تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » سحر الإعلام : كيف يتحكم الإعلام في الناس بدون أن يدروا ؟

سحر الإعلام : كيف يتحكم الإعلام في الناس بدون أن يدروا ؟

الإعلام هو تلك الأداة القوية التي ظهر التأثير الهائل لها في بدايات القرن الماضي، نستعرض هنا الطريقة التي يتحكم بها سحر الإعلام في عقول البشر خفيةً.

سحر الإعلام

سحر الإعلام واقع فعلاً وليس خيالاً، إذا أردت أن تعرف حقيقة قومٍ فانظر إلى ما يعرضه إعلامهم وإذا أردت أن تتحكم في قومٍ فسيطر على إعلامهم، هل هذا الأمر حقيقي؟ هل للإعلام دورٌ بهذه القوة والعنف في حياة الناس؟ وهل تستطيع أن تعرف الناس من إعلامهم؟ لا تفهمني خطأً في هذه النقطة فأنا لا أطلب منك أن تشاهد أفلامًا تعرض لك طبيعة حياة القوم وأحوالهم لأن هذه خدعةٌ من خدع الإعلام وإنما أطلب إليك أن تنظر إلى ما يشاهدونه وتتأمل المحتوى الذي يقدمه الإعلام لهم وتوازن بين الحقيقة والكذب في ذلك المحتوى لتعرف العقلية التي تسيطر على عقولهم والمستوى الذي يصل إليه وعيهم ودرجة إدراكهم للأمور من حولهم فتلك الأشياء تقوم بشكلٍ كبيرٍ على الإعلام، أو على الأقل فهي تسيطر على عقول الشريحة الضخمة بسيطة العقول متوسطة الثقافة التي يسهل إقناعها وخداعها، وهي الطبقة الكبرى في المجتمع والذي تحركه وتعتبر أساسه رغمًا عن أنف الجميع، الإعلام في أي بلدٍ من بلاد العالم هو سلاحٌ قويٌ ذو حدين من الممكن أن يُستخدم في صالح القوم وعكس صالحهم وهو فتاكٌ نافذ الأثر في كلتا الحالتين، لذلك ستجد أن أول ما يسيطر عليه من يريد التمسك بمقاليد الحكم والسيطرة هو الإعلام لأنك ببساطةٍ إن تمكنت من السيطرة على عقول الناس سهل بعد ذلك طريقك وحتى نهايته للقمة والحكم.

سحر الإعلام : كيف يسحر الإعلام القلوب والعقول ؟

كيف يسيطر الإعلام على العقول؟

كيف يقوم الإعلام بتلك اللعبة غير المعقولة من السيطرة؟ وكيف يعمل سحر الإعلام ؟ يبدو الأمر كواحدةٍ من روايات الخيال العلمي التي يستطيع أحد الأشخاص الأشرار تنويم العالم مغناطيسيًا ويأمرهم فينفذون أوامره بدون نقاش! هل يحدث ذلك أيضًا في العالم الواقعي؟ بالتأكيد ولكن ليس بنفس الكيفية الخيالية وإنما بكيفيةٍ أكثر واقعية وعملية، يستغل الإعلام واحدةً من أكبر نقاط ضعف الإنسان وهي الجهل والثقافة المحدودة كما أن ذلك يدعمه اعتماد الكثيرين على الإعلام كوسيلةٍ للثقافة والمعرفة وبذلك يكون الإعلام قادرًا على إحكام قبضته وسيطرته على جميع من تنطبق عليه تلك الصفات وهم كثرٌ للأسف في كثيرٍ من المجتمعات خاصةً مجتمعاتنا العربية التي تغلب عليها الطبقة المتوسطة والأقل من المتوسطة بعقلياتها البسيطة التقليدية التي يمكن التنبؤ بكيفية تفكيرها وكيفية التأثير فيها، لا يكون الشخص الشرير كما الروايات قادرًا على إعطاء الأوامر فيتم تنفيذها بدون جدال وإنما لو وُجد ذلك الشخص في الواقع سيستخدم عملية دس وزرع الأفكار في المحتوى المعروض للناس ليتمكن من إقناع الناس بفكرته دون أن يدروا، فبذلك يتشبعون الفكرة ويحسبون أنهم هم أصحابها بينما هي مدسوسةٌ لهم فيدافعون عنها ويحموها ويصرون عليها ويصبحون بذلك جنودًا مغيبين للشخص الذي يسعى للسيطرة، كما أن الإعلام قادرٌ على الرفع من نسبة العلم والثقافة لدى الناس أو زيادة الجهل وإغراقهم فيه بعرض المحتوى التافه أو الأخبار الخاطئة لتستمر حرب السيطرة بمساعدة سحر الإعلام .

تزييف حقائق

عمل الإعلام المضلل الأول والأكبر على الإطلاق هو عملية تزييف الحقائق ونقل ما يريده بالضبط إلى الناس، فكما ذكرنا عندما يريد أحدهم أن يسيطر على عقول الناس يجعلهم يقتنعون ويؤمنون بفكرةٍ محددة ويعتقدون أنهم أصحاب تلك الفكرة بلا تدخلٍ من أحدٍ آخر وأنهم يتبنون آراءهم الخاصة لأنفسهم فكيف يستطيع الإعلام أن يفعل ذلك؟ عن طريق التزييف والتضليل بالطبع فإذا أردت أ، تصل لنتيجةٍ معينة فأعطِ حقائق ومعطيات تكفي الآخرين للوصول لتلك النتيجة وحدها وأحيانًا قد تجبرهم على الوصول إليها دون سواها، إنك بذلك تكون قادرًا على التحكم في الرأي العام وفي فكر المجتمع ونظرته للحقائق ولما حوله عن طريق إعطائه ما تريد وحسب من المعلومات، كما أنك من الممكن أن تستخدم الإعلام لصالحك لتزييف حقيقةٍ قد تضر بك وتحويلها إلى نقطة قوةٍ في صالحك، أو تضر بخصومك عن طريق تشويه صورهم وجعل الإعلام ينقل للناس صورًا وحقائق قاتمةً عنهم، قس على ذلك كل شيءٍ في المجتمع وكل هدفٍ تريد أن تصل إليه، الناس سهلوا القيادة والخداع عندما تنحدر ثقافتهم ويتحكم بهم شخصٌ خفيٌ لا يدركون وجوده قادرٌ على توقع تفكيرهم ونمطيتهم وإعطائهم ما يرغبون فيه فكريًا في حين أنهم يتضورون جوعًا ويموتون من المرض على أرض الواقع! الإعلام هو عملية غسيل مخ إن تركنا عقولنا حرةً لها سنفشل وستنمحي شخصياتنا وسيتم ختمنا جميعًا بنفس ختم الجهل والخديعة لنتحول جنودًا في لعبةٍ لا ندرك وجودها ننفذ أوامر قائدٍ لم نعرف وجوده.

قانون الاستهلاك

ثاني كارثةٍ يقوم بها الإعلام هو تحويل الناس لمستهلكين بدرجةٍ أولى، فانظر حولك لكل وسائل الإعلام تجد الإعلانات والدعاية منتشرةً بكثرة وبدون قانونٍ أو حد، تقوم فكرة كل تلك الإعلانات والدعايات على ترغيبك في شراء شيء لكن المشكلة ليست أنها تجعلك تعرف بوجود شيءٍ أنت تحتاجه وتسهل عليك الوصول إليه، وإنما تكمن المشكلة في براعة الكثير من تلك الوسائل وتأثيرها القوي على عقل ونفس المشاهد فتجعله يرغب في شراء أشياء هو ليس بحاجةٍ لها من الأساس! تلك الأشياء تجعلنا من كبار المستهلكين في العالم خاصةً في البلاد التي يقل الإنتاج فيها فتجد تلك الموجة من الاستهلاك لا تقابلها موجةٌ معادلةٌ من الإنتاج ويختل الميزان فنظل في القاع بسبب سحر الإعلام .

إعمال العقل

ليس في الإعلام وحسب وليس في جانبٍ واحدٍ من جوانب الحياة فإعمال العقل لا يحتاج مناسبةً أو ظروفًا معينةً لتبدأ باستخدامه كإنسان! رُزقت العقل لتفكر به وتستخدمه فلا تتكاسل، ابدأ بتثقيف نفسك وفهم الحياة من حولك ولا تترك الجهل يقلل من وزنك وأهميتك فيجعلك ورقةً في مهب الريح تذهب حيث يدفع بها الهواء، وتفكر في كل ما تسمعه وتراه ولا تترك أمرًا يمر عليك مرور الكرام، لا تقتنع بشيءٍ إلا بعد أن تدرسه ولا تؤمن بحقائق إلا بعد أن تتأكد منها وكن على درايةٍ بما يحدث في الحياة من حولك حتى لا يسهل خداعك، تلك هي أبسط الوسائل والقوانين التي عليك أن تستخدمها في محاربة الإعلام وطغيانه، لا تبتعد تمامًا ولا تقترب كثيرًا والتزم الحياد.

نزاهة الإعلام

إن البلد التي يفشل فيها الإعلام في أن يكتسب الحرية والنزاهة لهو بلدٍ فاشلٌ وسيظل في دائرة الفشل ما ظل الإعلام في دائرة السجن والحجر والسيطرة والمراقبة، على الإعلام أن يكون رفيق الناس وصديقهم أن يعطيهم الصحيح والجيد وأن يساهم في نشر الوعي والثقافة بدون خوفٍ أو وجل، عليه أن يزيد من الوعي العام وأن يعبر عن رأي الناس ويساهم في جعل الأصوات الخافتة التي لا يسمعها أحد عاليةً صداحة تصل للجميع بدون أن يظلم أحدًا، على الإعلام أن يجمع لا يفرق وأن يعطي لا يأخذ وأن يكون مرآة الناس لا أداة تنويمهم مغناطيسيًا، عليه أن يمد يد العون لهم ويقف ضد الطاغي والظالم والمتجبر ليرتقي بهم لا أن يقف ضدهم في صف الطغيان ويصبح أداةً فيه، الإعلام سلاحٌ جبار عندما يتم استخدامه الاستخدام الخاطئ وعندما يقع في أيادٍ غير مسئولة وشريرة يصبح المعول الذي يحفر قبر الناس، يحتاج الإعلام إلى أن يكون رقيبًا على نفسه مستقلًا بذاته ليؤدي دوره ومهمته على أكمل وجه.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

4 + خمسة =