قواعد اللغة العربية أو ما يُعرف بعلم النحو يعتبر من أصعب العلوم التي تواجه طلاب العلوم العربية؛ حيث يجد الطلاب صعوبة كبيرة في استيعاب وفهم قواعد وأساسيات اللغة العربية؛ وذلك بسبب تشعبها وتعدد حالاتها وأوجه ضبطها، وقد تختلف علامة الضبط من كلمة إلى أخرى، فمثلاً نجد الكلمة الواحدة يختلف ضبطها من موقع أو جملة إلى جملة أخرى، وكذلك يختلف ضبط الكلمات الواقعة في نفس الموقع أو الجملة بحسب نوعها، وغير ذلك من أحوال الإعراب والبناء والتصرف والجمود وتركيب الجمل في اللغة العربية؛ مما يجعل تعلم النحو أو قواعد اللغة العربية أمرا عسيرا على متعلمي العربية بالمقارنة بكثير من اللغات الأخرى، ومساهمة منا في تيسير هذا الأمر على الطلاب والباحثين في هذا المجال سنحاول إلقاء الضوء على أهمية القواعد النحوية بالنسبة لمتعلمي اللغة العربية، وكذلك أهم النصائح المفيدة في تعلم أساسيات اللغة العربية.
دليل تعلم قواعد اللغة العربية
نشأة علم النحو أو قواعد اللغة العربية
لا شك أن كلَّ لغة لها قواعدها وضوابطها التي يُرجَع إليها عند اللحن أو الوقوع في الخطأ، وكذلك اللغة العربية –كباقي اللغات- لها قواعدها الأساسية التي وُضعت لهذا الغرض، فقد وضع العلماء أهم الضوابط والقواعد الأساسية التي تحكم استخدام وتعلم اللغة العربية منذ حوالي أربعة عشر قرناً من الزمان، وقد كان العرب يمتلكون نواصي اللغة ويتوارثون الفصاحة وأساليب التعبير دون لحن أو خطأ، وعندما كثر اللحن مع انتشار الإسلام بين البلاد الأعجمية، ودخول كثير من الأجانب في الدين الإسلامي ورغبتهم في تعلم اللغة العربية؛ ومن هنا دعت الحاجة إلى وضع قواعد اللغة العربية وأساسيات علم النحو التي وضع حجر الأساس لها العالم أبو الأسود الدؤلي، ثم تلاه عدد من العلماء اللغويين الذين كتبوا وأبدعوا في هذا المجال من أشهرهم سيبويه وأبو اسحق والخليل الفراهيدي وغيرهم إلى عصرنا هذا.
أهمية قواعد اللغة العربية للمتعلمين
لا يمكن لطالب علوم العربية أن يستغني بأي حال من الأحوال عن تعلم القواعد النحوية التي يضبط بها كلامه وتمنعه من الوقوع في اللحن أو الخطأ، وقد قالوا قديما أن النحو بالنسبة للكلام كالملح في الطعام، فعلم النحو أو القواعد العربية هي التي تضبط اللغة وتمنح المتحدث الفصاحة والبيان والقدرة على الفهم والإفهام، ولا شك أن تعلم قواعد اللغة العربية يساعد على تلاوة وفهم ألفاظ القرآن الكريم؛ لأن قراءة القرآن دون فهم الضوابط الأساسية لعلم النحو وقواعده تجعل الشخص يقرأ القرآن دون أن يفهم الأحكام والمعاني المطلوبة، وبالتالي يجد القرآن جسدا بلا روح، ومن خلال علم النحو تستطيع فهم لغة الفصحاء من الشعراء والأدباء سواء بقراءة كتبهم أو الاستماع إلى برامجهم الثقافية، وأيضا يمكنك فهم لغة وسائل الإعلام الفصيحة سواء كانت مقروءة أو مسموعة، كما يمنحك علم النحو قدرة على التحدث بلباقة وفصاحة دون الخوف من الخطأ أو الزلل أثناء الكلام؛ لذلك أجمع علماء السلف على أحقية علم النحو بالتعلم قبل البدء في دراسة غيره من علوم الدين أو الدنيا.
كيف تفهم قواعد وأساسيات اللغة العربية؟
تعتبر قواعد اللغة العربية أو علم النحو هي رياضة العقل، وهي جزء لا يتجزأ من علوم اللغة العربية التي يحتاجها طالب العلم؛ ليتمكن من فهم العلوم التي يدرسها والاستفادة القصوى منها، ومن هنا نوضح فيما يلي أهم الخطوات التي تساعد متعلمي العربية على فهم أساسيات اللغة العربية وقواعدها النحوية، وأهم تلك الخطوات ما يلي:
الإصرار على التعلم
إن الإصرار على تعلم قواعد العربية والمواظبة على حضور الدروس والاستماع إليها من الأسباب المهمة لفهم أساسيات اللغة العربية، كما يُفضَّل الالتزام بالتتلمذ على يد أحد معلمي اللغة العربية وشيوخها النابغين الذين يُعرَف عنهم الاهتمام بتدريس قواعد اللغة العربية وعلوم النحو العربي مع قدرتهم على الفهم والإفهام، ويجب أن تعلم أن دراسة النحو العربي على يد أحد المعلمين الذين يتميزون بالانضباط وإتقان اللغة يساعدك على الالتزام في الدروس وممارسة التمارين وحل الواجبات بصورة منتظمة دون إهمال أو تقاعس؛ مما يؤدي إلى تعجيل فهمك لها واستيعابك لقواعد وأساسيات اللغة العربية، ويُمكنك الاستعانة بذوي الخبرة في هذا المجال لترشيح المعلم المناسب الذي يساعدك على ذلك، ولا تنس دورك في طاعة المعلم واتباع التعليمات وحل الواجبات والتكليفات بعناية واهتمام مع الانتباه الجيد لشرح المعلم واتخاذ الموضوع بصورة جادة؛ حتى تحصل على الفائدة المرجوة.
التدرج من البسيط إلى الصعب
من القواعد والإرشادات المهمة في تعلم أساسيات النحو أو قواعد اللغة العربية أن تبدأ بتعلم القواعد البسيطة والسهلة متدرجاً في الوصول إلى المسائل الصعبة والأكثر تعقيداً، ولا يجب أن يقودك الفضول لتسبق المعلم محاولا استذكار بعض الدروس الصعبة أو التي تعتبر موضع خلاف؛ حتى لا يصيبك السأم أو اليأس أو اختلاط وتضارب القواعد مع بعضها البعض، فيؤدي ذلك إلى ترك الدروس أو العجز عن إكمال مهمتك في تعلم النحو العربي وأساسيات اللغة؛ فتفقد الكثير من المنافع والفوائد التي لا يعرف قيمتها إلا مَن أتقن وأجاد هذا العلم، وتمكنت الفصاحة من لسانة، وتملكت العربية عليه جنانه؛ فأصبح مُولعا باستخدامها في حِله وترحاله، كما يحرص كل الحرص على استخدام قواعد اللغة العربية وأساليبها البلاغية أثناء حديثه وكتابته، فاحرص على البدء بالأساسيات البسيطة كإتقان القواعد الإملائية كالهمزات في أول ووسط وآخر الكلمة، وكذلك الهاء المربوطة والتاء المربوطة وغير ذلك بالإضافة إلى علامات الترقيم، ثم دراسة أقسام الكلام ونوعي الجملة ومكوناتها والمكملات وغير ذلك من القواعد والأساسيات الأخرى.
حفظ بعض الأساسيات الثابتة
يجب على المتعلم أن يحفظ بعض القواعد النحوية والأساسيات الثابتة التي يشير إليها المعلم ويطالبك بحفظها والتركيز عليها؛ لأن حفظ تلك القواعد يساعدك على الفهم والتطبيق العملي لها فيما بعد بصورة جيدة، فلا يمكن أن تطبق القاعدة وتجيب عن الأسئلة المتعلقة بها دون أن تحفظها؛ فمثلا إذا عرفت أن الفاعل دائماً مرفوع فعند التطبيق والتدريب على الحديث أو الكتابة فستجعل الفاعل مرفوعا أثناء كلامك وكتابتك، وبالتالي فإن حفظ قواعد اللغة العربية وأساسياتها الثابتة تمكنك من التطبيق السليم لها، كما تضمن لك الدقة والفصاحة أثناء الحديث والكتابة.
التطبيق العملي
من الوسائل المفيدة في تعلم أساسيات اللغة العربية أن يتم التطبيق العملي للقواعد المدروسة على النصوص وبعض أبيات الشعر وكذلك آيات القرآن الكريم؛ حيث يمكنك تمثل القواعد أثناء قراءة المقالات أو القصائد الشعرية أو القرآن الكريم والبحث عن أركان الجملة ومواضعها بكل عناية، وإذا واجهتك صعوبة ما في الوصول أو تفسير بعض الكلمات ومعرفة موقعها الإعرابي يَحسُن الرجوع إلى المعلم والاستعانة برأيه؛ لتصل إلى التفسير والحل السليم، كما أن المواظبة على تطبيق قواعد اللغة العربية أثناء القراءة تنمي السليقة والمهارة اللغوية وتمنحك القدرة على التحدث بأسلوب بليغ متميز.
التعلم بالاستماع
إن اللسان يألف ما تعودت الأذن على الاستماع إليه؛ لذلك يُنصح بالإكثار من الاستماع إلى القرآن الكريم والتعود على تلاوته، وكذلك الاستماع إلى البرامج الإعلامية الفصيحة الهادفة، أو بعض القصائد الشعرية الفصيحة التي تُلقى بصورة سليمة، أو متابعة بعض الدروس المبسطة لبعض العلماء أو المعلمين الذين يشرحون أو يتحدثون بأسلوب فصيح بليغ يعمل على تطبيق القواعد النحوية أثناء الحديث.
جرب نفسك
من الوسائل والطرق الرائعة التي تساعدك في تعلم قواعد اللغة العربية وأساليبها أن تحاول في بعض أوقات فراغك أن تتحدث بلغة فصيحة بليغة مطبقاً القواعد التي قمت بدراستها، كما يمكنك كتابة بضعة أسطر من تأليفك حول بعض الموضوعات، ثم تقوم بمراجعتها طبقاً للقواعد النحوية التي درستها للتأكد من مطابقتها لما درست، كما يمكنك أيضاً تسجيل بعض الأحاديث حول موضوعٍ معينٍ تلقيها بصوتك، ثم تقوم بمراجعتها ونقد مواطن الضعف والخطأ فيها؛ حتى يمكنك تجنبها فيما بعد والاستفادة من عدم تكرار تلك الأخطاء أثناء الحديث أو الكتابة.
قراءة الكتب
احرص على القراءة المتأنية لبعض الكتب النافعة والمفيدة التي تساعدك في ضبط اللغة بالإضافة إلى تعويدك على البلاغة والفصاحة وممارسة الأساليب الفصيحة مع التطبيق العملي لجميع قواعد اللغة العربية المدروسة أثناء القراءة، كما يمكنك الرجوع إلى بعض الكتب النحوية المبسطة في عرضها، وحاول ألا تنتقل من موضوع إلى آخر إلا بعد فهم وإتقان الموضوع الأول بصورة جيدة والتدرب عليه أيضاً، ولا تنسَ أن القراءة والاستماع والكتابة والتحدث كلها مهارات تمكنك من إتقان اللغة وأساسياتها التي تأخذ بيدك على طريق الفصاحة والبلاغة.
الاستذكار والمراجعة
يُنصح دائما بمراجعة الدروس التي تم الانتهاء من دراستها بين الحين والآخر؛ حتى تضمن ثباتها في الذهن، كما يجب المواظبة على قراءة بعض النصوص والمقالات الفصيحة لبعض البلغاء من الكتاب المعروفين سواء في العصر المعاصر أو القديم، ومن المفيد أيضاً تلخيص تلك المقالات وتسجيل الملخص في كراسة خاصة محاولاً فيها –بقدر الإمكان- الالتزام بأهم قواعد اللغة العربية وقواعد الإملاء والترقيم المدروسة، ويا حبذا لو تمت مراجعة تلك الملخصات مع بعض المتخصصين في اللغة العربية وقواعدها للتأكد من مدى الالتزام بالتطبيق العملي للقواعد المدروسة، ويجب أيضا التركيز على الواجبات التي يكلفك بها المعلم مع عدم التهاون في الإجابة عليها.
احذر
إياك أن تفصل بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي للقواعد النحوية أو أساسيات اللغة العربية؛ لأن هذا الفصل يجعل قواعد اللغة العربية مجرد قواعد محفوظة جافة صمَّاء لا تصلح للتطبيق والتجريب، وعلى العكس من ذلك فإن التطبيق العملي بصورة متواصلة للقواعد والأساسيات المدروسة في حياتك اليومية يساعدك في تثبيت تلك القواعد في الذهن وربطها بالواقع اللغوي الذي وضعت لأجله؛ وبالتالي تستطيع تعلم قواعد اللغة العربية والاستفادة منها، ومن المحظورات التي يجب أن تنتبه إليها وجوب الحذر من التكبر والخجل؛ فقد أخبرنا السابقون أن العلم يضيع بين الحياء والكبر، فهما يمنعانك من السؤال أو الاستفسار عن المسائل الغامضة، فلا تترك مسألة أو نقطة تمرُّ في درس من الدروس دون فهمها واستيعابها بصورة جيدة، واطلب من معلمك تكرار توضيحها مرارا وتكرارا حتى يتم استيعابها، وعليك التدرب عليها والاطلاع في كتب النحو المبسط التي يرشحها لك معلمك لتصل إلى مقصودك.
اغتنم الفرصة أثناء المرح
إن اغتنام الفرصة أثناء بعض الجلسات أو الحوارات الودية بين الأصدقاء أو الأهل والمقربين واستخدام اللغة الفصحى أثناء تلك الحوارات يساعدك في تنمية مهارتك اللغوية، وقد يبدو هذا الأمر فكاهيا للوهلة الأولى، ولكنه في واقع الأمر من الطرق النافعة في التعود على تطبيق قواعد اللغة العربية وأساسياتها بصورة تثبت في الذهن، ويجب أن تعلم أن المواظبة على ذلك تساعدك في إتقان لغتك وفهم قواعدها وتهذيب لسانك وتقويمه أثناء الكلام.
لا يجب أن ننسى في هذا المقام دور الوالدين والأهل أو المحيطين بطالب علوم اللغة العربية وأساسياتها في تشجيع هذا الطالب وتوضيح قيمة دراسة اللغة العربية وقواعدها في حياته العلمية والعملية بعد ذلك، ويجب أن يظهر هذا التشجيع في نوع من المكافأة بشراء بعض الكتب النافعة أو إبداء التقدير والإعجاب بمهارته في الحديث أو الكتابة وغير ذلك، وقد تناول هذا المقال أهمية قواعد اللغة العربية وعلم النحو العربي، بالإضافة إلى أهم الوسائل المفيدة في فهم أساسيات اللغة العربية.
أضف تعليق