تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » كيف ظهر مرض الكوليرا وما سر خوف الدول من أوبئته؟

كيف ظهر مرض الكوليرا وما سر خوف الدول من أوبئته؟

إذا تساءلت يوما عن الأمراض التي فتكت بالبشر على مدار التاريخ ستجد العديد من الأمراض، والتي قتلت ملايين البشر، من هذه الأمراض ما نشأت من تطور الجراثيم والميكروبات في الطبيعة، ومنها ما استعمله الإنسان في الحروب البيولوجية، ويعتبر مرض الكوليرا أشهر هذه الأمراض التي يخافها البشر.

مرض الكوليرا

يعتبر مرض الكوليرا من الأمراض المعوية التي تصيب المعدة نتيجة مهاجمتها من بعض الجراثيم المختلفة والتي يوجد من بينها الكوليرا، وتنتقل الكوليرا للإنسان مثل معظم الجراثيم وذلك عن طريق تناول الأطعمة الملوثة أو شرب المياه غير النقية، وعند وصول الكوليرا للمعدة تبدأ بفرز مادة تغطي الجدار المخاطي المبطن للمعدة، وبهذه الآلية، وتمكنها من جسم الإنسان استطاعت الكوليرا أن تقتل أعداد تفوق ضحايا الحرب، وفي هذا المقال سنعرض الملف الكامل الذي يخص مرض الكوليرا بداية من ظهوره وانتشاره وأعراضه وصولا إلى علاجه والوقاية منه؛ وبالرغم من قوة الكوليرا وقدرتها الكبيرة على تدمير الإنسان إلا أنها تعتبر مثل معظم الأمراض الأخرى تعيث في الأرض خرابا ثم يتوقف لها الطب بالمرصاد، في حربا أعتدنا أن نشاهدها خلال التاريخ البشري، وتعتبر حرب العقل البشري وقوى الطبيعة من أقوى وأخطر الحروب على الأرض.

مكتشف مرض الكوليرا

مرض الكوليرا مكتشف مرض الكوليرا

يعد الطبيب الألماني روبرت كوخ مكتشف مرض الكوليرا وقد بدأ الأمر معه منذ عام1867 حينما قال أن جميع الأمراض المعدية تأتي في الأصل من كائنات حية متنقلة، وفي هذا الوقت كان مرض (الجمرة الخبيثة) قد انتشر في أوروبا بأكملها، وهنا لجأت الدولة للطبيب روبرت والذي كان من أكبر الأطباء حينها، وبالفعل بدأ روبرت أبحاثه وبدأ بدراسة الجمرة الخبيثة تحت الميكروسكوب ولاحظ زيادة عددها، وقام بحقنها في فئران تجارب والتي ماتت جراء ذلك، وهنا تأكد الطبيب من نظريته وعلى أساسها فسر العديد من الأمراض الأخرى ومنهم الكوليرا، وفي عام 1883 ميلاديا ذهب الطبيب إلى أفريقيا لدراسة السل وقام باستخلاص مادة تساهم في تشخيص المرض وهي الطريقة المستخدمة إلى الآن وبينما كان في رحلته هذه اجتاح مرض الكوليرا مصر وفتك بأهلها، وعندما سمع الطبيب ذلك سرعان ما سفر إلى مصر وذهب إلى الإسكندرية وقام بدراسة الكوليرا هناك بشكل عميق، وتوجت أعمال الطبيب الألماني روبرت بجائزة نوبل عام 1905 ميلاديا، وبهذا أصبح روبرت كوخ هو المؤسس لعلم الجرثوميات وكان الباب الذي فتحه لنا بمثابة سكين نقتل بها ما يهدد حياتنا من الكائنات المجهرية.

طرق انتقال الكوليرا

يعد البراز هو العائل الأساسي الذي يقوم بنقل الكوليرا، وتعتبر بكتريا الفيبريو كوليرا هي السبب الرئيسي في هذا المرض، وعند النظر على أسباب المرض سنجد أن مريض الكوليرا هو السبب الرئيسي في انتشار المرض وذلك من خلال مخلفاته البيولوجية خصوصا الذي يتسرب منها إلى المياه العذبة، حيث تعلق بكتريا الكوليرا في العوالق الحيوانية في المياه العذبة، ويسهل بعد ذلك أن تنتقل لكل من يشرب هذه المياه، وأحيانا يشكل الذباب والبعوض جزء من مسببات المرض خصوصا عند حدوث الأوبئة، حينها نجد أن هذه الحشرات تساهم في انتقال المرض بشكل كبير، وعند النظر على تاريخ انتشار الكوليرا سنجد أنه في عام 1973 فقط قد قتلت الكوليرا حوالي مليون شخص في أمريكا اللاتينية فقط، وتعتبر البكتيريا التي تنتقل وتسبب هذا المرض من البكتيريا الأسطوانية التي تتحرك بالأسواط، وبعد وصولها إلى الجسم تقوم بإحداث خلل في بعض العمليات الفسيولوجية في الجسم، ولا يعتبر مرض الكوليرا من الأمراض التي تنتقل من شخص لأخر بشكل مباشر، وإنما تظهر بواسطة عدة عوامل غير ظاهرة، وفي العادة يأتي على هيئة أوبئة.

أعراض الكوليرا عند الأطفال

مرض الكوليرا أعراض الكوليرا عند الأطفال

تعتبر الكوليرا عند الأطفال من الأمراض المعوية الحادة، وتأتي لهم من جرثومة الكوليرا التي تحدثنا عنها من قبل، وتنتقل الكوليرا للأطفال أيضا بواسطة المياه والأطعمة الملوثة، كما تنتقل لهم بسبب تناول الحبوب والخضروات الرطبة المكشوفة والملوثة ، وعند تمكن الكوليرا من الطفل تظهر أعراضها بوضوح في عدة أمور مثل: إسهال مائي غزير بدون أي أعراض أخرى مصاحبة له من أعراض الإسهال كالشعور بالألم أو وجود مغص في الأمعاء، ونلاحظ أيضا أن الإسهال يستمر حتى بدون تناول الطفل للطعام والشراب وتصل مدة الإسهال إلى أسبوع كامل، كما يسبب هذا الإسهال الحامض الاستقلابي، وتقليل نسبة المعادن في الجسم والبوتاسيوم خصوصا، كما يظهر الجفاف على الطفل بسبب قلة السوائل من الجسم بشكل كبير، لا تتوقف أعراض الإسهال عند هذا الحد بل عندما لا نذهب بالطفل لطبيب متخصص خلال ساعات نلاحظ نقص حجم الطفل بشكل ملحوظ، ونتيجة لهذه الأعراض يدخل الطفل أحيانا في حالة ثبات وعدم نشاط خصوصا مع نقص السكر من الدم، وفي الغالب تكون الوفاة هي نهاية هذه الأعراض.

علاج الكوليرا

تتعدد طرق العلاج لمرض الكوليرا منها ما يمكن القيام به في المنزل وسنتحدث عن هذه النقطة بالتفصيل في الفقرة القادمة، ومنها ما يلزم وجود مشفى وطبيب للقيام به، وتعتبر الطرق الأشهر في علاج الكوليرا هي: معالجة الجفاف عن طريق الفم، أو استعمال الزنك، أو تناول المضادات الحيوية؛ تعتبر الطريقة الأولى (معالجة الجفاف عن طريق الفم) من أشهر طرق العالج على مستوى العالم ولا تتوقف شهرة هذه الطريقة في الدول المتقدمة بل تستخدم بكثرة أيضا في الدول النامية، وهي عبارة عن إعطاء محلول ملحي وسكري للمريض المصاب بالإسهال الشديد كما في الكوليرا وتقوم فكرة هذه الطريقة في الأساس على تعويض السوائل التي تنقص من الجسم، وتعتبر هذه من أفضل الطرق بسبب أن الكوليرا تسبب خلل في سوائل الجسم وتجعلها تفقد بشدة؛ أما الزنك فيستخدم كعلاج مرافق (جانبي) خصوصا عند معالجة الأطفال حيث يعمل على تقليل نسبة الإسهال، أما المضادات الحيوية فهي من أكثر العلاجات التي ينصح بها الأطباء أثناء العلاج، وعندما يحدث وباء الكوليرا يتم أخذ عينة عشوائية من المنطقة التي انتشر فيها وذلك لمعرفة استجابة مناعة الجسم للأنواع المختلفة من المضادات الحيوية والتي تقوم بتعويض السوائل في حالات الجفاف.

علاج مرض الكوليرا في المنزل

لا يختلف علاج الكوليرا في المنزل كثيرا عن علاجه في الوحدات الصحية، حيث من الممكن أن نعالجه بمعالجة الجفاف عن طريق الفم، أو عن طريق تناول المضادات الحيوية، وفي غالبية دول العالم ينصح بتناول الدوكسيسايكلين في حالة الإصابة عند البالغين، والأزيثرومايسين في حالات الإصابة عند النساء الحوامل والأطفال، ومن المفترض أن تأخذ المضادات الحيوية في حالات العلاج وأحيانا ترشح من أجل حالة الوقاية إلى أن الأطباء لا تنصح بهذا كثيرا، وتعتبر أشهر الطرق في علاج الكوليرا في المنزل هي شرب السوائل المختلفة سواء سوائل سكرية كالعصائر والمشروبات المختلفة أو حتى المشروبات الملحية، بالإضافة إلى هذه المشروبات يفضل تناول صودا الخبيز والأنواع المختلفة من الفواكه خصوصا تلك التي تحتوي على سوائل، وفي بعض حالات الجفاف الشديد تفشل المشروبات والأطعمة أن تحسن حالة المريض، وهنا نلجأ إلى إمداد المريض بالسوائل والمحاليل عن طريق الأوردة، وسواء سيتم معالجة الكوليرا في المشفى أو في المنزل عند وجود ضرورة، ينصح بأخذ قرار مكان العلاج سريعا ونبدأ بسرعة في اتباع طرق العلاج وذلك حيث يعتبر مرض الكوليرا حرب مع الوقت، وهناك بعض الآراء الطبية التي تقول أننا من المفترض أن نقوم بالطرق العلاجية للكوليرا في المنزل ولكن كإسعافات أولية إلى حين الذهاب للمشفى، وهذا لا يقضي على أمل أن الكوليرا بمكن علاجها تماما في المنزل.

الوقاية من الكوليرا

مرض الكوليرا الوقاية من الكوليرا

عند القراءة عن وباء أو مرض كارثي مثل الكوليرا الذي بإمكانه الفتك بالإنسان وإنهاء حياته بسرعة، فهذا بالطبع يثير الذعر في نفوسنا، إلا أن الأطباء والعلماء يقوموا بتقديم بعض النصائح لنا التي تعمل على وقايتنا وبث الطمأنينة في نفوسنا، وتبدأ أول مراحل الوقاية في حالة وجود مريض ويجب هنا أن يتم عزله ولا نتعامل معه مباشرة إلا بعد توقف الإسهال لمدة يوم كامل على الأقل وبالطبع تشمل هذه النقطة عدم السماح للمريض بالذهاب إلى مكان الدراسة أو العمل، أما إذا كان المريض يعمل في مجال الشراب أو الأغذية فينصح بألا يذهب للعمل إلى بعد مرور يومين أو ثلاثة منذ وقت توقف الإسهال، ينصح أيضا بالتأكد من نقاء الماء التي ندخلها إلى أجسادنا، كما يجب أن يتم غسل الطعام جيدا، وتتبع الأخبار الصحية المختلفة وأخذ اللقاح الذي يحمي من الإصابة من الكوليرا وذلك عند نصح الجهات الطبية بذلك، كما يجب طهي الطعام جيدا حتى تقتل البكتيريا التي به إذا افترضنا وجودها، كما ينصح بالالتزام بالقواعد العامة للنظافة مثل: غسل الأيدي جيدا، وغسل الأسنان بفرشاة شخصية، وعند الالتزام بهذه القواعد المختلفة تقل نسبة احتمال إصابتنا، وبالطبع تعتبر الوقاية دائما خير من العلاج.

وهكذا نكون قد عرضنا الأفكار والعناوين العامة الخاصة بـ مرض الكوليرا ، وعالجنا المرض من زاوية مختلفة، حيث تحدثنا عن مكتشفه، والطرق التي ينتقل بها، ومعظم الأعراض التي تظهر على المريض المصاب به، بالإضافة إلى ذكرنا أشهر طرق العلاج التي تقضي على هذا المرض، وكيف نقي أنفسنا منه، وكما ذكرنا في أول المقال أن الكوليرا من الأمراض التي قتلت الكثير من البشر، ويعتبر الكوليرا من الأمراض التي لها حظ كبير في التاريخ البشري وذلك لأنه قضى على الكثير من رؤساء الدول والشخصيات الهامة، كما كان للكوليرا حظ في الكثير من الأعمال الفنية سواء الأفلام الدرامية، أو حتى الروايات الأدبية، ويعتبر العلم هو البطل الأهم في قصة هذا المرض، لأن العلم فقط هو أول من وقف للمرض بالمرصد، ووجد الطرق التي يمكنها القضاء عليه.

ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.

محمد جاد الله

احب المطالعة واكتشاف كل جديد. لكتابة بالنسبة لي هي قوة ودافع للاستمرار.

أضف تعليق

خمسة عشر − 12 =