لا شك أن اختلاف مسلسل اللائحة عن بقية المسلسلات التي صدرت في الآونة الأخيرة اختلافًا واضحًا لا يحتاج إلى الكثير من الإشارة إليه من أجل توضيحه، فالمسلسل فرض نفسه وبقوة كأفضل المسلسلات في السنوات الخمس الأخيرة، وربما التركيز الكبير في ذلك على تلك الفكرة العبقرية التي صنعت جزءًا كبيرًا من نجاح المسلسل وأوصلته إلى تلك المكانة التي يتواجد عليها الآن، وربما تكون تلك المرة هي الأولى التي يُطالب فيها الجمهور بموسم ثانٍ من مسلسل لم يكن موضوعًا في خطته أن يكون مكونًا من أكثر من موسم، لكن فكرة النجاح الساحق التي نتحدث عنها هي التي أدت إلى ذلك وجعلت الموسم الثاني قيد التحضير في الوقت الحالي، على العموم، في السطور القليلة المُقبلة سوف نتعرف أكثر على هذا المسلسل وفكرته كما أننا سنتناول أسباب تميزه واختلافه عن بقية المسلسلات التي ربما تعتمد على أفكار مجنونة أيضًا لكنها لا تُعادل بالتأكيد جنون فكرة المسلسل الذي نحن بصدد الحديث عنه.
استكشف هذه المقالة
فكرة مسلسل اللائحة
كما مهدنا، فكرة مسلسل اللائحة هي التي تجعلنا بالأساس أمام هذه الظاهرة وذلك الاجتياح الكبير للمسلسل وإعجاب الجميع به، فالأفكار الجاذبة المُثيرة تجذب المشاهدين، لكن الأفكار المجنونة تؤدي ما هو أكبر وأهم من ذلك، حيث أنها تجعل المشاهد يُصاب بالجنون الحقيقي، وهذا ما يتحقق في فكرة مسلسل اللائحة التي لا يُمكنك قراءتها إلا وتبدأ مباشرةً في المشاهدة دون أي تفكير أو مقارنة، الفكرة باختصار تدور حول مجموعة من الأشخاص يستقلون طائرة في يوم من الأيام ويحدث في الطائرة عطل طفيف يؤدي إلى هبوطهم هبوطًا اضطراريًا بعد فترة قصيرة من التحليق، وإلى هنا لا يبدو أي شيء مجنون واضحًا ويظهر كل شيء في مكانه الصحيح، بيد أن ما بعد ذلك هو الجنون بأم عينه.
ما يحدث بعد ذلك أن الركاب عندما يخرجون من الطائرة عقب ذلك الهبوط الاضطراري يكتشفون أن ما قضوه في السماء لم يكن بضع دقائق أو ساعات، وإنما خمس سنوات كاملة، تخيلوا الجنون! خمس سنوات مرت في غمضة عين، الجميع شعر بذلك بخلاف الركاب الذين ظهروا مصدومين للغاية، وقد كان من الممكن أن يتوقف الجنون عند ذلك الحد إلا أنه قد تفاقم أكثر وأكثر بعد عودة كل شخص إلى حياته من خلال ظهور بعض الأمور الغريبة وحصول بعض الركاب على قدرات خارقة وتعرضهم لأشياء جنونية، إنه بكل تأكيد مسلسل لا يُفوت لكل عشاق الجنون الحقيقي.
كيف يختلف مسلسل اللائحة ؟
الآن بعد أن تعرفنا على فكرة المسلسل بالتفصيل فلابد وأننا في حاجة للولوج إلى النقطة الأهم، وهي تلك التي تتعلق باختلاف المسلسل عن البقية ونجاحه في جذب عدد كبير من الجمهور، بمعنى أكثر دقة، أسباب الجذب إلى مسلسل اللائحة ، وبكل تأكيد تلك الأسباب كثيرة، لكن أهمها على سبيل المثال لا الحصر الاعتماد على فكرة غير مطروقة.
الاعتماد على فكرة غير مطروقة
بداية أي مُسلسل، بداية الجذب إليه وإقبال المشاهدين على متابعته بنهم، أن يكون ذلك المُسلسل مُعتمدًا على واحدة من الأفكار المجنونة الغير مطروقة، وربما يكفي فقط أن تكون الفكرة غير مطروقة حتى يُمكنها تحقيق ذلك القدر الكبير من النجاح، فالفكرة التي لم يُناقشها أحد من قبل ترفع سقف المنافسة وتجعل المشاهد يجلس أمامها وهو يسأل نفسه سؤال واحد فقط، ما الجديد الذي يُمكن أن يُقدم لي في هذا العمل؟ ودون أي تفكير فإن مسلسل اللائحة يُقدم كل جديد بفكرته العبقرية التي تُعد من أبرز خمس أفكار أصلية تمت مناقشتها في السنوات الخمس الأخيرة، سواء من خلال السينما أو التلفزيون.
بعض الناس يعتقدون بأن فكرة مسلسل اللائحة مُشتقة من مسلسل لوست الذي كان حديث العالم أجمع في السنوات العشر الأولى من القرن المنصرم، ذلك المسلسل الذي يدور حول طائرة تختفي ويعتقد الجميع أن ركابها قد ماتوا في الوقت الذي يكون الأمر فيه مُتعلق بالسقوط في جزيرة والتعرض لبعض الأمور الغريبة الأخرى، وكما هو واضح طبعًا فإن تلك الفكرة لا تتشارك مع فكرة مُسلسلنا إلا فقط من خلال نقطة الطائرة، بمعنى أن الطائرة هي البطل في القصتين، لكن في الواقع مسلسل اللائحة يتحدث عن جوانب أخرى وقفزة بالزمن وأمور لم يتطرق إليها مسلسل لوست، ولذلك هو مسلسل أصلي سليم.
تعمد الابتعاد عن المط والتطويل
الخطأ الكبير الذي يقع فيه صناع المُسلسلات ويؤدي إلى تدمير كل شيء بالمعنى الحرفي للكلمة هو ذلك الخطأ المُتعلق بالمط والتطويل، ففي البداية تكون لديك فكرة جيدة يُمكن أن تصنع لك مسلسل جيد من خلال تناول معين، لكنك تأتي وتهدم كل ذلك من خلال التطرق إلى نفس الفكرة في قدر أكبر مما تستحقه، وهذا هو الخطأ الذي أضاع مكانة الكثير من المسلسلات المميزة التي كان من الممكن أن تُصبح عظيمة وليس فقط مميزة، على العموم، مسلسل اللائحة جاء في موسم واحد فقط مكون من ستة عشر حلقة وعرض فكرته بالشكل المُلائم للعرض، أيضًا الحلقات نفسها لم يكن بداخلها مشاهد حشو ولا مط ولا تطويل، كل شيء مضى كما كان من المفترض له المضي، وهو ما كتب للمسلسل النجاح الكبير في انطلاقته.
فكرة الإعلان عن موسم جديد من مسلسل اللائحة لا تعني أبدًا أننا مُقدمون على تكرار هذا الخطأ من حيث مط الأحداث، فقد عرفنا في الموسم الأول تفسيرات كل شيء ووصلنا إلى نهاية كل شيء، هذا يعني أنه لم يعد هناك مجال لتطويل أي شيء مما مضى، فقط المسلسل ينوي المتابعة مع الأبطال ليكشف لنا انعكاس ما حدث على حياتهم مع تناول الأزمات التي من المزمع التعرض لها بسبب القدرات الخاصة التي يمتلكونها، وفي الحقيقة قبل المشاهدة سيكون لديك خيار الاكتفاء بمشاهدة الموسم الأول فقط، لكن ثق كل الثقة أنك بعد المشاهدة لن تتمالك نفسك بسبب تطلعك إلى مشاهدة الموسم الثاني في أسرع وقت، وهو الموسم الذي ربما يُعرض في نهاية 2019 أو بداية 2020 على أقصى تقدير.
السيطرة على الأبطال دراميًا
لم يعتمد مسلسل اللائحة على بطل واحد أو ثنائي من الأبطال مثلما هو الدرج في كل الأعمال التي نراها على الشاشة، وإنما جاء مُتعددًا في الشخصيات ومتناولًا تقريبًا لكل الأفراد الذين كانوا موجودين على الطائرة التي كانت بطلت الأحداث ونقطة التحول، ولن نبالغ إذا قلنا أن المسلسل قد تمكن من تناول حياة أكثر من ستة أشخاص بالتفصيل التام مع عدم إغفال البقية، وفي الواقع الحرفة أو التميز هنا ليس في وجود قدر كبير من الشخصيات، وإنما القدرة الحقيقية على السيطرة على هؤلاء من الناحية الدرامية البحتة، إذ أنه من الممكن جدًا أن تضع في مسلسل ما عدد لا نهائي من الأبطال، لكن الأمر كل شيء منوط بالمشاهد الذي لا يُطلب منه أبدًا الشعور بنوع من أنواع الزحام على الشاشة، وهذه نقطة التميز التي نتحدث عنها هنا، وهي السيطرة على كل هؤلاء وإظهار الأمر وكأنه عادي ومنطقي على الرغم من كونه غير عادي بالمرة.
ربط الأحداث بروابط علمية في مسلسل اللائحة
أي مسلسل في نفس ظروف مسلسل اللائحة كان سيلجأ بشكل مُباشر إلى الحل البديهي المنطقي، وهو ربط كل ما مضى من أحداث بالخيال العلمي والفانتازيا، وبالتالي عزيزي المشاهد أنت لن يكون بمقدورك القيام بشيء بخلاف المشاهدة من أجل المتعة ثم نسيان كل شيء لاحقًا، لكن المسلسل ضرب بكل ذلك عرض الحائط وقام بربط أحداثه ببعض الظواهر العلمية والأمور التي يُمكن وضعها في خانة التقدم العلمي فقط وليس مجرد خيال، بمعنى أن معظم أحداث هذا المسلسل يسهل على المشاهد تصديقها والقول بها، بيد أنه يجب عليك الانتباه عزيزي المشاهد بأن الفكرة نفسها ترجع إلى نظريات موجودة ولكن ليست مُثبتة بشكل واضح وصريح، وذلك مثل نظرية الأكوان المتوازية والفجوة الزمنية.
الفجوة الزمنية كانت كما هو واضح للجميع الشيء الأساسي الذي اعتمد عليه المسلسل وبنى عليه لاحقًا كامل أحداث المسلسل، ولو افترضنا أن نظرية الفجوة الزمنية هذه مُسلم بها من بعض أنصار العلم فبالتالي يُمكن البناء على أن كل شيء في المسلسل حقيقي لأنه اعتمد لاحقًا على تواجد بعض المُبررات والتفسيرات التي هي في الحقيقة منطقية جدًا وممكنة، إجمالًا، ولكيلا نسترسل في هذه النقطة، مسلسل اللائحة وأخذه على محمل الجد أمر نسبي يرجع إلى نسبة العلم والثقافة المتواجدة لدى المشاهدين، لكن الغالب أن البعض سيضعه في خانة مسلسل الخيال العلمي البسيط.
إجادة كل ممثل لدوره إجادة تامة
أيضًا ضمن أسباب تميز هذا المسلسل وتفوقه عن البقية أن المسلسل في الأساس قد ركز على فكرة الإجادة بحيث أن كل ممثل شارك في العمل يظهر في شكل مُرضي للمشاهد ويوحي بأنه قد خلق خصيصًا من أجل هذا الدور، بمعنى أكثر دقة، المسلسل منحنا شخصيات حقيقية يُمكن تصديقها وليس مجرد شخصيات مؤدية لدورها، فهناك فارق كبير بين الأمرين، هذا الفارق يظهر بجلاء مع المقارنة بالمسلسلات الأخرى التي تعتمد على أفكار غريبة كفكرة مسلسل اللائحة ، وربما من المدهش بالنسبة للبعض أن الممثلين الذين شاركوا في هذا المسلسل، أو معظمهم، ليسوا من المشاهير المُنتشرين في أعمال كثيرة.
مشاكل واجهت مسلسل اللائحة
بغض النظر عن كل المزايا وأسباب الجذب التي تحدثنا عنها فقد كانت هناك بعض المشاكل التي واجهت المسلسل في مراحل صناعته وكان من الممكن أن تقضي تمامًا على وجوده، هذه المشاكل طبعًا مشاكل إنتاجية بالإضافة إلى تأخير الحلقات واستغراق الموسم الواحد لعدد أسابيع أطول بكثير من الذي كان من المفترض أن يأخذه المسلسل، لكن في النهاية خرج العمل وحقق نجاحًا كبيرًا، وبالتالي لن تكون أي مُشكلة بدءًا من المواسم المُقبلة له، وإن كانت كل الوعود حتى الآن مُتعلقة بموسم واحد وحيد لا يحتمل التجديد.
ختامًا عزيزي القارئ، لا شك طبعًا أن مسلسل اللائحة قد حلق حالة خاصة ومختلفة تم توضيحها من خلال السطور الماضية، لكن هذا لا يمنع أبدًا بأنه يقبع ضمن مسلسلات أخرى متميزة لا تقل عنه مثل مسلسل لوست الذي يُحاكي فكرة قريبة منه، لكن فقط نحن نتحدث عن المسلسل الذي فرض نفسه بقوة خلال السنوات الخمس الأخيرة.
أضف تعليق