تسعة
الرئيسية » العلاقات » مشاكل العلاقة » قصص الحب التراجيدية : كيف تحولت قصص حب حقيقية إلى مآسي ؟

قصص الحب التراجيدية : كيف تحولت قصص حب حقيقية إلى مآسي ؟

لا تكلل قصص الحب في الغالب بالنجاح، بل تتحول إلى مآسي كبيرة للمحبين، نذكر أهم قصص الحب التراجيدية التي تحولت في نهاية المطاف إلى مآسي.

قصص الحب التراجيدية

لا يوجد بيننا من يحب أن يسمع قصص الحب التراجيدية فكلنا نحب النهايات السعيدة ونثق في أن الحب له قوة كبيرة في تحقيق المستحيل، ولكنا نستفيق من ذلك الحلم الجميل أحياناً لنرى بشاعة وعذاب ألم الحب مع الافتراق أو الخيانة. وعلى مر العصور كان الحب يضطهد لأسباب كثيرة من بشر يشعرون بالقوة في كسر قلوب العاشقين البريئة. في مقالي سأعرض أكثر قصص الحب التراجيدية التي قد تسمعها وإن كنت تفضل قصة روميو وجولييت عن قصة عنتر وعبلة فأنت ستحب هذا المقال.

أهم قصص الحب التراجيدية التي تحولت إلى مآسي

هيلين سيمونز والأمير مكرم جاه تشارمينار

بداية قصة سندريلا الفقيرة كانت ستبقى مجرد قصة خرافة لولا وجود قصة هيلين والأمير مكرم جاه ولكنها مختلفة في نهايتها وتصلح لتكون من قصص الحب التراجيدية. كانت هيلين فقيرة وتعتمد على معونة من الدولة وكانت تبلغ من العمر 27 في عام 1976، وكل ذلك تغير عندما وجدت طلب عمل من المهندس يوسي غولدبرج يبحث فيه عن سكرتيرة ترافقه في رحلة إلى الهند، فتقدمت هيلين للعمل وقبلت وسافرت معه إلى حيدر أباد في الهند. وهناك حضرت سهرة عشاء مقامة على شرف الأمير الغني والحاكم المقبل العثماني لحيدر أباد مكرم جاه وهو من أواخر الأمراء العثمانيين الأتراك، رغم أنها لم تكن تريد الحضور بالأول ولكنها حضرت في الأخير وهناك رقصت مع الأمير التي أحبها وقص عليها حياته وكيف أن عليه الزواج من أميرة تركية. وفي الأربع سنوات المقبلة كان الأمير على علاقة غرامية من هيلين رغم زواجه الأول فطلق زوجته وتزوج هيلين التي اعتنقت الإسلام ليتم الزواج. وفي سبع سنوات قضاها الاثنين في سفريات أوروبا الكثيرة والأعمال التجارية وكثرة الأموال التي امتلكوها التي لا تخطر على بال أحد بالإضافة إلى طفلين صغيرين، لم تنتهي العلاقة بطريقة جيدة إذ سافر الأمير مراراً وتكراراً بدون زوجته والتي وقعت في علاقات غرامية متعددة فأصيبت بمرض الإيدز ومات زواجهم وعلاقتهم الغرامية جنباً إلى جنب مع موتها هي أيضاً.

كيش وآمرين من قصص الحب التراجيدية

كيش كان فتى هندوسي وآمرين فتاة مسلمة ويعيشان بقرية هندية بسيطة. كانت عائلة آمرين تبيع اللبن والذي كان كيش يشتريه منهم كل يوم، ومع الوقت تكونت قصة حب قوية بين الاثنين والتي كانت مستحيلة بسبب التفرقة الدينية فلن تقبل أي عائلة هذا الزواج لأنه محرم وعار على العائلة. بسبب تلك الظروف المريرة وجدار الاضطهادات الصعبة قرر الاثنين أن يهربوا معاً ويتركوا القرية بأكملها. وإن كنت تتوقع أن العائلتين قد يتركانهما وشأنهما فأنت على خطأ، العائلتين لم تتفق على شيء في حياتهما سوى في لزوم موت كيش وآمرين وأنهم لن يسمحوا لهم أبداً بالحياة البسيطة. النهاية مع الأسف كانت على طريقة شكسبير وهي انتحار كيش وآمرين بعد تضيق الحصار عليهم إذ لم يجدوا في الحياة معنى بدون حبهم ولم يقبلوا أن يكونوا فريسة سهلة لعائلتهم، أو على الأقل هذا ما قيل في تقارير الشرطة. وحين وجهت صحافة قناة BBC الاتهام للعائلتين بأنهم هم من شجعوهم على الانتحار أنكروا تماماً بكل براءة علاقتهم بالموضوع ولم نعرف الحقيقية كاملة إلى اليوم. ولكن المؤكد أن كيش وآمرين فضلوا حبهم عن الحياة نفسها.

بوسكو وأدميرا من قصص الحب التراجيدية

في بدايات القرن الماضي كانت الحرب والإبادة العرقية في البوسنة والهرسك على أشدها ولم يكن بمقدور المسلم أن يتكلم من صربي والقناصة في كل مكان. في وسط هذه الظروف المشحونة تكونت علاقة حب بين بوسكو الصربي وأدميرا المسلمة. بدأت علاقتهم حين كانوا مراهقين صغار وبقت وازدهرت لمدة تسع سنوات، وفي عام 1993 قرروا أن يخرجوا من موطنهم سراييفو البالوعة الأساسية للاضطراب الثقافي والعرقي. فكان عليهم عبور جسر فربانيا ثم سيكونون بأمان ليهربوا إلى أي مكان يريدوه ويبدئوا حياتهم. اتفقوا مع أحد الأصدقاء لحمايتهم وهم يعبرون الجسر ولو صار كل شيء حسب الخطة لما كنت أكتب عنهم اليوم. فوق الجسر وهما يعبرون معاً تفاجؤوا بوابل من الرصاص قادم من كل مكان وكأن العالم كله أصر على عدم أحقية حبهم مرة واحدة، ومات بوسكو أولاً وتبعته أدميرا التي كانت تمسك بكل عزمها في جسده. ولم يرفع أحد جثتهم من على الجسر سوى بعد ثمانية أيام كاملة وعادوا في الأخير إلى موطنهم ليدفنوهم معاً. قصتهم لم تذهب هباء بل عرف العالم كله قصتهم ولفتت أنظار العالم إلى المأساة في البوسنة وهرسك مما جعل بعض الدول تتدخل لحل الأزمة، واليوم يتذكرهم العالم ليس فقط لقصة حبهم بل لتلك التضحية التي قد تكون أنقذت ما بقي من أمل في تلك البلاد. ورغم كل التحقيقات لم يتم التعرف أبداً عن مصدر الطلقات ونفى الصرب والمسلمين علاقتهم بالحدث.

نكولا وجون مانسفيلد

من قصص الحب التراجيدية التي تجعل عينك تدمع لها لا محالة هي قصة نكولا وجون الذين وصفوا علاقتهم بأنها حب من أول نظرة، وأنهم شعروا بارتباطهم ببعض فوراً وفي يناير 2012 تزوجوا. الموت لا يأتي بميعاد حقاً لأن بعد أسبوعين من شهر العسل انهار جون فجأة وقال له الأطباء أن لديه ورم تحول إلى سرطان في المخ وأنه لن يعيش ليرى 2013. ولم تشعر نكولا بالحزن كما شعرت به عند سماع ذلك الخبر، أما جون فكانت أمنيته الوحيدة هو أن يعطي لنكولا أطفالاً قبل أم يموت كما كانوا يحلمون دائماً. مع العلاج الكيماوي وحالة جون لم يكن أمامهم سوى التلقيح الخارجي، ولكن الحياة أعطت لجون هذه الأمنية الأخيرة وبعد معرفتهم بأن نكولا حامل في توأم بيومين، مات جون. المصائب حقاً لا تأتي فرادى، لأن الأرملة نكولا عرفت ثاني أسوء خبر في حياتها في الأسبوع الثالث والعشرين من حملها ألا وأنها هي الأخرى لديها ورم في المخ. لمحاولة إنقاذ حياتها وإنقاذ طفليها قررت خوض عملية جراحية صعبة لاستئصال الورم انتهت بفقدانها للسمع وشلل بالوجه ولكنها على الأقل نجت من الموت. وهي الآن تربي ابنها لارشي وابنتها كيت وتصر على تقبيلهم لصورة أبيهم كل يوم قبل النوم.

ديف وباتي ستيفنز

هذه القصة من أكثر قصص الحب التراجيدية إذ إنها تتكلم عن مأساة الخسارة أكثر من أي شيء، ديف وباتي كانوا معاً في نفس الجامعة في ميشيغان ولم تنسى باتي يوماً لقائها الأول مع ديف، وكانت تقول إنه كان رجلاً مثالياً، مهذباً، متواضع، وهادئ جداً. وفي يوم التخرج كانوا الاثنين على موعد مع حياتهم معاً. ديف أصبح مهندساً مع سبع براءات اختراع وكان ذلك النوع من الرجال الذي يضحي بعدد ساعات طويلة لقيادة السيارة حتى لا تقلل زوجته عليه إذا سافر بالطائرة لأن باتي كانت لديها فوبيا من الطيران. وفي يوماً مشؤوم من عام 2015 لم يعد ديف إلى المنزل في الميعاد من العمل فقلقت عليه باتي جداً وذهبت لجراج السيارة ولم تجدها هناك فأبلغت الشرطة لكنها لم تتوقع أبداً ما قد حدث. قبل ساعات قليلة من إدراك باتي لتأخير زوجها كان لاعب كرة القدم السابق توماس جونسون قد جن جنونه، وخرج إلى الشوارع مسلح للتنفيس عن غضبه عندما سماه “الوضع” ومن المعروف عن هذا الرجل أنه مريض نفسي يعاني من انفصام الشخصية وواقع تحت تأثير الهلوسة، ومن حظ ديف السيئ أنه مر من أمامه في هذا الوقت. العنف الذي تلقاه ديف من ذلك المجنون كان رهيباً حتى إن الشرطة لم تتعرف على ديف سوى من بصماته وحينها أخبروا باتي. باتي فقدت كل معاني الحياة لم تعد تنام أو تأكل وكل ما تشعر به هو قلبها الممزق وفي ليلة من الليالي وجدت السلطات باتي لا تتحرك في الجراج الخاص بها، ودليلاً قوياً على الانتحار بتسمم أول أكسيد الكربون.

ماتي وإيرل

في قصص الحب التراجيدية دائماً ستجد قرارات خاطئة أو متسرعة ناتجة عن اليأس، أما القرار السيء في هذه القصة فيصنف في مرحلة أخرى تماماً من اليأس. ماتي وإيرل عرفوا أنهم وقعوا في الحب في سن السابعة عشر وعندما أكملوا الثامنة عشر تزوجوا فوراً، وعاشوا حياة مسالمة مع إدارة متجر كتب وأصبحوا أباء وأجداد. وبعد 42 سنة من الرومانسية المشهود لها من أبناءهم وأحفادهم أصيبت ماتي بمرض تمدد الأوعية في المخ وكانت مضطرة لدخول في عمليات جراحية متكررة. حاول إيرل أن يعمل أقل حتى يقضي كل الوقت مع زوجته ومساعدتها لأنها شيئاً فشيئاً لم تعد قادرة على إتمام أقل المهام بمفردها. لكن ذلك الاحتمال لم يستمر والضغط على إيرل أصبح كبيراً ولم يتمكن من مشاهدة حبيبة عمره بهذه الطريقة مرة أخرى. في أبريل 2014 تلقى أحد أبناء إيرل اتصالاً منه وقال فيه “أنا أحبك، أنا أسف.” ثم أغلق الخط، لم يتوقع الابن أنه أخر ما سيسمعه من أبيه. بعد المكالمة قاد إيرل سيارته وكانت زوجته معه إلى منتصف أحد السكك الحديدية وترك القطار القادم ينهي مأساته وتعب زوجته، وجاءت تقارير الشرطة بأن الحادث كان قتل وانتحاراً.

محمود إيازي وكاتين صفائي من قصص الحب التراجيدية

محمود إيازي شاب من إيران كان له الحلم أن يكون مهندس كهربائي ويعمل في أمريكا “أرض الفرص” كما يلقبوها. تخلى عن وظيفته في إيران وذهب إلى كاليفورنيا ودرس هناك ثمان سنوات ويعمل كهربائياً في شركة كبيرة. ولكنه رجع إلى إيران لإتمام زواجه المرتب من كاتين الذي لا يعرفها أبداً ولكنه كان يحمل لها المودة والحب حسب كلام أصدقائه. بعد عقد الزواج كانوا الاثنين يحلمون بالذهاب إلى أمريكا والحياة هناك بدون النظر إلى الوراء أو الرجوع مرة أخرى إلى إيران. وبالفعل ركبوا طائرة متجهة إلى أمريكا وقبل الوصول كان على الطائرة أن تتوقف في ألمانيا أولاً، وهناك قال لهم مسئولي السفارة الأمريكية أن كاتين عليها أن تنتظر سنة على الأقل حتى تأخذ تأشيرتها. وهناك أصبح محمود أمام اختيارين الأول هو العودة مع زوجته إلى إيران والثاني هو تركها تذهب بمفردها ويعود هو إلى أمريكا ويكمل حياته وليس عليه أن يرجع لها مرة أخرى. لكن الزوجين اختاروا حلاً ثالثاً مختلفاً جداً. هناك في ألمانيا استغل محمود أن شنطة سفره تم تفتيشها بالفعل وأخرج الأمتعة وأدخل بدلاً منها زوجته التي يبلغ طولها 150 سنتيمتر لتطير معه إلى أمريكا في الحقيبة. الرحلة استغرقت 11 ساعة والتي لم تنجو معها الزوجة بالطبع، الطب الشرعي فيما بعد قال بإن الشنطة وقعت تحت ضغط من الأمتعة الأخرى الملقاة فوقها عند تحميل الطائرة والتي جعل كاتين لا تستطيع أن تتنفس واختنقت. بعد النزول من الطائرة توجه محمود ليحصل على حقيبته من المطار ليفاجئ هناك بزوجته الميتة فهرب وترك الحقيبة من الذعر. اتصل محمود بأحد الأصدقاء وقال له أنه الآن خسر كل شيء. لم تتعرف الشرطة على هوية الضحية سوى بعد أن وجدت جثة محمود في سيارته المركونة بعد أن أطلق النار على نفسه بسبب إحساسه بالذنب، وعندها فهمت القصة كاملة، وأصبحت تصلح كقصة عجيبة من قصص الحب التراجيدية.

من وجهة نظري فإن قصص الحب التراجيدية المأساوية ليست النهاية والحب ينتصر في قصص أخرى كثيرة، ولكن الظروف الموجودة بهذه القصص لم تسمح للحب بأن يأخذ وضعه المناسب، أو بسبب قرارات خاطئة من الطرفين والذين ظلموا بعضهم، ومن مات بهذه القصص بإخلاص فهو مات من أجل الحب وهو الهدف الأسمى من وجهة نظري.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

ثلاثة × اثنان =