لعل هذا السؤال بدأ يتردد بقوة في أوساط شبكات التواصل في البداية على شكل استفسار جدي عن أزمة وجودية تؤرق الكثيرين ولكن بعد ذلك أتى في صورة هازلة كإشارة لما يفعله بنا الأرق بعد منتصف الليل ولكننا في هذا المقال سنأخذ الأمر بصورته المبدئية ونجيب على الجانب الجاد منها ونحاول الإحاطة بكافة الرؤى المختلفة لهذه الإجابة وهي كيف بدأ الخلق ؟ وحول نشأة وتطور الخليقة من كافة الجوانب، ونخشى أن نوجز في هذا المقال ولكن حتى لا نحمل القارئ ما لا يحتمل فسنحاول المرور على وجهات النظر أمامنا بإيجاز بما يهم القارئ العربي ولكن قبل أن نبدأ على إجابة السؤال علينا أولا أن نسأل القارئ ما هي وجهته في الإجابة على السؤال وما هي أدواته، إن كانت أدواته هي المنهج العلمي واتباع أقوال العلماء في نظرياتهم وفرضياتهم حول نشأة الخلق أم أنك ستؤمن إيمانا تاما بنصوص الأديان السماوية المقدسة دون أدنى التفات لتلك الفرضيات العلمية لأن لديك اليقين الكامل والحقيقة المطلقة فيما يخص سؤال كيف بدأ الخلق ؟ لذلك نحن سنعرض الإجابة من كافة الجوانب والرؤى ووجهات النظر.
استكشف هذه المقالة
رأي العلم ونتيجة المنهج العلمي في الإجابة على سؤال: كيف بدأ الخلق ؟
لا ريب أن نشأة الكون أو الإجابة عن سؤال كيف بدأ الخلق لم يكن جديدا تماما بل ظل يؤرق الإنسان بمرور الأزمان وهو ينتمي للأسئلة الوجودية أي الأسئلة التي توجد بوجود الإنسان وطالما الإنسان موجودا فسيظل يسألها لأنها ترتبط بوجوده وحقيقة وجوده والهدف من وجوده وما بعد وجوده، ولكن العلماء أصروا على تتبع المنهج العلمي في هذا الصدد حتى توصلوا لنظرية الانفجار العظيمة كفرضية مقنعة تدعمها الأسانيد والأدلة العلمية والتي يجعلها نظرية مقبولة إلى حد كبير بنسبة صحة كبيرة تصل بها إلى درجة الحقيقة وتكاد تكون حقيقة ثابتة بالفعل في المجتمع العلمي مقطوع بصحتها.
ما هي نظرية الانفجار العظيم بإيجاز؟
“نظرية الانفجار العظيم” كما أسلفنا أو كما يسمونها big bang theory، هي الإجابة النموذجية على سؤال كيف بدأ الخلق وتتمحور باختصار حول أنه قبل ما يقدر بأكثر من 13 مليار عام، وبينما كان الكون كتلة واحدة متناهية في الصغر حدث له انفجار وهو ليس انفجارا بالمعنى الحرفي بل هو تمدد أو تضخم أدى لارتفاع درجة الحرارة بطريقة عالية وارتفاع كثافته بسبب التمدد أو التوسع وبينما كانت أشلاء هذا الانفجار تتوسع بعيدا عن بعضها البعض سمح هذا نوعا ما بتكوّن المجرات والكواكب المكوّنة لها ونشأة الذرات التي ستكون سببا في نشأة الحياة على الكون بعد ذلك، وقد تعتقد أن هذا قد حدث بشكل متتابع ولكنه في الحقيقة حدث بشكل بطيء وعبر آلاف السنين، وبالطبع يمكنك البحث على الإنترنت عن تفصيل أكبر لنشأة الكون ويمكنك أن تتساءل عن ماذا كان قبل الانفجار العظيم ولن تجد إجابة مرضية ولكن ننصحك بأفلام اليوتيوب لأنك لن تفهم شيئًا من المقالات ما لم تكن متخصصا في الفيزياء.
نشأة الحياة على الأرض
كيف بدأ الخلق يعني كيف تشكل الكون وكيف ظهرت الحياة على السطح الأرض؟ يرجع العديد من العلماء أصل الحياة على الأرض على أن جزيئات غير حية أو ما سميت بوحيدة الخلية قامت بالتفاعل مع الضوء مما نتج عنه خلية حية بعد ملايين السن عن طريق التخليق الضوئي، بدأت الحياة تتشكل على الأرض شيئًا فشيئًا ونتج فيما بعد الخلايا المعقدة ثم كائنات المتعددة الخلايا، ثم الحيوانات البسيطة ثم المفصليات الأرجل ثم الحيوانات المعقدة ثم الأسماك والبرمائيات ثم نباتات الأرض ثم الحشرات والبذور ثم البرمائيات ثم الزواحف ثم الثدييات ثم الطيور ثم الأزهار وقد عرضناهم بهذا التتابع حتى لا نطيل ولكن المدة التي استغرقتها ظهور كل هذه الكائنات منذ نشأة الكون نفسه أكثر من 4500 مليون سنة ووجدت الكائنات المختلفة إلا أن هذه الكائنات قد انقرضت بفعل الثلوج التي غطت العالم فيما يعرف بالعصر الجليدي ثم بعد ذلك بملايين السنين بعد أن ضرب نيزك الأرض أدى إلى انقراض الديناصورات والزواحف العملاقة التي سيطرت على الأرض منذ ما يقرب من 60 مليون سنة، وظهر أخيرا الجد الأكبر للإنسان والقرد وهو ما سمي بالهومو منذ 2.5 مليون سنة أو ما يسمون بالقردة العليا.
ظهور الإنسان على الأرض
كيف بدأ الخلق سؤال يشمل أيضًا ظهور الإنسان على الأرض، حسب المنهج العلمي فإن أسلاف البشر والقرود الذين استطاعوا الانتصاب على قدمين قد أسسوا لوجود الإنسان ومهدوا له، وهذا حسب تشارلز داروين مؤسس علم التطور الذي يفسر وجود الإنسان على الأرض حسب المنهج العلمي، حيث مر بالعديد من الطفرات التطورية حتى من الإنسان العامل للإنسان الماهر للإنسان المنتصب حتى وصلنا للإنسان العاقل وهو الموجود الآن وقد يظن القارئ أن المقصود بكلمة طفرة أن هناك مثلا قردة أنجبت إنسانا وهذا غير منطقي وغير مقبول على الإطلاق ولكن طفرة بمعنى أنها لم تكن لها مبررات أو دوافع علمية يمكن تبريرها بها ولكن التطورات الجينية التي أنتجت الإنسان في النهاية استغرقت ملايين السنين ويرجح أن الإنسان العاقل الحالي قد ظهر في أفريقيا قبل ما يقرب من 200 ألف عام ومن أفريقيا انتشر في كافة أنحاء العالم.
الإيمان بالنصوص الدينية
أما إن كنت تود أن تجيب عن سؤال كيف بدأ الخلق بالطريقة الدينية اليقينية حسب معتقدك تاركا تعقيدات العلم بعيدا فنكاد نقول أن الأديان السماوية لديها رواية متقاربة إن اختلفت في تفاصيلها وشكلياتها فهي متفقة بشكل إجمالي وجوهري وهو أن الله قد خلق السماوات والأرض والشمس والقمر في ستة أيام ثم استوى بعدها على العرش وخلق الملائكة لخدمته وعبادته ثم خلق آدم من تراب وخلق من ضلعه آدم ليستأنس بها ولكنهما أطاعا الشيطان فيما نهاهما عنه فأنزلهما جميعا –الشيطان وآدم وحواء- كعقاب إلى جنة الأرض، وألزم نسلهما بعقوبة والديهما بأنهما إن تبعا الشيطان فسيلقيهما في النار ولن يعيدهما إلى الجنة مرة أخرى إلا إذا قدّما ما يثبت أنهما لن يعصيا الله مثلما فعلا آدم وحواء وهو التقوى والمشي في طريق الله وعدم اتباع خطوات الشيطان، وبعد النزول إلى الأرض تناسلا آدم وحواء ومن نسل أبناء آدم وحواء أصبحت الأرض مليئة بالأبناء وأبناء الأبناء ولكن بعد ذلك بمدة قصيرة (قصيرة نسبيا بالطبع، تقدر بآلاف السنوات) جاء طوفان نوح كي يغرق كل من لم يؤمن معه ويعطي الله الأرض فرصة جديدة للحياة في رحاب الإيمان وباحة التقوى.
خاتمة
قدمنا الإجابة عن السؤال الأكثر أرقا للجميع ” كيف بدأ الخلق ” في سطور بسيطة وقليلة ولم نرد أن ندخل بك عزيزي القارئ إلى متاهات وقدمنا لك ما يهمك بالضبط لأنك إن كنت تعيش في الشرق الأوسط فلا ريب أنك تؤمن بالمنهج العلمي كوسيلة وحيدة لإجابة هذا السؤال وإما إنك تجد أن الدين يمتلك الإجابة المرضية والأكثر يقينا لك، ولكن للمزيد من الروايات حول كيف بدأ الخلق يمكنك البحث عن رواية الديانة المصرية القديمة والديانة الإغريقية وديانة سومر والهندوسية والزرادشتية لأنك طالما مهتما فلتبدأ رحلة البحث وتسير فيها حتى نهايتها.. إن وجدت لها نهاية.
أضف تعليق