في طفولتنا كلما شاهدنا الطائرة تحلق في الجو، كان دائما يراودنا في مخيلتنا سؤال كيفية عمل الطائرة المحملة بالركاب والأمتعة الطيران في الجو وقطع هذه المسافات الطويلة في أسرع، فما هي كيفية عمل الطائرة؟ سوف نقدم في هذا المقال نظرية الطيران بطريقة بسيطة وسهلة، لغرض الاستفادة ولزيادة معلومتنا العامة، ففي هذه الأيام يعد الطيران أكثر وسائل النقل انتشارا وائمنها، وذلك بالمقارنة بالوسائل الأخرى، وأيضا هناك بعض الأشخاص ممن يكونوا شغوفين بمعرفة الكثير عن الطيران وكيفية إقلاع الطائرات.
تعرف على كيفية عمل الطائرة
تاريخ تطور الطائرات
في الماضي كانت الطائرات بدائية الصنع مصنوعة من القماش والخشب، ثم طرأ عليها تطوير فتم تقويتها بالأنسجة والقطاعات الفولاذية، في عام 1918 بدأ استخدام مادة الألومنيوم مع مواد مركبة أخرى خفيفة الوزن في كساء الهيكل الخارجي للطائرة، وبالنسبة للمحركات، فكانت في الماضي بدائية وتشبه نظرية عملها نظرية عمل محركات السيارات، ثم أخذت محركات الطائرات في التطور حتى وصلنا إلى المحركات النفاثة، والآن هيا بنا قارئي العزيز كي نخوض هذه المغامرة، مغامرة الطيران ونتعرف على كيفية عمل الطائرة.
نظرية السحب والدفع
توجد عوامل رئيسية نحتاج إلى تحقيقها حتى يمكن للطائرة أن تقلع وتحلق في الجو، حيث تقوم المراوح بقوة السحب، فتسحب الهواء وإدخاله بالقوة داخل حجرات ضغط خاصة بالمحرك ويتم ضغط الهواء داخل هذه الحجرات بقوة ضغط كبيرة بواسطة الشفرات الخاصة بتلك الحجرات ويضاف إليه بعض الوقود مع إشعال الوقود مما يزيد من قوة ضغط الهواء، ثم يتم السماح للهواء بالخروج من مؤخرة المحرك (فتحة العادم) فيخرج الهواء بقوة هائلة، وبناءا على قانون نيوتن الثالث الذي يقول بأن لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، يكون رد فعل قوة السحب هي قوة دفع هائلة تدفع الطائرة بقوة وبسرعة كبيرة جدا إلى الأمام، ويمكننا استخدام مثال مبسط إذا قمت بنفخ بالونه وتركتها فجأة فسوف يخرج الهواء من فوهتها في الاتجاه الأسفل وتندفع البالونة في الاتجاه الأعلى.
هل يمكن للطائرة أن تسير للخلف؟
لا يمكن للطائرة أن تسير في اتجاه الخلف مثل السيارة، حيث تحتوي السيارة على صندوق السرعات (Gear Box)، وبالنسبة للطائرة فإن الوضع يكون مختلف، لأن كيفية عمل الطائرة تكون مبنية على قوة الدفع عن طريق المحركات وذلك بشفط الهواء وخروجه من مؤخرة المحركة واندفاع الطائرة بسرعة كبيرة نتيجة لذلك كما شرحنا بالتفصيل، وفي حال الرغبة في سحب الطائرة إلى الخلف يكون ذلك عن طريق المعدات الأرضية التي تستخدم في نقل الطائرات قبل الإقلاع.
نظرية عمل محرك بستون
تعتمد كيفية عمل الطائرة بشكل رئيسي على نظرية عمل المحرك، حيث يحتوي محرك بستون على صمامان أحدهما يسمح بإدخال الهواء والأخر يسمح بخروج الهواء إلى فتحة العادم،ويحدث احتراق الوقود المختلط بالهواء عن طريق ما يسمى بشمعة الاحتراق التي تقوم بتوليد شرارة تؤدي إلى احتراق خليط الوقود مع الهواء، وتدور مراوح المحرك عن طريق عمود الحركة ويكون صمام الإدخال متصل بمراوح المحرك وهو الذي يسمح بدخول الهواء إلى غرفة الضغط الخاصة بالمحرك التي يوجد بها مكبس تكون وظيفته ضغط الهواء داخل هذه الغرفة وبعد حدوث عملية الضغط والاحتراق ينفتح صمام الإخراج في مؤخرة المحرك للسماح بخروج العادم.
أشواط الاحتراق في محرك بستون
وتتم هذه العملية على أربعة أشواط، شوط السحب، يتحرك المكبس داخل غرفة الضغط حركة من أعلى إلى أسفل فعندما يرتفع إلى أعلى يفتح غرفة الضغط ليسمح بدخول الهواء إلى الغرفة، ويلي شوط السحب شوط الضغط، فعندما يرتفع مكبس الضغط إلى أعلى ينغلق صمام السحب ويقوم الصمام بضغط خليط الوقود مع الهواء مع ارتفاع درجة الحرارة بالتدريج، والشوط الثالث هو شوط الاحتراق، فعندما يكون المكبس في أعلى ارتفاع يرتفع ضغط خليط الوقود بدرجة كبيرة، وفي هذه اللحظة تنطلق شرارة الاحتراق ويتولد عنها احتراق للوقود مما يؤدي إلى توليد درجة حرارة وضغط هائلين فيدفع الوقود المحترق المكبس إلى أسفل، ويلي ذلك الشوط الرابع وهو شوط العادم، فعندما تبلغ حركة المكبس إلى أسفل أدنى قيمة يتم فتح صمام العادم لتخرج نواتج الاحتراق خارج المحرك إلى الهواء الخارجي وهكذا. وتكون هذه الأربعة أشواط بمثابة العمود الفقري في كيفية عمل الطائرة.
نظرية عمل المحرك النفاث
تتحقق كيفية عمل الطائرة النفاثة في نظرية عمل المحرك النفاث، حيث يوجد تشابه كبير بين نظرية عمل المحركات النفاثة ونظرية عمل محركات البستون، ولكن يكون بطريقة أكثر فاعلية في المحركات النفاثة، ففي المحركات النفاثة تقوم مروحة المحرك النفاث بشفط كمية كبيرة جدا من الهواء، وإدخال الهواء بغرفة الضغط، وبدلا من المكبس توجد بغرفة الضغط مراوح ضغط تقوم بضغط الهواء بشكل كبير، تكون المرحلة الثالثة إدخال الهواء المضغوط إلى غرفة الاحتراق ويضاف إلى الهواء الوقود ثم يتم إشعال الشرارة، مما يؤدي إلى توليد انفجار داخل الغرفة وطاقة هائلة، وتكون المرحلة الرابعة إخراج الهواء المضغوط من صمام العادم بسرعة هائلة لتسير الطائرة على الأرض أولاً قبل الطيران ونكون بذلك حققنا قانون نيوتن الثالث للحركة. ويستطيع الطيار التحكم في سرعة المحرك عن طريق يد السرعة، فيرفع السرعة إلى أعلى درجة ممكنة عند الإقلاع ويخفضها عند الهبوط.
نظرية الطيران
يأخذ جناح الطائرة الشكل المقعر فمقدمة جناح الطائرة تشبه جفن العين، وعندما تسير الطائرة على الأرض بسرعتها الهائلة، يصطدم الهواء بمقدمة الجناح، ثم ينقسم الهواء إلى جزأين، جزء علوي وجزء سفلي، ونظرا لشكل الجناح المقعر، تكون مساحة مرور الهواء على الجزء العلوي، أكبر من المسافة بالجزء السفلي، وتكون سرعة الهواء بالجزء العلوي أكبر من سرعة الهواء بالجزء السفلي، ومن ثم يكون الضغط بالجزء العلوي أقل من الضغط بالجزء السفلي، وبعد التقاء جزئي الهواء معا بعد ارتطامهما بالجناح، فنظرا للتغير في قيم سرعة وضغط الهواء على جزئي الجناح تتولد أثناء التقاء جزئي الهواء مرة أخرى قوة تسمى بقوة الرفع وهي المسئولة عن رفع الطائرة إلى أعلى وطيرانها، وعلى وجه العموم تتلخص كيفية عمل الطائرة في قوى السحب والدفع واختلاف سرعة وضغط الهواء على جانبي جناح الطائرة.
قدمنا في هذا المقال بشرح كيفية عمل الطائرة، والتي تلخصت في نظرية عمل محركات الطائرة وجناحيها، ولقد استعرضنا بالشرح والتحليل نظرية عمل محرك البستون للطائرة العادية ونظرية عمل المحرك النفاث للطائرة النفاثة، وأشواط الاحتراق داخل كلا من محرك البستون والمحرك النفاث، حيث تمثلت هذه الأشواط في شوط السحب وهو سحب الهواء داخل غرفة الضغط ويليه شوط الضغط وهو ضغط الهواء داخل غرفة الضغط وخلطة بالوقود، يلي ذلك شوط الاحتراق وهو الذي يحدث فيه احتراق للوقود مع توليد قوة ضغط وحرارة هائلة، ثم شوط العادم وهو الذي يسمح بخروج ناتج الاحتراق عبر صمام العادم إلى الهواء الخارجي، وبذلك تتولد قوة الدفع للطائر كما شرحنا، ثم يجيء دور الجناحين اللذين يتولد من خلالهما قوة الرفع التي تكون مسئولة عن رفع الطائرة، فترتفع الطائرة إلى أعلى مغادرتا للأرض وطائرتا في السماء.
أضف تعليق