نحن لم نخلق ملائكة كي لا نخطئ، فاقتراف الأخطاء جزء لا يتجزأ من الطبيعة البشرية، المشكلة الأساسية لا تكمن في الخطأ نفسه لكن في الاعتراف به، أغلب الثقافات خاصة العربية تنظر للاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه على أنه نوع من الضعف، لكن الحقيقة أنه أقصى درجات الشجاعة والرقي، فاعترافك يعني أنك شخص ناضج بما يكفي لتتحمل مسئولية ما فعلت، مع الأسف أغلبنا لا يمتلك هذه الثقافة، فلا يعرف كيف يعترف بخطئه ويعتذر عنه بأسلوب راقي دون أن يخسر الطرف الآخر، في هذا المقال سنقدم لك بعض النصائح لتُزيح هذا الثقل عن كاهلك وتعترف بخطئك دون أن تفقد هيبتك واحترامك لنفسك.
خطوات الاعتذار عن الخطأ دون فقد الهيبة واحترام الذات :
غير وجهة نظرك للأمور
غالباً السبب الرئيسي الذي يدفعك لإنكار خطأك وعدم الاعتراف به هو خوفك من العواقب المترتبة عليه، خاصة إن كنت أحد الشخصيات التي تنشد الكمال دوماً في كل شيء، فإذا ارتكبت خطأ ما تبدأ في انتقاد نفسك بشكل مُبالغ فيه، فتشعر أن ما فعلت أسوأ بكثير مما هو عليه فعلاً، بالتالي تبدأ في إنكاره ومحاولة إخفائه بأي وسيلة ممكنة، قد يقودك هذا لارتكاب أخطاء أكبر أو تحمل عواقب أسوأ، كلما أنكرت خطأك كلما أصبح الاعتراف به أصعب، لذلك لا تستمع لانتقاداتك الداخلية ولا تُركز على الجوانب السيئة فقط، وتوقف عن لوم نفسك على كل كبيرة وصغيرة، فكل شيء له جانب سيء وجانب جيد حتى الخطأ نفسه!
لا يُمكنك تجنب الأخطاء
يجب أن تُدرك جيداً أنه مهما فعلت ومها حاولت منع نفسك من ارتكاب الأخطاء لن تستطع! فكما ذكرنا سابقاً نحن بشر، وقد خُلقنا خطاءين ولكن خيرنا من يعترف بما فعل ويرجع عنه، فلا تُضيع وقتك وجهدك في مُحاولة تجنبها، بل تعلم منها، وتذكر أنك لم تتعلم المشي إلا بعدما تعثرت مئات المرات! أخطائنا لا تعني أننا سيئون بل تعني ببساطة أننا بشر!
تحمل مسئولية خطأ
استعدادك لتحمل عواقب ما فعلت هو أفضل وسيلة لامتصاص غضب الآخرين، خاصة إن كنت قد أخطأت بشدة في حقهم، فلا شيء أسوء من الخطأ سوى إنكاره، عدم الاعتراف به يزيد من غضبهم ربما أكثر من الخطأ نفسه، لذلك أفضل وسيلة لتجنب المزيد من العواقب واللوم هي إعلانك بكل وضوح أنك مستعد لفعل أي شيء يرونه مناسباً كتعويض عما فعلت، وإلا لا تتوقع أن يُغتفر هذا الخطأ ما حيت بل سيظل مُلحقاً لك للأبد.
اعتذر بكل صدق
لا يكفي أن تعترف بخطئك حتى يُسامحك الآخرين، بل يُمكن أن يكون اعتذارك هذا بمثابة مُشكلة أخرى! يجب أن تُظهر مدى ندمك وصدق اعتذارك خاصة للشخص الذي آذيته، تخلى عن كبريائك وغرورك في هذه اللحظة وأخبره أنك آسف حقاً لما فعلت، لا تأخذ هذه الخطوة إلا إن كنت تشعر بالندم حقاً حتى لا تتفاقم الأمور لأنك لن تستطيع تزيفه مهما حاولت!
وضح سبب ما فعلت
ربما يكون سبب الغضب الذي يجتاح الطرف الآخر هو فهمه الخاطئ لوجهة نظرك، لذلك حاول أن تشرح له السبب وراء ما فعلت وأنك لم تقصد إيذائه حقاً، لكن لا تُلفق أسباب غير صحيحة فالكذب حباله قصيرة يا عزيزي، وتأكد أن غضبه سيكون أكبر بالإضافة إلى أن ثقته ستنعدم بك تماماً، فهل هذا ما تُريده حقاً!
لا تُلح عليه
استجابة الطرف الآخر لا تتوقف على حجم الخطأ من وجهة نظرك فقط بل على مدى الأذى والضرر الذي سببته له، لذلك لابد أن تترك له مساحة كافية كي يهدأ ويُفكر في اعتذارك بموضوعية، ثم يُقرر هل يستطيع أن يُسامحك حقاً أم أن خطأك أكبر من مجرد اعتذار! إلحاحك عليه في هذه المرحلة سيزيد من عناده أكثر، لذلك اعتذر له بصدق ثم انتظر فقط، ولا تلومه أبداً حتى ولو تأخر في تقبل اعتذارك.
تخلص من كل الأفكار السلبية
غالباً ستلاحقك آلاف الأفكار السلبية خاصة إذا لم يتقبل الطرف الآخر اعتذارك مباشرة فتبدأ في لوم نفسك ونعتها بكل الكلمات السيئة والصفات السلبية التي تخطر ببالك! هذه الطريقة لن تحل المشكلة، بل سيتفاقم شعورك بالذنب أكثر، يجب أن تُفرق يا عزيزي بين تحمل مسئولية خطأك والاستسلام للأفكار السلبية، فهناك فرق شاسع بينهما، ما حدث قد حدث ولن يُغيره أي شيء، لذلك حاول أن تكون إيجابي قدر الإمكان حتى تستطيع امتصاص غضب الطرف الآخر وإصلاح الأمر.
أخيراً، يجب أن تتقبل وجهة نظر الطرف الآخر في حال رفض اعتذارك، فأحياناً يكون الخطأ اكبر من أن يُغتفر لذلك اعترافك به ليس إلزاماً بقبول الاعتذار ، فلا تحمل أي ضغينة أو حقد تجاهه وحاول أن تضع نفسك مكانه وتخيل أنه قد فعل الأمر نفسه معك هل ستتمكن من مُسامحته! كن موضوعياً في حكمك، وحاول أن تُعوضه بكافة الطرق الممكنة، إذا كنت قد تسببت في طرده من عمله بسبب فعلتك، حاول إذاً أن توضح الأمور لمديره، اعتذارك له لن يكفي في هذه الحالة! وتأكد يا عزيزي أن الاعتذار لا يقلل أبداً من شأنك، فنحن لسنا أنبياء كي نُعصم من الخطأ!