هناك بعض الامور في حياتنا بالرغم من وجودها المسيطر والطاغي في يومياتنا الا اننا قلما ما نهتم ان نسأل بعض الاسئلة البديهية التي تخصها, من هذه الامور الزواج مثلا, من منا لا يعنيه الزواج ومن منا لا يتحدث في امور تخصه ليل ونهار, الا اننا نتحدث في التفاصيل والعموميات والمشاكل والحلول وغيرها وننسي البديهيات ومثلما يقول خبراء النفس “تنكفأ البديهيات” أي تقع وتهمل من العامة. سنتحدث في مقالنا هذا عن موضوع هو عبارة عن سؤال من هذه الاسئلة البديهية وقد تعتقد انه بسيط للغاية ولكنه في الحقيقة في منتهي الصعوبة والعمق ويحتاج من كل انسان برهة من الوقت وربما ساعات وايام واسابيع وشهور والبعض يطلب سنين حتى يستطيع الاجابة بصدق عن هذا السؤال. والسؤال هو : لماذا نتزوج او لماذا يتزوج الانسان ؟
لماذا نتزوج : الزواج سنة بشرية ام سنة دينية
البعض سيفكر ويقول مجاوبا على السؤال : ” لماذا نتزوج ؟” بأن الزواج سنة بشرية تعودنا عليها من ابائنا واجدادنا وهم اخذوها من اجدادهم وهكذا أي هي وسيلة للحفاظ على النسل البشري واستمرار الحياة على الارض, وهذه اجابة الانسان الذي يري الزواج من وجهة النظر المادية البحتة فهو حصر الاهمية للزواج في الوظيفة الانجابية او المعاشرة الجنسية, بل والادهي انه حصر من المعاشرة الجنسية وظيفتها الانجابية فقط وهي المحافظة على النسل واستمراره. والبعض الاخر قد يري ان الزواج عبارة عن سنة دينية اخذناها من شرائعنا السماوية وادياننا التي وجدنا عليها ابائنا وتربينا عليها وعرفنا فيها ان الزواج هو نصف الدين كما نقول نحن المسلمين, وذلك تعظيم لاهمية الزواج في حياة الانسان. وهؤلاء يرون ان الزواج وسيلة للحفاظ علي مجتمع متماسك وصحي ويحافظ على الترابط الاسري ووسيلة للترابط والنمو السكاني والعزوة وهكذا.
لماذا نتزوج : الزواج وسيلة لاتمام الحب ام افراغ للشهوة الجنسية
واجابة اخرى على السؤال : ” لماذا نتزوج ؟” قد تأتي على صورة غاية في العاطفة وتقول ان الزواج وسيلة لاتمام قصة حب بين شاب وفتاة او رجل وامرأة, اثنان ارادا الارتباط وجدانيا وماديا وجنسيا للابد حتي يلاقوا الموت فاختاروا الوسيلة التي تجعلهم في بيت امن معا طوال حياتهم, والوسيلة التي تسمح بهذا في المجتمعات الحديثة هي الزواج سواء الزواج الشرعي الديني برعاية واشراف المؤسسات الدينية او الزواج المدني الذي يعترف به في بعض الدول الغربية واعترفت به لبنان مؤخرا. واجابة اخرى تأتي مسرعة في اطار السؤال القائم عن لماذا يقدم الناس على الزواج, ويقول صاحبها ان الناس تذهب للزواج لمجرد افراغ الشهوة الجنسية وبحكم العادة ليس اكثر ولا اقل, وهي وجهة نظر مهما كانت تبدو سطحية وسخيفة نوعا ما الا انها تستحق التأمل فمجتمعات كاملة قد تكون تعيش على هذا النمط من المعيشة والتفكير فعلا مثل بعض القري الافريقية الفقيرة وخاصة في شرق افريقيا وجنوب الصحراء الكبرى في وسط افريقيا.
وفي نهاية المقال, سنفكر معا قليلا, تعالوا لندرك اهمية او دور الزواج في حياتنا وفي حياة اي مجتمع حديث او حتى قديم ان نتخيل عدم وجوده اصلا. كانت ابسط الامور التي ستحدث هي اجيال خلف اجيال لا تعرف لها نسبا, وستفرز المجتمعات الاف وملايين الافراد الاشبه بالمماليك الذين طردتهم الدولة الخوارزمية في القرون الهجرية الاخيرة وجاءوا للشرق الاوسط وسيطروا على حكم مصر لمدة مائتي عام وكان الفرد منهم يعرف بلقب مفرد ولا يعرف له ابا ولا اما ولا اهل ولا عشيرة ولا يعرف عن اصله غير انه كان عبد تم بيعه في سوق النخاسة. تخيلوا كيف كانت تبني المجتمعات القوية على اسس مخوخة هكذا, اذن الزواج قد يكون هو العروة الوثقي التي تسببت في ترابط المجتمعات سواء الشرقية او الغربية حتي مع الفارق الا ان الجميع يدرك اهمية الزواج في ترابط المجتمع وقوته والا لكان الغرب تجاهل الزواج منذ زمن بعيد.
