لا يحب أحد أن يكون شخص غير مرغوب به في أي علاقة، إذ يصاحب تلك الحالة الشعور بالرفض، وهو الشعور الأكثر قسوة على الإطلاق، ولكن كأي حقيقة أخرى لا مفر من مواجهتها في النهاية، وإن كنت شخص غير مرغوب به فالأفضل لك هو العلم بذلك، إذ تمكنك المعرفة من حسن التصرف، فتساعدك على تدارك الأمر وإصلاح المشكلة، أو تمنحك الفرصة للمغادرة بالشكل اللائق، فتحفظ لك المعرفة ما تبقى من ماء الوجه، وينطبق هذا الأمر على كافة أشكال العلاقات، سواء كانت عاطفية أو غير ذلك، كما يمكن أن تحدث في علاقات الصداقة وزمالة الدراسة والعمل، وفي جميع الأحوال عليك رصد التغييرات حتى تعرف أنك شَخص غير مَرغوب بِه فور حدوث ذلك، وسنتحدث في هذا المقال عن أهم العلامات لعدم رغبة الآخرين في استمرار علاقتهم بك، كما سنشرح لك كيف يمكنك التصرف حينها بذكاء، وسنتحدث عن الخروج الآمن الذي يحافظ على الاحترام والود بالرغم من انتهاء العلاقات، فأقرأ معي بتركيز.
استكشف هذه المقالة
أشعر بأنني شخص غير مرغوب به
الشعور بأنك شَخص غير مَرغوب بِه هو الخطوة الأولى في التصرف السليم، فلا يجب أبدا تجاهل هذا الشعور، حتى ولم تجد دليلا عليه، بل ولن أبالغ إن قمت بالتأكيد على أهميته بالرغم من نفي الآخرين لهذا الأمر، ذلك أنك لن تختلق هذا الشعور المؤلم لنفسك، وذلك مهما بلغت بك الحساسية المفرطة، كما لن تختلق تلك الأمور مع من تحبهم من الأصدقاء أو في علاقات الحب، ومؤكد هناك سبب لهذا الشعور، كما أنه للأسف الشديد لا يقوم الجميع بالتعبير الصادق عن مشاعرهم، فقد ينتهي حبك من قلب إحداهن ولا تخبرك بذلك، كما قد تتلاشى رغبة أحدهم في الاستمرار في صداقتك دون أن يفصح عن ذلك، كأن هذا الشأن لا يخصك كما يخصهم بالضبط، وهو فعل أناني في واقع الأمر، لكن تلك هي الحياة يا عزيزي، لذا عليك الوقوف بمجرد الشعور بذلك، وسأخبرك في باقي المقال بما تبحث عنه للتأكد من شعورك، وبما ستفعله أيضا للتصرف.
علامات على كونك شخص غير مرغوب به
سواء شعرت أنك شخص غير مرغوب به أو لم تشعر هناك علامات تساعدك على التأكد، هناك علامات تساعدك في معرفة الحقيقة، وذلك بدون الحاجة إلى سؤال الآخرين، وبدون الحاجة لإحراجهم، فأغلب البشر سيجيبون إجابات دبلوماسية تفتقر للوضوح، وهذا الأمر بالذات لا يحتمل تلك الميوعة والغموض الملغز، ومهما بدت تلك الإجابات غير مفهومة فسلوكهم يخبرك الحقيقة، فالحقيقة تنعكس على السلوك، وهناك علامات تدل على أنك شخص غير مرغوب به كحبيب أو صديق أو زميل، سنتحدث عن تلك العلامات بشكل عام فيما يخص جميع أنواع العلاقات، ثم نعود للتخصيص فيما بعد خلال هذا المقال، فتأمل تلك العلامات وابحث عنها في علاقاتك، ولكن يجب مراعاة تكرار حدوث تلك المواقف، والدمج بين أكثر من علامة في الوقت ذاته، فالظروف والسياق عناصر ذات أهمية، ولا يجوز خسارة الناس بسهولة.
الإهمال
يعد الإهمال علامة واضحة على كونك شخص غير مرغوب به في كافة أنواع العلاقات، ذلك أننا لا نهمل من نحرص على علاقتنا بهم أبدا، كما يصعب علينا إهمال من يمثلون لنا أهمية ويتربعون على قائمة الأولويات لنا، وعلى العكس من ذلك يسهل إهمال شخص غير مرغوب به في حياتنا، سواء كان هذا الشخص صديقا أو حبيبا أو غير ذلك، والإهمال باب واسع يشمل الكثير من الأمور، فقد يتمثل الإهمال في عدم الاستماع لك بجدية، كما قد يتمثل في تجاهل مشاعرك والتقصير في دعمك وقت الشدائد، ويبدو الإهمال أيضا في عدم احترام رغباتك واهتماماتك مهما كانت آراء الآخرين فيها، ولكن يقاس الإهمال بسابق العهد لا بالاحتياج، أي كي تتخذ إهمال البعض كعلامة على إنك شخص غير مرغوب به يجب توافر عدة أمور، أهمها أن يكون الاهتمام سابق على الإهمال، وأن تتم مراعاة ظروف الآخرين أيضا وأعمالهم ووقتهم وحالتهم النفسية، ويسهل عليك معرفة ذلك.
كثرة الأعذار والحجج الواهية
قد تطلب الخروج مع حبيبتك أو أصدقائك ويرفضون، ثم تكتشف بعد ذلك خروجهم وعدم دعوتك، ومبدئيا تلك علامة على كونك شخص غير مرغوب به في علاقتك، ويسهل التأكد من هذا الأمر بملاحظة الحجج المستعملة، خاصة إن كنت تعرف مدى سخافتها وكذبها، فمن يحبك ويرغب في استمرار علاقتكم سيخصص لك الوقت، سيبادر للقائك والحديث معك، ولن يكون مجرد طرف كثير الأعذار والحجج، وبالطبع قد تمنعهم ظروفهم عن التواصل، ويكون عليك تفهم تلك الظروف، ولكن هناك خيط يفصل الظروف وضيق الوقت عن تعمد الهروب منك، ويمكنك وحدك تمييز هذا الخيط الفاصل بين تعمد التجاهل والظروف الطارئة، فإن رأيت الحجج واهية والأعذار كثيرة يسهل عليك معرفة أنك شخص غير مرغوب به في العلاقة.
التجاهل
يختلف التجاهل عن الإهمال قليلا، لكنه يعد أحد علامات كونك شخص غير مرغوب به في العلاقة، والمقصود بالتجاهل هو السلوك المتعمد الذي يتبعه الأفراد مع وجودك، وهو أول وسيلة تنعكس على سلوك الأفراد عندما تصبح شخص غير مرغوب به بالنسبة لهم، فيميلون إلى تجاهلك، والتعامل معك كما لو لم تكن موجودا، حتى أنهم قد لا يتذكرون دعوتك للخروج معهم كالمعتاد، وفي حال وجودك معهم لا يلتفتون إليك، بل ينشغلون عداك، كما لو أخبرتهم بمشاعرك تجاه بعض سلوكياتهم السلبية يكررونها، ولا ينتبهون لمشاعرك على الإطلاق، وحتى عند اختيار الطعام ومكان الخروج يستمعون لجميع الآراء ولا يمنحون تفضيلاتك الاهتمام الكافي، وكلها علامات واضحة على التجاهل، والتجاهل هو القاعدة الأولى في التعامل مع شخص غير مرغوب به في حياتنا.
تصيد الأخطاء
لا أحد يتصيد الأخطاء لمن يحبهم، بل نفعل هذا مع شخص غير مرغوب به في حياتنا، فالأخطاء تحدث طوال الوقت، بعضها يستحق التوقف عندها والتعليق عليها وربما اتخاذ موقف حاسم منها، ويتم تجاوز البقية كأخطاء بسيطة لا تصنع المشكلات الكبيرة، أما اختلاق الأخطاء وصناعتها بشكل متعمد فلا يحدث إلا مع من لم نعد نحبهم، يحدث مع من لا نرغب في استمرار وجودهم إلى جوارنا، لذلك يجب ملاحظة تعليقات المقربين على تصرفاتك، ويجب ملاحظة تحولهم إلى الغضب من أبسط الأمور، وتحويلهم كافة تصرفاتك العادية إلى مشاكل وشجارات كبرى، إذ يعد هذا دليلا على كونك شَخص غير مَرغوب بِه في حياتهم بعد الآن، كما يمكنك إدراك تلك الحقيقة من خلال طريقتهم في إدارة الخلاف والشجار، ولكن سنخصص فقرة كاملة لهذه العلامة نظرا لأهميتها.
الفجر في الخصومة
من الطبيعي أن نغضب عندما يقوم أحد المقربين بارتكاب الأخطاء في حقنا، ويعتبر الشجار والخصام من الأمور العادية في كل العلاقات، لكن من الطبيعي أيضا أن نهدأ ونلتمس الأعذار لمن نحبهم، ومهما بلغ حجم الخطأ نميل إلى الصفح، ونتجاوز الخطأ في النهاية، فيكون الخصام مؤقتا وعابرا، ثم تعود العلاقات إلى سابق عهدها بعد ذلك، لكن عندما يرتكب الخطأ شخص غير مرغوب به في حياتنا نزداد قسوة، فنميل إلى تكبير الأمور وتضخيمها، وقد لا ترضينا الاعتذارات مهما بلغ حجمها وصدقها، ويسهل عليك إدراك أنك شخص غير مرغوب به من خلال شكل الخصام، فعندما تتحول مشكلة صغيرة إلى كارثة كبيرة يسهل عليك معرفة حجم أهميتك لدى هذا الشخص، وعندما يستغل أحد المقربين خطأ صغير قمت بارتكابه للفجر في الخصومة تكون شخص غير مرغوب به، ذلك أن ما يمنعنا عن المغالاة في الغضب والخصومة هو رغبتنا في استمرار العلاقة، وهو ما لا يحدث إلا مع شَخص غير مَرغوب بِه.
الإهانة واللوم وعدم التقدير
يسهل علينا إهانة شخص غير مرغوب به في حياتنا، وتكرار تلك الإهانات هي دليل واضح على عدم رغبتنا في وجوده، وتتمثل الإهانة في سلوكيات كثيرة، ولا تقتصر على السب والقذف بشكل مباشر، بل تمتد لتشمل عدم تقدير كافة أفعال الإنسان نظرا لاعتباره شخص غير مرغوب به في حياتنا، فنقوم بالتقليل منه ومن أهميته وآرائه، ويحدث التقليل من كل ما يمثله، كما يسهل حينها إلقاء اللوم عليه في كل موقف، وهي علامة واضحة ولا تخطيء عين في رؤيتها، وبمجرد ملاحظة رغبة الآخرين في الإساءة لك يسهل عليك معرفة مدى رغبتهم في وجودك، وتختلف الإهانات عن المزاح المعتاد، فالإهانة هي كل فعل جاد ينطوي على عدم احترامك واحترام أفعالك وآرائك، كما يبدو الأمر جليا عندما لا تحصل على ما تستحقه من ثناء على أفعالك الجيدة لهم.
كيف تتصرف عندما تصبح شخص غير مرغوب به ؟
تحدثنا عن العلامات التي تخبرك بأنك شخص غير مرغوب به بالنسبة للبعض، وهي علامات واضحة يسهل ملاحظتها، ويزيد اليقين في دلالاتها السيئة عندما تتكرر معك، وتزيد الثقة فيها عندما لا تقف عند علامة واحدة منهم، أي عند ملاحظة أكثر من علامة في الوقت ذاته، والتي أهمها التجاهل والإهمال وتصيد الأخطاء والفجر في الخصومة والإهانة، وملاحظة تلك العلامات ومعرفة أنك شَخص غير مَرغوب بِه هي نصف الطريق، أما النصف الآخر من الطريق فيمثل التصرف بذكاء مع تلك الحالة، وتختلف طريقتنا في التصرف حسب نوع العلاقة وأهميتها، كما يؤثر علينا أيضا السبب الحقيقي وراء هذا التغيير، وما إذا كان بسبب ما اقترفته أيدينا أم بسبب تغييرات شملت الآخرين وقلبت قلوبهم علينا، وفي النهاية يمكننا التصرف وفقا لثلاثة معايير، وهي سبب التغيير وإمكانية تداركه أو إصلاحه وأخيرا مدى استعداد الآخرين للتمسك بالعلاقة، وتلك أهم الخطوات عزيزي القارئ.
معرفة السبب الحقيقي للتغيير
البحث عن الأسباب الحقيقية هو الخطوة الأولى في التصرف، فلن تصبح شَخص غير مَرغوب بِه في أي علاقة بدون أسباب، لذا عليك البحث عن السبب الحقيقي بمجرد ملاحظة علامات تدل على اعتبارك شخص غير مرغوب به في أي علاقة، فقد يكون السبب هو خطأ جسيم قمت بارتكابه في حق الحبيبة أو الصديق، كالخيانة أو التقصير، وربما يكون من الأخطاء الكبرى التي تعد كاشفة عن الحقيقة السيئة للبعض، وفي تلك الحالة يمكنك شرح أسبابك ودوافعك لهم، ويمكنك الاعتذار عن هذا الخطأ أيضا، ويمكنك التأكيد على الندم وضمانك لهم بعدم تكرار الخطأ، أما عندما لا يتعلق السبب بك تصبح الطريقة المثلى للتصرف هي الرحيل، فقد يكون سبب كونك شخص غير مرغوب به بالنسبة لهم هو تغييرهم هم، وعدم وجود ما يجمعهم بك بعد اليوم، فلا مجال هنا لإصلاح الأمور، والقاعدة هنا أنك قد تصبح شخص غير مرغوب به بسبب تصرفاتك، وعندها فقط يمكنك إصلاح الأمر.
إمكانية إصلاح المشكلة
قد تصبح شخص غير مرغوب به في علاقة ما لأسباب لا ناقة لك فيها ولا جمل، فقد تصبح شخص غير مرغوب به بالنسبة لزوجتك لتطلعاتها المستقبلية الضخمة، فتبحث هي عن الثراء الطائل بينما عملك بالكاد يوفر لك قوت يومك، في تلك الحالة لا تكون لديك مساحة التصرف لإصلاح الأمر، كما توجد بعض العيوب غير القابلة للتغيير، سواء كانت عيوب شخصية لديك أو لديهم، وتتسبب تلك الخلافات في اعتبارك شَخص غير مَرغوب بِهفي العلاقة، سواء كانت تلك العلاقة هي علاقة عاطفية بحتة أو علاقة صداقة، وفي تلك الحالات تكون المحاولة هي جهد لا طائل منه، ويجب عليك إنهاء تلك العلاقة، ذلك أن محاولة إصلاحها لا تنتج غير تأجيل النهاية، وانتهاء العلاقات أمر مؤسف بالطبع، لكنه يكون الخيار الأفضل في بعض الحالات، وعندها لا يجب التردد والتمسك بالآمال الواهية.
مدى التمسك باستمرار العلاقة يجعلك شخص غير مرغوب به
لا تستحق كل العلاقات بذل الجهد فيها، بل يتوقف الأمر على رغبة أطرافها في استمرارها والحفاظ على بقائها، ولا يهم هنا السبب الذي يجعلك شخص غير مرغوب به في حياتهم، لا يهم إن حدث هذا لخطأ اقترفته أم لتغيير شملهم هم أو لظروف جدت في حياة الجميع، ما يهم هنا هو مدى حرصهم على استمرار العلاقة، كما يهم حجم الدعم الذي يمنحونه لك للبقاء، ومن المهم أيضا الاستعداد المتبادل لبذل الجهد في استعادة العلاقة، فحتى لو كان التغيير بسبب ما اقترفته أنت من أخطاء، لا يجب عليك الإبحار وحيدا، ولا يستحق كل البشر أن تبذل الجهد للاستمرار معهم، بينما لا يبدون هم نفس القدر من الاستعداد لذلك، ولكن عند توافر التوازن في الاستعداد للإصلاح وبذل الجهد يمكنك إصلاح كافة الأمور، وتصبح العلاقة جديرة بالحفاظ عليها.
الحديث الجاد والصلح
قد تصبح شَخص غير مَرغوب بِه ثم تنصلح الأحوال مرة أخرى، ويسهل ذلك بعد معرفة السبب الحقيقي للخلاف، ويحدث بمعرفة مدى تمسك الآخرين بالعلاقة، وبمعرفة إمكانية إصلاح المشكلة من عدمه، فيأتي هنا دور الحديث الهادئ الجاد، فيمكنك المبادرة لتوضيح التغييرات السيئة التي أصابت العلاقة مؤخرا، وعندها يتم التعبير بوضوح وصراحة عن كافة الأمور، ويتم ذكر الأسباب الحقيقية للمشكلة، كما يجب فك أي غموض أو سوء فهم، وبعد ذلك يمكنك السؤال عن رغبتهم في إصلاح الأمور ومساعدتك على ذلك، ثم يتحدث كل طرف عن مشكلاته وعما سيفعله لإصلاحها، وأخيرا يتم الاتفاق على غلق صفحات الماضي وضمان عدم تكرار تلك الأخطاء.
قد تصبح شَخص غير مَرغوب بِه في أي وقت، يحدث هذا في كافة أشكال وأنواع العلاقات، إذ يحدث هذا التغيير في علاقات الحب والزواج كما يحدث في علاقات الصداقة وزمالة الدراسة والعمل، والأسوأ هو إمكانية تحولك إلى شخص غير مرغوب به بدون أن تدري، لذا يجب ملاحظة علامات هذا التحول فور حدوثها، وأهم تلك العلامات هي الإهمال والتجاهل وكثرة اللوم والإهانات وتصيد الأخطاء والفجر في الخصومة، وبمجرد ملاحظة تلك العلامات يصبح لزاما عليك البحث في أسبابها، إذ تنعكس تلك الأسباب على التصرف الأنسب، فلا تستحق كل العلاقات بذل الجهد فيها، وأحيانا يكون التصرف السليم بالنسبة إلى شَخص غير مَرغوب بِه هو المغادرة فحسب، إذ يتوقف الأمر على سبب المشكلة وإمكانية إصلاحه من عدمه، كما يتوقف أيضا على مدى تمسك أطراف العلاقة بها، وعلى استعدادهم لبذل الجهد في إصلاحها، وإن توافرت الرغبة في الصلح والمراجعة يتم حل الأمر بالحديث الجاد الهادئ حول المشكلة، ويتم إغلاق الصفحة القديمة، وفتح أخرى جديدة.
الكاتب: أحمد ياسر
أضف تعليق