لعله مصطلح جديد لأول مرة يطرق أذنك وهو لغات الحب الخمسة عند الأطفال.يا ترى ماهي؟كيف يمكننا من خلالها التواصل مع أطفالنا؟هل لكل طفل لغة محبة خاصة به أم أن الأطفال سواء في تلك اللغات؟ تلك الأسئلة وغيرها ستكون محور حديثنا ستتعلمون من خلالها الكثير والكثير حول التواصل الجيد مع أطفالكم، وكيف سيثمر هذا التواصل أطفال أسوياء نفسيا، قادرين اجتماعيا على مواجهة كل التحديات، متفوقين علميا ودراسيا، والأهم من ذلك كله كم التناغم الأسري والتواصل الجيد الذي ستنعمون به مع أطفالكم عند تفهم لغات الحب الخمسة عند الأطفال. ومن أفضل من تناولوا ذلك المصطلح الكاتب الأجنبي جاري تشابمان في كتابه لغات الحب الخمسة عند الأطفال والكتاب يشمل جوانب نفسية واجتماعية وتربوية لقلما تجتمع في غيره من الكتب المتعلقة بهذا الأمر.
تعرف على أسلوب لغات الحب الخمسة في تربية الأطفال
الأطفال محنة ومنحة من الله
إن الأطفال ودائع ثمينة من الله لذا فيقع على عاتق الآباء والأمهات مسئولية كبيرة للغاية فالطفل الصغير كالسفينة وسط بحر كبير متلاطم الأمواج ونجاته أو غرقه بحسب توجيه الدفة والتي هي بيد الآباء والأمهات، وكذلك فالطفل في الصغر كقطعة العجين بين يدي الأب وألم يشكلوها كما أرادوا وكيف شاءوا يزرعون ما يشاءون من قيم ومفاهيم وكما يقولون:”التعليم في الصغر كالنقش كالحجر والتعليم في الكبر كالرسم على الماء”.
كونوا أكثر حبا لأبنائكم وسيكون كل شئ كما ينبغي
- المحبة هي الاحتياج الأكبر للأطفال ولها علاقة وثيقة بشكل العلاقة بين الأطفال والوالدين، وأي احتياج آخر للأطفال كالاحتياجات المادية فإنها أقل أهمية وليست مؤثرة أو مصيرية في حياة الأطفال.
- إن استعمال لغة الحب المناسبة لطفلك لا يعني تماما أنه سيصير شخصا مثاليا طوع والديه دائما وإنما يكفي أن الطفل سيدرك من داخله أنك تحبه فيصعب عليه بأي حال من الأحوال أن يصير عدوا لك.
- عندما يمتلأ طفلك بمشاعر المحبة التي يمنحها له الوالدين فإنه يكون متجاوبا لدرجة كبيرة مع محاولات التأديب والتهذيب له. إن كل طفل بداخله مستودعا عاطفيا وكلما كان ممتلئا بالمحبة كان عونا له على تجاوز المحن والفترات العصيبة التي تمر عليه في الطفولة وكذلك المراهقة،و يجب على الوالدين أن يزودوا أطفالهم بتلك المحبة بشرط أن تكون محبة حقيقية غير مشروطة تدعم ذات الطفل وليس تصرفاته أو سلوكه.
المحبة ليست دلال زائد
إن المحبة للأطفال والتعبير عنها بكل الوسائل والطرق الممكنة من قبلات وأحضان وكلمات طيبة ودعم دائم ليست دلال أو رفاهية فكرية إنما هو تقدير لذات الطفل المنحة من الله والذي يجب على الوالدين أن يحافظوا على تلك المنحة ويمنحوها ما تستحق من حب وحنان ودعم وإلا صارت محنة وابتلاء.
لغات الحب الخمسة حوار وتواصل
يجب على الوالدين معرفة لغات الحب الخمسة لدى الأطفال ليسهل عليهم الحوار والتواصل مع أطفالهم ولكل طفل نوع محبة خاصة مقربة له ومحببة إليه يسهل من خلالها التواصل معه أكثر من لغات الحب الخمسة الأخرى ولا يعني هذا أن تلك اللغة فقط هي التي يحتاج إليها الطفل بل إن تلك اللغة هي أقصر طريق للوصول إلى عقله وقلبه.
ما هي لغات الحب الخمسة؟
اللغة الأولى: التلامس الجسدي
إن التلامس الجسدي هي لغة سحرية ورائعة من لغات الحب الخمسة التي يحتاج إليها الطفل دائما وبدون شروط. لا تتوقف اللمسة الجسدية على القبلات والأحضان، بل حتى عندما يكون الأطفال مشغولين فعلى الوالدين أن يضعوا أيديهم على ذراعهم أو ظهورهم أو أكتافهم. تعتبر القبلات والأحضان أكثر تلك الأساليب شيوعا، ولكن هناك أساليب أخرى كأن يقذف الأب طفله الرضيع في الهواء، أو يغمض عيني طفلته البالغة سبع سنوات ويهمس في أذنيها “من أنا” فلتفت إليه ضاحكة ومحتضنة له بحب. للأسف تشير بعض الدراسات أن بعض الآباء والأمهات لا يلمسون أطفالهم إلا عند الحاجة لذلك كأن يساعدوهم في ارتداء الثياب أوخلعه أو يحملوهم غلى الفراش ولكن كل ذلك لا يضع في مستودع الأطفال العاطفي شيئا لأنه مشروط.
يحتاج الطفل في سنواته الأولى إلى كثير من اللمسات وليس من الأم فقط بل من الآباء كذلك ومهما كان أبا مشغولا في مضمار العمل ليل نهار أو كانت الأم تعمل فإن هذا يعفيهم من حاجة أطفالهم في تلك السنوات إلى تلك اللمسات الرقيقة الحانية التي تملأ مستودع الطفل العاطفي وتزيد لديه قدرته على العطاء والبناء وتجاوز الصعوبات عندما يكبر. ولا شك أن هناك بعض الأوقات يحتاج فيها الطفل إلى التلامس الجسدي أكثر من الأوقات الأخري كأن يكون مريضا أو حزينا لشئ ما، كما تنتبه البنات كثيرا إذا ما كان الوالدان يعاملاها بنفس الطريقة التي يعاملان بها الأولاد.
وكذلك فإن مرحلة المراهقة يحتاج فيها الأبناء إلى فيض كبير من مشاعر الحنان والحب المتمثلة في التلامس الجسدي وخاصة البنات فإنهم يحتاجون من آبائهم في تلك الفترة إلى الكثير من المعانقات والقبلات وإذا تخلى الآباء عن مسئوليتهم في تلك الفترة الحرجة من حياة البنات فإن الأمر سيصير كارثي عندما تبحث الفتاة على هذا التلامس الجسدي عند ذكر آخر غير أبيها. إن لغة التلامس الجسدي هي إحدى لغات الحب الخمسة لدى الأطفال وواحدة من أقوى التعبيرات عن المحبة فهي تصيح وإن كانت صامتة “أحبك يا بني”.
اللغة الثانية: كلمات المدح
إن الوسيلة الثانية للتعبير عن الحب بعد المعانقات والقبلات هي كلمات التشجيع والدعم والمدح والتي تحمل المعاني الجميلة “أنا أدعمك”،”أنا فخور بك” وهكذا فتلك الكلمات تشعر الطفل بالأمان النفسي والسلام الداخلي،ولكن ثمة نقطة هامة للغاية وهو أن الوالدين لا يطلقوا تلك الكلمات ليل نهار بجدوى أو بدون جدوى وإلا فقدت قيمتها وشعر الطفل في نفسه بالكبر أو غير ذلك فنحن نمدح في الموقف الذي يستحق المدح حقا، ندعم في الموقف الذي يحتاج فيه الطفل إلى دعم وهكذا.
إن الوالدين يحتاجون إلى مجهود كبير لإعطاء الطفل التشجيع في المواقف المناسبة،والأطفال الذين تؤثر فيهم الكلمات الطيبة من مدح ودعم وتعضيد تجدهم أكثر الأطفال تأثرا بكلمات النقد والجرح حيث أنهم يشعروا أنهم فقدوا جزء من محبة الوالدين لهم وتلك الوسيلة تكون وسيلة تهذيب وتأديب لهم ناجحة ومؤثرة.
اللغة الثالثة: منح وقت للطفل
إن منح وقت للطفل هو أكبر رسالة من الوالدين تخبر الطفل بمدى أهميته وقدره عندهم، والأهم من منح وقت للطفل هو التفاعل مع الطفل في ذلك الوقت وجذب أطراف الحديث معه،ومداعبته. مع تزاحم الأحداث وكثرة المسئوليات وضغوط الحياة الواقعة على عاتقي الوالدين تجعل منح طفل للأطفال شيئا صعبا ولكن الذي لا يدركه الوالدان أن ذلك الوقت سيوفر عليهم الكثير في المستقبل حيث أنه من خلال ذلك الوقت ينم بناء شخصية الطفل وزرع القيم الفاضلة والأخلاق النبيلة فيه مما يساعد على بناء شخصيته وتكوينها في الوقت المناسب وخاصة في الخمس سنوات الأولى ويوفر على الوالدين وقتا وجهدا كبيرين بعد ذلك.
وتمثل العينين وسيلة حانية ولطيفة مع الكلام في إيصال رسالة للطفل”كم أحبك وأسعد بوجودك”في حين أننا نجد الكثير من الوالدين يستخدمان تلك الوسيلة خطأ عن طريق نظرات الانتقام والانتقاد مما يؤثر على الأطفال بشكل سلبي للغاية.
وليعلم الوالدين أن الطفل مهما كبر لن ينسى تماما تلك الذكريات الجميلة التي قضاها مع والديه في الصغر حيث أن تلك الذكريات تساعده طوال حياته أن يكون شخصا متزنا نفسيا وعاطفيا.
اللغة الرابعة: الهدايا
لن يكون للهدية أثر نفسي على الطفل إن لم يكن لغات الحب الخمسة متوفرة للطفل ويتم منحها له بالقدر المناسب وفي الوقت المناسب، حيث أن قيمة الهدايا في أنها جزء من التعبير عن المشاعر الطيبة والتي عبر عنها قبل ذلك بالقبلات والكلمات الطيبة وقضاء وقت ممتع مع الطفل. إن جمال الهدية وتأثيرها يكمن في أن الطفل كلما نظر إليها تذكر أن والديه مهتمون به ويحبونه مما يدفعه دائما للأمان ويجعل مستودعه العاطفي ملئ بالمشاعر الحانية.
اللغة الخامسة: مساعدة الأطفال
تعد مساعدة الأطفال لغة من لغات الحب الخمسة التي يحتاج إليها الطفل وليست القيمة في قدر المساعدة التي يقدمها الوالدين للطفل بل القيمة في حاجة الطفل إليها فمثلا قد تكون حاجة الطفل إلى أن يشاركه والده تركيب البازل أكبر من حاجته إلى أن يشتري حذاءا جديدا وهكذا.
على الوالدين الصبر ثم الصبر ثم الصبر
إن أكثر سمة يجب أن تكون متوفرة في الوالدين وكذلك في المربين عامة من مدرسين ومدربين وغير ذلك هي الصبر فالمربي الناجح هو من يصبر على الأطفال ولديه القدرة في منحهم لغات الحب الخمسة على القدر الذي يحتاجون وبالطبع إن كل طفل يفتقر إلى بعض الأشياء دون غيرها فبعض الأطفال تؤثر فيه القبلة والمعانقة أكثر من الكلمة الطيبة وبعضهم يحب الهدايا وتجعله دافعا له للبذل والعطاء.
إن ما يبذله الوالدان من مجهودات مع أطفالهم في السنين الأولى من حياتهم لملأ مستودعهم العاطفي ستوفر الكثير خلال مرحلة المراهقة وما بعدها. وفي الجانب الآخر فإن الأطفال الذين لم يحصلوا على تلك اللغات من معانقات وكلمات طيبة وهدايا ووقت طيب مع الوالدين سيصبحوا أشخاص مهزومين نفسيا من الدرجة الأولى بل عندما يكبروا هم فإنهم في الغالب لن يستطيعوا أن يمنحوا الحب والحنان لأطفالهم لأنهم لم يشعروا بذلك منذ الصغر وكما يقال”فاقد الشيء لا يعطيه.
وذلك للأسف سيصنع أجيال من المنهزمين نفسيا وعاطفيا فاقدي الثقة في قدراتهم وخبراتهم وإمكانياتهم فالأمر جد خطير لذا على الوالدين أن يصبروا ويتعلموا تلك لغات الحب الخمسة ويمنحوها لأبنائهم بكل صبر ورفق ومحبة ولين فإن لم يصبر الوالدان على تربية أبنائهم ودفعهم للأمام فعلى ماذا سيصبروا؟!
إن الأطفال هي منحة وهدية ولا يشعر بقيمتها للأسف إلا من حرم منها استمتعوا بأطفالكم وعيشوا طفولتهم معهم فإن تلك اللحظات الجميلة من مزاح وضحك وجري ولعب لن تعود مرة أخرى فلتستمتعوا بكل لحظة معهم ولتضحوا بكل غال وسمين ليشعر أطفالكم بمحبتكم وودكم.
ولتدركوا جيدا أن بناء ذلك الطفل في لا يعني بناء طفل واحد فحسب بل يعني بناء مجتمع،بناء أمة،سوية نفسيا وقادرة على مواجهة الصعوبات وتحقيق الطموحات فليس المال أو السلطة أو الجاه هي وحدة بناء الأمة بل إن وحدة بنائها هي ذلك الشخص فكم من أمم لها من الأموال والثروات ما لها ومحيت من تاريخ الأمم وأصبحت نسيا منسيا ذلك لأن الفرد هو من يستطيع تخليد ذكرى أمته ببنائه ومشاريعه وطموحاته ولن يستطيع أن يقوم بذلك إلا الشخص الذي قد منح من الحب والحنان والرعاية والتضحيات ما جعله شخصا يساوي أمة.
أضف تعليق