كتابة خطاب جماهيري مهارة تحتاج إلى الكثير من التدريب واكتساب الخبرات. وتُعزَى أهمية الخطاب الجماهيري إلى تأثيره القوي على الشرائح المختلفة من المتلقيين، لذلك ينبغي أن يخضع هذا الخطاب إلى بعض القواعد لضمان إخراج منتج نصي متماسك يترك انطباعًا إيجابيًا حين يُتلَى على الملأ أمام فئة الجماهير المستهدفة. وفي السطور التالية سوف نتناول مراحل وخطوات كتابة خطاب جماهيري على النحو الذي يحقق أفضل النتائج، فضلاً عن التدريب على الأداء المتزن والهادئ عند الإلقاء النهائي ما يؤدي إلى نجاح الخطاب في النهاية.
دليلك إلى كتابة خطاب جماهيري
كتابة خطاب جماهيري والإعداد الأمثل
تتطلب كتابة خطاب جماهيري الكثير من الإعداد والتهيئة قبل الشروع في صياغة نص الخطاب، ويمكن البدء في عملية الإعداد عن طريق اتباع الخطوات التالية:
- تحديد الفئة المستهدفة من الخطاب: من الطبيعي أن يرمي الخطاب الجماهيري إلى مخاطبة فئة معينة من الجماهير، لذلك يجب تحديد هذه الفئة بدقة عند كتابة خطاب جماهيري لاختيار الأسلوب الأفضل المناسب لها ودرجة البلاغة المستخدمة لضمان وصول الرسائل المطلوب تمريرها إليهم بسلاسة ودون عوائق تحول دون ذلك.
- معرفة دوافع الخطاب: يجب الإلمام بالأسباب التي سوف تدفع الجماهير إلى حضور الخطاب والاستماع إليه؛ وذلك لمناشدة هذه الدوافع والتعامل معها في إطار المناسبة العامة التي تحتضن الخطاب.
- اختيار الزاوية المفضلة لدى الجماهير: بطبيعة الحال، يمكن تناول أي موضوع من زوايا متعددة، وبالتالي ينبغي تحري الدقة عند اختيار هذه الزاوية بعد دراسة الموضوع بشكل وافٍ ومعرفة ميول الجماهير المحتملة. إن الاهتمام بهذا الأمر عند كتابة خطاب جماهيري يساعد على جذب الجماهير وحثهم على الاستماع والإنصات بتركيز شديد ما يعزز احتمال اقتناعهم بفكرة الخطاب.
- الهدف من الخطاب: هناك بالتأكيد هدف عام ونهائي للخطاب وهي الرسالة التي يجب أن تصل إلى الجماهير وتستقر لديهم عن قناعة حين مغادرتهم للقاعة. لذلك يُفَضَّل تحديد الهدف وصياغته باقتضاب في جملة واحدة قبل الشروع في كتابة الخطاب بحيث يمكن الرجوع إليها ومعرفة مدى تحقق مغزاها في محتوى الخطاب. على سبيل المثال يمكن كتابة هذه الجملة بشكل مبسط على النحو التالي: “الهدف هو إقناع الجماهير بأهمية الإقلاع عن التدخين/ أهمية القراءة اليومية إلخ”.
البحث والمعالجة
بعد تحديد ما سبق واتضاح الرؤية تمامًا يمكن البدء في البحث عن الأفكار ومعالجتها وتمريرها عبر المراحل المختلفة للظفر في النهاية بخطاب رصين ومتماسك ومؤثر. ويمكن إجراء عملية البحث والمعالجة من خلال الخطوات التالية:
تجميع الأفكار: في البداية يجب العثور على فكرة جيدة تصلح لأن تكون نواة لخطاب جماهيري جذاب، وبعد ذلك يتم البحث عن المزيد من المعلومات ذات الصلة بهذه الفكرة، ثم ترتيبها ووضعها في مخطط منسق يُسَهِّل من تناول الفكرة وشرحها في مسودة أولية. ويمكن اللجوء إلى الإنترنت للحصول على المزيد من المعلومات أو التأكد من صحتها. ولا يوجد مانع أيضًا من زيارة المكتبات العامة للعثور على أي مرجع يفيد في كتابة خطاب جماهيري ويساعد على تدعيم فكرتك.
كتابة مخطط ومسودة أولية
بعد تجميع أكبر قدر من المعلومات يتم تنسيق هذه المعلومات وتصنيفها وصياغتها بطريقة مبسطة ومختصرة في مسودة بحيث يمكن تبيُّن الملامح الأولى لشكل الخطاب، فضلاً عن تحديد الفقرات التي تتطلب إطنابًا في الكتابة وإسهابًا في الإلقاء نظرًا لأهميتها. ويُفَضَّل كتابة التعبيرات والمفردات التي يُفضل استخدامها في صورة كلمات تذكيرية بحيث يسهل استدعاؤها والتعبير عنها بطلاقة.
البدء في تصوُّر الشكل النهائي للخطاب
بعد الانتهاء من المسودة يمكن الشروع في الصياغة الأولية لنص الخطاب، حينئذٍ يجب الوضع في الاعتبار أن كتابة خطاب جماهيري تتطلب لغة راقية وحماسية ومليئة بالصور البلاغية المختلفة والتعبيرات المجازية لإضفاء البهاء والرونق على لغة الخطاب. بعد ذلك يمكن تقسيم الخطاب إلى مقدمة مختصرة للتمهيد للموضوع الأساسي والتعريف المبدئي له، ويجب أن تتميز المقدمة بالعبارات الجذابة التي تأسر المتلقي وتغريه إلى الانتباه، وبعد ذلك يأتي المتن الأصلي للموضوع الذي يحتوي على النقاط المراد مناقشتها باستفاضة واسترسال. ويُفَضَّل بالطبع تناول الموضوع بترتيب منطقي بحيث تصبح كل فقرة في المتن ممهدة للفقرة التي تليها ما يجعل الأسلوب شيقًا وغير ممل. بعد الانتهاء من شرح الموضوع الرئيسي للخطاب وتوصيل كافة الرسائل التي من شأنها التأثير على الجماهير وإقناعهم، يمكن الآن البدء في الخاتمة والتي يُفَضَّل ألا تحتوي على معلومات جديدة، بل ينبغي أن تكون ملخصًا موجزًا لما ورد في متن الموضوع حيث يساعد ذلك على تأكيد المعلومة واستقرارها في ذهن المتلقي.
اختيار الوسيط البصري الملائم
إن التخطيط من أجل كتابة خطاب جماهيري يُعَد عملية مركبة تحتاج إلى الاستعانة بالكثير من المؤثرات لامتلاك حواس المتلقي وضمان استيعابه للمعلومات الواردة في الخطاب، لذلك يجب الاستعانة بالوسائط المتعددة التي تخاطب سمع وبصر الجماهير.
الغرض من استخدام الوسيط البصري
يساعد العرض المجسم الذي غالبًا ما يخاطب حاسة البصر على استيعاب المعلومات وربطها بالخطاب الذي يُتلَى على مسمع الحاضرين وبالتالي فإن ذلك يؤدي إلى تبسيط المعلومة وترسيخها في الذهن بشكل مضاعف.
استخدام برنامج العرض التقديمي بوربوينت
بعد الانتهاء من كتابة خطاب جماهيري من الممكن تصميم أبرز الفقرات والأفكار الواردة فيه في شرائح برنامج باوربوينت واستعراضها على شاشة كبيرة أمام الجماهير لعرض أهم النقاط في شكل صور فوتوغرافية أو مخططات نصية أو رسوم بيانية إحصائية. وبالطبع يُفَضَّل عدم اللجوء إلى العروض النصية إلا في حالات نادرة حتى لا ينشغل المتلقي عما يُقَال وينتبه إلى قراءة الكلمات المعروضة على الشاشة.
استخدام الصور الفوتوغرافية أو مقاطع فيديو: إذا تناول الخطاب بعض المواضيع التي بحاجة إلى توثيق وإثبات بصري يمكن الاستعانة ببعض الصور الجذابة التي تشرح ما يُقَال ويتم عرضها بالتزامن مع إلقاء الخطاب، أما في حالة مقاطع الفيديو، يجوز أن يتوقف اللقاء لدقائق معدودة ريثما يُعرَض المقطع إلا في حالة التعليق بغرض توضيح أمر ما.
التدريب على إلقاء الخطاب
بعد مراجعة الخطاب وتوفير كافة المواد البصرية التي يمكن الاستعانة بها في أثناء إلقاء الخطاب، يُفَضَّل أن تُمنَح فترة مناسبة للتدريب على الإلقاء لضبط نبرة الصوت ولغة الجسد اللائقة بالحدث وغيرها من التقنيات الخاصة بالإلقاء الرامية إلى التأثير على المستمع. ويُنصَح بالتدريب على أداء جميع مراحل الخطاب بدءًا من الاستهلال الجاذب ومرورًا بالذروة المفسرة والشارحة وانتهاءً بالخاتمة المؤكدة والموجزة.
وينصح البعض بإجراء إلقاء تجريبي كنوع من التدريب النهائي، وفي هذه الحالة يمكن إلقاء الخطاب في صيغته النهائية أمام مجموعة من الأصدقاء والمعارف لاكتساب حساسية الموقف وكسر الرهبة المحتملة مع تقبل الملاحظات التي قد تُقَال من هؤلاء الأفراد وتدوينها للاستفادة منها عند الإلقاء النهائي. بعد ذلك يمكن إضافة بعض التعديلات البسيطة ثم تصدر النسخة النهائية من الخطاب.
وينبغي كذلك التدريب على التواصل البصري مع الجماهير حيث يساعد ذلك على احتواء الجماهير وتقبلهم لما يُقَال نتيجة التواصل الحسي مع مَن يقف خلف منصة الإلقاء.
وفي النهاية يتضح لنا مدى أهمية كتابة خطاب جماهيري ومدى الجهد المبذول من أجل إخراج خطاب جماهيري لائق. ويجب أن يُتوَّج أيضًا كل هذا الجهد بمظهر أنيق يليق بالمناسبات العامة حتى يكتمل الانطباع الإيجابي وتزداد رغبة المتلقي في المشاهدة والإنصات والاقتناع.
أضف تعليق