شراب القيقب هو شراب يستخرج من نبات القيقب أو الإسفندان، والذي يبلغ عدد أنواعه أكثر من 120 نوع من الأشجار الكبيرة إلى الشجيرات الصغيرة، وتنتشر زراعته في المناطق الشمالية من الكرة الأرضية نظرا لمناخها البارد الذي يناسب زراعة هذه الأشجار، ومن هذه المناطق شمال أوربا وروسيا، كما يكثر زراعته بشكل خاص في المنطقة الواقعة فيما بين الشمال الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية والجنوب الشرقي لكندا، وهو يعتبر مكون رئيسي من مكونات المطبخ الكندي، إذ يدخل في معظم الحلويات ووجبات الطعام هناك؛ لذلك اتخذت كندا من شكل ورقة القيقب شعارا لعلمها الوطني منذ العام 1965م. وقد عرفت الشعوب الأصلية لأمريكا الشمالية هذا النبات واستخدمته في استخراج شراب القيقب منه، واعتمد المستوطنون الأوربيون ذات الممارسة مع العمل على تحسين أساليب إنتاجها تدريجيا.
ما هو شراب القيقب ؟ وما هي فوائده؟
كيفية استخراج شراب القيقب من أشجاره
بداية، لاستخرج شراب القيقب من أشجاره قبل أن تبلغ عمر الشجرة ثلاثين عاما على الأقل. ويصنع شراب القيقب في العادة من ثلاثة أنواع من أشجار القيقب، ألا وهي القيقب الأسود والقيقب الأحمر والقيقب السكري، بالرغم من إمكانية صناعته من بعض الأنواع الأخرى كالقيقب ذو الأوراق الضخمة. وهذه الأنواع الثلاثة من أشجار القيقب تنتمي إلى الفصيلة الصابونية، إذ تقوم بتخزين النشا في جذورها وجذوعها قبل الشتاء، فيتحول النشا في الفصل التالي (فصل الربيع) إلى سكر في صورة محلول يسمى بالنسغ، وهذا النسغ يرتفع في الأنسجة الناقلة للغذاء لأفرع الشجرة “الزايلم”، ومنه يتم الاستفادة من هذه الأشجار في فصل الربيع عن طريق ثقب فتحات في جذوعها لجمع النسغ الناضج منها. ثم بعد ذلك تتم معالجة هذا النسغ بالتسخين لتبخير كميات كبيرة من الماء وإنتاج سائلا مركزا ذهبي اللون… شراب القيقب اللذيذ.
استخدام شراب القيقب
بداية، يباع شراب القيقب في المحال التجارية الكبيرة، وهو يحفظ في قنانٍ بلاستيكية أو زجاجية في مكان معتم وبارد. عند شرائه ينصح بقراءة تاريخ الإنتاج والانتهاء، وبعد العودة به إلى المنزل ينبغي وضعه مباشرة في الرف العلوي من الثلاجة، فهو بذلك يمكن أن يصمد لمدة عامين ما لم يتم فتح قنينته، وإذا ما تم فتح القنينة يمكن أن يصمد لمدة عام باتباع الشروط المذكورة على القنينة. وعند إخراجه من الثلاجة لاستخدامه، يتم تسخينه إما في حرارة الغرفة أو في الميكروويف ليعود سائلا قبل الاستخدام.
يدخل شراب القيقب في استخدامات عديدة في مختلف المطابخ، فهو يستخدم بالأساس عوضا عن السكر ذو الأضرار المتعددة والمعروفة، ويكون مقادير استخدامه كالتالي: ثلاثة أكواب منه في مقابل كوب واحد من السكر الأبيض المصنع، أي أن معدل تحليته يساوي ثلث معدل تحلية السكر المصنع. ويستخدم شراب القيقب لعمل الحلويات والمعجنات والمخبوزات باختلاف أنواعها وأشكالها، وكذلك يستخدم شراب القيقب في إكساب المشروبات والأطعمة المختلفة نكهة طيبة لذيذة.
فوائد شراب القيقب
شراب القيقب من العناصر الغذائية متعددة الفوائد كما أنها متعددة الاستخدامات، ومن بين أهم الفوائد التي سجلها الباحثون ما يلي:
- يحتوي شراب القيقب على مضادات الأكسدة، أبرز هذه المضادات الموجودة في شراب القيقب مركب البوليفينول الذي يحمي الشرايين من التصلب.
- يحتوي على حمض الأبسيسيك، وهو الحمض المسؤول عن تحفيز البنكرياس لإنتاج الأنسولين وزيادة الحساسية تجاه الخلايا الدهنية، الأمر الذي يجعله علاجا قويا وفعالا لمرضى المتلازمة الأيضية ومرضى السكري.
- تشير بعض الدراسات إلى أن شراب القيقب يعمل على إبطاء نمو الخلايا السرطانية في الرئتين والبروستاتا والقولون والثدي والمخ، أي أنه يحتوي على مضادات للسرطان.
- يعمل شراب القيقب على حماية الجهاز المناعي لجسم الإنسان وتحفيز وظائفه، إذ أنه يحتوي على نسبة كبيرة من المنجنيز والزنك الضروريان لعمل الجهاز المناعي، كما أنهما ضروريان أيضا للحفاظ على سلامة القلب.
- استخدامه في الأطعمة والحلويات والمعجنات كبديل عن السكر المصنع الأبيض يجعله حاميا للجسم من الأمراض الكثيرة والخطيرة التي يتسبب السكر الصناعي فيها، كالسمنة وداء السكري وارتفاع معدلات الكوليسترول الضار في الدم والدهون الثلاثية بنوع خاص.
- يستخدم في الحميات الغذائية الخاصة بالرجيم، إذ تثبت الدراسات حول شراب القيقب أنه من أفضل أنواع المحليات وأقلها سعرات حرارية.
- يعمل شراب القيقب على زيادة طاقة الجسم بشكل عام، كما ينشط عمل الدماغ والأعصاب بشكل خاص.
- يقي الجسم من الإصابة بارتفاع ضغط الدم كما يقيه من السكتات الدماغية؛ وذلك لاحتوائه على معادن مهمة لهذه الوقاية، كالمغنيسيوم والكالسيوم والبوتاسيوم.
- يعالج الكثير من مشاكل الجهاز الهضمي كالغازات والانتفاخات.
- يوفر كوب واحد يوميا من شراب القيقب نحو 18% من مجمل عنصر الزنك الذي يحتاجه الجسم.
- يقاوم علامات تقدم العمر كتجاعيد الجلد والشيخوخة، كما يحافظ شراب القيقب على سلامة الجلد وصحته؛ إذ يقوم بتغذيته إذا ما تم خلطه مع الشوفان والحليب، كما يتم استخدامه كماسك للمناطق التالفة والمشققة من البشرة.
- يعد شراب القيقب مقاوما للالتهابات.
- يساعد في علاج العديد من الأمراض الخطيرة كمرض ألزهايمر وكذلك أمراض هشاشة العظام.
- يمنح الجسم نسبة من فيتامين B تعادل 37%، حيث يعد فيتامين B المسؤول الرئيسي عن عملية التمثيل الغذائي.
أبحاث حديثة وآمال بازغة حول شراب القيقب
شراب القيقب يدعم المضادات الحيوية في الإجهاز على الجراثيم: إذ أن أبحاث أجريت مؤخرا في مونتريال كندا بجامعة ماكنجل_ توجه من خلالها الباحثون لشراب القيقب بحثا عن حل لإحدى أهم المشكلات الطبية، تلك الناشئة عن إنتاج الجراثيم لسلالات تقاوم المضادات الحيوية عن طريق الاستخدام العشوائي والمفرط لها. كان الهدف من خلال هذه البحوث هو الحصول على فائدة للتقليل من استخدام المضادات الحيوية، ومن ثم بطء معدل إنتاج هذه السلالات الجرثومية المقاومة للمضادات. فجاءت نتائج الدراسة لتظهر أن شراب القيقب يشتمل على مركبات فينولية، ولهذه المركبات أهمية بالغة لما تقوم به من تطهير ومقاومة للأكسدة، كما تلعب هذه المركبات دورا كبيرا في تطور ونمو النباتات من خلال مساعدتها في الدفاع عن ذاتها ضد الذيفانات.
كما قام العلماء من خلال هذه البحوث بتحضير خلاصة تتوفر على كمية كبيرة من المركبات الفينولية لشراب القيقب، وذلك من خلال سلسلة من التفاعلات والإجراءات، وبعد ذلك قاموا بتطبيق هذه الخلاصة على مجموعة من الجراثيم التي تتسبب في الإنتانات كالإيشيرشيا الكولونية، وكذلك الجراثيم التي تتسبب في إنتانات السبيل البولي. فخرجت النتائج تفيد بأن الخلاصة بمفردها أعطت فاعلية متوسطة ضد هذه الجراثيم، غير أن هذه الخلاصة حين تم إشراكها مع المضادات الحيوية أعطت فاعلية أكبر ضد هذه الجراثيم. وقال العلماء بأن خلاصة شراب القيقب قد أثرت على الجراثيم بطرق عدة، جعلتها في مجملها أكثر حساسية للمضادات الحيوية، ومن هذه الطرق:
تسببت زيادة مسامية الغشاء الخلوي للجراثيم؛ مما أدى إلى تسهيل دخول المضادات الحيوية إلى داخل الخلية الجرثومية والإجهاز عليها.
تسببت الخلاصة في تعطيل المضخة الموجودة في الجراثيم والتي من شأنها إخراج ودفع المضادات الحيوية إلى خارج الخلية الجرثومية.
قامت الخلاصة بإضعاف الجراثيم من خلال الحد من التعبير الجيني المرتبط بالسلالات الجرثومية المقاومة للمضادات الحيوية.
تعد هذه التجربة هي الخطوة الأولى في طريق إثبات هذه الفائدة العظمى لشراب القيقب، غير أنها لم تطبق سوى على سلالات جرثومية في المعمل فقط، ولا زالت تحتاج إلى المزيد من الجهد والعمل المكثف لإثبات فاعليتها عند البشر. ولئن كللت هذه الخطوة بالنجاح، فإن مخاوف عظمى تهدد البشرية _حول احتمالية نفاد مفعول المضادات الحيوية ضد الجراثيم والبكتيريا وعودة البشرية لما قبل عصر المضادات الحيوية_ ستختفي.
أضف تعليق