تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » أمور الاسرة » كيف تتعامل كوالد أو والدة مع مشكلة قلق المراهقين ؟

كيف تتعامل كوالد أو والدة مع مشكلة قلق المراهقين ؟

قلق المراهقين مشكلة كبرى خاصةً وأن هذا القلق سوف يؤثر عليهم تأثيرًا كبيرًا وقد يتسبب بالضرر من الناحية التعليمية وبالتالي تسبيب مشاكل في المستقبل.

قلق المراهقين

تُعتبر مشكلة قلق المراهقين واحدة من أهم المشاكل التي تواجه الآباء عند تربية أبنائهم، فالمُراهق هو الذي يتخطى مرحلة الطفولة بقليل، وبالطبع الابن في هذه المرحلة يتغير تمامًا وتتغير في نفس الوقت نوعية المشاكل التي يتعرض لها مما يؤثر على طريقة تعامل والديه معه، والتي يجب بالتأكيد أن تكون مُناسبة لتلك المرحلة الجديدة، والحقيقة أن الآباء يقلقون من قلق المراهقين بالذات لأنه قد يقودهم إلى أمور جنونية ويؤثر عليهم من الناحية التعليمية وبالتالي المستقبل، فالمراهق القلق يمكن ببساطة جدًا أن يُضيع امتحان بسبب ذلك القلق، ولهذا فإنه من المنطقي جدًا أن يسعى الآباء إلى إيجاد حلول لمشاكل قلق المراهقين من أبنائهم، وهذا بالضبط ما سنحاول التعرف عليه من خلال السطور الآتية، حيث مشكلة قلق المراهقين والحلول والطرق التي يمكن أن يتعامل بها الآباء مع هذا النوع من المشاكل في تلك الفئة العمرية.

ما هو القلق؟

قبل كل شيء نحن بحاجة بكل تأكيد إلى وضع تعريف مثالي للقلق، فهل هو الخوف على ما هو قادم أم الخوف على ما هو قائم أم الخوف على ما مضى، أم الخوف بمعنى عام، والحقيقة أنه في كل الأحوال يبقى شيء واحد ثابت لا يتغير، وهو أن القلق أحد أسوأ المشاعر التي ستشعر بها في حياتك، ليس هذا فقط، بل إنه ربما يتفوق على مشاعر أخرى قد تبدو مهولة بالنسبة لنا كالرعب والخوف والجبن، القلق هو أسوأ شيء إذا كان مُلازمك، أما إذا تمكن منك فهذا يعني أن أمرك قد انتهى، ولك الخيار في النجاة بنفسك أو الموت بذلك القلق.

علماء علم النفس عرفوا القلق بأنه اضطراب نفسي يُصيب شخص ما يخضع لضغوطات من نوع معين، تلك الضغوطات تتسبب له في الكثير من المتاعب التي تقلب حياته رأسًا على عقب، وبالرغم من أن أغلب المشاعر قد تحمل التأثير السلبي أو الإيجابي إلا أن القلق لا يحمل إلا التأثير السلبي فقط، فمن المستحيل أن تكون قلقًا ثم تتوقع أن تُنجز شيء، يُمكنك أن تكون خائفًا وتنجح، لكن، بما أننا قد عرفنا القلق ونحن نتحدث عن قلق المراهقين، أليس من الأجدر أن نعرف العنصر الثاني من تلك المعادلة؟ وهم المراهقين طبعًا.

من هم المراهقين؟

المراهقين ببساطة هم الأشخاص الذين يتجاوزون مرحلة الطفولة ويكونون في بداية مرحلة الشباب، فتلك الفئة تبدو مُتخبطة وساذجة ومُعرضة للخطأ أكثر من أي فئة أخرى، ليس هذا فحسب، بل إن تلك الفئة، في ذلك السن، تحتاج دائمًا إلى عون الوالدين ودعمهم أيًّا كانت كيفية ذلك الدعم وطريقته، والحقيقة أن علماء علم النفس أكثر ما يهتمون به هو المراهق لأنهم يرونه صاحب المرحلة الأخطر بين كل المراحل العلمية، لذلك يتم إجراء الأبحاث والدراسات عليه لمعرفة دوافعه وطموحاته وأوقات نشاطه وكيفية نظرته للمجتمع والطريقة المثلى للتعامل معه.

من خصائص المراهقين في كل وقت ومكان أنهم يفقدون الثقة بأنفسهم سريعًا ويندفعون اندفاعًا تجاه الأمور، ولا يُمعنون النظر فيها للتأكد من صحتها أو خطئها، ولهذا فإنهم يُخطئون بكثرة كما ذكرنا، لكنهم يتعرضون كذلك لنوع من القلق نُطلق عليه قلق المراهقين، فما هو يا ترى ذلك القلق وما هي أسبابه؟

قلق المراهقين

قلق المراهقين مُصطلح يتردد كثيرًا في أوساط علم النفس ويستخدمه العلماء في وصف حالة التخبط والخوف التي يعيشها المراهقين، والواقع أن ذلك القلق يعكس الجو الأُسري والنفسي الذي يعيشه المراهق، كما أنه يُحدد بشكل كبير وجهته المُستقبلية، فقد يتسبب ذلك القلق على الأقل في تدمير المرحلة التي يخوضها أو تدمير مستقبله في أحلك الظروف، فكما نعرف جميعًا، القلق أكبر هادم للنفوس، ولقد صنف العلماء ذلك القلق بأنه مرض مُزمن يُصيب ما لا يقل عن ستين بالمئة من الذين يخوضون غمار مرحلة المراهقة، وقد تكثر هذه النسبة مع زيادة سوء الظروف التي يمر بها المُراهقين، وكما نُلاحظ، اسم ووصف المراهقين مشتقين من الإرهاق أي التعب الشديد، لكن ما هي يا تُرى الأسباب الرئيسية لذلك النوع الهام من القلق؟

أسباب قلق المراهقين

في الحقيقة تتعدد أسباب قلق المراهقين تعددًا كبيرًا، إذ لم يُمكن تحديد أسباب معينة واضحة وحصر القلق عليها، وإنما فقط يُمكن تحديد أبرز الموضوعات التي تتعارض مع المراهقة وتُحدث ذلك القلق الذي يخشى الجميع منه، وطبعًا على رأس هذه الموضوعات تأتي الامتحانات التي يخوضها الطلاب في هذه المرحلة الفارقة، حيث تُعتبر بلا شك أبرز سبب من أسباب قلق المُراهقين والقلق بشكل عام.

قلق الامتحان عند المراهقين

من أهم أسباب قلق المراهقين التي رصدها علم النفس هي تلك التي يكون موضوعها الأول هو الامتحان، فأي طالب في أي مرحلة من المراحل العمرية يشعر بالقلق الشديد تجاه الامتحان، لكن الطالب المراهق بالذات يكون الامتحان بالنسبة له أكبر مصيبة في حياته، فربما يكون السبب الرئيسي في ذلك هو أنه يبدأ في تلك المرحلة إدراك المقصود بالامتحان والتأثير الذي سيتركه الرسوب أو الفشل في ذلك الامتحان، بمعنى أكثر دقة، المُراهقين يُصبحون أكثر مسئولية وتقديرًا للأمور، وأمر مثل الامتحان يُصبح مصدر قلق شديد لهم، هذا بخلاف الطفل الذي لا يُدرك قيمة الامتحان من الأساس ولا يعرف سوى غضب والديه منه في حالة فشله.

قلق المراهقين عند العلاقات العاطفية

تنشط العلاقات العاطفية بشكل كبير في مرحلة المراهقة، لكنها لا تنشط وحدها، بل ينشط معها كذلك قدر كبير جدًا من قلق المراهقين، فالحب أمر ليس بالبسيط على الذين يخوضونه لأول مرة، حيث أن المشاعر تأخذ طريقًا آخر ويبدأ الشخص التفكير في شخص آخر والتفكير كذلك في مستقبله معه، وهنا تحديدًا ينبع القلق الناجم عن الخوف من خسران تلك العلاقة، ولهذا فإن العلاقات العاطفية تُعتبر من أهم أسباب قلق المراهقين وأبرز مؤرقات مرحلة المراهقة بشكل عام.

قلق المستقبل عند المراهقين

يبدأ المراهق التفكير في المستقبل لأول مرة مع إكماله لسن المراهقة، حيث تبدأ المشاعر في مخالطته منذ ذلك الوقت وتبدأ في نفس الحين نظرته لأمور مثل المستقبل تتغير، ففي هذه اللحظات لا يُصبح الأمر ضبابيًا على الإطلاق، وإنما يشعر بما هو قادم وما هو في انتظاره، ومن هنا يكمن قلق المراهقين، فعند عدم إدراكه لمثل هذه الأمور يكون الوضع أسهل وأكثر قبولًا بالنسبة له، لكن ما إن تُضاف مسئولية جديدة عليه مثل المستقبل وما يحمله بين طياته يكون القلق حاضرًا.

التعامل مع قلق المراهقين

ليس عليك كولي أمر أن تعرف أسباب قلق المراهقين فقط، بل أيضًا يجب عليك التعرف على كيفية التعامل مع ذلك النوع الهام من القلق الذي ينشط في أبنائك في أهم مراحلهم العمرية، والحقيقة أن كيفية التعامل ليست خيالية كما تتوقع، بل هي بسيط جدًا ويُمكن القيام بها بلا أي مُعاناة، وبالتالي ضمان تمرير مرحلة هامة من مراحل عمر ابنك بكل خير، والواقع أن أهم طرق التعامل مع ذلك الأمر هي وضع جدول زمني للتحدث.

وضع جدول زمني للتحدث مع المراهق

من أهم طرق التعامل مع قلق المراهق أن يتم وضع جدول زمني للتحدث معه، ونقصد بذلك أن المراهق مثل أي شخص آخر، في النهاية يحتاج إلى من يتحدث معه ويشكو له همه، أو من يوجه الحديث المُدعم بالنصيحة له، وفي كل الحالات يجب أن يتم ضبط تلك العملية، فلا ينبغي أن تكون كثيرة ومُكثفة لدرجة أن يمل المراهق منها، ولا يجب أن تكون قليلة للدرجة التي تجعل المراهق يتناسى مفعولها، وإنما يجب أن تكون معقولة ومتماشية مع جدول زمني محدد، كأن تشعل له ساعة حديث خاص كل أسبوع مثلًا، وطبعًا لا ننسى أن يُراعي ذلك الحديث قُدراته والمرحلة العمرية والفكرية.

ضبط عملية نوم المراهق

من أهم الأسباب التي تُقلل من قلق المراهقين هي ضبط عملية النوم، فمن المعروف أن المراهق في هذه المرحلة يُقلل من النوم بطريقة غريبة أو يحدث العكس ويزيد معدل النوم بطريقة أغرب، وفي كل الحالات يؤثر هذا الأمر عليه ويُزيد من نسبة قلقه، لأنه في الأصل إما لا يستطيع النوم بسبب التفكير في شيء ما أو أنه يهرب من التفكير في شيء ما بالنوم، لذلك، وبالإضافة إلى التحدث معه، يجب ضبط عملية النوم بالنسبة له وجعلها في الوقت المناسب وبالقدر المناسب.

ادفع المراهق للحركة

الحركة تُزيل التوتر وتُعمل العقل، هذا أمر مفروغ منه بلا شك، لذلك فإنه من غير الوارد أن تجد شخص يُمارس التمارين الرياضية بكثرة وفي نفس الوقت يُعاني من التوتر أو القلق، وبنفس التفكير فإن قلة الحركة تدفع دفعًا نحو قلق المراهقين، فالمراهق الذي يجلس بلا حركة سوف يلجأ إما للنوم أو التفكير في أمور وهواجس قد تُزيد من قلقه، ولهذا يجب أن يُخصص للمراهق وقت للرياضة، حتى ولو كانت تلك الرياضة مجرد مشي لمدة نصف ساعة يوميًا.

استمع للمراهقين جيدًا

إن أهم ما سيجعل المراهق قريبًا منك لدرجة كبيرة هو أن تستمع له وتُنصت لكل ما يقوله حتى ولو كان يتحدث عن أمور تافهة بالنسبة لك، فالحقيقة أنه على رأس أسباب قلق المراهقين أنهم لم يجدوا من يتحدثوا له ويُخرجوا همومهم أمامه، فالترويح عن النفس بالكلام يُنقص قليلًا من الهم، وبعيدًا عن كل ذلك، فإن الشخص المراهق في بداية تلك المرحلة يكون ممتلكًا لقدرة فكرية غريبة قد تجعله يقول لك نصيحة أو معلومة لم تكن تعلمها أو لتصل إليها، بمعنى أدق، الفائدة سوف تُصبح مشتركة عند الاستماع للمراهقين ولن يكون مجرد مساعدة على إزالة القلق منهم أو تخفيفه، لكن بالطبع هذا لا يعني أنك عندما تستمع لهم تكون مُجبرًا على موافقتهم في كل شيء، بل يجب أن تُراعي الصواب والخطأ بكل تأكيد.

حافظ على هدوءك تجاههم

الهدوء ثم الهدوء ثم الهدوء، نحن الآن نتحدث عن قلق المراهقين، وطبعًا من الطبيعي جدًا أن يُقابل الشيء بنقيضه حتى يُمكن السيطرة عليه، وهذا ما ينطبق تمامًا على الهدوء الذي يُعتبر نقيض القلق، فعندما يُخطئ المراهق هذا أمر مختلف تمامًا عن خطأ الطفل أو الناضج، وذلك لأن المراهق يحتاج إلى معاملة خاصة يجب أن يكون قوامها الرئيسي هو الهدوء والسيطرة على النفس، بل وعليك أن تتوقع كل شيء من شأنه أن يُعكر هدوءك وتحاول السيطرة عليه واحتوائه.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

11 + 4 =