شلل الأطفال من الأمراض شديدة العدوى والخطورة التي شهدت حربًا ضروس مشتركة بين بلدان العالم المختلفة والمنظمات الدولية المعنية بشؤون الصحة للقضاء عليه، وقد انتهت هذه الحرب بإعلان دول لخلوها بشكل تام من شلل الأطفال بينما مازال السعي مستمرًا لمساعدة دول موبوءة أخرى لتحذو حذوها. ولمعرفة مزيد من التفاصيل حول مرض شلل الأطفال، أسبابه أنواعه طرق علاجه وكيف تقي نفسك منه إليك الموضوع التالي.
استكشف هذه المقالة
أنواع شلل الأطفال
يُوصف شلل الأطفال بأنه عدوى فيروسية شديدة الخطورة تُصيب الأطفال والكبار وإن كانت أكثر شيوعًا بين الأطفال، تبدأ من الأمعاء وينتهي بها الحال إلى التأثير على أعصاب وعضلات الجسم والنخاع الشوكي مُسبّبة الشلل مع تشوهات في الحوض والساقين والكاحلين وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى الوفاة. ولشلل الأطفال أوما يُعرف بعدوى بوليو “Polio” نسبةً إلى الفيروس المُسبّب للمرض عدة أنواع لكل نوع منها أعراضه المُختلِفة، نذكر منها:
شلل الأطفال الثانوي أوالمُجهـض
وهو نوع من شلل الأطفال قصير المدى لا يُصاحبه ضعف أوضمور بالعضلات بقدر ما يُصاحبه آلامًا بها وصعوبة تحريكها طيلة مدة الأعراض. تشبه أعراضه الإنفلونزا وتستمر ما بين يومين وحتى عشرة أيام وهي ارتفاع في درجة الحرارة مع التهاب الحلق، حمى شوكية، صداع وقيء وتوعك، آلام بالظهر والساقين والذراعين والرقبة وصعوبة تحريكهم، تشنجات عضلية.
شلل الأطفال الحاد أوالرئيسي
وهو النوع الذي يُصاحبه ضعف وضمور وارتخاء بالعضلات وينتشر بنسبة 1% بين المُصابين، تُشبه أعراضه الأولية أعراض الشلل الثانوي، وتستمر حتى يوم إلى عشرة أيام لتبدأ بعدها الأعراض المُميّزة للشلل الرئيسي وهي فقدان الاستجابة للمؤثرات وهوما يُعرف برد الفعل المُنعكس، تشنجات وآلام عضلية حادة، ضمور عظام الساقين والذراعين وارتخائها في جانب واحد من جسم المريض بشكل مُفاجئ أوتدريجي. وينقسم هذا النوع في حد ذاته إلى 3 أنواع فرعية أخرى هي:
شلل الأطفال الشوكي
وهو النوع الأكثر انتشارًا بين فئات المُصابين بالمرض، ويتميّز بإصابته لعضلات التنفس وأعصاب وعضلات الأطراف الحركية في الحبل الشوكي إلى حد الضمور في بعض الحالات، مما يترتب عليه فقدان الحركة بالأطراف دون فقدان الإحساس بها.
شلل الأطفال البصلي
وهو نوع يضرب مراكز الأعصاب في الدماغ مما يؤثر على عملية التحكم في عضلات الوجه والحواس المُختلِفة بالإضافة إلى فقدان القدرة على البلع، وقد يمتد تأثيره للرئتين والقلب والأمعاء مما يجعله من الأنواع المُميتة التي تتطلب الوضع على أجهزة التنفس الصناعي.
شلل الأطفال البصلي الشوكي
وهو يجمع بين أعراض النوعين السابقين حيث تتأثر حركة الأطراف كما تتأثر قدرات البلع والتنفس.
متلازمة شلل الأطفال
وهي بمثابة أعراض تذكيرية تُفاجئ مرضى شلل الأطفال السابقين الذين شُفوا تمامًا منه قبل نحو ثلاثين إلى أربعين عامًا. وتشمل هذه الأعراض: آلام ووهن يصل حد الضمور في العضلات والمفاصل، تأثر القدرة على البلع والتنفس خاصةً أثناء النوم فيما يُعرف بانقطاع التنفس النومي، التعب من أقل مجهود، عدم القدرة على تحمل البرودة التي تُسبّب بدورها آلام العظام والمفاصل.
شلل الأطفال الفموي “OPV”
وهو فيروس بيولوجي ولكنه ضعيف التأثير يتم منحه للطفل كلقاح مُضاد لثلاثة أنواع أوأطوار من الفيروس في صورة نقاط عبر الفم تنتقل إلى الأمعاء حيث يستقر الفيروس الضعيف لبعض الوقت بينما يعمل جسم الطفل خلال هذا الوقت على تكوين الأجسام المناعية المُضادة له التي تطرد الفيروس حينئذ إلى غير رجعة عبر البراز. ويتم منح اللقاح الفموي للأطفال على ثلاث جرعات مُتقاربة بدايةً من الشهر الخامس من عمره ثم الشهر السابع ثم عند عمر العام، بالإضافة إلى جرعات تنشيطية في عمر السنة ونصف والثلاث سنوات.
ورغم أن لمس براز المريض أوتناول طعام أومياه ملوثة به من أهم أسباب العدوى بالمرض وتفشي شلل الأطفال في البلدان النامية التي تفتقر للبنية التحتية السليمة وبالتحديد شبكات الصرف الصحي التي تختلط مياهه بمياه الشرب، مع تدني قواعد النظافة الشخصية وعدم وجود استعدادات طبية كافية لمنح اللقاح لكافة الأفراد، إلا أن التعامل مع البراز في حالة الطفل مُتلقي لقاح شلل الأطفال بمثابة انتقال للقاح والأجسام المُضادة بين مجموعة من الأفراد في نطاق سكني واحد، خاصةً وأن الفيروس بإمكانه الحياة خارج جسم الإنسان لمدة تصل إلى العام.
ولكن في حالات نادرة يتحول هذا التطعيم غير المُباشر ضد فيروس شلل الأطفال إلى إصابة بالمرض المُعدي ذاته تتفشى في نطاق مجموعة من الأفراد المُتقاربين حينما تطرأ على الفيروس الضعيف تغيرات جينية تتغلب على الأجسام المضادة له مكونة نمط جديد تمامًا غير مقدور عليه من المرض وهوما يُعرف بشلل الأطفال الدوار الناجم عن اللقاح.
شلل الأطفال العضلي “IPV”
وهو عبارة عن لقاح ضد نوع واحد من أنواع فيروس شلل الأطفال من خلال الحقن العضلي بفيروس ميت عديم التأثير، وقد أصبح الأكثر شيوعًا مُقارنةً باللقاح الفموي، ويُعطى IPV على جُرعتين للأطفال من عمر الشهرين ثم الثلاثة شهور، وكذلك مرضى ضعف المناعة والحوامل على عكس اللقاح الفموي الذي يكون أكثر ضررًا للأجنة والمرضى.
شلل الأطفال عند الكبار
قد يعتقد البعض من مُسمى الفيروس أنه يُصيب الأطفال فقط ولكن الحقيقة عكس ذلك، فربما يكون المرض أكثر انتشارًا بين الأطفال في سن الخامسة فأقل بحكم المناعة الضعيفة للطفل، خاصةً إن كان مُستأصل اللوزتين أويُعاني من مرض مُضعف للمناعة.
ولكن هذا لا يمنع انتقال العدوى للبالغين الذين يُعانون أولا يُعانون من الظروف ذاتها ممن لم يتلقوا اللقاح بجرعاته الأساسية والتنشيطية من هؤلاء العاملين في مجال التحاليل والرعاية الطبية أوأفراد القوافل الطبية التي تزور المناطق النامية والموبوءة أوالعاملين في المؤسسات التعليمية أوعائلة المريض والمُخالطين له خاصةً، وأن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ أوالبراز والطعام والشراب المُلوَّث بكليهما أوحتى من خلال التعامل الشخصي مع المُصاب.
وتختلف ردود أفعال جسم الشخص البالغ عند تلقيه للعدوى من شخص لآخر ما بين عدم ظهور أعراض أوالشلل التام أوالوفاة، وذلك من بعد الإصابة بفترة تتراوح بين ستة أيام وحتى خمس وثلاثين يومًا تُعرف بفترة حضانة المرض.
علاج شلل الأطفال
ليس هُناك علاج شافٍ تمامًا لمرض شلل الأطفال، فقط مجرد إجراءات تُتبع للحد من حدة الأعراض ومنع تطورها وتدهور الحالة مثل الراحة بالفراش في فترة الشلل الثانوي وتجنب المجهود الشاق، الاهتمام بالتغذية السليمة والإكثار من السوائل لمنع الجفاف المُحتمَل نتيجة القيء، وصف مُسكنات الألم وجلسات العلاج الفيزيائي لمواجهة التصلب المفصلي والعضلي والتنفس الصناعي لمواجهة مشاكل التنفس، والجراحة إن لزم الأمر لإصلاح تشوهات الأطراف.
الوقاية من شلل الأطفال
وأخيرًا وكما يقولون فإن الوقاية دومًا خيرٌ من ألف علاج، لذا سنقدم لكِ مجموعة من النصائح تُجنبّك وتُجنّب أطفالك الإصابة بمرض الأطفال ومن أهمها الاهتمام بتلقي اللقاح بجرعاته الأساسية والتنشيطية المُمتدة سواء بالنسبة لك كبالغ أولأطفالك الصغار، تجنب السفر إلى الأماكن الموبوءة بالمرض أوعلى الأقل تلقي اللقاح قبل السفر بفترة كافية، عدم ملامسة أوالاختلاط بالمُصاب وتجنب لمس أدواته الشخصية خاصةً الملامسة للبراز أواللعاب، الاهتمام بتحسين شبكات الصرف الصحي والانتباه لنظافة الطعام والشراب. والخلاصة هي أن تقي نفسك وأطفالك من هذا المرض اللعين أفضل بكثير من أن تبحث له عن علاج مستقبلًا. وخالص تمنياتنا بدوام العافية والشفاء من كل مرض.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق