مع مرور الوقت، أصبح تعلُّم الطريقة المُثلى من أجل كسر غرور الآخرين أمرًا لازمًا، فالغرور، والذي يُعد من أسوأ الطِباع البشرية ، أصبح مُهيمنًا على أغلب الأشخاص الذين أنعم الله عليهم بمزية أو موهبة، أو الذين أحرزوا تقدمًا في أي مجال من المجالات، حيثُ تُصيبهم فور حدوث أمر جيد لهم نوع من التعالي والتكبر وثقة بالنفس تتجاوز حد الثقة وتصل إلى حد الغرور الخبيث، الذي يصل بصحابه في نهاية المطاف إلى الهلاك والفشل، ليس هذا فقط، بل يقوم حامل هذا الطبع بأذية أقرب الناس إليه والتجريح فيهم، لكل ذلك، كان من الواجب التعرف على الطريقة المثلى من أجل كسر غرور الآخرين، واستخدامها وقت الحاجة إذا تطلب الأمر ذلك.
دليلك إلى كسر غرور الآخرين
ما هو الغرور؟
الغرور وهم، يعيش فيه الإنسان فيشعر أنه على دراية بكل شيء وأن لديه مقدرة على فعل أي شيء، ليس هذا وحسب، بل يُهيأ له أيضًا أنه لا أحد يستطيع فعل ما يفعله هو، وينتج عن ذلك انسياقه إلى فعل ما يهواه، والذي يتضحُ في النهاية أنه يضره ويزُج به في الهلاك، لكن غالبًا ما يكون الوقت قد فات وانتهى كل شيء.
والغرور أيضًا حب النفس زيادةً عن الحد، والميل إلى كل ما تشتهيه وتلبية كافة مُتطلباتها، حتى ينتج عن ذلك نوع من أنواع التعالي والكِبر، يظنها المرء في البداية ثقة زائدة بالنفس، لكنه ما يلبث أن يكتشف ذلك حتى يجد الجميع ينفرون منه ويبتعدون عن مُرافقته، ولم يثبت أبدًا أن انتهى الغرور بنتيجةٍ غير ذلك.
أسباب الغرور
قبل أن تتعرف على الطريقة المُثلى من أجل كسر غرور الآخرين عليك أن تعرف أولًا أسباب هذا الغرور، فكما يقولون، إذا عُرف السبب، بطل العجب، وللغرور عدة أسباب، أهمها ما يلي:
الجمال، أكبر الأسباب
يُعد الجمال والمظهر الحسن من أكبر أسباب الغرور، ورغم أنه جمال فطري، لم تدخل الشخص فيه بل منحه الله له، إلا أنك تجد أكثر المُغترين من هؤلاء الذين يملكون قدر كبير من الجمال، وبالطبع هذه ليست قاعدة، وليس كل شخص جميل مغرور، إلا أن الغالبية تكون كذلك، ويُعد هذا السبب من أسوأ الأنواع، لأن صاحبه يغتر بما ليس له يد فيه، بل بما منحه الله له وميزه به عن غيره، والذي كان لابد أن يكون سببًا في زيادة الشكر والتواضع وليس خلاف ذلك.
المال والجاه
في مرحلةٍ ما، عندما يجمع الشخص الكثير من الأموال، ويجد نفسه في أفضل الأحوال مُقارنة بمن حوله، يتملكه نوع مذموم من الغرور، ويشعر أنه مُميزٌ عمن سواه، فيبدأ في انتهاج التعالي والكبر، والتقليل من شأن الآخرين مع التعظيم من شأن نفسه، حتى يسقط في النهاية بفخ الهلكة، ويزول ماله وجاهه، ويجد نفسه وحيدًا منبوذًا، ولا يكون الغرور حاضرًا بعدها، بل ثمة ندم وخذلان، لم يعد هناك أي طائل منهما.
حب الناس
حب الناس هِبة من الله، فليس بالضرورة أن يحظى كل شخص جيد بحب الناس، بل يصطفى الله بعض الأشخاص ويمنحهم هذا الشرف، إلا أن ذلك بعدما يحدث يُحيل البعض إلى مغرورين ومُتكبرين، بل ومُتعالين على أولئك الذين يُحبونهم، حتى تتحول الحياة إلى جحيم، ويكتشفون في النهاية أن هذا الحب لم يكن سوى نقمة.
هذا ومن المعروف أن هذا السبب ينتشر بكثرة بين المشاهير من المُمثلين ولاعبي الكرة، حيثُ يُهيأ لهم بعدما يحظون بحب الناس أن لا أحد يُجاريهم وأنهم لم يعودوا بحاجةٍ إلى هذا الحب والدعم من مُعجبيهم، فيقومون بالتعالي والتكبر عليهم حتى تُجتر أقدامهم إلى الكسل والخمول ومن ثَّم الفشل، وهذه هي النهاية المُعتادة لمثل هؤلاء.
أنواع الغرور
ككل الأشياء على هذه الأرض، الغرور أنواع، فمرضى الغرور تتفاوت درجات إصابتهم بالمرض، كلٌ على حسب قابليته للاستجابة لهذا الداء، وأنواع الغرور تتلخص فيما يلي:
- الغرور المبالغ فيه: وهو الذي يكون بلا أي سبب يُذكر، بل هو فقط غرور من أجل الغرور، وصاحب هذا النوع يكون قد وصل إلى أقصى درجات المرض، وعلاجه الوحيد هو التجنب، لأن كل المحاولات لن تُجدي نفعًا معه، تخيل أن شخصًا لا يفعل أي شيء ذو قيمة يستدعي الغرور ومع ذلك يُصنف ضمن أكثر الأشخاص المغرورين!، بالتأكيد هو أمر صعب للغاية، وعلاجه أصعب بكثير.
- الغرور ذو الأسباب: وهو الغرور الذي يُصاحب الأشخاص الموهوبين أو المُتميزين، وربما هذا الغرور يُمكن ابتلاعه والتجاوز عنه بعض الشيء، مع رفضه جملةً وتفصيلًا بالطبع، لكنه في الحقيقة غرورٌ مبرر، فهذا الشخص يرى أنه يفعل ما لا يستطيع أحد غيره فعله، أفلا يستدعي ذلك الغرور!
- الغرور اللحظي أو المؤقت: وهو أخف أنواع الغرور، لأنه لا يستمر كثيرًا مثلما هو الحال مع باقي أنواع الغرور، ولذلك لا يُمكن اعتباره مرضًا بالمعنى الشائع، ويُشبهه البعض بنزلة البرد التي تأتي وترحل سريعًا، وهذا النوع من الغرور يأتي في أوقات الثناء والمدح الشديدين، حيثُ يُصاب الأشخاص بنشوة تتمادى لتصل إلى الغرور، لكنها كما قلنا لا تتعدى كونها نزلة بدر تذهب سريعًا.
الطريقة المُثلى من أجل كسر غرور الآخرين
من المؤكد أن الطريقة المثلى من أجل كسر غرور الآخرين هي التجاهل، فلا رادع آخر يمكن الوقوف به أمام هؤلاء المرضى سوء التغاضي عنهم واعتبار وجودهم كعدمه، لكن البعض قد لا يستطيع تنفيذ هذه الطريقة بسبب الصِلة أو المصلحة التي قد تجمعه مع أشخاص مغرورين، لذلك يلجأ هؤلاء الأشخاص إلى المواجهة والصدام، وفي الحقيقة لن تُجدي هذه الطريقة نفعًا مع مثل هذا النوع من الأشخاص، لأنه في الأصل مغرور، يرى أنك أقل منه في كل شيء، لذلك لن يتقبل منك ما تقوله، لكن لا بأس من المحاولة.
طريقة مُجاراة الشخص المغرور
لك أن تتخيل أن الشخص المغرور يسهل التعامل معه بخلاف البقية، فكل ما عليك هو أن تقوم بمدحه وإرضاء كبريائه، فهو في الأصل شخص مريض ككل المرضى، وإرضائك له هو العلاج الوحيد، وهذا الأمر يستمر طبعًا حتى يتخلص من هذا الغرور، وفي الغالب لا يأخذ الأمر وقتًا، لأنه سيكتشف عاقبة غروره بنفسه، لذلك حاول أن تجعل من نفسك طبيبًا طوال فترة المرض، لأن الشخص المغرور مهما كان غروره فهو في النهاية صديقك أو قريبك أو حبيبك.
علاج الطفل المغرور
الآباء بمثابة قدوة لطفلهم، فالطفل لا ينظر إلا لوالديه، يفعل مثلما يفعلون تماما، إن كان خيرًا فخير، وإن كان غير ذلك فغير ذلك، لذلك على الوالدين أن لا يغفلا هذا الأمر الهام، وأن يعرفا جيدًا أنهما طوال الوقت تحت المراقبة من طفلهما، وأن الطريق إلى كسر الغرو واجتثاثه يبدأ من عندهما، وعليه، يجب أن يتصرفا أمام طفلهما بما يجعله يبتعد عن الغرور تمامًا، ويحدث ذلك بأن يُشعرانه بعدم تميزه عن باقي أصدقائه، وأنه جميعًا مُتساوون، لا أحد أفضل من أحد، وهكذا حتى ينسى الطفل هذا الغرور نهائيًا ولا يترعرع عليه، ففي النهاية هما من سيندمان وسيحصدان عاقبة غرور طفلهما.
.