علم الخيمياء ممارسة قديمة ترجع لعصر اليونان ترتبط بعلوم الطبيعة الفيزياء والكيمياء والأحياء والفلك وعلم الرموز والمعادن والطب والتحليل النفسي، وعلى الرغم من أن هذه العلوم لم تكن قائمة على أسس علمية ومناهج تجريبية إلا أن الخيمياء تعتبر أصل لعلم الكيمياء الحديثة قبل تطور الأسلوب العلمي. تبنى النظريات الخيميائية في علم الخيمياء على الرؤية الوجدانية ولجأ الخيميائيون إلى تفسير الظواهر الطبيعية الغير معروفة إلى أنها ظواهر خارقة، و ارتبط بالسحر و الشعوذة وتسمى علم الصنعة.
كل ما يخص علم الخيمياء
تعريف علم الخيمياء
عرف ابن خلدون الخيمياء قال : “هي علم ينظر في المادة التي يتم بها تكوين الذهب والفضة “. ويقال أن علم الخيمياء مارسته حضارات كثيرة في مصر والعراق والهند والصين واليابان وكوريا واليونان وروما والحضارة الإسلامية وكان مبدأها من بلاد فارس.
أصل تسمية علم الكيمياء
وتدل هذه التسمية على أن علم الكيمياء تسمية عربية فمنذ سقطة الإمبراطورية الرومانية انتقل علم الخيمياء وتركز لدى الحضارة الإسلامية إن الكثير مما عرف عن الحضارة الإسلامية هو ترجمات عن حضارات سابقة كانت محفوظة، فترجمها المسلمون ودرسوا ما فيها دراسة منهجية تجريبية ورفض الكيميائيون المسلمون كل نظريات وقوانين علم الخيمياء.
وكذا اطلق على علم الخيمياء السيمياء في حضارات أخرى ووصل البحث فيها إلى تركيب مواد تعيد القوة والشباب وتطيل العمر وما الغريب في ذلك فإن هذا العلم علم الخيمياء وضع أصلا لتحويل الفلزات الزهيدة إلى أخرى ثمينة (الذهب والفضة).
علم الكيمياء علم ساحر
علم الكيمياء أو كما قال عنه اليونانيون علم الخيمياء عالم ساحر يدفعك بقوة لتحلق في سمائه، متعة وتشويق تخطف الألباب وقد لا تصدق مدى روعته أذون السامع. يجدر بالذكر أن تعلم عزيزي القارئ أن علم الخيمياء هو علم الكيمياء الذي تبلور واتضحت معالمه كعلم ذو موضوع محدد على يد المسلمين وسمي علم الكيمياء.
أهمية علم الكيمياء
يعد علم الكيمياء مركز العلوم أو كما أطلق عليه البعض {العلم المركزي} كونه رابطا للفيزياء بعلوم الطبيعة الأحياء والفلك والجيولوجيا.
علم الخرافات (علم الخيمياء)
وعلى الرغم من مكانة هذا العلم، فقد مر بحقبة زمنية سادتها الخرافات والأساطير البالية، في تلك الحقبة الزمنية سادت فكرة تحويل المعادن الزهيدة إلى أخرى نفيسة، وقد وجدت هذه الفكرة قبل امتلاك العلماء المسلمين زمام هذا العلم، فكرة خرافية أصلها ما كان يعتقده علماء ذلك الزمان من أن أصل المواد واحد وتختلف باختلاف العوامل، (النار، الهواء، الماء والتراب ) لذا يمكن تحويل المادة لأخرى بواسطة ما يسمى بالإكسير. وصلت الشعوذة والخرافات بعلماء الحضارات السابقة للمسلمين بأن ظنوا انه من الممكن ابتكار إكسير الحياة أو حجر الحكمة الذي يزيل علل الحياة ويطيل العمر.
تحرير علم الخيمياء من كونه علم خرافات ليكون علم حقائق تحت مسمى علم الكيمياء
حرر علماء المسلمين ـ وفي مقدمتهم جابر بن حيان ومن ثم المجريطي ـ علم الكيمياء من مستنقع الدجل والشعوذة إلى واحة العلم الخصبة القائمة على الحقيقة والتجربة وهذا من خلال تطبيق المنهج العلمي التجريبي على العلوم التجريبية لتتحول كل الخرافات إلى حقائق مذهلة أثبتتها التجربة وغدت حقيقة علمية تخضع لقوانين تؤكدها براهين ودلائل.
نظرية العناصر الأربعة
هي النظرية التي كانت أساسا في علم الخيمياء وجعلت الكيمياء فيما بعد توصف بعلم الشعوذة والدجل والخرافات، نظرية وضعت دون أسس علمية أو تجارب معمليه.
إيمبيدوكليس فيلسوف يوناني كانت فلسفته منشأ لنظرية العناصر الأربعة، التي تقول أن العالم كله يتكون من عناصر أربعة تمتزج معا بنسب مختلفة وهي (الماء ـ النار ـ الهواء ـ التراب ) وهذا الامتزاج النسبي يساهم في تغير المادة.
جابر بن حيان
يرجع الفضل لجابر بن حيان هذا العالم المسلم الرائد في علوم الطبيعة إلى تحرير علم الخيمياء من غيابات الشعوذة والدجل إلى نور العلم ليصبح علم الكيمياء، وصف ابن حيان بأنه أول من استخدم الكيمياء علميا لأنه من قام بتطبيق المنهج العلمي التجريبي على الكيمياء فأضحى مبنيا على أسس علمية وتجارب حقيقية يقينية بعد أن كانت الخيمياء وسيلة لأكل أموال الناس بالباطل غدت علما أضاء للناس طريق جديد لتسخير الطبيعة وتطويعها.
عودة علم الخيمياء من جديد في العصر المملوكي على يد الصوفية
لم تعود الكيمياء بالكامل كسابق عهدها أو كما كانت عند اليونان خيمياء خرافية لكن ارتبطت بها بعض الخرافات وأمور الشعوذة في عصر انتشر فيه التصوف، الفكر الخرافي الذي قلت فيه الحقائق ونسبت فيه للبشر الكرامات الخارقة وكانت الكيمياء وسيلة لهؤلاء لينسبوا لشيوخهم كرامات تتمثل في تحويل الأشياء إلى ذهب ببركة الأولياء والشيوخ الصالحين بزعمهم، وحتى ولو لم يحدث ذلك فإن مريدي الشيخ واتباعه ينسبون له هذا الادعاء ليهولوا من كراماته بعد موته، وبالتدريج عاد الناس ليتعاملوا مع الكيمياء على أنها وسيلة لتحويل المواد إلى ذهب، ونسي الناس أن الكيمياء علم حقيقي يخضع للتجربة العلمية.
أشهر من زعموا معرفة الكيمياء من شيوخ الصوفية في العصر المملوكي
زعم الكثير من هؤلاء معرفة الكيمياء ومنهم :
أبو الحسن الشاذلي
وإذ به يتبول ذهبا، فقد كتب في كتاب (المفاخر العلية ) لابن عياد الشاذلي أنه حمى فأسا وتبول علية فصارا ذهبا.
الشيخ شمس الدين الحنفي
في القرن العاشر الهجري أشتهر بعلم الكيمياء ونقل عنه الشعراني أن أحد أتباعه سخر نفسه لخدمته وطلب منه أن يعلمه الكيمياء لأنه كان فقيرا وألح الرجل على الشيخ حتى اضطره أن قال :”شهرتك في الزهد وانت تحب الدنيا “لأن الرجل اعتقد انه بصحبته للشيخ وتعلمه للكيمياء يستطيع أن يقلب أي شيء إلى ذهب.
من الخيمياء إلى الكيمياء
وهكذا كانت نشأت علم الكيمياء علما تبلورت معالمه على يد علماء من أعرق الحضارات وبالرغم من مروره بمراحل صعبة جدا من الخرافات إلى الحقائق المذهلة التي نقلت العالم الأوروبي نقلة لم يسبق لها مثيل خاصة بعد الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، لينتقل علم الخيمياء الذي أحيته أعرق وأقدم الحضارات من اللاشيء إلى النور إلى طريق بهر أصحاب الألباب بأسراره التي لن تصل يوما إلى أن تكون سرا لمد العمر أو إكسيرا لتحويل الأشياء لذهب أو مادة سحرية لإذابة الأشياء سر باتت أدواته في السلم والحرب عونا للبشرية في زمن أصبح يقدر العلم وأهله، رحلة طويلة لن يغفل عنها التاريخ لعلم ولد فوجد يدا حنونه تكفله حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن، لا تتوقف عقول البشر ما داموا على هذه الأرض ساعين بكل ما آتاهم الله من قوة لتسخير الكون وجعله طوعا لهم باستخدام شتى الوسائل والأدوات متخذين هذا العلم سلاح علم الكيمياء.
أضف تعليق