فضلات الأطعمة هي مشكلة تواجه كل ربة منزل بشكل يومي، كما أنها تواجه الكثير من المطاعم والفنادق الكبرى، وكلاهما لا يعرف في الغالب كيف يتعامل معها أو يستفيد منها، وإنما كالعادة يتم اختيار الحل الأسهل وهو إلقاء باقي الطعام في سله المهملات. تشير الإحصائيات عن كميات مهولة من الطعام يتم التخلص منها بشكل يومي، والعجيب في الأمر أن الإحصائيات أيضا تؤكد زيادة نسبة انتشار الفقر والجوع والمجاعات ومعاناة الكثير من سوء ونقص التغذية، وهذه مفارقة عجيبة ينبغي أن نفهم كيف تحدث لأننا جميعا مشاركون فيها بشكل أو بآخر لا يسلم من إثمها أحد، بداية من الطفل الذي لا يتناول ساندويتشات المدرسة فيقرر التخلص منها بإلقائها في سلة المهملات حتى لا تعاقبه أمه، إلى ربة المنزل التي تلقي بواقي الأطعمة في سلة المهملات لأنها لا تعرف كيف يمكنها إعادة تدويرها، إلى المطاعم والفنادق التي تلقي كميات مهولة من الأطعمة في سلة القمامة ويأكل منها الفقراء ويصابون بالأمراض لأنهم جوعى ولا يملكون حق شراء الطعام، وهذه جد ثقافة يضربها العطب ويجب تغييرها أولًا قبل وضع حلول. وسوف نحاول من خلال المقال معرفة الكثير عن طرق استغلال فضلات الطعام وطرق الاستفادة منها وطرق تقليل الظاهرة ودور كل منا في الحد منها.
طرق مبتكرة من أجل الاستفادة من فضلات الأطعمة
ما هي فضلات الأطعمة
فضلات الأطعمة هي الأكل المتبقي بعد تناول الطعام وفي الغالب يختاره الشخص بإرادته ثم يعزف عن تناوله كله. تبدأ المشكلة من ثقافة المجتمع التي تعرف كرم الضيافة على أنه تنوع وتعدد الأطعمة ووجودها بكميات مضاعفة على سفرة الطعام من أجل الضيوف، والتي في الغالب لا يتم تناول أكثر من ربعها، والمتبقي منه يلقى مباشرة في القمامة، وهذا المتبقي هو ما تم توزيعه على أطباق الضيوف بالفعل بكميات كبيرة لن يستطيعوا تناولها كلها، ونحن على علم بذلك أيضا ولكن حتى يقولون بأنك شخص كريم، والباقي يكون مازال في أطباق التقديم والأواني الخاصة به، وهنا يتعدد التصرف باختلاف كل أسرة عن الأخرى، فالكثير يلقون كل بواقي الأطعمة ويستريحون والكثير منا يقول لك لا أتناول طعام مرتين أو طعام تم طبخه مسبقا وحفظه في الثلاجة، وهناك بعض الأسر -وأغلبهم لظروف اقتصادية- يحتفظون بها ليقومون بتناولها في يوم آخر، ولكن مما لا شك فيه أن هذا الأمر ناتج عن الحاجة وقلة الموارد المالية وليس لأنه تصرف صحيح نسبياً، ولكن الشائع وربما المؤكد هو أن كل الأطعمة المتبقية من الأطباق يتم إلقاءها في القمامة، وهي ثقافة أيضا.
ثقافة مغلوطة
للأسف الشديد ثقافة كرم الضيافة من خلال وضع أكوام من الطعام أمام الضيوف هي ثقافة عربية بالأساس، فلن تجدها مثلا في الدول الأوربية من يفعل مثلنا، بل على العكس سوف تجد أنهم يأكلون ربع ما نأكل تقريبا كما أنهم نادرا ما يقومون بإلقاء شيئ؛ لأنهم من البداية لم يأخذوا أكثر مما يحتاجون إليه، نأتي إلى أغلب الدول العربية لنجد على سبيل المثال الأسماك والدجاج واللحوم مجتمعة على سفرة واحدة، على الرغم من أن نوع واحد يكفي وله أطباق خاصة به من الطعام تكفي كوجبة، ولكن كوننا بيت كرم كما هو شائع يجب أن نصنع كل الأطباق وكل الأصناف لكل ما هو متاح من الطعام، وفي النهاية لا يهم أين ستذهب فضلات الأطعمة. أيضا ثقافة ملء طبق الضيف بكل ما لذ وطاب حتى لا يجد متسع في طبقة يأكل فيه هي ثقافة سائدة لدينا. وكل ما تقدم كوم و”الأوبن بوفيه” أو البوفيه المفتوح كوم آخر، فإذا ذهبت إلى مطعم مثلا يتبع سياسة البوفيه المفتوح تجد الضيوف يملؤون الأطباق بشكل مرعب ولا يأكلون نصفه، وفي النهاية يتم إلقاءه في سلة المهملات، والكثير يجهل أن ثقافة البوفيه المفتوح تعتمد على أن الضيف يأخذ كمية قليلة من الطعام وإن انتهي منها يستطيع أن يحدد أي نوع من الأطعمة أحبه ويقوم مرة أخرى باختياره ثم يأتي بكمية مناسبة يعتقد أنها سوف تكفيه، ولكن نحن نأخذ كل شيء لنضمن أنه معنا ثم نقرر بعد تجميعه نأكل ماذا ونترك ماذا ولا يهم ماذا سيحدث لباقي الطعام.
ارتفاع نسبة الجوعى في العالم
مع ازدياد نسب الفقر حول العالم وانتشار المجاعات في الكثير من الدول تجد لدينا كميات كبيرة جدًا يتم التخلص منها من الأطعمة، في حين يوجد الكثير من البشر على مستوى العالم يحتاجون إلى طعام، لذلك كان لابد من أن تتكفل بهذه القضية منظمات خاصة تقوم بتوزيع هذا الطعام على الفقراء، ويبدأ في الظهور ما يسمي ببنك الطعام وغيره، ولكن هذه الحلول على المستوى العالمي، أما على المستوى المحلي فهناك الكثير من الطرق التي تمكننا من استخدام فضلات الأطعمة في استخدامات مفيدة.
استخدام فضلات الطعام بشكل مفيد
كيف يمكننا استخدام فضلات الأطعمة بشكل مفيد؟ للإجابة على هذا السؤال علينا أن نحدد نوعية الطعام ونوعية المتعامل معه، فمثلا تعامل ربة المنزل مع فضلات الطعام يختلف عن مدير مطعم أو مدير فندق لذلك سوف نضع الأطر التي سوف نعمل عليها أولا:
ربة المنزل
حينما تقومي بإعداد السندوتشات للأطفال اعرفي جيدا ما يكفي طفلك لإشباعه ولا تعطيه فوق حاجته ولا تجبريه على تناول كميات كبيرة. الكيف أم الكم؟ بالطبع الكيف أفضل من الكم وهو المغدي والمفيد والمطلوب، فلا داعي للتبذير.
طهي الأطعمة في المنزل بمقادير صغيرة، وعلمي أطفالك ألا يضعوا في أطبقاهم إلا الكمية التي سوف يأكلونها فعلا وأنه يفضل وضع كمية صغيرة في البداية ثم نكمل كلما احتجنا.
في العزومات لا داعي إطلاقا لما يقوم به الكثيرون من تكديس الأطعمة المختلفة أمام الضيوف، فالموضوع لا علاقة له بالكرم وإنما قومي بطهي أطباق مناسبة مع بعضها وبكميات معقولة بحيث يكون الفائض قليل.
وفي النهاية يتم التعامل مع الفضلات كالتالي:
إذا كنتم ممن يأكلون الطعام الذي تم طهيه وحفظه مسبقا وليس لديكم مشكلة في تخزينه فهنا لا مشكلة يتم حفظ بواقي الأطعمة في الثلاجة وفي اليوم الثاني نقوم بتسخينها ووضع بعض التعديلات الشهية. على سبيل المثال تزيين الأطباق أو إدخال تعديل عليها بشكل أو بآخر، لو كان لدي طبق من السلاطة الخضراء يمكنني أن أضيف إليه خضروات جديدة أو نوع من أنواع الحبوب المسلوقة كالحمص بحيث يظهر وكأنه مختلف عن طبق الأمس. إن كان لدي طبق مكرونة بالصلصة يمكنني إضافة أي نوع من الجبن المبشور فوقها وسوف تظهر بشكل جديد.. وهكذا.
ولكن ماذا إن كانت عائلتك ممن يأكلون الطعام لمرة واحده فقط، في هذه الحالة نقوم بتغليف الأطعمة وتبريدها بشكل سليم والتبرع بها للفقراء، وهذا يتم من خلال إما الجهات المختصة حيث تقومي بالاتصال بهم وهم يأتون ويأخذون الطعام، وإما أن يشترك سكان العقار في شراء ثلاجة صغيرة وتوضع عند مدخل العقار ويتم وضع فضلات الأطعمة بها للفقراء وعابري السبيل.
صاحب المطعم أو مدير الفندق
بالنسبة للوضع هنا مختلف قليلًا لأن الأمر يسهل التحكم به، فمثلا سياسة البوفيه المفتوح يجب أن يوضع لها بعض الضوابط حتى لا يكون الأمر مفتوحا، وفضلات الأطعمة المتبقية لا يتم إلقاءها في القمامة فيوجد الكثير من المؤسسات الخيرية التي تقوم بمهمة إعادة تدويرها بحيث يتم توزيعها كوجبات للفقراء، فما على صاحب المطعم أو الفندق إلا الاتصال بإحدى هذه المنظمات، وليكن لديك حس أخلاقي بالمسؤولية وتذكر الجوعى الذين يعج بهم العالم ولا يجدون الطعام الذي تلقي به أنت في سلة القمامة.
أضف تعليق