يجري الملايين من البشر، نساء ورجالا، عمليات تجميلية كل عام. بإمكان جراحي التجميل حاليا تغيير شكل أيّ جزء من الوجه أو الجسم تقريبا. وبينما تجرى بعض عمليات التجميل لأغراض طبية، مثل إعادة بناء ملامح الوجه بعد التعرض لحادث، تجرى العديد من العمليات الأخرى حسب رغبة وإرادة الشخص لتغيير ما لا يعجبه في جسده. معرفة المخاطر والجوانب الأخرى الجيدة فيما يخص عمليات التجميل، من شأنه مساعدة المقدمين عليها في التقرير بشأنها بطريقة أوضح.
عمليات التجميل متى تكون خطيرة على الصحة ومتى تكون آمنة؟
فوائد عمليات التجميل
بسبب التطور في التقنيات والنتائج المبهرة وتقليل الأعراض الجانبية، تشهد عمليات التجميل شيوعا أكبر ويزداد الطلب عليها مع معدلات رضا أكثر من المرضى عليها. وبالتالي، يشعر الكثير من الناس بالفوائد الجمة لعمليات التجميل سواء جسديا أو نفسيا، خارجيا أو داخليا. ومن هذه الفوائد:
مستويات الثقة
بالنسبة للبعض، فإن الحصول على عمليات التجميل هو أمر حيوي من أجل تقبل النفس والحصول على الثقة اللازمة من أجل التعامل اليومي. فإذا كنت تملك جزءا من جسدك تكرهه منذ وقت طويل وكثيرا ما شكّل لك أزمة كبيرة تعيق تقبلك للحياة ولتعاملاتك مع البشر، ففي هذه الحالة قد تكون عمليات التجميل خيارا جيدا. لكن الكره المفاجيء لجزء من الجسد، أو الهوس والوسواس المتعلق بجزء من جسدك أو ملمح من وجهك قد يشير إلى الإصابة بمرض نفسي أو عقلي، وحينها تكون عمليات التجميل ضارة وغير مفيدة إطلاقا، ستستفيد أكثر إذا حصلت على علاج نفسي.
الفوائد الصحية
تكمن أكبر فوائد عمليات التجميل في الحالات الصحية المرتبطة بمشاكل المظهر التي تضايق الشخص. فمثلا، بعض النساء اللائي يمتلكن أثداء كبيرة للغاية يعانين من ألم شديد في الظهر، وبالحصول على عملية تقليل لحجم الثدي يختفي هذا الألم ومعه عدم الثقة في النفس التي تصحب الحالة. وإجراء عملية تجميلية للأنف من شأنه تقليل التهابات الجيوب الأنفية. وأيضا في الرجال، تقليل حجم أنسجة الثدي يساعد في حمايتهم من أورام الثدي الخبيثة التي لا تقتصر الإصابة بها على النساء. وهذه فقط بعض المشاكل الصحية التي من الممكن معالجتها أو تفاديها عن طريق عمليات التجميل.
مضار عمليات التجميل
قد تكون عمليات التجميل لأسباب طبية أو جمالية. أيا ما كان السبب، فهناك مضار خطيرة لعمليات التجميل يجب أخذها في الاعتبار قبل التفكير في الحصول عليها. وأيضا لمحاولة تجنبها قدر الإمكان باستشارة أطباء أكفاء، والحصول على خدمة طبية في مكان موثوق فيه خاضع للرقابة الصحية والابتعاد عن كافة الأماكن المشبوهة، وأيضا تحسين الصحة العامة قبل الإقبال على العملية، فهي عملية جراحية كاملة وتتطلب جسدا صحيا لتحملها.
المضاعفات
إن عمليات التجميل هي عمليات جراحية، ولا ينبغي التعامل معها باستخفاف، وهي تحمل كل احتمالات المخاطر التي تحملها أية عملية أخرى. فمثلا، الألم هو مشكلة كبيرة وكثيرا ما تحدث، والتعافي منه ومن آثار العملية يستغرق وقتا طويلا قد يصل إلى ستة أشهر في بعض الحالات. وقد يعاني بعض المرضى من ردود فعل سيئة تجاه المخدر أو قد يصابون بمضاعفات أخرى مثل النزيف كنتيجة للعملية نفسها. ومن أكثر المضاعفات شيوعا في عمليات التجميل: الإصابة بالعدوى، تدمير الأعصاب، تجمع السوائل حول مكان الجرح، وحدوث كدمات في المنطقة. قد تحدث أيضا جلطات دموية وما يتبعها من مضاعفات خطيرة. حتى أن الموت قد يحدث أحيانا.
التوقعات
أحيانا ما تخالف نتائج عمليات التجميل توقعات أو رغبات المريض. وهذه غالبا ما تكون مشكلة بسبب التوقعات نفسها، لا بسبب مهارة الجراح. فتوقع نتائج غير واقعية، كأن تجعلك العملية شبيها بنجم سينمائي أو تحل مشاكلك العاطفية، هي عقبة كبيرة تواجهك بعد الحصول على العملية. استشارة الطبيب قبل إجراء العملية من شأنه إعطائك فكرة واقعية عن النتيجة النهائية التي ستبدو عليها ومساعدتك على تقبلها وتقبل حدود ما يستطيع الطب تقديمه لك.
التكلفة
عمليات التجميل مكلفة ولا يغطيها التأمين الصحي في الغالب. وقد تحدث خسارة مادية أيضا بسبب الوقت الذي ستقضيه دون عمل لإجراء العملية والتعافي منها. وتكلفة عمليات التجميل تشمل أجر الطبيب وأجر المستشفى وثمن الأدوية وثمن الرعاية التالية للعملية.
مع هذا، أحيانا ما تكون هناك مشاكل صحية تتطلب إجراء عمليات التجميل كما سبق وأن ذكرنا، هنا قد تحصل على تعويض تأميني من أجلها. وهذا يحدث في حالات استخدام عمليات التجميل من أجل إصلاح العيوب الخلقية الحادثة منذ الولادة، وعمليات التجميل التالية للحوادث لإزالة آثارها السيئة، وفي حالات الإصابة بعدوى الجيوب الأنفية بشكل متكرر، أو كبر حجم الثدي المتبوع بآثار صحية سيئة.
المظهر
الإصابة بندوب خفيفة جدا هو أحد المساويء المحتمل حدوثها بعد عمليات التجميل، وهذه الندوب تكون سميكة وحمراء، وغالبا ما تبقى ولا تختفي كأغلب ندوب العمليات الجراحية. ومن الصعب إخفاء الكدمات والتورمات التي تحدث بعد العملية وتستمر لفترات طويلة، خصوصا إذا كانت العملية في الوجه. قد يحدث أيضا ارتخاء أو تدلٍ في المنطقة التي تمت الجراحة عليها. لهذا عليك وضع هذا الأمر في الاعتبار والاستعداد له.
الإدمان
يصاب بعض الناس بإدمان لعمليات التجميل. ومن الأسباب المساعدة على الإصابة بهذا: سهولة الحصول على عمليات التجميل حيث توفر الوقت والمال اللازمين، وتدني النظرة للذات، والإصابة باضطراب تشوه الجسم. الشخص المصاب بإدمان عمليات التجميل هو شخص راغب في تصحيح أيّ عيب يراه في نفسه مباشرة على يد جراح تجميل، ولا يهمه من أين يحصل على المال، سواء بدلا عن دفع الإيجار أو ببيع ممتلكاته الشخصية.
النتائج العاطفية
في دراسة قام بها أخصائي اجتماعي وطبيبان نفسيان وأعلنت بواسطة جمعية علم النفس الأمريكية، تبين أنه في الأغلب يشعر المرضى بتحسن صورتهم الذاتية وثقتهم في أنفسهم وبسعادة أكبر وحال جيد بشكل عام بعد إجراء عمليات التجميل. لكن الدراسة نفسها بينت أن هناك استجابات سلبية من هؤلاء الذين كانت لديهم توقعات عالية قبل العملية لم يتم تحقيقها بعدها. وغالبا ما يحاول هؤلاء المرضى غير الراضين عن النتائج أن يحصلوا على عمليات إضافية. أما الآخرون، فيعانون من فترات اكتئاب وعزلة وغضب تجاه أطبائهم. استنتج الباحثون أنه على جراحيّ التجميل طلب الاستشارة النفسية لمرضاهم قبل إجراء عمليات التجميل. والحصول على هذه الفحوصات النفسية، خصوصا لهؤلاء المرضى المعروف عنهم الإصابة بنوبات اكتئاب أو أيّ مرض نفسي آخر، قد يساعد في تخفيف بعض الاستجابات السلبية التالية للعملية.
الوقت
يجب على المرضى الذين يفكرون في الحصول على عمليات التجميل الأخذ في الاعتبار أنه هذه العمليات تكلف الكثير جدا من الوقت كي تختفي آثارها وندوبها، ويجب عليهم التأقلم مع رؤية الآخرين لهم في هذه الحال. ومع أن الوقت الذي يستغرقه الشفاء التام يختلف حسب نوع العملية وحسب المريض، إلا أن الوقت يتراوح من أسابيع إلى شهور قبل القدرة على العودة إلى العمل مثلا وممارسة الحياة بشكل طبيعي بالكامل. أحيانا يستغل المرضى هذا الوقت كإجازة أو كوقت يحاولون فيه مراعاة صحتهم أو حالتهم بشكل عام.
وهكذا يتضح أن عمليات التجميل كأيّ قرار هام في حياتنا، لا ينبغي اتخاذه بخفة ودون كثير من التكفير والاستعداد ووزن الفوائد والمضار، واستشارة الأطباء ومحاولة الحصول على المساعدة المثلى.
أضف تعليق