مما لا شك فيه أن الاستفادة من عفن الخبز أمر ربما يكون غريبًا على الأذهان، فالمعروف عن العفن بشكل عام أنه فساد وخراب وتدمير للطعام، فغالبًا ما يتم إلقاء الشيء بعد تعرضه للعفن، والذي يأتي نتيجة لتركه بعيدًا عن الشمس أو البرودة اللازمة، لكن للغرابة الشديدة ظهرت خلال القرن الماضي طريقة جديدة بات بإمكاننا من خلالها استغلال عفن الخبز في شيء إيجابي وتحقيق الفاعلية الكبرى له، فبدلًا من أن يتم إلقائه في القمامة أصبح يُستخدم في علاج بعض الأمراض والدخول في تكون بعض المواد، وبالرغم من أن الأمر جاء عن طريق الصدفة البحتة إلا أنه كان جديرًا حقًا بالاحتفاء، واستحق أيضًا وصف الإعجاز، فقد أثبت أنه حتى الأشياء المُضرة أو التالفة قد تولد منها الحياة والأمل، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف على عفن الخبز وطرق الاستفادة منه بدلًا من التخلص منه.
استكشف هذه المقالة
ما هو عفن الخبز؟
قبل أن نتعرف على كيفية تحقيق الاستفادة من عفن الخبز أو حتى الأضرار التي يُخلفها دعونا أولًا نتعرف على ذلك العفن، فإذا عرفنا العفن بالمعنى المطلق فسنجد أنه عملية تحول الجراثيم إلى غصينات، وطبعًا ذلك التحول يشمل كل أنواع الفطريات الموجودة، لكن، بمزيد من التخصيص لعفن الخبز فقط فسنجد أنه يعني ذلك الفطر الذي يظهر بصورة تلقائية على الخبز، هذا الظهور يأتي بعد فترة حفظ ليست بالقصيرة بعيدًا عن الشمس، أي في بيئة دافئة ورطبة.
يأخذ عفن الخبز اللون الأخضر، وهو لون تفاعل عدم وجود الشمس مع فطر الخبز، وغالبًا ما يتم الأمر بصورة أسرع في فصل الشتاء، حيث عدم وجود الشمس أصلًا بالشكل الذي يسمح لها بالولوج إلى الخبز، والحقيقة أنه من المعروف عن ذلك العفن أنه شيء ضار، ونحن الآن قد ذكرنا أنه له بعض الفوائد، لذلك دعونا أولًا نذكر الأضرار التي يعرفها أغلبنا ثم نعود ونذكر الفوائد، وهي الشيء الأهم بالنسبة لنا بكل تأكيد.
عفن الخبز هل هو ضار؟
سؤال ربما يُطرح قبل أن نذكر لكم الأضرار، وهو التعجب من عفن الخبز واحتمالية كونه ضار، فمن المعروف أن الخبز بعد أن يمر بتجربة الابتعاد عن الشمس تتحلل كل المواد الموجودة فيه، ما يهم أن ذلك التحلل لا يمر بخير أبدًا، فهو يُنتج مادة تُسمى مايكوتوكسن، تلك المادة سامة جدًا، وهي التي تتسبب في أغلب الأضرار التي نتحدث عنها، والتي لن تمنع بالطبع من استخدام الخبز لأن المادة السامة تظهر بعد أن يتعفن الخبز وينتهي أمر، أو بمعنى أكثر توضيحًا، بعد أن يتحلل، وطبعًا الأضرار ليست بالبساطة التي ربما تتخيلوها من شيء بسيط كتعفن الخبز، بل الحقيقة أن بعضها يبلغ درجة كبيرة جدًا من الخطورة وتسبيب الأمراض الخبيثة.
أضرار عفن الخبز
ربما يظن البعض أن أشد أضرار عفن الخبز هي تسبيب تلوث في المعدة أو مغص، أو على أقصى تقدير تسبيب الألم المؤقت، لكن هذا ليس صحيح، فالتحذير من عفن الخبز جاء بهذه الضراوة بسبب ما ينتج عنه من مخاطر وأضرار، والتي على رأسها مثلًا الحساسية وضيق التنفس.
الحساسية وضيق التنفس
ما هو الشي الأهم في الجسم الذي يُكثر الإنسان استخدامه، بالضبط، إنه الجهاز التنفسي، فما رأيكم أن كان عفن الخبز يستهدف في بادئ الأمر ذلك الجهاز، حيث أنه يُسبب ضيق التنفس وأحيانًا يُصيب بالحساسية، ولكي نكون واضحين، إن أكثر الناس عرضة للإصابة بهذا العرض هم الذين يُعانون أصلًا من بعض الأمراض المتعلقة، كالربو مثلًا.
السعال واحتقان الأنف
لا ينتظر الخبز المتعفن أن تأكله حتى يبدأ مفعوله وتأثيره عليك في السريان، فمجرد استنشاقك له سوف يُصيبك السعال وسوف تشعر أيضًا بوجود احتقان في الأنف وكذلك الحال في الجيوب الأنفية.
يهيج الجلد والعينين
لا يكتفي عفن الخبز بالألم الداخلي فقط، بل إن الأشياء الظاهرية أيضًا سوف يظهر عليها بوضوح تأثير الخبز المتعفن، فمثلًا الجلد، سوف يهيج من تلقاء نفسه وتبدأ الدمامل والقروح في الظهور بأماكن متفرقة وحساسة في الجسم، وكذلك العينين تُصاب باحمرار شديد وقوي لا يجعل الفرد يكف عن دعكهما، وطبعًا هذه أمور مؤلمة جدًا لأي شخص.
اضطراب المعدة والتسمم الغذائي
المعدة كذلك لا تسلم من عفن الخبز، والحقيقة أن أي عفن من شأنه أن يؤثر بالطبع على المعدة وجريان الأمور بها، لكن عفن الخبز تحديدًا يؤدي إلى العديد من المشاكل والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى درجة التسمم الغذائي، وهو أمر صعب بكل تأكيد، ولهذا فإن عفن الخبز يُعتبر داء خطير جدًا إذا لم يتم التعامل معه بالطريقة الصحيحة، لكن ماذا إذا حدث العكس وتم انتقاء بعض الفوائد والاستفادة منها؟
الاستفادة من عفن الخبز
أغلب الأشياء الموجودة حولنا في هذا الكون قد تكون مفيدة وقد تكون ضارة، الإنسان هو من يحدد ذلك الأمر من خلال استخدامه أو تحديدًا الطريقة التي يستخدم بها الأشياء الموجودة حوله، وأفضل مثال على ذلك هو ما حدث عام 1920 عندما استطاع أحد العلماء بالصدفة البحتة اكتشاف بعض الفوائد لعفن الخبز، والتي على رأسها الحصول على لقاح البنسلين الهام جدًا لعلاج الأمراض.
استخلاص لقاح البنسلين
أول فائدة يمكن تحقيقها من عفن الخبز هي إمكانية استخلاص لقاح هام جدًا يُدعى لقاح البنسلين، هذا اللقاح مهم جدًا في مواجهة الجراثيم كما أنه يُستخدم في صناعة الأدوية الهامة مثل تلك التي تُعالج الجلطات والأمراض الأخرى، وكنا قد ذكرنا من قبل أنه كنوع من الإعجاز نجد أن شيء مثل عفن الخبز يحتوي على داء ودواء في نفس الوقت.
نكهة لبعض الأطعمة
هناك مواد تُستخرج من عفن الخبز مثل مواد البنسليوم وهي تُستخدم في إضفاء نكهات على بعض الأطعمة وعلى رأسها الجبن والموالح، والحقيقة أن تلك المادة تتواجد أكثر في مصانع الأطعمة الأغذية، والتي تستثمر في عفن الخبز كأفضل ما يكون، بل إن بعضها قد يُخصص قسم كامل من أجل هذا الغرض.
إنتاج الخميرة
طبعًا من الأشياء المهمة من أجل إخراج الخبز لنا في صورته النهائية هي الخميرة، والواقع أن عفن الخبز بإمكانه توفير كميات كبيرة جدًا من تلك الخميرة، ليس هذا فقط، بل إن تلك الخميرة تكون أكثر فائدة وفاعلية من الخميرة الأخرى، ولذلك نجد أنه من أهم طرق الاستفادة من عفن الخبز هي استخلاص كميات كبيرة من الخميرة.
صناعة صلصة الصويا
من الأشياء التي لا غنى عنها في البيوت صلصة الصويا الشهية، وهذه أيضًا لم يتركها عفن الخبز دون أن يدخل في صناعتها، حيث أنه يُعطيها نكهة وفي نفس الوقت يُحافظ على طعمها دون تغير حتى بمرور الوقت، بمعنى أدق، يُستخدم كمادة حافظة لها.