ظاهرة التنمر واحدة من أكثر الظواهر الموجودة في الوقت الحالي، والتي تزداد انتشارًا مع مرور الوقت، هي لا تختص بسنٍ معينة، أو بيئة معينة، فقد تأتي من المنزل، وقد تجد ظاهرة التنمر في المدارس، أو في العمل، أو على الإنترنت، أو غيرها من الأشكال التي سنتحدث عنها، ربما سمعت عن تلك الظاهرة، أو واجهتها شخصيًا، أو تعرض إليها شخص ما قريب منك، أو من الممكن أن تكون أنت من قمت بالتنمر، أو ربما قد شاهدتها في فيلم، أو مسلسل ما، فالأفلام الأجنبية بوجه خاص تعرض تلك الظاهرة، سواء كان التنمر القضية الأساسية التي يناقشها الفيلم، أوالقضية الجانبية، إلا أن التنمر في كل الحالات لا تخلو منه الأفلام والمسلسلات، لأنه حالة واقعية في المجتمع الآن، للأسف الشديد. وفي هذا المقال سنتعرف أكثر على ظاهرة التنمر ، وكيف تقوم بمعالجتها بين طلابك، إن كنت معلمًا، أو ولي أمرٍ، أو في محل مسئولية، ولماذا تعد ظاهرة التنمر مشكلة من الأساس؟.
استكشف هذه المقالة
ما معنى التنمر في اللغة؟
التَّنمُّر في اللغة مأخوذ من نَمِر: أي غضب، أو ساء خلقه، ويُقال تنمَّر لفلان بمعنى أوعده، أو تنكَّر له، وقيل أن التَّنمُّر مأخوذ من النمر، لأنه يشبهه في لونه، وطبعه، وغيرها من المعاني التي تدور حول الغضب، والإساءة وغيرها.
ما هي ظاهرة التنمر ؟
أما التنمر في الاصطلاح فهي عبارة عن الإساءة إلى الغير بأي وسيلة ممكنة، سواء مادية أو معنوية، فهي شكل من أشكال العنف والإيذاء، وهو سلوك عدواني متكرر، يهدف إلى الإضرار بشخصٍ ما متعمدًا، وقد يكون من شخصٍ لآخر، أو من مجموعة أشخاص لشخص واحد، فيكون التنمر جماعيًا لهذا الفرد، والشخص المتنمر غالبًا ما يكون متبعًا لسياسة الترهيب، أو التخويف، واستغلال سلطته في إيذاء الغير، فيكون متفوقًا في القوة، أو السلطة الاجتماعية، أو غيرها، بخلاف الشخص المتعدى عليه، كما أن ظاهرة التنمر قد تكون نتيجةً أصلًا لتنمر آخر، فيكون الشخص المتنمر ضحية لتنمر آخر. والتنمر يمكن أن يحدث في أي مكان يتفاعل فيه الأشخاص مع بعضهم، فقد يحدث في المنزل، أو في العمل، أو في المدرسة، وقد يحدث بين الطبقات الاجتماعية، وبين الدول أيضًا، أي أن التنمر لا يحدث في مكانٍ بعينه. للأسف فقد يأتي التنمر من أكثر الأشخاص ثقةً، فقد يكون من المعلم، أو حتى من الأخوة، أو من أحد الوالدين. وللتنمر العديد من الصور، والأشكال، وسنتحدث عنها في هذا المقال.
لما تعد ظاهرة التنمر مشكلة؟
إن ظاهرة التنمر تعد مشكلة من جميع الجوانب، سواء كانت من جانب الضحية، أو من جانب الشخص المتعدي، فالتنمر واحد من النتائج التي تترتب على مشكلات أكبر قد يجدها الطفل في المنزل، كما أن الخلل الذي يوجد في شخصية الطفل ويؤدي به إلى التنمر على أقرانه، لا يتم علاجه بسهولة، وأيضًا هذا التنمر قد يخلق سلسلة من التنمرات التي لا تنتهي، فكل متنمِّر يخلق متنمِّرًا آخر وهكذا، كما أن التنمر بحد ذاته قد يكون طريقًا للانتحار، والمرض النفسي للكثير من الناس.
ما أشكال التنمر؟
ينقسم التنمر إلى العديد من الأشكال، فقد يكون التنمر لفظيًا، وقد يكون جسديًا، وقد يأتي عاطفيًا، فالتنمر قد يكون عن طريق التنابز بالألقاب، أو استخدام العبارات المكتوبة، أو اللفظية، أو قد يكون عن طريق تجنب التحدث أو التعامل مع الشخص، أو على هيئة الإساءة الجسدية، أو الإكراه لفعل شيء ما، أو عن طريق الإحراج المستمر للشخص، ونشر الشائعات. وللتنمر العديد من الأسباب التي ترجع إلى شخصية المتنمر نفسه، وطريقة تربيته، والأشياء التي واجهها، وعندما يتم البحث عن حلول لعلاج ظاهرة التنمر ، يجب علاج الشخص المتنمر أيضًا إلى جانب علاج الشخص المتنمر عليه، ومعرفة الأسباب واحدة من خطوات العلاج.
أقسام التنمر
ويكون التنمر إما مباشرًا، وهو الذي يحدث فيه إساءة مباشرة، مثل: الألفاظ المسيئة، أو الضرب، أو غيرها، وقد يأتي التنمر بطريقة غير مباشرة، مثل: أن يقوم الشخص المتنمِّر بتهديد غيره بالعزلة الاجتماعية، مثل: التهديد بنشر الشائعات، أو عدم التعامل مع الشخص المتنمر عليه، وتحريض الغير على تجنبه، والتنمر عليهم تباعًا إن قاموا بالتعامل معه، أو إزعاج الشخص عن طريق انتقاد ملابسه، أو طريقة حديثه، أو بسبب لونه، أو دينه، أو حتى قد يكون الانتقاد لكونه عبقريًا في الدراسة مثلًا، فيكون بمثابة غريب أطوار، فغالبًا ما يُمارس التنمر على الأشخاص المختلفين عن غيرهم.
ما هي أنواع التنمر؟
هناك العديد منها التي تندرج تحت ظاهرة التنمر ، فهناك التنمر السياسي، والتنمر المدرسي، والتنمر في أماكن العمل، والتنمر الإلكتروني، والتنمر العسكري، وغيرها.
ظاهرة التنمر في المنزل
إن المنزل هو المكان الذي من المفترض أن يكون الأكثر أمانًا، الذي يجب أن يعطي الطفل ثقةً أكبر حتى يستطيع أن يواجه العالم بقوةٍ، لذا إن حدث خلل في المنزل، فإنه يؤثر في شخصية الطفل أضعاف ما قد يؤثر فيه أحد خارج المنزل، فإنك إن واجهت أحدهم يخبرك أنك قبيح، فستحتاج إلى أن تجد أحدًا يدعمك، وستكون مثلًا والدتك التي تقول لك دومًا أنك مميز ورائع وجميل، ولكن ماذا لو حدث العكس، فستجد أحد أخوتك أو أمك مثلًا تقلل من شأنك أو تظل تستمع إلى تلك العبارات عن كونك أحمق أو غبي، ربما لا يكون الأمر تنمرًا بحد ذاته، ولكن الإساءة المستمرة بقصدٍ أو دون قصد، قد تخلق طفلًا ضعيف الشخصية، أو طفلًا لديه نقص ما، سيؤثر حتمًا على شخصيته خارج المنزل، إما أن يكون متنمرًا على الغير، أو يكون محط تنمر الآخرين عليه، فإنك إن لم تعطي طفلك الثقة الكاملة بنفسه، ستجعله يعاني الكثير فيما بعد.
التفكك الأسري
إن بعض التنمر في المنزل قد يأتي نتيجة التفكك الأسري، فمثلًا إن كان الأب متزوجًا من أخرى غير الأم، أو كانت الأم متزوجة من آخر غير الأب، فقد يمارس هذا الشخص التنمر بشكلٍ أو بآخر على الطفل، خاصةً إن كان هناك أطفال آخرون في المنزل يتمتعون بمعاملةٍ أفضل، فقد يلجأ الطفل إلى تعويض هذا النقص عن طريق ممارسة التنمر على الآخرين خارج المنزل، لذا فإن المنزل هو الطريق الأمثل لمعالجة ظاهرة التنمر ، أو منعها من الأصل، سواء إن كان الشخص ضحية أو كان شخصًا متنمرًا.
ظاهرة التنمر الإلكتروني
يهدف أي تنمر إلى إيذاء شخص معين، أواستغلاله في أي عمل يضره، أو لمصالح شخصية، وقد انتشرت ظاهرة التنمر على الإنترنت في الآونة الأخيرة، مع ظهور الإنترنت بالطبع، ويكون الابتزاز فيها سيد الموقف، وللأسف إن بعض تلك الابتزازات تكون محرجة للشخص، فيمنع نفسه من إخبار والديه بالأمر، وهذا بالطبع لا يوقف التنمر، بل يزداد الأمر سوءًا، لأن هذا يدمر الطفل فعلًا. ومن أسباب ظاهرة التنمر الإلكتروني: الشعور بالغيرة من هذا الشخص، أو الرغبة في السيطرة عليه، أو لأي مصلحة ما.
أنواع التنمر الإلكتروني
إن تشويه صورة شخص ما واحدة من أهم أنواع التنمر الإلكتروني، كأن يقوم أحدهم باستعمال هوية الضحية، والقيام بمحاولة تشويه صورته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن طريق نشر الشائعات، و نشر الصور المزعجة. ومن الأنواع أيضًا قيام المُتنمِّر بنشر صور غير أخلاقية، غير حقيقية، ولكن للأسف هناك نوع بشع جدًا، وهو التنمر على بعض الفتيات لجعلهن يقمن بأمورٍ غير أخلاقية بالفعل، ونشرها للمصلحة الشخصية، وهذا الأمر يصاحبه التهديد بأفعال أقبح. وأيضًا من الأنواع سرقة هوية الشخص، واستعمالها في أعمال قبيحة، أو غير مقبولة، أو تهديده بنشر محادثات شخصية، الأمر الذي سيؤثر على حياته، أو تهديده بالأّذى الجسدي أو انتهاك حرمة حياته الشخصية.
ظاهرة التنمر السياسي، والتنمر العسكري
يحدث التنمر السياسي بين بلدين، تتمتع أحداهما بالقوة، وتقوم تلك الدولة بفرض إرادتها على إرادة دولة أخرى، أو ما يعرف بـ”الشيفونية”، وإني أرى أن أي بلدٍ تمارس التنمر السياسي إذا كانت تتخذ نظام القمع، والديكتاتورية في إدارة البلد، خاصةً إن كانت السجون تمتلئ بالمعتقلين السياسيين، وأصحاب الرأي المعارض. بينما التنمر العسكري، هو الذي يحدث داخل إطار البلد، أو في صفوف الجنود، وأيضًا في البلد نفسها إن كان الحكم عسكريًا، وفي الحالتين يكون التنمر العكسري أو السياسي، هو إساءة استعمال السلطة للتخويف، أو التهديد، أو في إيذاء الآخرين، أو استعمال القوة الجسدية من أجل ذلك، أو في إقرار العقوبات الغير مشروعة،
ظاهرة التنمر في أماكن العمل
فكما نعلم أن التنمر يكون من أصحاب القوة، أو المتمتعون بمميزات عديدة، إلا أن التنمر في أماكن العمل قد يكون عن طريق زملاء العمل، أو عن طريق المدراء، وهذا لأنه قد يتم في إطار قوانين وسياسة العمل، وهذا يذكرني بالمحامي الذي يدافع عن القاتل، فقد يتم تبرئة القاتل لأن الأدلة والأوراق في صفه، هذا تمامًا ما يحدث في العمل، فقد يقوم أحدهم بالتنمر على زميله في إطار قوانين وسياسة العمل.
ظاهرة التنمر في المدارس
ظاهرة التنمر في المدارس تحتل الجزء الأكبر من الأمثلة، لأن التنمر فيها يكون على الطفل، والطفل هو أساس المجتمع، وربما حدوث تنمر واحد لطفلِ واحد سيؤدي إلى انتشار الظاهرة في المجتمع بأكمله. توجد العديد من الأعمال السينمائية أو المسلسلات سواء الأجنبية، أو العربية قد ناقشت قضية التنمر، سواء كانت تلك القضية الجانبية، أو كان الفيلم مخصصًا أصلًا لنقاش تلك القضية، خصوصًا في المجتمع الغربي، الذي يتميز بالعنصرية في الأصل، ولا أقول أن المجتمعات العربية لا تتميز بذلك، فالعنصرية بلاء أي مجتمع، ستجد العنصرية بين الطبقات، بين الأديان، بين العائلات، بين الألوان، وبين الفروق الفردية في الأشخاص، فمثلًا قد تجد طالبًا يتم التنمر عليه لأنه عبقري، أو يتم التنمر عليه لأن مستواه الدراسي ضعيف، أو لمجرد كونه مختلف، من دين مختلف، أو من بلدٍ آخر، أو للأسف لأن لديه مرض أو علة، أو تشوه، وهذا أقبح أنواع التنمر، هذا الذي يصور للطفل أنه قبيح. وكما نعلم أن طرفي معادلة التنمر كلاهما الضحية، لذا يجب معالجة الطرفين، سواء المُتنمر، أو المتنمر عليه.
الشخص المُتنمِّر في المدرسة
وقد يكون التنمر من الطلبة، أو من المعلمين الغير أكفاء، وللأسف ففي المدرسة قد يكون التنمر جماعيًا كما ذكرنا، أو من فردٍ واحد، وهذا لا يؤثر فقط على التحصيل الدراسي، بل يجعل خللًا ما يحدث في الشخصية يستمر مع الطفل، أو قد يؤدي إلى انتحار الطفل أصلًا. شاهدت يومًا في فيلم ما وجود معلم يعامل طالبة ما بطريقة سيئة، وبالنظر إلى تاريخ هذا المعلم قد وُجد أنه كان يتم التنمر عليه أصلًا عندما كان طالبًا. إن المدرسة قد يطلق عليها الغابة المصغرة بالنسبة لبعض الأطفال، فكما ذكرنا قد يكون التنمر مباشرًا وقد يكون غير مباشرًا، وكما أن الشخص المتنمر يستغل قوته، التي قد تتمثل في الشعبية، أو التفوق، أو السلطة، وغيرها، هذا يعني أنه شخص يتفوق في جانب ما على شخصٍ آخر، ويقوم باستغلال هذا الأمر.
أسباب ظاهرة التنمر في المدارس
توجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى وجود تلك الظاهرة في المدارس، ومنها: الفروق الاجتماعية، فقد وُجد أن معظم المُتنمِّرون ينحدرون من بيئات فقيرة، وتعاني من مشكلاتٍ اقتصادية، وعادة ما يكون هؤلاء المتنمرون متسمون بالقوة –كما ذكرنا-، فإن الوضع الاجتماعي الذي يعانيه المتنمر يخلق لديه نقصًا ما، يقوم بتعويضه عن طريق التنمر على الآخرين، وإن كانوا متفوقون دراسيًا. من أسباب ظاهرة التنمر أيضًا إهمال الجانب التربوي في المنزل، أو كثرة المشاحنات، والتفكك الأسري، فإن كان العنف دائمًا في المنزل، فبالطبع سوف يكون العنف، أو ضعف الشخصية من صفات الطفل الأساسية، فمثلًا سيقوم الطفل بممارسة العنف ضد زملائه، أو سيكون ضعيفًا مما يجعلهم يمارسون العنف عليه، وأيضًا الحماية الزائدة، تزيد من ضعف شخصية الطفل، وتقلل من ثقته بنفسه، وتجعل الخوف من صفاته الظاهرة، وهذا يزيد من فرص تنمر الغير عليه، فهو وجبة سهلة. وبالطبع ستكون التكنولوجيا، والثورة التقنية واحدة من أسباب انتشار تلك الظاهرة، فالألعاب الإلكترونية، والبرامج التليفزيونية التي تظهر بها القوي الخارقة، والكثير من مشاهد العنف، تسيطر على الأطفال الآن، وهذا يظهر جليًا في سلوكهم العدواني.
علاج ظاهرة التنمر
يأتي الاعتراف بوجود المشكلة المرحلة الأولى من مراحل علاجها، فهناك من يرفض من الأهالي الاعتراف بوجود مشكلة لدى طفله، خصوصًا لو كان سبب المشكلة في الأصل المنزل. بعد الاعتراف بوجود المشكلة تأتي مرحلة التشخيص، حتى يتم معرفة حجم المشكلة، وتحديد المستويات الدراسية التي تنتشر فيها، والأسباب التي أدت إلى انتشارها. ستكون الأسرة أهم خطوات العلاج، يجب معرفة جوانب حياة الطفل بأكملها، ويجب أن تتعاون الأسرة لحل تلك المشكلة، لأن التنمر لا يؤثر على شخص واحد، بل يمكنه أن يؤذي حياة أطفال كثر، يجب أن تتم معرفة الصعوبات التي يواجهها الطفل، مثل التحصيل الدراسي، يجب أن تتم استشارة مختص، أو طبيب نفسي للتحدث مع الطفل، والبدء في علاجه، حتى تتم حل المشكلة، يجب التعامل مع الأمر بجدية. أما إذا كان الابن محل تنمر الآخرين، فيجب الذهاب إلى الإدارة التعليمية، وتعزيز ثقة الطفل بنفسه، ويجب متابعة الطفل، فقد يبدو عليه التغير، وملاحظة وجود مشكلة، ولكن الطفل يرفض ذكرها، لذا يجب على الأهل الاهتمام الدائم بالطفل، ومتابعته في المدرسة دون إحراجه مع زملائه، لأن هذا قد يكون بابًا آخر للتنمر، وهنا يأتي العلاج المدرسي، وهو يكون بتعاون الأسرة مع الإدارة التعليمية من المدير، والمعلم حتى تتم معالجة المشكلة، وهناك العديد من البرامج المتبعة لذلك.
الأخلاق الإسلامية و ظاهرة التنمر
إن الدين قد فرض علينا الكثير من الآداب التي يجب الامتثال لها في حياتنا، فقد رسم لنا طريق التعامل مع الغير، فمثلًا يجب أن يعرف الطفل معنى حب الغير، وحب الخير للغير، والإيثار، ومساعدة الغير، والتبسم في وجه الغير، وأن العمل الصالح هو فقط ما يفضل به أحد على أحد، ليس الشكل، ولا المستوى الاجتماعي، ولا الملبس، كما أن الإسلام نهى عن التنابز بالألقاب، والغيبة والنميمة، ونهى عن التجسس، والاعتداء على الغير، ونهى أيضًا عن التكبر، والمغالاة في الأمور، وعن الكذب، والخيانة، وأمر بالرفق بالحيوان، وغيرها، وجميع تلك الأمور قد وردت في القرآن الكريم وفي السنة النبوية في العديد من الآيات والأحاديث، فعند تقوية الوازع الديني لدى الطفل، فإنك تمنع الكثير من الأذى الذي قد يسببه طفلك للغير، كما أنه يجب الاهتمام بتربية الطفل، وتنشئته في بيئة صحية خالية من الصراعات، ولهذا فإنه يجب الحرص على اختيار شريك الحياة بطريقة صحيحة، لأن هذا الأمر يساعد على قيام أسرة سليمة، ينشأ بها طفل سليم، بعيدًا عن الصراعات، والمشاحنات.
الوقاية من ظاهرة التنمر
إلى جانب تقوية الوازع الديني لدى الطفل، فإنه يجب على الوالدين أن يقوموا بتقوية الثقة بالنفس، والكبرياء، وقوة الشخصية، كما أنه يجب متابعة ما يقوم الطفل بمشاهدته من برامج تليفزيونية، أو ألعاب إلكترونية، أو مواقع على الإنترنت. يجب على الوالدين بناء علاقة صداقة وثقة بينهم وبين الطفل، ويجب عليهم أن يقوموا بتوفير الأنشطة والألعاب التي من شأنها تحسين القدرات العقلية لدى الطفل، وأيضًا أن يشارك الطفل في الرياضات المختلفة التي تعزز من قدرته على الدفاع عن نفسه، ويجب عليه أن يعرف أن الهدف من تلك الرياضة الدفاع عن النفس فقط، وليس إلحاق الأذى بالغير دون وجه حق، كما أنه يجب متابعة سلوك الأبناء، فعند ملاحظة أي سلوك خاطئ على الطفل يجب تقويمه، وإيجاد حل. ويجب استثمار فراغ الطفل بالأنشطة المفيدة. وفي حالة ظهور أي علامة تنمر لدى الطفل يجب عدم الاستهانة بها، وحل المشكلة عاجلًا، لأن الانتظار قد يؤدي إلى تفاقمها.
كيف يمكنك علاج ظاهرة التنمر بين طلابك؟
إن المعلم تقع على عاتقه مسئولية الأطفال الذين أمامه، فهو لا يهتم فقط بمستوى تحصيلهم الدراسي، بل وأيضًا بنفسية الأطفال، ومراقبة علاقتهم ببعض، ومراقبة أي تغيير يحدث في معاملتهم لبعضهم البعض، كما أن مستوى التحصيل قد يكون دليلًا على نفسية الطالب، فمثلًا عند هبوط المستوى الدراسي يجب على المعلم أن يهتم بمعرفة الأسباب، كما أنه يجب على المعلم أن يتابع الأهل، ويكون على تواصل دائم معهم، وأن يتصف بالأمانة، والثقة، فلا يهمل مهمته في كونه مراقب لتصرفات الأطفال، فعند وجود أي خلل يجب أخد الخطوات المناسبة لحل المشكلات التي تعرض للطلاب أمامه، كما يجب عليه أن ينال ثقة ومحبة الأطفال، حتى يفتح له الأطفال صدورهم، فيكون صديقًا لهم في المدرسة عند مواجهة أي مشكلة، كما يجب على المعلم أيضًا أن يعزز ثقة الأطفال بأنفسهم، وأن يشجع الأطفال الذين يتحلون بالصفات الطيبة، فيكونوا بهذا قدوة لغيرهم من الطلاب. يجب على المدرسة أن تعتمد برامج مكافحة التنمر، وأن تقوم بتدريب المعلمين على تلك البرامج، وإن لزم الأمر فإنه يجب على المدرسة توفير كاميرات مراقبة قي كل مكان. يجب على المعلم أن يثقف نفسه دائمًا، ويطلع على كل جديد في التعامل مع الطلاب. يجب الاهتمام بانتقاء الأشخاص الذين يتولون مهمة التعليم بعناية فائقة، فالمعلم هو بمثابة أب وصديق وقدوة.
هناك مسلسل مشهور قد صدر مؤخرًا عن فتاة انتحرت جراء تنمر زملائها عليها، وكان من بين تلك الأسباب التي أدت إلى انتحارها هو إهمال معلمها لما قالته، وكان تلك آخر فرصة لها للنجاة، وكان من الممكن أن يقوم المعلم بإنقاذها من الإقدام على خطوة الانتحار، إلا أنه لم يفعل. إن ظاهرة التنمر من أفظع الظواهر التي من الممكن أن تتواجد في أي مكان، وللأسف تزداد انتشارًا يومًا بعد يوم، خاصةً عند وجود آباء، ومعلمين غير أكفاء للقيام بواجبهم اتجاه الطفل.
أضف تعليق