تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » صور الهوية : لماذا تبدو صورتنا في الهوية سيئة على الدوام ؟

صور الهوية : لماذا تبدو صورتنا في الهوية سيئة على الدوام ؟

نسمع دائمًا هذه الشكوى على الدوام، صور الهوية الخاصة بي تظهرني بشكل بشع! لماذا يفعلون هذا بي؟ نتعرف على أسباب ظهور صور الهوية بهذا الشكل السيئ.

صور الهوية

الشكوى من صور الهوية السيئة هي شكوى عامة، فمن المؤكد، إنك صدمت عندما رأيت صورتك في البطاقة الشخصية لأول مرة، مثل الكثير من أصدقائك، وبدأت بالتندر عليها للتغلب على هذا الأمر ومحاولة تجاوزه، فالبعض يعتبر صور الهوية لا تعبر عن الشكل الأصلي للمواطنين، وإنما تشبه صور المسجلين خطر أو اللصوص أو قطاع الطرق، أو على أحسن تقدير، تشبه أصحاب العاهات المستديمة، بل يؤكد غالبية الناس أن الصور لا علاقة لها بالواقع من الأساس؛ لذلك تحاول بعض السيدات تغييرها أو تضع مساحيق التحميل قبل التقاطها؛ تفاديًا للتعليقات السخيفة من المقربين. من الطريف أن هذه الشكوى عامة في كل دول العالم، وإن كانت نسبتها تزيد في بعض الدول مثل: مصر، لأسباب سيأتي شرحها. تحرص الحكومات على إصدار البطاقات الشخصية لإحصاء أعداد المواطنين في كل منطقة؛ من أجل توزيع عادل للثروات وتقديم الخدمات المدنية بشكل أفضل، وتقديم المساعدات لمستحقيها، دون الحاجة لإجراء إحصائيات مستمرة. علاوة على ذلك، تساهم تلك البطاقات في إلغاء المستندات الورقية وتجميع بياناتها في بطاقة ذكية واحدة مصنوعة من البلاستيك يصعب تزويرها.

سبب كون صور الهوية سيئة على الدوام

ما فائدة صور الهوية في البطاقة؟

منذ قديم الأزل، بدأت دول العالم في إصدار بطاقات هوية وربطها بتقديم الخدمات للمواطن وتعامله مع الدولة في شتى المجالات، وذلك للمساعدة في نظام دفع الضرائب، والتجنيد الإجباري، ولتمييز فئات محددة من المواطنين، وللمساعدة في الخروج والدخول للدول والمناطق المجاورة، ولمعرفة السجل الجنائي لكل مواطن، وغيرها من الأمور التنظيمية.

قامت بعض الدول مؤخرًا بدمج بطاقة الهوية مع بطاقة الائتمان وبطاقة التأمين الصحي؛ للتسهيل على المواطنين، ولتقليل عدد المستندات التي يحملها المواطن باستمرار، ولتقليل خطر نقل الأموال، ولتسهيل عمليتي البيع والشراء من المتاجر، ولسرعة حصول المواطن على الخدمات الصحية، والأكثر من ذلك ألغت بعض الحكومات مثل: مصر، بطاقة الانتخاب وجعلت التصويت باستخدام البطاقة الشخصية دون الحاجة لإصدار أي مستندات أخرى من أي جهة، ولهذا السبب تحرص الحكومات على تطبيق أقصى درجات الحيطة والحذر، وتستخدم أخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة في هذا الأمر، وتطلب تصديق شيخ القبيلة أو المحافظة أو الدولة على تلك البطاقات.

مع بداية ظهور الكاميرا ذات اللونين الأبيض والأسود، بدأت الحكومات في اشتراط وجود صور الهوية على خلفية بيضاء داخل البطاقة وغيرها من المستندات الهامة مثل: جواز السفر وبطاقة التأمين الصحي وبطاقة الانتخابات، من أجل إضافة مزيد من الثقة في تلك المستندات، ولمنع تبادلها بين الناس، ولتضيق الخناق على المجرمين لمنعهم في استخدام تلك المستندات في عمليات النصب والتزوير والاحتيال، ولحفظ أموال الناس والودائع في البنوك.

في الماضي، كان المواطن يحضر معه صورة شخصية له، ملتقطه حديثًا، أثناء استخراج بطاقة الهوية؛ لكي تلصق بطريقة خاصة لمنع التزوير، بحيث يصعب نزعها وتغييرها يدويًا، ومع تشعب مصالح المواطنين مع الحكومات، بدأ التطوير المستمر لبطاقات الهوية وأصبحت لكل مواطن رقم قومي مرتبط بياناته الشخصية والعائلية مثل: تاريخ ومحل الميلاد، والمؤهل الدراسي، وبيانات الزواج والأولاد، وحساباته المالية، والسفريات للخارج، وغير ذلك من الأمور؛ لذلك ألغيت البطاقات الورقية وتم استبدالها ببطاقة ذكية واحدة، تحمل كل بيانات المواطن، سواء كانت المكتوبة مثل: الاسم بالكامل ومحل الإقامة والوظيفة، أو المصورة، وتكون كذلك بياناته السرية مخزنة وغير ظاهرة للعين المجردة مثل: عدد أفراد أسرته وتاريخه العائلي والمهني وسجله التجاري، ولا تظهر إلا على جهاز خاص تملكه الدولة وحدها، مما يجعل عملية تزوير البطاقة الذكية أمرًا شديد الصعوبة، فلو تمكن المزور من تغيير صور الهوية والبيانات الظاهرة على وجهي البطاقة، لن يتمكن من تغيير البيانات المخزنة داخلها.

هناك فائدة أخرى للبطاقة الذكية، ولا توجد في الورقية، وهو أنه يمكن تغيير البيانات المخزنة عليها، عن طريق الدولة وليس المواطن، دون الحاجة لإصدار بطاقة جديدة، وهو ما يوفر وقت المواطنين والدولة.

أسباب المشكلة

رغم تواجد ماكينات تصوير حديثة في أماكن استخراج البطاقات؛ لالتقاط صور الهوية فوريًا بدون تدخل المواطن، ازدادت شكوى الناس من الصور، وواجه بعضهم مشاكل مع الجهات الرسمية لاختلاف الشكل بين الصورة والأصل. توجد عدة أسباب لمشكلة ظهور صور الهوية بشكل سيئ، ففي مصر، مثلًا، لا يوجد ألوان لتلك الصور، مما يؤدي لظهور المواطنين بشكل باهت، وبررت الحكومة ذلك، بأن الماكينات المخصصة لالتقاط الصور مستوردة من أوربا ومخصصة للبشرة الشقراء وشديدة السواد فقط، مما يظهر صور المصريين ذو البشرة الرمادية بشكل غير واضح.

يعتقد بعض الخبراء، وجود عامل نفسي وراء هذا الأمر، حيث تتسبب طوابير الانتظار الطويلة مع الحرارة المرتفعة، وتعقد إجراءات استخراج البطاقات، وحدوث بعض المشاجرات أحيانًا، في إرهاق المواطنين وفي سوء حالتهم النفسية والجسدية؛ مما يؤدي لظهور الصور بهذا الشكل. يحمل بعض محترفي التصوير الموظف المسئول عن التقاط الصور نصيب كبير من الأمر، لأنه غير متخصص في التصوير من الأصل، وبالتالي لا يعرف كيفية تعديل الإضاءة؛ للحصول على أكبر قدر من الضوء داخل الصورة، ولا يعرف كيف يضبط العدسات مع بعضها؛ لتوضيح ملامح الوجه قدر الإمكان، فضلًا عن أهمية معرفة زوايا التصوير المناسبة لإخراج الصورة على أكمل وجه.

بينما يرجع البعض أن هناك سببًا تقنيًا وراء ذلك، وهو أن البطاقات الذكية تعتمد في طريقة طبعها على حرق الصور على أحد الوجهين بتقنية الليزر؛ لكي تدمج في شريحة واحدة؛ مما يؤدي لظهور بعض التشوهات التي تسبب الحرج لصاحبها.

مشكلة تغيير ملامح الوجه

هناك مشكلة تؤرق الحكومات باستمرار، وهي أن صور الهوية تعتمد على الوجه فقط، الذي تتغير ملامحه دومًا، فهناك من يحلق شاربه والأخر يعفي لحيته، وهناك من ترتدي غطاء الرأس؛ بالإضافة إلى عمليات التجميل التي تخضع لها السيدات باستمرار، وظروف عمل البعض تحت الشمس طول اليوم، تغير لون البشرة وغير ذلك من الأمور التي تزيد من صعوبة عملية التعرف على أصحاب الصور. لذلك قررت الحكومات، بناء على ما سبق، تجديد بطاقات الهوية كل عدة سنوات.

تجارب إيجابية

نجحت بعض الدول في التغلب على هذه المشكلة، أو التقليل من آثارها، وذلك بعدة طرق أشهرها: الاعتماد على الصورة التي يحضرها المواطن بنفسه أثناء استخراج المستندات، وهناك عدة دول أخرى، مثل: ألمانيا وسويسرا، أصدرت بطاقات الهوية بالألوان لإظهار أكبر قدر من تفاصيل الوجه. بدأت بعض الدول كذلك في تقليل الاعتماد على صور الهوية إلى حد ما، والاتجاه إلى تسجيل بصمة العين والأصابع العشرة في البطاقات الذكية، ويمكن الكشف عليهما باستخدام جهاز قارئ البصمات في الأماكن الهامة مثل: المطارات وأقسام الشرطة والبنوك وبعض المصالح الحكومية، حيث يكشف الجهاز على الشخص في أقل من دقيقة، ويحدد إذا كان مسموحًا له باستخدام هذه الخدمة أم لا، أو يحدد إذا كان متاحًا للمسافر الدخول لدولة ما أم ممنوعًا.

تعتمد بعض الدول على صور أخرى غير الموجودة في البطاقة الشخصية، فعلى سبيل المثال: يعتمد المواطنون في الولايات المتحدة الأمريكية على جواز السفر ورخصة القيادة، وترفض بعض الدول إجبار المواطنين على حمل بطاقات الهوية؛ لأسباب تتعلق بالحريات ومنع تغول الدولة على المجتمع والحياة الشخصية للأفراد ومثال على ذلك: فرنسا، وبريطانيا التي واجهت عدة مظاهرات احتجاجية أثناء محاولة الحكومة هناك إصدار تشريع بذلك الأمر. لست وحدك من تعاني من صور الهوية السيئة، فهناك الكثيرون مثلك، ولكن هذا لا يمنعك من الاعتناء بملابسك وتمشيط شعرك والابتسامة عند التقاط صورة لك في المرة القادمة، فلكل صورة روح تعبر عن جمالها.

محمد محمود

حاصل على ماجستير في العلوم، تخصص كيمياء.

أضف تعليق

15 − 13 =