عصبية الأم هي من أخطر المشكلات التي تؤثر على شخصية الطفل ونموه النفسي والانفعالي، فالأم هي أقرب الأشخاص إلى طفلها وأكثرهم تأثيرا عليه، وعندما تقوم الأم بالصراخ في وجه أطفالها وضربهم فإن هذا سوف يترك لديهم تأثيرا سلبيا، ولذا يجب على الأم أن تدرك أن العصبية والعنف المستمر لن يجدي نفعا مع طفلها، بل على العكس فإن الطفل سوف يصبح أقل استجابة لها مما قد يدفعها لزيادة مستوى العنف، وهذا لن يكون هو الحل المناسب لما قد يتسبب به من أضرار على الطفل، فعلى الأم أن تتخذ وقفة مع نفسها من أجل السيطرة على الغضب والتحكم في الأعصاب والتوقف عن العصبية تجاه أبنائها، وإذا لزم الأمر يمكنها الحصول على مساعدة من الطبيب النفسي.
استكشف هذه المقالة
عصبية الأم على الأطفال
عصبية الأم البالغة ورد فعلها العنيف مع أبنائها يتسبب في مخاطر بالغة، وذلك لأن تعرض الطفل للعنف والقسوة يؤدي لشحن جسمه بثلاث أنواع من الهرمونات، والتي تشمل هرمون الأدرينالين وهرمون النورالدرينالين وهرمون الكورتيزون، وهو ما يجعل جسم الطفل مشحونا بالغضب وبكمية هائلة من الشحنات السلبية، وبالتالي فإن هذا يشكل خطرا بالغا على الطفل حيث يصبح عرضة للإصابة بعدة أمراض واضطرابات نفسية، مثل مرض السكري وارتفاع الضغط والتبول اللاإرادي وصعوبات الكلام مثل التأتأة والنسيان المستمر وانخفاض الذاكرة، وأيضا فقد تؤدي إلى لجوء الطفل للعنف والقسوة مع زملائه وإخوته وأحيانا مع الأم نفسها، وقد تلاحظ الأم أيضا انخفاض مستوى الطفل الدراسي أو قيامه بالسرقة من زملائه، ففي هذه الحالة عل الأم أن تدرك أن عصبيتها مع أبنائها قد نتج عنها مثل هذه التأثيرات الخطيرة، وهنا يجب على الأم محاولة حل هذه المشكلة والابتعاد عن العصبية والعنف تجاه الأطفال.
الأم العصبية والطفل العنيد
تشكو الأمهات دائما من عند الطفل وعدم امتثاله لأومرها وعصبيته الدائمة سواء تجاهها أو تجاه إخوته، وفي الحقيقة فإن عصبية الأم تكون هي السبب في عند الطفل وعصبيته ورد فعله العنيف والغاضب، فالطفل يشعر أن أمه تريد التحكم فيه والسيطرة عليه طوال الوقت، وهي لا تسمح له بمعارضة رأيها أو مخالفة ما تأمر به وإلا فإنه سوف يتعرض للصراخ والعقاب والضرب، ولهذا فإن الطفل يكتسب العند والعصبية منها، ولذلك ينبغي عليها أن تقوم بتغيير أسلوب تعاملها مع طفلها حتى تتخلص من سلوك العند والعصبية لديه، ويجب عليها أن تكون أكثر هدوءا وسيطرة على أعصابها ولا يجب عليها التعامل معه بعصبية طوال الوقت، ويجب عليها الابتعاد عن العند والتشبث برأيها دائما، كما ينبغي عليها الإنصات إلى طفلها ومحاولة فهم وجهة نظره ورغباته، وفي نفس الوقت تقوم بالتحدث معه بهدوء وبدون صراخ لتوصيل وجهة نظرها.
كيفية علاج مشكلة عصبية الأم
يوجد الكثير من الحلول والطرق التي تساعد على علاج مشكلة العصبية لدى الأم، فينبغي عليها أولا أن تتجنب أسلوب الضرب تماما في التربية، فهو يعد أسوأ أساليب التربية لأنه ينشئ شخصية غير سوية، وينبغي استبدال أسلوب الضرب بأسلوب الحوار والإقناع لأن العصبية والصراخ لن يفيد في إقناع الطفل، بل على العكس فهو يجعل الطفل عنيدا ورافضا لإطاعة أوامر والدته، كما ينبغي الابتعاد عن أسلوب الأوامر الجافة التي تلقيها الأمهات على أبنائهن بشكل معتاد، فيمكن للأم أن تستخدم ذكائها وتعتمد على أسلوب الحيلة لأجل أن تقنع طفلها بالخضوع لرغبتها دون صراخ وعنف، ولن يضر في بعض الأحيان أن تقوم بالتنازل عن رأيها ولا تتشبث به بدون داع، فمثلا إذا أصر الطفل على ارتداء ملابس معينة ففي هذه الحالة يمكنها السماح له بذلك، وليس من الضروري أن يخضع لرغبتها طالما أن هذا الأمر لن يسبب له الأذى.
كما أنه ينبغي الابتعاد عن أسلوب التهديد الذي تلجأ له معظم الأمهات، وخاصة عند تهديد طفلها بوالده فهي بذلك تجعل الأب مصدر خوف بالنسبة للطفل، ويمكن للأم اللجوء إلى محاضرات التنمية البشرية لتتعلم كيفية السيطرة على عصبيتها، وقد يحتاج علاج عصبية الأم في بعض الأحيان إلى اللجوء للطبيب والعلاج النفسي، وذلك عندما تجد الأم نفسها غير قادرة على السيطرة على أعصابها، وتجد أنها تغضب وتبكي باستمرار وتشعر بالقلق والتوتر لأتفه الأسباب، وعندما تؤثر عليها العصبية بشكل بالغ وتجعلها غير قادرة على أن تعيش حياة طبيعية، وكذلك عندما تتعرض لنوبات غضب شديدة تقوم فيها بتكسير الأشياء أو ضرب الأطفال ضربا مبرحا ينتج عنه الأذى الجسماني الشديد وأحيانا التشوهات.
كيفية التعامل مع الأم القاسية
عصبية الأم وقسوتها المستمرة قد تؤدي لكره الأبناء لها ونفورهم منها، برغم أن هذه القسوة قد تكون ناتجة عن حب الأم لأبنائها وخوفها عليهم، وقد يرى الأبناء أن أمهم هي أم شريرة وقاسية وفي الحقيقة فإنها قد تكون رافضة لأسلوب التدليل في التربية والذي يفسد الطفل ويجعله طفلا مدللا عديم الشخصية لديه صفات سيئة مثل الغيرة والأنانية، ويرى أحد استشاري الصحة النفسية أن الأم القاسية تنشئ أطفالها على النظام والالتزام مما يجعلهم أكثر نجاحا في حياتهم ودراستهم، ولكن في نفس الوقت لا يمكننا تجاهل حقيقة أن قسوة الأم مع أبنائها ينتج عنها الكثير من الأضرار، ولذا فإن الاعتدال هو الأفضل فلا ينبغي أن تقوم الأم بالإفراط في تدليهم وإغداقهم بالحب والحنان المبالغ فيه، وكذلك لا ينبغي أن تتعامل معهم بقسوة وعنف باستمرار دون رفق وحنان.
أما كيفية التعامل مع الأم القاسية فيكون أولا بإدراك أن قسوة الأم هي دليل على حبها لأبنائها وخوفها عليهم وحرصها البالغ على شئونهم، فلا يوجد أم تكره أبنائها بل على العكس تمام فلا يوجد من يحبهم ويهتم لأمرهم أكثر منها، فهي على استعداد على أن تضحي بكل شيء في حياتها في سبيل سعادة أبنائها وراحتهم، فعلى الأبناء الصبر وتحمل قسوة أمهم مهما فعلت فهي التي حملتهم وأنجبتهم وسهرت على راحتهم، ويجب الإحسان لها والتعامل معها برضى وحب بدون تأفف وانزعاج، ويمكن نصحها ولفت نظرها بلطف ولين والتحدث معها بالحسنى، ويجب أيضا الدعاء لها بصلاح الحال والإلحاح على الله في الدعاء لهدايتها.
عصبية الأم هي من أخطر الأمور التي تؤثر على نفسية الأطفال وسلوكهم، فالطفل الذي تتعامل معه أمه بعنف وقسوة وعصبية شديدة يصبح طفل عصبي وعنيد بالتبعية، وكذلك فإنه تهتز ثقته بنفسه وقد يصبح شخصا غير سويا، ويمكن أن يلجأ إلى العنف مع أقرانه لإفراغ شحنة الغضب بداخله، وبعض الأطفال تحدث لهم بعض المشكلات مثل التأتأة في الكلام والتبول اللاإرادي نتيجة شعورهم بالخوف والاضطراب النفسي بسبب عنف الأم، ولذا يجب على الأم العصبية أن تحاول قد الإمكان التحكم في الغضب والعصبية، والابتعاد عن أسلوب الصراخ والعنف واللجوء إلى الأساليب السوية في التعامل مع أطفالها من أجل تنشئة أطفال أسوياء.
أضف تعليق