مع حلول مواسم انتشار الأمراض المُعدية والخطيرة تُصاب كثير من الأمهات بالهلع والقلق على أطفالها الصغار من أن يُصابوا بأحدها خلال اختلاطهم اليومي بأُناس آخرين أطفالًا كانوا أو بالغين، ولعل أحد هذه الأمراض التي تقلق الأم بشأنها هو مرض الشاهوق الشهير بالسعال الديكي. فما هذا المرض وما هي أهم أعراضه وأسباب الإصابة به، كيف يُمكن تشخيصه وعلاجه والوقاية منه، كل هذا وأكثر تجدين الإجابة عنه خلال المقال.
استكشف هذه المقالة
ما هو مرض الشاهوق ؟
الشاهوق أو السعال الديكي وبالإنجليزية Pertussis هو عبارة عن التهاب جرثومي حاد ومُفاجئ شديد العدوى يُصيب الرئتين وأهداب الجهاز التنفسي العُلوي مُسبّبًا نوبات حادة من السعال المُصاحب بشهقة. غالبًا ما يستهدف المرض الأطفال وهو ليس على درجة عالية من الخطورة طالما تم التعامل معه وعلاجه بشكل سليم، إلا أنه في حالة الأطفال أقل من 6 شهور يُصبح على درجة عالية من الخطورة تصل إلى حد وفاة الطفل المُصاب لا قدر الله.
أعراض مرض الشاهوق
تمر أعراض مرض الشاهوق بثلاث مراحل رئيسية هي:
مرحلة بداية العدوى بالمرض
وتُشبه كثيرًا أعراض نزلات البرد والإنفلونزا من حيث بالإصابة بالزكام وسعال جاف خفيف، مع ارتفاع طفيف في درجة الحرارة.
مرحلة تمكُّن المرض
وتبدأ بعد مرور أسبوعين من المرحلة الأولى وتستمر حتى 4 أسابيع من بداية الإصابة، وفيها يتحول السعال الخفيف إلى نوبات فُجائية شديدة مُتلاحقة وقصيرة من السعال، يُصاحبها شُهاق وتشنج وصعوبة عند التنفس وربما انقطاعه، احمرار الوجه وسيلان الأنف المُخاطي، مع تراكم البلغم في الحنجرة وتقيؤ للطعام والمُخاط بسبب شدة السُعال وربما رفض تناول الطعام والشراب خاصةً لدى المُصابين من الأطفال.
المرحلة الأخيرة وهي مرحلة التعافي
وتكون بعد مرور 6 أسابيع من الإصابة بالمرض حيث تستمر نوبات السعال ولكن بشكل أقل حدة لمدة قد تصل إلى 7 أسابيع أخرى.
مرض الشاهوق عند الأطفال وأسبابه
يُعد الأطفال هم الفئة الأكثر عُرضة للإصابة بمرض الشاهوق ربما بسبب ضعف مناعتهم وعدم تلقيهم اللقاح المُحصِّن ضد المرض وكثرة وجودهم في أماكن وظروف مواتية لانتشار العدوى بالمرض، إذ تنتشر البكتيريا المُسبّبة للمرض والمعروفة باسم بورديتيلا بيرتوسس عن طريق الرذاذ الخارج من البلعوم أو الفم عند سعال طفل مريض في وجود طفل آخر سليم.
وتحتاج عدوى الشاهوق إلى مُراجعة الطبيب واتخاذ الإجراءات اللازمة التي قد تتطلب البقاء تحت الرعاية الصحية في المستشفى في حالة الأطفال أقل من سن 6 أشهر بنسبة تصل إلى 50%، مُلاحظة ازرقاق الطفل خلال نوبات السعال وتعبه بعدها، تراجع شهية الطفل وظهور علامات الجفاف عليه، تشنجات لا تتوقف، ضعف استجابة الطفل وكسله وتبلده.
علاج مرض الشاهوق عند الأطفال
يتطلب علاج السعال الديكي عند الأطفال الراحة التامة في الفراش في معزل عن الآخرين لمدة 5 أيام وعن غير المُحصنين ضد المرض لمدة 14 يوم لتجنب انتشار العدوى، مع تناول مُضادات حيوية مُوصوفة طبيًا خلال 3 أيام الأولى من الإصابة بالمرض والحرص على تناول كميات قليلة من الطعام والماء على فترات مُتقاربة للتغلب على الجفاف الناتج عن القيء والنوم في وضع مُستقيم قبل وبعد تناول الوجبات والماء لتسهيل التنفس والحد من التقيؤ.
إبقاء جو الغرفة رطبًا من خلال استخدام رشاشات الماء البارد للحد من شدة السعال وتراكم البلغم، مع غسل وتعقيم كل ما يلمسه الطفل أو يُلامس فمه أولًا بأول ومنع الآخرين من استخدام مُتعلقاته ومنحهم جرعات احترازية من المُضاد الحيوي سواء كانوا أطفالًا أو بالغين. تجنب تعرض الطفل لأي أتربة أو أدخنة واستخدام محلول الملح لإزالة مُخاط الأنف وحقنة لشفط بلغم الحنجرة.
وعلى الأم عند مُلاحظتها أو شكها في إصابة طفلها بالشاهوق أن تُبادر بمُراجعة الطبيب فورًا وإبلاغ مدرسته لاتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة التي قد تصل إلى منح الأطفال والعاملين جرعات احترازية من المُضاد الحيوي لمنع تفشي العدوى. وقد يتطلب علاج الأطفال حديثي الولادة أقل من 6 شهور من المُصابين بالسعال الديكي البقاء في المستشفى تحت الرعاية الطبية مع منح العلاجات اللازمة المُلائمة لمرحلتهم العمرية.
دواء للسعال الديكي
يُعد عقار الأريثروميسين من العلاجات الفعالة فئة المُضادات الحيوية واسعة المجال للتعافي من مرض الشاهوق ، وعلى المريض الالتزام بتناول جرعة المُضاد الحيوي الموصوفة كاملة رغم شعوره بتحسُّن حالته وتراجع أعراض المرض منعًا لارتداد البكتيريا المُسبّبة للعدوى بشكل أكثر سوءًا عن المرة السابقة بشرط أن يتم تلقي العلاج تحت إشراف كامل من الطبيب المُعالج.
تشخيص السعال الديكي
يتم تشخيص السعال الديكي بإجراء مزرعة لمُخاط الحلق والأنف اعتمادًا على مسحة منهما، إلا أن هذه الطريقة من التشخيص تحتاج إلى وقت طويل للتأكد من نتائجها بما لا يتناسب مع طبيعة المرض الذي يُساهم علاجه بأسرع ما يكون في تقليل مدة الإصابة ومُضاعفاتها ودرء احتمالات تفشي العدوى. لذا يلجأ أغلب الأطباء إلى الكشف عن المرض بمُضاعفة الحمض النووي للجرثومة المشكوك فيها والتي تم الحصول عليها من مسحة الأنف والحلق فيما يُعرف بالتقنية الجُزيئية.
مُضاعفات مرض الشاهوق
عادةً لا ينتج عن السعال الديكي مُضاعفات ولكن هذا لا يجعل حدوثها مستحيلًا، وتظهر مُضاعفات الشاهوق المُحتملة في صورة تكدُّم أو تشقق بضلوع القفص الصدري، فتق سُري، انفجار شعيرات دموية تحت الجلد أو في بياض العين نتيجة السعال والشهقات الشديدة والمُتلاحقة. وقد يصل الأمر إلى الإصابة بالتهاب رئوي، انقطاع التنفس واضطرابه، خسارة الوزن والجفاف بسبب فقدان الشهية للطعام والشراب، تلف خلايا المخ، وذلك في الأطفال حديثي الولادة أقل من 6 شهور بنسبة تصل إلى 25%.
لقاح السعال الديكي
يُعد اللقاح المُضاد للإصابة بمرض الشاهوق هو الوسيلة الأكثر فعالية في الوقاية من المرض ومنع الحصول على عدواه بشرط الحصول على جرعاته كاملة في الأوقات المُحددة وعدم التغافل عن الجرعات التعزيزية التي تُمنح عند الكبر خاصةً عند التواجد في مكان من السهل تفشي العدوى فيه كالحضانات والمدارس ومستشفيات ومراكز رعاية الأطفال بأشكالها، أو المُخالطين للأطفال المُصابين على أي حال. ويُمنح لقاح مرض الشاهوق على 5 جرعات ضمن مجموعة تطعيم ثُلاثية ضد أمراض الخناق، الكزاز، الشاهوق.
تبدأ جرعات لقاح السعال الديكي من سن الشهرين، ثم 4 شهور، ثم 6 شهور، ثم المرحلة العمرية من 15 إلى 18 شهر، وأخيرًا المرحلة من 4 إلى 6 سنوات من عمر الطفل. وينتهي مفعول لقاح الشاهوق عند سن 11 عام ما يتطلب حصول الطفل المُراهق على الجرعة التعزيزية من ذلك اللقاح الثلاثي في هذه السن، ثم أخذ جرعة تعزيزية أخرى عند سن 19 عام ثم جرعات تعزيزية دورية كل 10 سنوات.
ورغم تفاوت الآراء حول مدى استفادة الجنين من حصول أمه على جرعة اللقاح، إلا أنه من الأفضل تلقي المرأة الحامل لجرعة اللقاح التعزيزية خلال الأسبوعين من 27 إلى 36 من الحمل في مُحاولة لحماية الرضيع من الإصابة بالشاهوق خلال الشهور الأولى من عمره. وعادةً ما يترك لقاح مرض الشاهوق ورائه آثار جانبية خفيفة تتراوح بين ارتفاع في درجة الحرارة، تقلبات مزاجية، صداع، إجهاد، أثر في موضع الحقنة.
أعراض السعال التحسسي
يُعد السعال واحدًا من الأعراض الرئيسية التي تُصاحب نوبات الحساسية الموسمية الناتجة عن استنشاق الأتربة بالهواء الخارجي أو حبوب اللقاح الربيعية مع العديد من الأسباب الأخرى المُثيرة لرد الفعل التحسسي كاستنشاق الأدخنة والروائح النفاذة، حيث تُحفّز هذه المُثيرات الجهاز المناعي لإنتاج أجسام مُضادة لها فتتضخم وتنتفخ الجيوب الأنفية وعضلات الشعب الهوائية ما يجعل التنفس ومرور الهواء خلالها أصعب ويُصاب المريض بسعال شديد مُزمن لطرد البلغم المُتراكم على الحلق. ويُصاحب السعال التحسسي عدة أعراض مثل:
- التهاب وسيلان الأنف المُخاطي، مع العطس والشعور بالحكة فيها.
- التهاب بمُلتحمة العين يظهر في صورة احمرار ورغبة شديدة في حكها.
- التهاب الحلق وتراكم المُخاط عليه.
- الإصابة بالربو التحسسي الذي يظهر في صورة ضيق في التنفس وصوت صفير في الصدر خلاله، وهو عرض أكثر شيوعًا بين الأطفال من مرضى حساسية الجهاز التنفسي.
ولعلاج السعال التحسسي يصف الطبيب مُضادات الهيستامين “الحساسية” ومضادات الالتهاب السترويدية، وقد يلجأ إلى زرع خلايا جذعية كعلاج قطعي للحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاج الدوائي التقليدي.
بذلك نكون قد ألقنا الضوء على مرض الشاهوق أو السعال الديكي وأسباب الإصابة به ومدى خطورته وطرق علاجه، ولا يتبقى سوى دورك أنت في وقاية نفسك وأسرتك من الإصابة به، من خلال الاهتمام بتناول اللقاحات المُضادة في توقيتاتها المُحددة .. نتمنى لكِ ولأسرتكِ الصحة والعافية.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق