشياء، ولكل خيار مميزاته وعيوبه، ولا يمكن السير في أكثر من طريق بنفس الوقت، إما هذا أو ذاك، ولا يمكن أن تحصل على الأمان العقلاني مع لذة المغامرة، والطمع يجعل مفترق الطرق أكثر صعوبة، إذ أن الطماع لا ينظر إلى مكاسب اختياره، بل يفكر فيما فاته من مميزات الطريق الآخر، ويؤدي هذا إلى التشتت وانعدام التركيز، ولا يعظم النفع بأي حال من الأحوال.
الاستماع إلى الآخرين
عند مفترق الطرق نبحث عن وسائل المساعدة، والاستماع إلى الآخرين يعتبر أهم وسائل المساعدة، فنسأل من سبقونا إلى الطرق، ونستمع إلى تجاربهم وآرائهم، وعلى عكس المرجو يؤدي هذا إلى مضاعفة حيرتنا، فالجميع يتحدث عن تجربته هو، ويتحدث عما يناسبه، وقد لا يناسبنا نحن، كما أن الحديث أحيانا يكون مشحونا بالعاطفة، فقد يتحدث إليك طبيب عن صعوبات عمله بعد يوم شاق، ويغفل المميزات التي يحصل عليها، وربما يتحدث عما يشغله هو ويناسبه هو، فالقدرة على التجريد والحديث المنطقي نادرة، وتؤدي المبالغة في سؤال الآخرين إلى زيادة صعوبة مفترق الطرق عليك، خاصة إن كنت سلبيا، وتنتظر من الآخرين القرار بدلا منك، وإن لم تتقن الفصل بين ما هو حديث عقلاني وما هو انفعالي لحظي.
الخوف الزائد
الشعور بالخوف عند مفترق الطرق أمر طبيعي، لكن الخوف الزائد يجعل الأمور أسوء، وهو ما يحدث للأشخاص الذين يتوجسون خيفة من كل بداية، فيفضلون بقاء الأوضاع على الدوام، ويخشون صعوبات قراراتهم، ولا يثقون في قدرتهم على التأقلم والتكيف مع المستجدات، وهو خوف عام يصاحب الشخص في مفترق الطرق لكل الأمور والقرارات، فيشعر الشخص بالذعر في كل مرحلة جديدة في حياته، سواء كانت دراسة أو عمل أو زواج، وحتى تغيير السكن يكاد يراه مفترق الطرق في حياته، وينتهي به الأمر حائرا وعاجزا عن البدء.
كيف تتخذ القرار الأفضل عند مفترق الطرق ؟
تحدثنا عن مفترق الطرق ومشكلاته، وجاء الوقت لمواجهة هذا الأمر، من أجل الخروج بالقرار الأفضل لك، وذلك بعد أن علمنا كيف ينتظرنا التردد عند مُفترق الطرق إلى جوار الحيرة، ولا يأتي اتخاذ القرار المناسب بالتقليل من صعوبة الموقف، بل على العكس يجب الاعتراف بحتمية التردد والحيرة، سواء كانت بسبب نقص المعلومات أو الجهل بالذات أو تضارب نصائح الآخرين وخوفنا الزائد من التجارب الجديدة، فكلها أمور طبيعية، وحتى الرغبة في الدمج بين مميزات الخيارات التي تعد طمعا هي رغبة طبيعية، فلا أحد يرغب في الخسارة، ويقوم القرار المناسب عند مفترق الطرق على تقبل الحقائق أولا، إذ يساعدك تقبل الخسارة وربما خطأ بعض القرارات على اختيار الأفضل، إذ تجنبك تلك الحقيقة الشعور بالقلق، والقصد هنا ألا تتعامل مع الأمر بمبالغة في جديتها، فكل الاختيارات يمكن أن تكون خاطئة، وكل التجارب الخاطئة هي ثروتنا من الدروس، فادرس الأمر واحصل على المعلومات اللازمة وتأمل تفضيلاتك ورتب أولوياتك جيدا تحصل على القرار.
مفترق الطرق ليس بعيدا، في كل صباح هناك مُفترق الطرق الذي تقف عنده، وهي مسألة شاقة، فعند مُفترق الطرق تسكن الحيرة، كما ينتظرك التردد، وتحدثنا عن معنى مُفترق الطرق كي نميزه أولا، ثم يجب معرفة سر التردد وقتها، وتقبل أسباب التردد أيضا، والتي أهمها حجم النتائج المترتبة على كل قرار نتخذه، وحجم المجهود الذي نبذله في الطريق، كما تزداد الحيرة عند مُفترق الطرق لنقص المعلومات الكافية، سواء كانت تلك المعلومات عن أنفسنا أو عن الطرق، فيصعب اتخاذ القرار على من يجهل ذاته ولا يعرف قدراته ومهاراته وأولوياته، وكذلك يصعب اتخاذ القرار عندما نجهل طبيعة الخيارات المتاحة، لذا يجب البحث عن المعلومات عند مُفترق الطرق الذي نمر به، فالمعلومات عن الأمر وعن أنفسنا هي ما تجعلنا نتخذ القرار الأفضل، كما يؤدي توافر المعلومات إلى تقليل التشتت والخوف والقلق، ويكمن السر في اتخاذ القرار الصحيح على المعلومات وتقبل الخسارة كمبدأ، إن تمكنت من هذا ستتجاوز مُفترق الطرق بشكل صحيح في كل مرة.
الكاتب: أحمد ياسر
أضف تعليق