يصنف مرض التوحد على أنه أحد الأمراض النفسية العضوية التي تصيب الطفل، وتسبب اضطربا في تطور جهازه العصبي، ويبدأ في الظهور بشكل واضح قبل سن الثالثة. تتمثل أعراضه في طريقة نطق الطفل، سلوكياته، وأول ما تلاحظ هذا الأمر هي الأم، وبتطور المرض يمكن لجميع المحيطين به ملاحظته. وبالرغم من اختلاف العلماء حول السبب الأساسي لمرض التوحد إلا أنه من المرجح أن يكون للعامل الوراثي دوراً كبيراً في إصابة الطفل بالمرض، كما تبين أن الإصابة تنتشر بنسبة 4: 1 بين البنين والبنات، وتوجد حالة توحد واحدة بين 100 طفل تقريباً، مما يجعله مرض غير واسع الانتشار بين الأطفال. وقد تبدأ الأسرة في التكتم على أمر طفلها المصاب بالتوحد، مما يجعلها تهمل في علاجه فتتطور حالته ليصبح طفلاً عدوانياً غير قابل للتأقلم مع أقرانه. وتنتشر الكثير من المراكز لعلاج مرض التوحد، والتي تتبع طرق علمية مثبتة لعلاج التوحد، ومن أحدثها طريقة تيتش، فما هي، وكيف تعمل طريقة تيتش على علاج مرض التوحد؟
ما هي أساليب طريقة تيتش و طرق تعاملها مع الأطفال المصابون بالتوحد؟
ما هي طريقة تيتش
طريقة تيتش، هي إحدى الطرق العلمية لعلاج مرض التوحد، والتي بدأ إتباعها في مراكز تجتش الطبية بولاية كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية، وتهدف هذه الطريقة على إلى علاج مرض التوحد بصفة عامة، عن طريق إعادة تأهيل الحالة المصابة بالتوحد من جميع النواحي، فهي لا تقتصر على الاهتمام بالناحية السلوكية للطفل، بل تشمل أيضاً العناية بالنطق، تهذيب سلوكيات الطفل، تنمية قدراته العقلية، ومعاملة كل حالة على حدا حيث تختلف حالات التوحد من حيث درجاتها ومن حيث مقدار استجابة الحالات للعلاج.
كيف تعمل طريقة تيتش لعلاج مرض التوحد؟
لنا أن نعرف في البداية، أن طريقة تيتش، والتي تم ابتكارها عام 1972 بواسطة الطبيب إريك شوبلر بجامعة كاليفورنيا الشمالية، تعتبر من أولى البرامج التربوية المتخصصة بتدريب وتعليم المتوحدين للتأقلم وتطوير المهارات الذاتية، والذي تم اعتمادها من جمعية التوحد الأمريكية. ولهذا البرنامج عدة مميزات من بينها التدخل المبكر في حالة التوحد اعتماداً على منظومة التعليم الهيكلي أو التنظيمي لبيئة الطفل أينما كان، في المنزل، في الأماكن العامة، بين الأقارب، وذلك حسب الحالة الاجتماعية، والبيئية التي يعيش فيها الطفل المتوحد. وفي إطار طريقة تيتش يتم عمل برنامج متخصص لكل طفل على حدا والذي يشمل برامج تعليمية مناسبة لقدرات الطفل الذهنية والاجتماعية والجسمانية واللغوية، وذلك بعد عمل اختبارات لتحديد مستوى تلك القدرات لكل حالة منفردة.
وتنظر طريقة تيتش في أهم العلامات المميزة لمرض التوحد وهي الأسلوب النمطي التكراري والذي يتعلق به مريض التوحد، لتجعل منه أسلوباً مثيراً لتعليم الطفل وتدريبه.
متى تبدأ استخدام طريقة تيتش؟
يمكن البدء باستخدام طريقة تيتش للأطفال المصابين بالتوحد من سن ثلاث سنوات حتى ثمانية عشر سنة، وكلما كان التدخل مبكراً كلما أصبح أمام الطفل فرصة أكبر للتأقلم والاستعداد لخوض مستقبل شبه طبيعي كأقرانه، كما أن طريقة تيتش يمكن لها أن تعد الطفل لنيل قسطاً من التعليم شبه طبيعي والالتحاق بالوظائف شأنه شأن أي من أقرانه. قد يكون الطفل قد تلقى طرق علاجية أخرى في مراحل مبكرة من مرضه، وأوجد استجابات ضعيفة لها، وقد يكون سن الطفل متأخراً، وهنا يمكن لطريقة تيتش أن تثبت تميزاً عن الطرق العلاجية الأخرى، حيث تضع هذه الطريقة اختبارات تشخيصية تحدد لكل حالة برنامجاً علاجياً خاصاً به بصرف النظر عن تقدم حالته أو سنه.
أدوات طريقة تيتش
تستعين طريقة تيتش بمجموعة أدوات للوصول لجذب انتباه الطفل ومحاولة تعليقه بها وامتثاله لها، وتبدأ بالوسائط البصرية الموجودة في البيئة المحيطة به، وتهدف من وراء هذا معالجة المشكلات الأساسية للمتوحدين والتي تشمل:
- الشغب بالأسلوب النمطي الروتيني في السلوكيات (تكرار فعل نفس الشيء لمرات غير متناهية).
- القلق النفسي والخوف أثناء التواجد في التجمعات التعليمية العادية (روضات الأطفال، الصفوف الدراسية الأولى، تلاحظه الأم وكذلك معلمات الصفوف التمهيدية).
- عدم التأقلم مع ممارسة الأنشطة الحياتية اليومية والتي من الطبيعي أن يعتاد الطفل على ممارستها في سن سنتين تقريباً (على سبيل المثال، وقت تناول الطعام والشبع، وقت اللعب وقت مشاهدة التلفاز، وحتى وقت الغضب والصراخ).
- عدم القدرة على الانتقال من نشاط إلى آخر بسهولة (التعلق بالروتين).
- صعوبة التواصل اللغوي وعدم فهم الكلمات المنطوقة من الآخرين (يجب هنا عمل فحص سمعي للطفل للتأكد من سلامة السمع، لتحديد مستوى فهمه للكلمات).
- صعوبة تحديد المساحات الخاصة به سواء في المنزل أو الصف الدراسي.
وبالتالي فقد وجدت طريقة تيتش أن أنجح الطرق لعلاج المتوحدين هي العمل بوسائل الإدراك البصري بدلاً من الوسائل السمعية، حيث تكون الأولى أكثر إثارة للطفل ويمكن له فهمها بطريقة أسرع.
وتقوم المنظومة التعليمية لطريقة تيتش على الأسس التالية:
- خلق روتين مختلف عن الذي يفرضه الطفل في عالمه التوحدي الخاص.
- محاولة تنظيم مساحات يتحرك في إطارها الطفل، ثم جعله يعتاد على رسمها تدريجياً لنفسه.
- وضع جدول يومي لنشاطات الطفل، ويشمل ذلك ساعات النوم وتناول الطعام، اللهو، الراحة، التعليم، وغيرها.
- الاعتماد على الوسائل البصرية في تعليم وتطوير حالة الطفل العقلية حتى تبدأ حالته في التحسن.
كيف يصبح المتوحد طفلاً طبيعياً؟
من خلال طريقة تيتش، يبدأ الطفل في تنظيم سلوكياته في البداية، بعد ذلك يبدأ تعليمه كيفية التواصل مع الآخرين وتدريبه على المهارات الاجتماعية الطبيعية، امتصاص الطاقة العصبية لديه والتي قد تجعل منه طفلاً عدوانياً مخرباً، تعليمه مهارات الاعتماد على النفس، تطوير مهاراته الإدراكية، وفي المراحل المتقدمة من طريقة تيتش يتم إكساب الطفل الكثير من المهارات الأكاديمية المميزة تمهيداً لإدماجه في المجتمع وإعطائه فرصة للعمل والإنتاج كغيره من الأفراد.
خاتمة
مرض التوحد هو أحد الأمراض النفسية-العقلية والتي لا يمكن تجاهلها على الرغم من نسبة انتشارها المحدودة، ورغم صعوبتها إلا أنه مع التشخيص الجيد والتدخل المبكر يمكن لطفل التوحد الشفاء بنسب كبيرة ويمكنه أن يصبح طفلاً شبه طبيعي بالتدريب وإتباع الوسائل العلاجية المناسبة لحالته. وطريقة تيتش هي إحدى تلك الوسائل العلاجية والتي يمكن لها أن تبدأ الرحلة مع المتوحد منذ مرحلة التشخيص إلى عمل اختبارات تقييم الحالة وتحديد مستواها، وصولاً إلى برنامج علاجي تعليمي سلوكي يمكن له علاج الطفل بل وإكسابه العديد من المهارات التي تصل به إلى مرحلة يكون فيها أكثر تواصلاً مع الآخرين، مفيداً لنفسه، ومنتجاً. وتتبنى الكثير من المراكز الطبيعية في الدول العربية طريقة تيتش في علاج مرض التوحد، ويمكن لمن لديه طفلاً متوحداً سؤال الطبيب المتخصص عن إحدى تلك المراكز والتي تقبل بالأطفال من سن 3 حتى 18 سنة، وكلما كان العلاج مبكراً كلما كانت النتائج أفضل. وتشكل مراكز علاج التوحد بطريقة تيتش وسيلة للعلاج النفسي للطفل كما يمكن اعتبارها مرحلة تمهيدية للتعليم والذي قد يصعب جمعهما في مكان واحد، ولنا أن نعرف أن مراكز تعليم المتوحدين وحدها ليست كافية لطفل التوحد، حيث يتم وضع الأطفال المتوحدين ليس تبعاً لكل حالة وحدها، كما قد يتم استخدام وسائل غير مناسبة لحالة طفل ما وتثبت جدواها لطفل آخر. وبالرغم من نجاح طريقة تيتش لعلاج مرض التوحد إلا أنه ليس هناك مقارنة علمية مثبتة تعطي نسبة نجاح لتلك الطريقة مقارنة مع طرق العلاج الأخرى لمرض التوحد.
أضف تعليق