وجود مسافر عبر الزمن مسألة ترهق دماغ كل إنسان يستطيع ملاحظ تغير الزمن ومفرداته بمرور الوقت ولعلنا الآن نتذكر مفردات طفولتنا ونقارنها بمفردات أطفال اليوم فنتعجب لأنه لم تتح لنا كل هذه الخيارات من قبل وفي نفس الوقت حصلنا على مزايا لم يحصل عليها أحد غيرنا فكأننا نحن سافرنا عبر الزمن فرأينا مفردات طفولتنا ومفردات غيرنا وهكذا هي الحياة، ولكن وجود مسافر عبر الزمن ربما هو تطوير لهذه الفكرة لمد الفترة الزمنية قليلا فماذا لو سافرنا بالزمن نحو قرن من الزمان سواء للأمام أو للخلف، والآن دعونا نتخيل كيف يمكن لمسافر من القرن التاسع عشر للقرن العشرين وما هي أبرز الأمور التي سيندهش منها والتي لن يرفض حتى استيعابها من الأساس؟ فإلى الرحلة.
استكشف هذه المقالة
كيف يعيش مسافر عبر الزمن من القرن التاسع عشر الآن ؟
هناك العديد من الأمور التي سيستوعبها مسافر عبر الزمن الآن وهناك العديد من الأمور التي لن يستطيع تفهمها واستيعابها مهما حاولت أن تشرحها له، وهذا ما سوف نتحدث عنه في السطور التالية، الأشياء التي لا يمكن أن يستوعبها أبدا.
الولايات المتحدة قوة عظمى
ربما لا تدري أن الولايات المتحدة لم تعد قوة عظمى قبل الحرب العالمية الثانية أي أن وجود الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر لم يكن يذكر بالأساس حيث كانت في حرب أهلية ضارية سبقت إعادة بناء الدولة لذلك سيستغرب من زوال دول وتقسيم ممالك وزوال الإمبراطوريات واتجاه العالم بأكمله للنظام الجمهوري من أجل إدارة الحياة السياسية فضلا عن أن وجود مسافر عبر الزمن في القرن الحادي والعشرين سيستغرب من النزاعات والخلافات الدائمة الحالية بين دول أو أنظمة لم تكن موجودة في القرن التاسع عشر فضلا عن زوال الدولة العثمانية وغياب القياصرة وغيرها، كل شيء سيكون مدهشا لهذا المسافر.
تطور الطب إلى هذا القدر
ربما التطور الطبي منذ الخليقة وهو يحاول أن يجد لنفسه مكانا بين البشر، وكلما عاش الإنسان وجرب واختبر كلما تطور الطب، لكن الطفرة العلمية الهائلة في القرن العشرين نقلت الطب نقلة كبيرة للأمام وخطت به خطوات واسعة لن يستطيع المسافر عبر الزمن استيعابها ولن يستوعب أننا أصبحنا قادرون على استئصال الأورام ومعالجة الكبد واستبدال القلب بجهاز تشغله البطاريات وكل هذه العمليات الجراحية المعقدة فضلا عن علاج العقم والحقن المجهري وتحديد نوع الجنين لا فقط معرفة نوعه وهو لا زال في بطن أمه، كل هذه الأمور ستجعل مسافر عبر الزمن القرن التاسع عشر مذهولا أمام ما يرى.
تطور السيارات
على الرغم من أن أول تسجيل لبراءة اختراع لسيارة على يد كارل بنز كان في القرن التاسع عشر إلا أنه هذا يعني أن مسافر عبر الزمن هذا لم يرى من السيارة إلا الماكينة البخارية البدائية التي كانت تثير السخرية وتقابل بتهكم الآخرين غير أن الاعتماد التام عليها في هذا الوقت يجعل تطور السيارات أمرا مذهلا بالنسبة لأي شخص يأتي من القرن التاسع عشر، فشتان بين إمكانيات وسرعة وطاقة السيارات الآن وتلك الماكينات البدائية التي مهدت الطريق في القرن التاسع عشر.
الإنترنت والهواتف الذكية
أعتقد أن الإنترنت نحن هكذا ونحن نعيش الآن في قرننا الحادي والعشرين وشهدنا وقت صعوده وتطوره لا نستوعبه فما بالك بشخص عاش في القرن التاسع عشر لم يرى الراديو ولا التلفزيون ولا الفاكس، لم يستعمل الهاتف الأرضي ولم يدرك ثورة الاتصالات، لن يصدق بأي شكل من الأشكال أن يتحدث اثنان في جهاز بالغ الصغر أكبر من حجم كف اليد بقليل وهما يريا بعضهما بوضوح وفي نفس الوقت هما قد يكونا في أبعد نقطتين على وجه الأرض، كما قلت فإنه ليس مسافر عبر الزمن فقط ما سيستحيل عليه تصديق هذا، بل نحن من الصعب أن نستوعب هذا بأي شكل.
ناطحات السحاب
كان هناك مباني شاهقة الارتفاع بالطبع في القرن التاسع عشر ولكن لا يتخيل أحد وجود ناطحات السحاب في أمريكا أو برج خليفة في دبي أو أبراج الساعة في مكة المكرمة، لا يمكن تخيل أن يناطح الإنسان السحاب فعلا وكأنه يحاول إثبات تسيده وهيمنته على العالم أجمع، هكذا نتفهم جيدا أن ناطحات السحاب ما هي إلا إبهار جديد يضاف إلى مسافر عبر الزمن من القرن التاسع عشر إلى القرن الحادي والعشرين، لا ريب أن كل هذا سيكون بمثابة صدمة كبيرة له، صدمة لن يستطيع أن يستفيق منها بسهولة.
صعود الشيوعية
ربما لا يتوقع أي شخص مهما كانت مخيلته أن تصعد الشيوعية وتصبح أيديولوجية القرن العشرين الأولى بالطبع، حيث أصدر ماركس البيان الشيوعي والذي ذيله بندائه الشهير “يا عمال العالم اتحدوا” لكنه رغم ذلك قوبل بالتهكم وبالنقد وبالسخرية وبالتشويه أحيانا، ولو عدنا لعالم اجتماع كبير مثل جوستاف لوبون في كتابه سيكولوجية الجماهير سنجده يصف الشيوعية بـ”البدائية” والردة إلى الهمجية، فكيف يمكن أن يتوقع شخص عاش في قرن كانت فيه الشيوعية تهان بهذا القدر أن وجدتها قد سادت القرن العشرين ولا زالت تلقي ظلالها على القرن الحادي والعشرين خصوصًا بعد الأزمة الاقتصادية في العام 2008، إن هذا لعجيب فعل بالنسبة لشخص مسافر عبر الزمن وسيكون الأمر عليه عصي على الاستيعاب.
قصص حقيقية من السفر عبر الزمن
يُشاع كل فترة قصص للسفر عبر الزمن، أبرزها على سبيل المثال وجود رجل يصور بهاتف محمول مباراة شهيرة للملاكم محمد علي كلاي في السبعينات من القرن الماضي وغيرها من القصص ولعلنا في حاجة إلى سرد أبرز هذه القصص التي يشاع عنها وسنتحدث عنها إجمالا حيث سنعترض قصة رجل معاصر زار المستقبل وقصة رجل من المستقبل زار الحاضر المعاصر:
قصة الطيار فيكتور جودارد في العام 1934 التي اضطرته الظروف للرجوع لمطار مهجور مر به في طريقه بسبب عاصفة منعته من الطيران ولكنه حين عاد وجد المطار المهجور أصبح أرض فضاء وبه عمال يعملون على طائرات لم يراها من قبل وأثار هذا استغرابه جدا وكلما حكى هذا الأمر لأحد لم يصدقه ولكن بعد مرور 3 سنوات وبالمصادفة بينما كان يمر على نفس المكان وجد نفس المشهد الذي رآه والعمال يعملون على نفس الطائرة الغريبة والتي كانت قد عرفت وقتها، فهل أصبح هذا الطيار مسافر عبر الزمن لساعات معدودة رأى فيها المستقبل وعاد؟
قصة المسافر في المطار الياباني والذي كان يحمل جواز سفر من مكان غير موجود على الخريطة حيث استقبل أحد مطارات اليابان عام 1954 مسافر من مكان يدعى تورد لا وجود له ومعه طوابع بريد لنفس الدولة وجواز سفر يحمل شعارها الذي لم يره أحد من قبل وحين سألوه عن مكانها قال أنها دولة بين فرنسا وإسبانيا فأشاروا له على الخريطة على أندورا فقال أنها في نفس المكان ولكن لا يعرف ما هي أندورا، منذ ألف عام وهي اسمها تورد، وحين استضافوه في فندق المطار حتى تبث الشرطة في أمره كان قد اختفى في الصباح التالي، وجواز سفره قد اختفى من أدراج المطار، ولم يفسر أحد حتى الآن حكاية مسافر عبر الزمن قد يكون قد أتى من مستقبل بعيد جدا.
هل يمكن السفر عبر الزمن ؟
بعد اكتشاف النظرية النسبية لأينشتاين والتي أضاف فيها الزمن للأبعاد الثلاثة الأخرى نستطيع أن نقول أن السفر عبر الزمن شبه مستحيل في الوقت الحالي، لأنه حتى تسافر للماضي مثلا فأنت ربما تريد أن تنتقل بسرعة تفوق سرعة الضوء وحتى تستطيع الانتقال بسرعة أكبر من سرعة الضوء لابد من تعرضك لصاعقة كهربائية ربما قد تجعلك تختفي لأنه حتى الطاقة اللازمة لجعلك تنطلق بسرعة أكبر من سرعة الضوء غير موجودة في زماننا الحالي، ويقول ستفين هوكينج العالم الفيزيائي الشهير أن السفر عبر الزمن قد يؤدي إلى انهيار الزمكان بأكمله، فما من وسيلة للسفر عبر الزمن في الوقت الحالي وكل القصص التي تحدثت عن تجارب حقيقية للسفر عبر الزمن أو وجود مسافر عبر الزمن في عصرنا الحالي من المستقبل أو الماضي هي قصص مختلقة من بدايتها لنهايتها وربما تكون نتيجة هلاوس مخدرات أو شيء من هذا القبيل، ولا نملك سوى أن نقول أنه في وقتنا الحالي وحسب الأدوات التي في أيدينا من المستحيل لكن ربما في المستقبل البعيد الأمور تختلف، تختلف كليا، لكن إن كانت ستختلف في المستقبل، فلماذا لم نشهد في وقتنا الحالي مسافر عبر الزمن من المستقبل والذي تقدمت فيه الأدوات وصار بإمكانهم السفر عبر الزمن ويستطيع تقديم الأدلة التي تجعلنا نصدقه؟ سؤال فعلا يستحق التفكير والتأمل.
السفر عبر الزمن حتى الآن مجرد حلم من أحلام الإنسان وبحسب الأدوات التي في أيدينا فهو غير متاح في وقتنا الحالي، وكل ما نستطيع فعله هو التأمل في الزمن والاستفادة من التاريخ وبناء المستقبل فحسب، لا محاولة الانتقال الآني إليه، لأنه صدق أو لا تصدق لن يكون هناك مستقبل ما لم يركز كل شخص فينا على أهمية إيجاده في البداية.
أضف تعليق