إنشاء مؤسسة اقتصادية هدف استراتيجي للأفراد والدول على حد سواء، وتعتبر المؤسسات الاقتصادية هي النواة الأساسية في الأنشطة الاقتصادية، وهي الهيكل التنظيمي الأساسي الذي يقوم بنشاط تجاري محلي أو دولي؛ بهدف إنتاج السلع والخدمات وتبادلها منفعةً بمنفعة، وسلعةً بقيمة، وتختلف المنشآت الاقتصادية من حيث حجمها وهياكلها والخدمات التي تقدمها للجمهور، إضافة لاختلاف طبيعتها من حيث التصنيع أو التوزيع أو كليهما معا. والمؤسسة الاقتصادية هي عبارة عن كيان معنوي يتكون من شخصين أو أكثر، ويعامل معاملة الشخصية الاعتبارية، وله التمثيل القانوني الخاص به، يبدأ تكوينه بفكرة واضحة وهدف واقعي وخطة مدروسة واقعية قائمة على قيم أساسية، ومقومات نجاح مقدرة، وتخطيط جيد، إضافة للتراخيص القانونية اللازمة للشروع في بناء المؤسسة.
استكشف هذه المقالة
عوامل نجاح أي مؤسسة اقتصادية
للمؤسسات أو المشروعات الناشئة مقومات نجاح، وشروط يجب توافرها، ومزايا في صاحبها لتكون مقدمات لنجاح مشروعه ومبشرات على تفوقها على مثيلاتها في السوق، وبداية لولوج أبواب المنافسة الحيوية في سوق لا يترك للضعيف مكان، وتأتي على رأس الشروط:
امتلاك رأس المال اللازم لإنشاء المؤسسة، وعادة ما يكون رأس المال ممثلا في الأصول الثابتة من مقرات وماكينات وما يتبع ذلك من مستلزمات، وأصول متداولة يتم تغييرها تبعا لتغير أبجديات السوق وتغيير النشاط في المنشأة.
الدراية التامة والمعرفة الدقيقة والخبرات المكتسبة من تجارب السابقين بالقطاع التابع له المؤسسة، ويفضل أن يكون القائم على العمل متخصصا في القطاع، بل ويفضل أن يمتلك صاحب المنشأة شهادات خبرة معترف بها.
الخبرة والتدريب المسبق سواء في وظائف سابقة، أو في شركات مماثلة أخرى باعتبارها العامل المهم في نجاح أي مؤسسة.
القدرة على التخطيط الجيد، والاعتماد على التخطيط الاستراتيجي، القادر على رفع الإنتاج، والتعامل مع مستجدات السوق المالية، والصمود أمام المؤسسات المنافسة، ما يبتعد بالمؤسسة عن الإفلاس والانهيار.
الاستثمار وأصوله
الاستثمار هو كل ما يتعلق بإجمالي الإنفاق على المشروعات الجديدة بهدف إنتاج السلع والخدمات وتقديمها للجمهور، ويتمثل الاستثمار في إضافة طاقات إنتاجية جديدة إلى الأصول الإنتاجية في المجتمع أو المؤسسة عن طريق التوسع في المنشأة القائمة أو إنشاء أي مؤسسة اقتصادية جديدة لها أصولها المستقلة، أو شراء أوراق مالية أو إحلال وتجديد المشروعات منتهية العمر. والاستثمار أنواع عديدة منه الوطني والأجنبي، المباشر وغير المباشر، قصير الأجل وبعيد الأجل، ومنها ما يكون ذا عائد سريع ومنها ما يكون ذا عائد بطيء، ويهدف الاستثمار إلى زيادة الإنتاج، وبالتالي زيادة الدخل القومي وارتفاع متوسط نصيب الفرد منه، وتوفير الخدمات للمواطنين، وتوفير فرص عمل أكبر للشباب، ما يؤدي لمحاربة البطالة.
وتتعدد دوافع الاستثمار من مستثمر لآخر، فمنهم من يرغب في الرغبة في الربح، ومنهم من يؤسس الشركات بهدف مواجهة احتمالات زيادة الطلب واتساع الأسواق، ومنهم من يستهدف إحداث تقدم علمي وتكنولوجي، وقد تستهدف المؤسسات الاستثمارية إحداث استقرار سياسي واقتصادي.
وللاستثمار عوامل تشجعه على الاستثمار، وتتنوع وتتعدد وهي:
- السياسة الاقتصادية المناسبة، القائمة على الوضوح والاستقرار، والمنسجمة مع القوانين والتشريعات، مع إمكانية تطبيق هذه السياسات على أرض الواقع، ويحتاج الاستثمار إلى الحرية لتقدمه وزيادة حجمه، وهذا يعني أن تشجيع الاستثمار لا يتحقق بقانون، ولكن يلزمه سياسات اقتصادية متوافقة ومتكاملة.
- البنية التحتية التي يحتاجها الاستثمار، خاصة فيما يتعلق بالمناطق الصناعية، ووضعها تحت طلب المستثمرين بأسعار معتدلة حتى تستطيع المنافسة وعرض خدماتها بأسعار مقبولة من الجمهور، وتتضمن البنية التحتية الكهرباء والمياه والمواصلات والاتصالات وتوفير الكفاءات والعناصر الفنية المميزة والمدربة.
- بنية إدارية مناسبة تبتعد عن روتين الإجراءات وبيروقراطية الحصول على التراخيص والتسهيلات، ما يساعد على تخليصهم من مشقة متابعة الإجراءات عن طريق اختصار الإجراءات في مكان واحد.
- ترابط القوانين واتساقها مع بعضها وعدم تناقضها وعدم اختلافها مع السياسات الاقتصادية المختلفة، وقبولها من قبل المستثمرين، وعدم إجراء تعديلات متلاحقة عليها؛ حتى لا يحدث اضطراب في صورة الاستقرار الاقتصادي في عيون المستثمرين الجدد.
الأزمة الاقتصادية العالمية والاستثمار
بدأت الأزمة الاقتصادية العالمية منذ أواخر عام 2008 بمظاهر عدة، وترتب عليها نتائج وخيمة على الاقتصاد العالمي واقتصاد الدول النامية بشكل خاص، وتمثلت بداية الأزمة في انهيار أسعار أسهم وول ستريت جورنال في الولايات المتحدة، تزامنا مع ظهور مشكلتي الرهن العقاري والائتمان، وحدوث انخفاضات سريعة في أسعار النفط ومواد خام أخرى. أدت الأزمة الاقتصادية العالمية إلى عدم مقدرة الأفراد على الوفاء بالتزاماتهم وعجزهم عن سد احتياجاتهم اليومية، ما أدى إلى عجز البنوك عن توفير السيولة اللازمة للعملاء، وتعددت الأسباب التي أدت إلى الأزمة المالية العالمية، وأرجع خبراء اقتصاديون أن أهم أسباب الأزمة المالية هي طبيعة النظام المالي نفسه “النظام الرأسمالي”، الذي يسمح بحرية التعاملات الاقتصادية والمالية، إضافة للسماح بالمضاربات غير المنضبطة للأسهم، ويسمح بالمضاربة غير المنضبطة في أسعار النفط.
ويأتي الإنفاق على الحروب بشكل مبالغ فيه، وزيادة الإنفاق العسكري في المرتبة الثانية من أسباب الأزمة العالمية، بداية من أحداث 11 سبتمبر وما ترتب عليها من رفع شعار محاربة الإرهاب، وتدمير أفغانستان، وغزو العراق والإجهاز على كل مقدراتها، ثم ما لبثت أن اجتاحت أحداث الربيع العربي الدول العربية، ثم اتخاذ سياسات اقتصادية لمعالجة المشاكل الاقتصادية المترتبة على الأزمة العالمية.
وللأزمة العالمية تداعيات كبيرة على الاستثمار؛ لأن التجارة العالمية تتجه نحو الكساد والركود، ويقل حجم التبادلات التجارية بين الدول المختلفة، ما يكرس عجز الحكومات عن تنفيذ سياستها التنموية، وتراجعت التجارة الداخلية كذلك بعدما تراجعت مستويات الدخلين القومي والفردي، ما يقلل حجم الإنفاق وتقل القوة الشرائية وينخفض الإقبال على مختلف المنتجات.
كيف تبني مؤسسة اقتصادية في الظروف الراهنة؟
لكي تبني مؤسسة اقتصادية ناجحة، تتناسب مع إمكانياتك، وتحافظ على استمراريتها، وتنافسها على زيادة ربحيتها، والحفاظ على درجة تنافسيتها، عليك اتباع الخطوات التالية:
- ادرس فكرة المشروع جيدا، وحاول تجميع كافة المعلومات الكافية عنه، إذ إن الكثير من الأفكار يمكن أن تتحول بالدراسة الجيدة إلى مشروعات اقتصادية ناجحة.
- حدد نوع المؤسسة التي ترغب في إنشائها، ولا تجعل نفسك مترددا بين الأنواع القانونية المختلفة “شركات الأشخاص، وشركات الأموال، والشركات المساهمة… وغيرهم”؛ إذ إن لكل نوع طبيعته ومسؤوليته القانونية الخاصة به.
- حدد نشاط مؤسستك بشكل دقيق “صناعي أو تجاري أو طبي أو استهلاكي”، ويفضل أن يكون نشاطك مطلوبا من الجماهير، وغير متواجد في محيطك الجغرافي، وتتميز به وتمتلك خبرات كافية لإدارته.
- اختر اسما مميزا لمؤسستك، وواضحا، ويعكس طبيعة المنتج الذي تروج له، ويوضح بشكل كافٍ نوع الخدمة التي تقدمها المؤسسة، ويفضل ألا يزيد الاسم عن كلمتين ولا يقل عن كلمة مكونة من أربعة أحرف.
- حدد مقومات مشروعك بدقة، رأس مالك وأصولك الثابتة والمتداولة، وحجم إنتاجك المقدر المبني على دراسات حقيقية لإمكانياتك وقدرات عمالتك، وابنِ خططك المستقبلية بناء على هذه المقومات.
اتبع سياسة إعلانية مفيدة، مبنية على استهداف الشرائح المرجوة بشكل دقيق، ولا تُغفل استخدام التكنولوجيا الدقيقة في الدعاية، واجعل من دعايتك وسيلة جذب للعملاء، مقدما لهم التسهيلات اللازمة التي تأخذ الأزمة المالية في الاعتبار.