لا ريب أن كعك العيد يحتل مكانة كبيرة في كافة الدول العربية وتختلف أشكاله وطريقة صنعه من مكان لمكان لكن يظل الكعك واحد من أهم عناصر العيد التي لا غنى عنها ويرتبط كعك العيد بالثقافة الشعبية إلى درجة كبيرة حتى يصبح أهم من كونه مجرد أكلة، أو طعام يتم تناوله في مناسبة معينة بل يصبح رمزا لأشياءٍ عدة وسنتناول هذا بالتفصيل في السطور التالية ونتحدث عن نشأة الكعك وتطوره من بلد إلى بلد وكيف ارتبط بالعيد على مدى التاريخ فضلا عن أهميته الاجتماعية والأسرية في الثقافة الخاصة بشعوب المنطقة العربية.
استكشف هذه المقالة
نشأته
يعود الكعك في الأساس إلى الدولة الفرعونية حيث ظهر في البداية في بلاط الملوك في الدولة المصرية القديمة وكان هناك طهاة مهرة يقومون بعمل الكعك للملوك والتفنن في أشكاله ونكهاته وطرق تحضيره، وكان متعدد الأشكال والألوان وكانوا يقدسون الشمس فكانوا يصنعونه على شكل شموس ويدهنونه بالسمن حتى يبدو لامعا مثل الشمس، ولذلك سمونه “القُرَص” جمع قُرْص، ولا زالت هذه التسمية موجودة حتى الآن ومتداولة خصوصًا في جنوب مصر، وقد سُجلت مراحل تصنيع الكعك على جدران المعابد في طيبة ومنف عاصمتي الدولة المصرية القديمة، وكان الفراعنة يصنعونه في المناسبات المختلفة والاحتفالات التي تقيمها الدولة، وحتى كلمة كعك اشتقت من الكلمة المصرية القديمة “كآك” وكان يتم حشوه بالعجوة أو التين وحتى الآن في مصر يقومون بحشو كعك العيد بالعجوة أو الملبن.
ارتباطه بالعيد
يرتبط الكعك بالعيد من خلال الدولة الطولونية في مصر أيضًا حيث كان يتم صنعه في نهاية رمضان ويبيعونه في العيد تحت مسمى “كل واشكر” وحتى الآن تسمى العديد من المطاعم الصغيرة في مصر بهذا الاسم المتوارث لكافة المحلات التي تبيع الطعام في مصر، أما في الدولة الفاطمية فكان يتم تخصيص جزء كبير من أموال الدولة لصنع الكعك وكان يتم تجهيزه من نهاية شهر رجب وحتى نهاية رمضان وكان الخليفة يأمر بعشرين ألف دينار لصنع الكعك وتوزيعه على الشعب.
أهمية كعك العيد الأسرية
كعك العيد له أهمية أسرية كبيرة ألا وهو تعاون كافة أفراد الأسرة في صنعه حيث كان يتم صنعه بكميات كبيرة حتى يكفي لمدة بعد العيد وأتذكر وأنا طفل صغير كنت أمسك بالمناقيش وأقوم بنقش الكعك بأشكال مختلفة فضلا عن تدوير مكنة البسكويت، ويكون العيد الحقيقي بالفعل عند تعاون كافة أفراد الأسرة في صنع الكعك، وحتى الآن ترفض العديد من الأسر شراء الكعك جاهزا من الخارج من أجل تحقيق هذه الثمرة الأسرية الهامة.
أهميته الاجتماعية والثقافية
كعك العيد له أهمية اجتماعية كبيرة أيضًا حيث يكون الكعك رمزا للفرحة والابتهاج ويقوم الناس في العيد بتبادل الكعك الذي قاموا بصنعه على سبيل تبادل الفرحة والبهجة والبيت الذي يكون فيه مفقود أو راحل فإنهم يمتنعون عن صنع الكعك كوفاء لهذا الراحل أو كمنع للفرحة في هذا الوقت، ويقوم الجيران أو الأحباء بإرسال الكعك إليهم لمواساتهم والتهوين عليهم، وحتى الآن في مصر وفلسطين وغيرها لا زال يتم تبادل الكعك بين الأسر.
كعك العيد له مكانة اجتماعية بارزة وأسرية أيضًا ويضرب بجذوره في أعماق التاريخ وتعاقبت على صنعه وتطويره الحضارات المختلفة كما يحتل جزءا بارزا في تاريخ وثقافة الشعوب العربية.
أضف تعليق