تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الحمل والانجاب » طرق الولادة : كيف تعلمت نساء القدماء طرق الولادة بالفطرة ؟

طرق الولادة : كيف تعلمت نساء القدماء طرق الولادة بالفطرة ؟

لم تكن المستشفيات والمراكز الصحية المتخصصة موجودة في السابق، فكيف كانت النساء تلد في تلك الأوقات؟ هذا ما نستعرضه في مقال طرق الولادة قديمًا.

طرق الولادة

طرق الولادة تتعدد هذه الأيام بين الطبيعية والقيصرية واستخدام أنواع مختلفة من المسكنات، وطرق كثيرة يستخدمها الأطباء ويقدمون معها عناية كبيرة للأم والطفل. أما في الأزمنة القديمة وحتى الآن في المناطق النائية عن الحضر لا تمتلك النساء الكثير من الاختيارات في الحقيقة ولا يستطيعون الاعتماد سوى على أجسامهن وبعض المؤازرة من الزوج أو الأم لتهدئة أعصابها. الولادة كانت عملية خطيرة حتى إن الملكة فيكتوريا كانت لابد أن تعلن عن وريث شرعي للبلاد في حالة موتها كما كانت تعتقد أثناء الحمل، رغم ذلك ستجد أن النساء ومنهم الملكة فيكتوريا أنجبوا الكثير من الأطفال بصحة أفضل بدون مساعدة التقدم العلمي للأطباء، ولكن أفضل من نساء هذه الأيام. في هذا المقال سأتكلم عن طرق الولادة قديماً وكيف تعلمت النساء كيفية الولادة.

تعرف على طرق الولادة قديمًا

طرق الولادة القديمة لم تطلب المساعدة من الأخريين

من أغرب حالات الولادة المثيرة بالألفية الثانية هي للأم صوفيا بدرو، التي جاءها المخاض أثناء تعلقها فوق الأشجار عندما كانت تحافظ على نفسها من مياه الفيضانات التي غمرت جنوب الموزمبيق، في شهر مارس عام 2000. وبعد إتمامها للولادة تم إنقاذها عن طريق حوامة إنقاذ. في الحقيقة يبدو الأمر صعباً وغريباً وهذا صحيح ولكنه ليس غريباً على الطبيعة، لأن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يطلب المساعدة عند الولادة وباقي الكائنات تفضل الوحدة والأشجار العالية لتلد مولودها بعيداً عن التجمعات. إذاً لماذا تغير وضعنا في طرق الولادة عن باقي الكائنات ولماذا لا تطلب الكائنات الأخرى المساعدة من الأصدقاء؟ الإجابة هي أن أنثى الإنسان تعاني من أصعب عملية ولادة بين جميع الكائنات الأخرى، ويعدو الأمر في الحقيقة إلى كوننا نسير منتصبين على أقدامنا.

جميع النساء تعرف أن مخاض الولادة من أصعب ما يكون وأن محاولاتها لدفع الجنين خارج الرحم من قناة الولادة هي عملية صعبه جداً، وذلك ثمن الأدمغة البشرية الكبيرة مقارنة بحجم أجسمنا وباقي الحيوانات. فالطريق الذي يأخذه الدماغ البشري للعبور من فتحة قناة الولادة هو طريق ضيق جداً، وتغير الأوضاع التي يأخذها الجنين ليحسن وضع خروجه هي صعبة جداً وخطيرة. تلك الأشياء تعاني منها أنثى الإنسان ولا تعاني منها أنثى الكائنات الأخرى فتكون عملية الولادة أسهل ولا تحتاج كل ذلك المجهود والعناء. من دراسة الحفريات استنتج علماء الأنثروبولوجي أن المرأة لم تحتاج للاستعانة بأي مساعدة حتى وقت بداية تطور الإنسان الحديث وظهوره وبداية سيره على قدميه منتصباً وليس مثل باقي الكائنات.

الحشر المحكم أثناء الولادة

من الأشياء التي يجب أن تعرفها عن طرق الولادة أن رأس الطفل أو الجنين على شكل بيضاوي لأن المسافة من الجبهة إلى مؤخرة الرأس أطول من المسافة التي بين الأذنين. من ناحية أخرى تجد أن قناة الولادة بيضاوية أيضاً لتناسب شكل الرأس، ولكن المشكلة تقع في الحشر الذي يحدث عند خروج الرأس لضيق سعة قناة الولادة. عند أنثى الإنسان تكون تلك القناة غير ثابتة، فيتوجب على الطفل المرور برحلة من الانعطافات ليناسب ذلك الاختلاف. يبدأ الطفل رحلته من مدخل قناة الولادة التي تكون في أوسع ما يمكن، وعند المنتصف يستدير 90 درجة ليناسب طريق الخروج، بحيث يتناسب القسم الأعرض منه بين الكتفين مع القطر الأكبر للقناة. إذاً حاول أن تتخيل معي أن الطفل في أثناء الولادة عليه أن يضغط على عظام الأم حتى يستدير ليخرج، وكل ذلك يتم مع مجهود كبير وألم رهيب لأن على الأم دفع الجنين حتى يتحرك نحو ما يؤلمها في الحقيقة. لتفهم أكثر صعوبة الموقف عليك أن تدرك أن الجزء الأوسع من فوهة الحوض بعد التمدد 13 سنتمتر في المتوسط، و10 سنتمتر في الجزء الأضيق، في المقابل تجد قطر رأس الجنين 10 سنتمتر وبين الكتفين 12 سنتمتر، وكل ذلك الحجم يأخذ انعطافه في تلك المنطقة الضيقة.

بسبب مشي الإنسان على قدميه تطور الحوض عند الإناث ليصبح بهذا الشكل، مما يجعل من المستحيل على الأم الانحناء لمساعدة جنينها في الخروج كما تفعل القردة وأغلب الحيوانات، لأن ذلك سيعرضه إلى مضاعفات خطيرة على عموده الفقري بسبب تغير الأم لوضعها المناسب. عند أنثى القردة تقوم الإناث بثني نفسها وإمداد يدها لتساعد الطفل في الخروج، وتنظف له المجرى التنفسي وتسحبه لتساعد نفسها عند الدفع، ويكون الطريق أقصر والتحكم ممكن والولادة أبسط بكثير. أما بسبب عدم قدرة الأم على مساعدة الطفل العاجز، فيترتب على ذلك اختناق الطفل في الكثير من الأحيان والتفاف الحبل سري حول رقبته، لذلك وجب مساعدة طبية للأم أثناء الولادة ليتكفل الطبيب بعمل ما تفعله القردة بنفسها لأطفالها. الفرق الأهم هنا بين طرق ولادة الحيوانات والأخرى عند الإنسان أن الطفل يخرج مواجه للأم مع الحيوانات، ولكن طفل الإنسان يخرج معطي للأم ظهره، مما يصعب الوضع على الأم لتأكد من سلامة طفلها وتنظيفه.

المساعدة في الولادة

من منطلق مفهومنا لصعوبة الولادة نجد أن المساعدة مطلوبة لإنقاذ الأم والطفل. والقصص التي تحكي عن النساء القويات التي تلدن بمفردهن هي مجرد نوادر وأغلب الحالات قد ينتج عنها مضاعفات. أما العرف المنتشر في كل بقاع العالم هو أن النساء يحتاجون لمن يساعدهن حتى وإن كانت المساعدة من الأمهات والأخوات الكبار أو القابلة بمفهومنا اليوم، ستجد المثل في كل المجتمعات النائية التي تعيش بعيداً عن الحضارات، والتي تتكون من قبائل تعيش بدون أي وسائل حضارية معروفة.

طرق الولادة في الحضارات المختلفة

من قدم الأزمنة وتستعين النساء ببعضها في أثناء الولادة، وتشير الأبحاث أنه كلما وجد عدد محدود من الأشخاص التي تثق بهم المرأة كانت المضاعفات أقل بسبب هدوء نفسيتها. أما وجود الرجل فيختلف من بيئة إلى أخرى، وقد يكون مطلوب وجدوه أو عدمه حسب الأحوال المزاجية للمرأة في ذلك الوقت، أو تمنع البيئة وجوده تماماً بحسب العُرف السائد. أما عن وضع المرأة أثناء الولادة فلا يكون وضع الاستلقاء على الظهر كما تفعل الأغلبية في المستشفيات، بل يكون في وضع القرفصاء أو الوقوف أو الجلوس الطبيعي، لأن ذلك هو الأفضل بالنسبة إلى طرقة خروج الجنين، خاصة بدون مساعدات طبية. وبعد خروج الطفل يتم التنظيف الفوري بالمياه وضرب الطفل على مؤخرته بشكل مقلوب ليتمكن من التنفس إذا لم يصرخ. وبعدها يقطع الحبل السري وتنظف دماء الأم ويخرجون بقايا المشيمة لأن بقائها خطر على الأم وعلى رحمها.

إذاً عزيزي القارئ عليك أن تتأكد أن توابع تطورنا له مخاطر على أجسامنا وقبل أربع ملايين عام لم تطلب الأنثى مساعدة أحد عند الولادة، ولكن الولادة هي عملية خطيرة ومرعبة على نفسية المرأة، فإن كنتِ صديقة مقربة أو زوج يحب ويدعم زوجته الحامل فعليكم بالتشجيع ومحاولة تهدئة المرأة. وأثناء الولادة (إن كانت ستفضل الولادة الطبيعة) حاول الاهتمام بها مهما كانت عصبية ولا تعي ما تقول، ووفر لها الطمأنينة ولا تزعج إذا ما مسكت يداك بشكل صعب لأنها بذلك تفرغ بعض التعب الذي تشعر بها، ولا تتوانى بتوفير أي مساعدات طبية لازمة. في الأخير وبعد كل ذلك الألم والمعاناة تبقى طرق الولادة الطبيعية هي أفضل الطرق في أغلب الحالات التي لا تتوجب رعاية خاصة، سواء على صحة الأم أو الطفل.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

اثنان × ثلاثة =