تُعتبر صلاة قيام الليل من الأشياء التي تمنح شهر رمضان الكريم طعمًا خاصًا، والحقيقة أن الناس تعتبر تلك الصلاة من الروحانيات والأشياء التي لا يتم رمضان إلا بها، وهذه الصلاة تبدأ بعد صلاة العشاء مُباشرةً، ويُستحسن أن تُصلى في جماعة مع الإمام، وهي إحدى عشر ركعة، وهناك من يقول إن النبي قد صلاها قبل وفاته ثلاثة عشر ركعة، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتعرف سويًا على كل شيء يتعلق بصلاة قيام الليل، متى بدأت ومتى وكيف تُصلى؟ والأهم من كل ذلك، فضلها وما تفعله في كل من يقوم بتأديتها.
كل ما يخص قيام الليل في رمضان
ما هو قيام الليل؟
المقصود بصلاة قيام الليل هو الإحدى عشر أو الثلاثة عشر ركعة التي تؤدى بعد صلاة العشاء وحتى شروق الشمس، مع شريطة أن يكون ذلك الوقت ضمن شهر رمضان الكريم، وهناك من يُسمى صلاة قيام الليل بصلاة التراويح، وذلك نظرًا لما تفعله من ترويح عن المؤمن وتنقية قلبه، كما قيل إنها قد سُميت بذلك الاسم لأنه يُفضل الاستراحة بعد كل ركعتين منها، وقد أخذ المسلمون هذه الصلاة من المعين الذي أخذوا منه كافة تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، فهي في النهاية صلاة، والنبي قال صلوا كما رأيتموني أُصلي، وقد تناقلها بعده الصحابة والتابعين وتابعين التابعين حتى وصلت إلينا، والحقيقة أنها لا تُعتبر مجرد صلاة فقط، وإنما ركن أصيل للصيام بالنسبة لكل مُسلم، ولذلك يحرص الجميع على تأديتها مهما كانت الظروف.
حكم قيام الليل
حكم قيام الليل في الإسلام أنه سنة مؤكدة، أداها النبي صلى الله عليه وسلم وأكد عليها، لكنها ليست فرض، والدليل على ذلك أن النبي صلاها في البداية جماعة، وصلاها منفردًا أيضًا، وذلك حتى لا يلتبس الأمر على الناس ويظنون أنها صلاة مفروضة عليهم مثل باقي الصلوات الخمس الشهيرة، ولذلك، جاء توقيت الصلاة بعد الانتهاء من كافة الصلوات اليومية المفروضة، بمعنى أنه لا يجوز أن يشرع الإنسان مثلًا في قيام الليل دون أن يكون قد أدى صلاة العشاء، لأن صلاة قيام الليل يمتد وقتها إلى قبيل شروق شمس اليوم الجديد، أي أن هناك متسع من الوقت وليس وقت مُحدد كما في باقي الصلوات الخمس المفروضة.
فضل قيام الليل
الصلاة في رمضان أمر عظيم جدًا، فكم نعلم، كل شيء يتضاعف في هذا الشهر المبارك، فما بالكم بصلاة سنة مثل قيام الليل، فبالتأكيد لها أجر وثواب عظيم، وهي قبل كل ذلك فرصة من الله لعباده من أجل زيادة الحسنات، وبالتأكيد لا أحد على وجه هذه الأرض قد يتردد في تضييع فرصة عظيمة كهذه.
من جرّب صلاة التراويح يعرف جيدًا أن لها مذاق خاص، وجو روحاني عظيم، كما أنها تزيد من صلة المخلوق بالخالق، فمن المعروف أن العبد في الصلاة ينفرد بربه، وهناك يمكن أن يطلب منه أي شيء، وأن يُحدثه كيفما يشاء، ولابد أنكم جميعًا تتوقون لمعرفة كيفية تأدية هذه الصلاة لكسب كل هذه المميزات.
كيفية قيام الليل
بداية يجب أن نعرف أن صلاة قيام الليل التي تُصلى في رمضان تُصلى كذلك في الأوقات العادية، والحقيقة أن الصلاة تبدأ كأي صلاة، فبعد صلاة العشاء التي تُصلى في الأيام العادية يبدأ المصلون في الاصطفاف مرة أخرى خلف الإمام الذي صلى بهم العشاء، وقد يحدث أن يتغير إمام صلاة العشاء عند القيام ويأتي إمام غيره مُخصص للقيام، وهذا أمر طبيعي ولا شبهة تحريم أو كره فيه.
في العرف المُتبع، والسنة المأخوذة عن النبي صلى الله عليه وسلم، يصلّي الإمام ركعتين، ثم يُسلّم ويقوم ليُصلي ركعتين آخرتين، وهكذا حتى يصل إلى الركعة الثامنة، وهي عدد ركعات القيام حسب أغلب الروايات والأحاديث، وبعد ذلك ينصرف أغلب المُصلين، ومن يبقون منهم يقومون بصلاة ثلاث ركعات، إما متصلة، أو ركعتين وركعة كلٌ على حِدة، وهذه الركعات الثلاث هي ركعات الشفع والوتر.
خصائص قيام الليل
هناك بعض الأشياء التي يختص بها قيام الليل في رمضان وتُكسبه روحانية أكثر ومكانة أكبر في نفوس المسلمين، ومن هذه الخصائص مثلًا الخطبة التي تأتي في وسط ركعات القيام أو التراويح، فقد اعتاد بعض الأئمة على إلقاء خطبة قصيرة لا تتعدى العشر دقائق غالبًا بعد صلاة الركعة الرابعة من القيام، وتُفيد هذه الركعة في التذكير بالله وتقريب الناس أكثر منه، وهناك بعض الدول العربية التي تقوم بهذه الخطبة بعد كل ركعتين، أي أربع مرات في القيام، وليس مرة واحدة في المنتصف، وعمومًا، يظل الهدف من الخطبة سواء قصرت أو طولت واحد كما ذكرنا.
الجهر والجماعة أيضًا يُعتبران من خصائص التراويح وقيام الليل في رمضان، فقيام الليل من السنن التي يُمكن أن تُؤدى في أي وقت في السنة، لكنها تؤدى بشكل فردي وسرًا، عدا قيام الليل في رمضان، حيث يحرص المسلمون على أدائه في جماعه وبصوت جمهور، فهو بالنسبة لهم كما ذكرنا شيء مُكمل لرمضان، ولا يتقبلونه بدونه، بل إن الأشخاص الذين يبتعدون عن الصلاة في الأيام العادية تراهم يحرصون في رمضان على عدم تفويت صلاة قيام الليل بالذات.
صلاة التسابيح
بخلاف قيام الليل، يحمل رمضان نفحة أخرى من نفحات الجنة تتمثل في صلاة التسابيح، والتي تختلف عن صلاة التراويح التي تطرقنا إليها آنفًا، فصلاة التسابيح لها وقت مُحدد داخل رمضان، ولا تُصلى في كل يوم في الشهر كما يحدث مع التراويح وقيام الليل، بل إن التحديد لا يشمل العشرة أيام الأخيرة فقط، وإنما الأيام الوتر فقط، لذلك لا يحاول الناس ترقبها سوى في الأيام الوتر القابعة في العشرة ليل الأخيرة برمضان، ولمن لا يعرف، صلاة التسابيح هي الاسم الثاني لصلاة ليلة القدر، والتي تُعد نفحة بمفردها.
ليلة القدر، ليلة الألف شهر
ليلة القدر تُضاف إلى صلاة قيام الليل أيضًا ضمن قائمة نفحات رمضان، لكن الوضع في تلك الليلة يختلف تمامًا، حيث أنها كما تقول الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة ليلة أفضل من ألف شهر.
اعتاد الناس على ترقب ليلة القدر في ليلة السابع والعشرين من رمضان، وهناك أيضًا من ينتظرها في الثالث والعشرين والسابع والعشرين، لكن عمومًا، تحظى هذه الليلة، مثلها مثل أي شيء يتعلق برمضان، بمكانة كبيرة في قلوب المسلمين، لدرجة أن أغلبهم على استعداد لدفع حياته من أجل صلاة هذه الليلة، وذلك نظرًا لما فيها من فضل وثواب، وهذا بالتأكيد لا يقلل شيئًا من شأن صلاة قيام الليل اليومية، بل يجب أن نقول أنه في الليلة التي تُصلى فيها صلاة التسابيح على الظن بأنها ليلة القدر، يُصلى القيام بصورة طبيعية ثم تُصلى بعده التسابيح، وتكون أربع ركعات بواقع ركعتين على مرتين.
أضف تعليق