كتابة خطاب رسمي إجراء رسمي ومعروف في المراسلات الرسمية بين المؤسسات المختلفة ذات المصالح المشتركة. وغالبًا ما يتم تبادل مثل هذه الخطابات في المراسلات التجارية أو القانونية بين الدوائر والإدارات الحكومية وغيرها من المؤسسات بهدف الإخطار بأمرٍ ما أو تقديم طلب في سياق رسمي وإجرائي. ونظرًا للطابع المتفرد للخطاب الرسمي وأهميته في تسيير بعض الأعمال والمعاملات المهمة، هناك بعض المعايير الواجب الالتزام بها من ناحية الشكل والمضمون للحصول على خطاب رسمي لائق وجدير بالاهتمام والمطالعة. ويتطلب هذا النوع من الخطابات قدرًا كبيرًا من الاحترافية والانضباط اللغوي بحيث تزداد قيمة كل كلمة مكتوبة بالقدر الذي تساهم به في تحقيق الغرض من الخطاب؛ لا سيما أن الخطاب الرسمي معروف بالاقتضاب الشديد. ومن خلال النقاط التالية سوف نتعرف على أبرز مميزات الخطابات الرسمية وأهم الملاحظات الواجب مراعاتها عند كتابة خطاب رسمي من أجل الظهور بشكل لائق أمام الجهة المرسل إليها الخطاب.
دليلك إلى كتابة خطاب رسمي
كتابة خطاب رسمي والاستعداد الاحترافي
يحتاج الخطاب الرسمي إلى بعض الاستعدادات الاحترافية من أجل تكوين الرؤية العامة للخطاب. ومن أجل ذلك يجب تحديد مدى رسمية الخطاب ودرجة أهميته وطبيعة المؤسسة التي سيتم مراسلتها. وغالبًا ما يُنصَح عند كتابة خطاب رسمي بأن تُعَد له مسودة جيدة تتضمن النقاط الرئيسية لموضوع الخطاب مع كتابة جميع الأرقام التي سوف يتضمنها الخطاب خوفًا من نسيانها عند الصياغة النهائية للخطاب. ويجب أيضًا مراعاة نوع الورق الذي سيُستخدم عند كتابة خطاب رسمي حيث يجب أن يكون مصقولاً وسميكًا. وبعد التأكد من توافر هذه الأوراق وتنظيم المعلومات في مخطط واضح يمكن البدء في الكتابة على الآلة الكاتبة أو باستخدام برنامج معالج النصوص وورد ثم طباعته وتغليفه في مظروف أنيق يحمل رمز المؤسسة المرسلة وبعد ذلك يُرسَل عن طريق البريد العادي كما هو الحال في المراسلات الرسمية التجارية، ولكن هناك بعض الاستثناءات التي تتيح إرسال الخطاب عبر البريد الإلكتروني في حالات ضيق الوقت وأهمية مضمون الخطاب وتأثيره على المصلحة المشتركة.
كتابة الترويسة أعلى الصفحة
عند البدء في كتابة خطاب رسمي يجب أن تُصَمَّم الصفحة بشكل احترافي؛ حيث توضَع في أعلى الصفحة الترويسة الخاصة بالمؤسسة المرسلة. والترويسة هي الجزء العلوي من الصفحة والذي يحتوي على بيانات المؤسسة المرسلة مثل الاسم والعنوان التفصيلي والرمز البريدي ورقم الهاتف والفاكس ونوع النشاط؛ لذلك هي بمثابة بطاقة الهوية للمرسل وتُعزَى أهمية ذلك إلى سهولة الحصول على الرد وسرعة تعرف الجهة المرسل إليها الخطاب على المؤسسة المرسلة. ويساعد ذلك أيضًا على إضفاء الطابع الرسمي على الخطاب وتهيئة المتلقي بأنه يطالع رسالة رسمية بحتة.
كتابة التاريخ وافتتاحية الخطاب
يجب تأريخ الخطابات الرسمية بحيث يوضع التاريخ أعلى يسار الصفحة. وهذا الأمر مهم للغاية عند كتابة خطاب رسمي لتوثيق المعلومات الواردة في الخطاب وربطها بالمدة الزمنية التي وردت خلالها. بعد ذلك توضَع الديباجة المخصصة للافتتاحية والتي غالبًا ما تكون لقب المرسل إليه أو منصبه في المؤسسة التي تتم مراسلته (مثل: السيد المحترم رئيس قسم المشتريات)، وبالطبع يُفَضَّل ذِكر الاسم الكامل إذا كان معروف لدى المرسل، أما في حالة عدم معرفة الاسم الشخصي يمكن الاكتفاء باللقب الرسمي. وهناك بعض الحالات النادرة التي تكون فيها الجهة المرسل إليها غير معروفة بشكلٍ كافٍ لذلك يمكن الاكتفاء في هذه الحالة بالعبارة الشهيرة (إلى من يهمه الأمر)، ثم تُكتَب تحية رسمية مختزلة (مثل: تحية طيبة وبعد).
الدخول المباشر في الموضوع
يجب مراعاة الاختزال قدر الإمكان عند استعراض موضوع الخطاب نظرًا لأهمية الوقت لكلا الطرفين، ولأنه لا توجد مناسبة للمجاملات أو الإطناب غير الضروري في الخطاب، لذلك يُنصَح دومًا بالدخول المباشر في الموضوع الرئيسي والذي غالبًا ما يكون إخطارًا أو طلبًا أو إفادة بخصوص موضوع معين. وبطبيعة الحال يمكن صياغة الموضوع في عبارات بسيطة ومقتضبة خاصةً أن الغرض محدد من البداية في مرحلة الإعداد الأولي للخطاب. ويُفَضَّل عند كتابة خطاب رسمي أن تكون اللغة مباشرة ومكثفة بحيث تحتوي الجملة القصيرة على أكبر قدر ممكن من المعلومات.
ويوصَي بأن يُكتَب الخطاب بطريقة محترفة بحيث يخلو النص من الأخطاء الإملائية والنحوية والحرص على الاستخدام الصحيح لعلامات الترقيم واستخدام الأساليب البلاغية الشائعة في المراسلات الرسمية والابتعاد عن اللغة الدارجة تقديرًا لمقام الخطاب.
وعند الشروع في صياغة الموضوع ينبغي تجنب الحشو والاسترسال في المعلومات الفرعية التي لا تمثل أي أهمية بالنسبة للمرسل إليه، ويجب كذلك مراعاة صحة ودقة المعلومات والبيانات الواردة حتى لا ينتج عن ذلك أية مشاكل أو معوقات والانتباه جيدًا إلى دقة الأرقام في حالة المراسلات الرسمية التي تتناول المبالغ النقدية أو وحدات كميات الشحنات أو غيرها من الأمور المتعلقة بالمعاملات التجارية.
الخاتمة والتوقيع
إن المراسلات الرسمية لا تحتاج إلى تخصيص فقرة طويلة للخاتمة، بل يمكن الاكتفاء فقط بعبارة تقليدية مقتضبة مثل (تفضلوا بقبول فائق الاحترام) أو (خالص الشكر والتقدير). بعد ذلك يُوَقَّع الخطاب، ولكن يُفَضَّل كتابة الاسم الكامل للمرسل أولاً ثم التوقيع اليدوي المميز. ويُفَضَّل طبعًا عند كتابة خطاب رسمي أن يُوضَع الختم الخاص بالمؤسسة التي أصدرت الخطاب لتوثيقه واعتماده وإثبات أن الخطاب قد صدر بالفعل عن الجهات المسؤولة.
حاشية المرفقات
غالبًا ما يُراعَى عند كتابة خطاب رسمي ذكر قائمة بالمشفوعات والملحقات المرفقة مع الخطاب مثل الشهادات أو الإيصالات أو صور من العقود والمراسلات السابقة بهدف إثبات صحة بعض المعلومات الواردة في الخطاب. لذلك يجب إفراد قائمة مستقلة لهذه المشفوعات في نهابة الخطاب أو كتابتها في صفحة مستقلة تحت عنوان المرفقات.
المراجعة اللغوية والتغليف
يجب مراجعة الخطاب أكثر من مرة للتأكد من خلوه من أي أخطاء سواء لغوية أو بيانية، بعد ذلك يتم إعداد المظروف الخاص بالمؤسسة والذي يحمل اسمها وشعارها المعروف ويُكتَب على المظروف من الخارج العنوان التفصيلي للمؤسسة المرسل إليها الخطاب بحيث يشمل الاسم الكامل والرسمي للمرسل إليه سواء كان شخصية اعتبارية أو فردية، ثم رقم المبنى واسم الشارع واسم الحي أو الضاحية واسم المدينة، ويمكن إضافة اسم الدولة إذا كان الخطاب مرسلاً خارج البلاد، ويمكن أيضًا إضافة عنوان الجهة المرسلة لسهولة إعادة الخطاب في حال فشل وصوله إلى الجهة المقصودة. يوضَع الخطاب داخل المظروف ثم يُرسَل عبر البريد العادي.
وفي حالة المراسلات الرسمية الدولية يمكن إرسال الخطاب إلى الوزارة المعنية بشؤون المؤسسة المرسل إليها والمسؤولة عن نشاطها، ولكن في هذه الحالة يتم اتباع الإجراءات المعروفة في المراسلات الدولية مثل ذكر الدولة والوزارة المسؤولة والحصول على الأختام الضرورية واختيار البريد المناسب الذي يضمن وصول الخطاب في أسرع وقت.
وهكذا تتضح أهمية التفاصيل المتعلقة بالخطاب الرسمي ومدى الفائدة التي يمكن الحصول عليها جرَّاء كتابته بطريقة صحيحة، ومن ثمَّ يجب مراعاة جميع التعليمات والإرشادات التي وردت في النقاط السابقة ليصبح في الإمكان كتابة خطاب رسمي خال من الأخطاء ما يؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة من إرساله والحصول على الرد في أسرع وقت.