واحدة من أكثر المتلازمات شيوعا في الوطن العربي اليوم متلازمة تيرنر ، وانتشرت في الآونة الأخيرة في العالم بشكل عام، وهي واحدة من حالات حدوث من الخلل في الكروموسومات وتظهر لدى الإناث وحدهن من دون الرجال، ولمرض متلازمة تيرنر علامات مختلفة وتختلف أيضا من حالة لحالة، ومن الضروري معرفة أعراض المتلازمة بشكل دقيق لأنها تتشابه مع غيرها من المتلازمات، ولتشخيص المتلازمة يتم عمل عدد من الفحوصات المحددة، وتتم متابعة الحالة منذ الولادة في بعض الحالات، ويعود تاريخ تحديد المتلازمة كمرض وتعريفها لمكتشفها الطبيب تيرنر، وبالإضافة لمعرفة أعراض المتلازمة يجب أن تتفهم أسباب حدوثها وتعريفها بشكل دقيق حتى نتمكن من التعامل لاحقا مع المرضي بمتلازمة تيرنر وعلاجها بالشكل الممكن الصحيح، لذلك كل مما يخص متلازمة تيرنر نتعرف عليه معاً في المقالة التالية.
استكشف هذه المقالة
تعريف متلازمة تيرنر
متلازمة تيرنر تم تحديد أعراضها وأسبابها على يد الطبيب هنري تيرنر الأمريكي ولذلك سميت المتلازمة تيمناً باسمه، وتؤثر تلم الحالة على الإناث وحدهن، وتنتج عندما يفقد كروموسوم x وهو واحد من الكروموسومات المسؤولة عن النوع “الجنس”، ومن المعروف أن لكل أنثي زوج من الكروموسوم X أما الذكر فيكون عنده زوج مكون من XY ، وقد يكون في حالة الإصابة بالمتلازمة أن يكون الكروموسوم X مفقود كلياً أو جزئياً، في كلا الحالتين تنتج متلازمة تيرنر، ويكون حينها عدد لكروموسومات في جسد الأنثى المصابة 45 بدلاً من العدد الطبيعي 46 كروموسوم، ول لمتلازمة عدد من الأعراض، منها العضوي مثل مشاكل في القلب والنمو، وعيوب في الرحم والمبايض، بالإضافة لحدوث تشوهات خلقية في الرقبة والطول وشكل الجسد، ومشاكل في العظام وغالبا ما يتم تشخيص متلازمة تيرنر مبكراً، بعد الولادة أو في مراحل الطفولة، لكن في بعض الحالات تظهر المشكلة في سن البلوغ، في تأخر حدوث البلوغ أو ظهور اضطرابات أخرى مرتبطة بالمتلازمة.
رمز متلازمة تيرنر
متلازمة تيرنر كما عرفنا من تعريفها هي خلل في الكروموسومات، ويطلق عليها أحيانا خلل الكروموسوم التناسلي، أو الاضطرابات الكروموسوم الجنسي X، ورمز متلازمة تيرنر يشبه حرف ال K باللغة الإنجليزية نظرا لشكل الكروموسومات تحت المجهر، وكما وصفها الطبيب هنري عام 1938 فهي أحد أنواع النمط الظاهري الغير عادي وتظهر لدى الإناث من دون الذكور، وتراوح نسبة الإصابة بها بين الإناث هي واحدة كل خمسة آلاف مولودة تقريباً، لكنها تنتشر في دول الخليج العربي حديثاً، وترجع أسباب الإصابة بمتلازمة تيرنر إلى عدد مختلف من الأسباب الغير مجذوم بها بعد، كما أنها لا تعتبر من الأمراض الوراثية فإنها قد تنتج من أبوين سليم تماماً عدد الكروموسومات وطبيعتها لديهما، ويكون عدد الكروموسومات لدى الشخص المصاب 45 ويرمز لها ب XO.
أسباب الإصابة بمتلازمة تيرنر
كما ذكرنا سابقاً فإن تحديد الأسباب واضح علمياً لكن مرجعيته تختلف، فغير معروف سبب الإصابة بها بشكل واضح في حين أنه معروف تماماً توصيف سبب حدوثها طبياً، ونذكر أسباب الإصابة بمتلازمة تيرنر في النقاط التالية:
- فقدان كامل لنسخة من الكروموسوم المختص بالنوع X نتيجة لخلل في بويضة الأم أو الحيوان المنوي للأب على الأرجح، مما يؤدي لنقصان في الخلايا الأحادية التي تكون الكروموسومات الجنسية لدى الجنين، مما يحدث ما يسمى بالنمط الأحادي للكروموسومات.
- حدوث خلل أثناء عملية انقسام الخلايا، في المرحل الأولى لتكوين الجنين، مما يخلق خلايا أحادية الكروموسوم تحمل هي نفسها نسختين مكررتين من الكروموسوم X مما يسمى بالنمط الفسيفسائي.
- يحدث ارتباط شاذ بين جزء من الكروموسوم X مع الكروموسوم y وهو في الغالب أمر نادر الحدوث ومع ذلك عند حدوثه يتسبب في وجود المتلازمة بشكل مختلف.
- حدوث تشوهات في الكروموسوم X أثناء التكوين، غير محدد سبب حدوث هذا الخلل أو التشوه بشكل واضح، لكن يرجع إلى خلل أو ضعف ما في البويضة أو الحيوان المنوي المكون للجنين.
- قد يكون السبب هو المادة الجنسية Y، ففي بعض الحالات زيادة المادة في الجسم أثناء التكوين تؤدي لخلل خطير قد يؤدي لأورام سرطانية، يطلق عليها الورم الأرومي للغدد التناسلية.
أعراض متلازمة تيرنر
تختلف أعراض متلازمة تيرنر على حسب توقيت بدأ ظهورها، وهناك بعض الأعراض أثناء الحمل نفسه، أو أثناء الولادة والرضاعة أو تبدأ في الظهور عند مرحلة البلوغ، واكون أعراض المتلازمة كالتالي:
- قبل الولادة قد يتم تشخيص متلازمة تيرنر عند حدوث شك في شكل الجنين بجهاز السونار، ويكون الفحص عن طريق عينة من دم الأم أو موجات صوتية محددة، ويظهر حينها تجمع كبير من السوائل خلف الرقبة أو في أماكن أخرى.
- ظهور تشوهات في القلب في المراحل المبكرة.
- مشاكل في الكلى.
- رقبة عريضة وأذنيين في وضع منخفض وسقف الفم عالي وفتحة الفم ضيقة.
- بطء في النمو وتشوهات في القدمين والكفين.
- انخفاض في خط الشعر من أسفل الرأس وانحصاره لأعلى.
- عند البلوغ يظهر ضعف وتأخر في النمو.
- معظم المصابات بمتلازمة تيرنر يتأخرن في الطمث أو لا يحضن دون تدخل طبي.
- مشاكل في تكون المبايض والرحم وغالباً يفقدن القدرة على الإنجاب.
متلازمة تيرنر والحمل
من المشاكل المتعلقة بمتلازمة تيرنر هي المشاكل في جهاز الحمل الخاص بالمرأة، فمن أعراضها فشل المبيض المبكر، مما يعني فقدان مخزون البويضات سريعاً من المبيض، وفي بعض الأحيان لا يكتمل نمو إحدى المبيضان أو كلاهما بشكل سليم في المرأة المصابة بمتلازمة تيرنر، لذلك فغن تشخيص المتلازمة مبكراً مهم لبدء العلاج بهرمونات أنثوية معينة، كما أن نسبة 10% من المصابات بالمتلازمة لا يدخلن مرحلة البلوغ بدون العلاجات المساعدة وضخ نسب هرمونات عالية في أجسادهن، أما من يتعرضن لتشوه في المبايض أو فقدانهن، فإن الحل الوحيد هو التبرع بالبويضات لهن، إلا انه الحمل في حالة الإصابة بمتلازمة تيرنر يكون خطير جداً، يحتاج لمتابعة مكثفة وحذر واحتياطات، لكن فور الولادة يكون الطفل سليم وينتهي الخطر.
متلازمة تيرنر عند الذكور
كما وضحنا سابقاً فإن متلازمة تيرنر لا تصيب الذكور، لكن هناك متلازمة أخرى شبيه بها خاصة بالذكور، لذلك أكدنا على ضرورة فحص الكروموسومات وتحديد الأعراض بدقة لتحديد الخلل، وتسمي متلازمة نونان التي تصيب الذكور، وهي أيضاً تصيب الإناث وأعراضها مشابه لأعراض متلازمة تيرنر، كن غالباً ما يصاحبها حالة توحد أيضاً، ومع ذلك فقد نشرت مقالة طبية عام 1967 عن نوع شاذ من متلازمة تيرنر أطلقوا عليه “فسيفساء جينية“ وهي عبارة عن خليط بين XO و XY وتنتشر بشكل غير متكافئ في الجسم مما يحدث خلل، وقد تم اكتشافها في صبي بعمر الثالثة عشر، كما تم تسجيل إصابة إناث بها أيضاً.
علاج متلازمة تيرنر
متلازمة تيرنر ليس لها علاج نهائي، لكن هناك عدد من الإجراءات الطبية التي تحسن مستوى معيشة مريض المتلازمة مع مرضه، وهي:
- العلاج الهرموني في سن البلوغ، لزيادة الهرمونات الأنثوية وتنشيط الغدد المتعلقة بالحمل.
- العلاج بالهرمونات لزيادة الطول لأقصى درجة ممكنة.
- جراحات تجميلية للرقبة والساقين والكفين في بعض الحالات.
- يتم إعطاء هرمون الإستروجين لتعزيز عملية البلوغ لدى المصابة بالمتلازمة من سن 12 عام وحتى 15 عام مع المتابعة الطبية.
- بعض الحالات تحتاج لتعزيز قدراتها العقلية، فبالرغم من أن المتلازمة لا تؤثر على القوى العقلية، إلا أن بعض الحالات تعاني من صعوبة في التعلم والتركيز.
- تحتاج حالات متلازمة تيرنر لمتابعة دورية نفسياً وجلسات علاج ودعم أسري، لما يتعرضن له من ضغوط نفسية بسبب حالتهن والتغييرات الفسيولوجية والهرمونية لديهن.
مضاعفات متلازمة تيرنر
خطورة المتلازمة تكمن في احتمالية حدوث مضاعفات عضوية مختلفة، منها:
- ضعف في حاسة السمع والبصر أو فقدانهما.
- التهابات في المسالك البولية ومشاكل في الجهاز الخاص بالحمل.
- عيوب خلقية في القلب، ومشاكل في الدورة الدموية والشرايين.
- انحناءات في العمود الفقري، والإصابة بهشاشة العظام.
- الإصابة بحالات نفسية مرضية حادة من الاكتئاب والقلق والتوتر.
- مشاكل في المناعة الذاتية وكسل في نشاط الغدد.
متلازمة تيرنر تلزم أسرة المريضة نمط معين من الحياة داعم دائما لأبنتهما ومراعي لحالتها الخاصة، كما أنه يجب أن يتم الاهتمام بنمط صحي في النظام الغذائي للحفاظ على وزن مثالي للمصابة بالمتلازمة لتتجنب مزيداً من المشاكل الصحية، كما أن المحبة والتفهم والصبر أهم ما يمكن تقديمه لدعمها في تكملة حياتها بشكل طبيعي ومقبول ودمجها في المجتمع، كما أن الفحص الدوري للمريضة للتأكد من عدم تفاقم مشاكل جديدة في القلب أو العظام كما وضحنا سابقاً جزء من طرق التعايش مع متلازمة تيرنر ، صحيح أن حدوث خلل في تكوين طفلك أو إصابتك بمرض غير مفهوم سببه يكون بلاء عظيم من الله، إلا أننا دائما نتذكر أن لله حكمة في كل أمر، ولكل شيء وجه جيد، ويمكننا بقليل من التفهم وكثير من المحبة المرور من المحنة والحصول على حياة هادئة وطبيعية مع المتلازمة.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
الكاتب: شيماء سامي
أضف تعليق