فروع الكيمياء متعددة جدًا، فالكيمياء واحدةٌ من لغات الطبيعة وعلومها العديدة والأساسية التي لا غنى عنها ولا فصل بينها وبين أي علمٍ آخر، فالمعروف أن العلوم الأساسية التي تقوم عليها أساسيات العلم ووجود العالم ككلٍ والتي بدأ العلم أول ما بدأ باكتشافها والتعرف عليها تتكامل كلها معًا، ويصبح كل علمٍ منها بابًا يفضي إلى غيره من تلك العلوم ووسيلةً للتواصل والتفاهم وتجميع قطع الأحجية العلمية، من الصعب فعلًا أن نبحث عن علمٍ من العلوم الرئيسية والأساسية فلا نجد الكيمياء تتدخل في جزءٍ فيه توضحه وتشرحه وتتكامل معه، وعلى اتساع ذلك العلم تنشأ فروع الكيمياء العديدة المختلفة التي يتكفل كل فرعٍ فيها بدراسة جانبٍ من جوانب الحياة، وبعض فروعها هو جزءٌ من علمٍ آخر اجتمعا فيه معًا فأصبح حلقة الوصل بين الكيمياء وذلك العلم.
فروع الكيمياء : نظرة موسعة عليها
ما هي الكيمياء؟
الكيمياء بفروعها هي علم المادة والذرات والمركبات والجزيئات والتفاعلات الكيميائية والتغيرات التي يحدثها وينشأ عنها، والتفاعل الكيميائي هو عبارة عن تغير في خواص المواد الداخلة للتفاعل بشكلٍ رجعيٍّ أو غير رجعي للحصول على الناتج الكيميائي، كذلك تتم فيه دراسة العناصر المكونة للطبيعة وخصائصها وتفاعلاتها والكيفيات التي تسير به تلك التفاعلات والقوانين التي تحكمها، كما أنها تختص بدراسة أشكال وحالات المادة المختلفة وتصرفاتها وسلوكها والتأثير عليها وعلاقتها مع بعضها ومع ما حولها.
الكيمياء في الحياة
كما تدخل الكيمياء في كل العلوم فهي من قديم الأزل جزءٌ لا يتجزأ من الحياة ومن الكون المحيط بالإنسان والكثير من ظواهره، كما أن الإنسان على مر العصور استخدمها ووضع نظرياته البدائية عن المواد المتوافرة حوله في الطبيعة وكيفية تسخيرها وتفاعلها مع بعضها لإنتاج الناتج المطلوب قبل حتى أن يُعرف علم الكيمياء أو حتى تُعرف فروع الكيمياء ، بل ربما قبل أن يُعرف العلم نفسه، كان الإنسان القديم كالعالم الحديث يضع نظرياته البدائية البسيطة بالتجربة وبعضها أو أغلبها كان يأتي معه بمحض الصدفة المطلقة فينتبه لها ويستخدمها ويضع نظريةً بسيطةً تلائم عقله وثقافته في ذلك الحين، وكان ولا زال الطب والدواء أشهر الاتجاهات والمجالات التي اعتمدت على الكيمياء البدائية والحديثة في عملها، فالدواء كيمياء وصناعته كيمياء ونظرياته تضعها الكيمياء وعمله داخل الجسم كيمياء وتخلص الجسم منه كيمياء، ولكل اتجاهٍ فرعٌ كاملٌ من فروع الكيمياء ، في الحقيقة إن هذا العلم الواسع يشمل أجزاءً وجوانب أكثر مما نتخيل أو نتوقع في حياتنا.
فروع الكيمياء الرئيسية
تنقسم الكيمياء إلى عددٍ من الفروع الرئيسية أو الخطوط الواضحة والتقسيمات الأولية التي ينقسم إليها ذلك العلم الضخم، ثم تتفرع تلك الفروع إلى فروعٍ أكثر وأكثر، فروع الكيمياء الرئيسية هي الكيمياء العضوية والكيمياء الغير عضوية والكيمياء الحيوية والكيمياء الفيزيائية والكيمياء التحليلية.
المادة الغير عضوية والمادة العضوية
تختلف كل المواد الموجودة في البيئة والتي يتم تصنيعها صناعيًا لنوعين رئيسيين إما أن تحتوي على ذرات الكربون فتصبح مادةً عضوية يقوم عليها فرع الكيمياء العضوية أو لا تحتوي على الكربون وتصبح مادةً غير عضوية يقوم عليها فرع الكيمياء اللاعضوية.
الكيمياء الغير عضوية
هو الفرع الذي يقوم بدراسة المواد التي لا تحتوي على الكربون في تركيبها أو في نواتج احتراقها، تحتوي على الأملاح والمعادن بشكلٍ أساسي، وتوجد منها الأحماض والقلويات القوية كما أن المركبات الغير عضوية سهلة الذوبان في الماء وتتميز تفاعلاتها بالسرعة والقوة كما أن أغلب تفاعلاتها من التفاعلات التي تسير في اتجاهٍ واحد.
الكيمياء العضوية
تقوم بدراسة المواد والمركبات العضوية التي تحتوي على ذرات الكربون عن طريق دراسة خواصها وتفاعلاتها ونواتجها، وتكمن أهمية هذا العلم في الأهمية التي تقع على المركبات العضوية نفسها لأن الواقع أن تلك المركبات تشكل أغلب عالمنا وتدخل في أغلب صناعاتنا وأدويتنا والمواد المكونة لأجسادنا، كما أنها أساس العمليات الحيوية في داخل أجسام الكائنات الحية، وتتفرع وتنقسم المواد والمركبات العضوية إلى فروعٍ وأقسامٍ وملايين من المركبات بين البسيط والمعقد والطبيعي والمصنع، وليست قاصرةً على ذرات الكربون فحسب بالطبع فالكربون من أساسياتها لكن تدخل الكثير من الذرات الأخرى معها خاصةً الهيدروجين الذي يعتبر خليل الكربون في تلك المركبات، كذلك الأكسجين والنيتروجين والكبريت والفوسفور وغيرها من الذرات الأخرى حسب اختلاف المواد والمركبات واستخدامها.
الكيمياء الحيوية
تأتي الكيمياء الحيوية كفرعٍ من أهم فروع الكيمياء وهو المختص بدراسة الكيمياء الموجودة داخل أجسام وخلايا الكائنات الحية المختلفة، بين التركيب والغذاء والتكوين وإنتاج الطاقة وغيرها من التفاعلات التحفيزية والكيميائية داخل جسم الإنسان، تبدأ دراسة علم الكيمياء الحيوية بدراسة الخلية الحية سواءً كانت لأحد الكائنات البدائية أو الراقية ودراسة مكوناتها وملاحظة التفاعلات التي تتم بداخلها، والتعرف على محتويات ومكونات الخلية ودراسة خواص تلك المكونات ووظيفتها وأماكن الإنتاج والعمل وكيف تتخلص الخلية منها بعد استخدامها، إن كل التغيرات التي تحدث بشكلٍ طبيعيٍّ داخل جسم الإنسان بلا استثناء هي من اختصاص الكيمياء الحيوية ودراستها.
الكيمياء الفيزيائية
حين يجتمع كل من الكيمياء والفيزياء معًا، علم المادة وعلم خواص المادة إن الكون وكل ما فيه يكاد أن يكون قائمًا بشكلٍ أساسيٍّ على هذين العلمين الرائعين، وبقدر روعتهما بقدر صعوبتهما وصعوبة التعمق في كليهما لأنهما بلا نهاية وسيظلان في ميدان التطور والاكتشاف حتى تقوم الساعة، الكيمياء الفيزيائية واحدٌ من فروع الكيمياء يقوم بدراسة خواص المادة الفيزيائية وتأثيرها الناتج من تركيبها وشكلها ودراسة التفاعلات الكيميائية في ضوء خواص الفيزياء المختلفة.
الكيمياء التحليلية
إن الكون والمواد من حولنا كما نراها ليست في حالتها الأولية وليست عناصر صافيةً ونقية، وإنما هي عبارةٌ عن مركباتٍ مختلفة سواءً كانت معقدةً أو بسيطة تتكون عناصر أخرى بسيطة وأولية، ووظيفة الكيمياء التحليلية هي الوصول إلى تلك العناصر الأولية الصافية والنقية، ومعرفة المواد والعناصر الداخلة في تركيب كل المواد الموجودة في الكون حولنا وتركيبها وشكلها الهندسي الذي يكمن لها الاستقرار من عدمه، كما أن من الفروع الغير محكومة أو محصورة في نوعٍ محددٍ من المواد المتفاعلة أو المركبات وإنما تشمل كل ما وقعت عيننا عليه من موادٍ منذ بدء الخليقة.
فروعٌ أخرى للكيمياء
تحت الفروع الرئيسية السابقة توجد عدة فروعٌ أخرى للكيمياء منها الكيمياء الفراغية والكيمياء الاصطناعية والكيمياء الإشعاعية وكيمياء الكم والكيمياء النووية والحرارية الكيميائية والكيمياء الحركية والكيمياء الصناعية وكيمياء البيئة وكيمياء العقاقير والكيمياء الزراعية والكيمياء التطبيقية.
كيف تختار فرع الكيمياء الذي ستدرسه؟
بشكلٍ مبدئيٍّ فاختيار الفرع الذي ستدرسه لا يعني أنك ستقتصر على ذلك الفرع وحده ولن تعرف غيره أو تلم بكل فروع الكيمياء الأخرى، في الواقع فأنت حين ترغب في البدء بدراسة الكيمياء ستبدأ بدراسة كل فروعها والتعرف عليها وأخذ فكرةٍ عامةٍ وشاملةٍ عن كل فرعٍ وما يدرسه وكيفية تطبيقه وعمله، ثم تتفرع من الفروع الأساسية والرئيسية إلى الفروع الأصغر فأصغر حتى تصبح عالمًا وملمًا بكل فرعٍ من تلك الفروع. بعد التعرف عليها كلها تبدأ في اختبار الفرع الذي تجد في نفسك براعةً وميلًا له أكثر من غيره وقدرةً على مواصلته والتعمق فيه ورغبةً في دراسة كل نظرياته ومعرفة كل أسراره وخباياه، وقد تهوى أكثر من فرعٍ فتتخصص في كل ما أحببته وملت له من الفروع، كما أن الكيمياء كغيرها من العلوم تراكمية إن عزمت على دراسة أحد فروعها فستكون دراستك له عبارةً عن رحلةٍ تاريخيةٍ في تاريخ ذلك الفرع من يوم وُجد واكتُشف وحتى يومنا هذا.
الكيمياء من العلوم الصعبة تحتاج الحب والشغف والعقل والوقت والتصميم لدراستها، فإن لم تملك أحدها فلا تلقِ بنفسك في براثنها لأنها تبتلع من يدخل غليها، لكنها تبقى ما بقي الكون علمًا بهيًا واسعًا ومُهابًا.
أضف تعليق