سحر الأحلام هو تقريباً السحر الوحيد الذي من الممكن أن يراه الإنسان بعقله دون عينيه بل وأحياناً يصنعه داخل عقله أيضاً حتى يكون في مكان وزمان مختلف وهو لم يبرح مكانه أو زمانه الأصليين، وهذه هي قوة العقل الحقيقية أنه العضو الوحيد الذي يستطيع أن ينقل الحواس خارج إطار الجسد نفسه لتشعر وتسمع وترى أشياء في أماكن وأزمنة مختلفة. نعم عزيزي القارئ أنه العقل البشري القادر على أشياء عجيبة ومنها الأحلام أو الخيال التلقائي الغير مرتب، وهذا الموضوع من ضمن المواضيع الحلوة ذهنياً لأنه سيجعلك تدرك أهمية شيء لم تكن تعلم أنه بهذه الأهمية أبداً ألا وهو سحر الأحلام.
سحر الأحلام وكيف تؤثر فينا أحلامنا
أنواع الأحلام
يجب أن نعلم جيداً عزيزي القارئ أن لفظ كلمة أحلام يطلق على أشياء متعددة ولكننا هنا سنخص بعض الأحلام حيث سنتكلم مثلاً عن أحلام النوم وأيضاً عن أحلام اليقظة، وهناك نوع أخر من الأحلام تسمى بالرؤية. وكل نوع من هذه الأحلام يختلف عن الأخر ولكن الذي يظل ثابت هو سحر هذه الأحلام جميعاً في تأثيرها على حياة الإنسان.
تعريف الحلم
الحلم هو مجموعة من الخيالات الغير مرتبة ولكنها واضحة ومرئية ومحسوسة. ولحدوث الأحلام كثير من التفسيرات أشهرها تفسير العالم “سيجموند فرويد” الذي أعزى حدوث الأحلام إلى الرغبة في التحرر من الكبت، حيث في الحلم يستطيع الشخص فعل الأشياء التي تريدها نفسه كوسيلة شبع ولكن الظروف لا تسمح بحدوث هذا الشيء لذلك يقوم العقل بإطلاق الحواس مع خيال ليصبح الحلم واقع لمدة لا تزيد عن 3 ثواني. نعم عزيزي القارئ ولا تستغرب أن مدة أعظم حلم تحلمه أثناء نومك هو 3 ثواني فقط، فهذا أمر طبيعي جداً لأن الأحلام عبارة عن خيالات وليست وقائع، فهي صور كثيرة ومشاهد مختلطة تتنافس داخل العقل أثناء النوم، وهذا النوع من الأحلام هو النوع الذي يحدث أثناء النوم.
ولكن هناك نوع أخر من سحر الأحلام وهو أحلام اليقظة وهو سحر فعلاً ويعتبر هو من ضمن أساسيات النجاح لدى الكثيرين وهذا لأسباب كثيرة سنركز عليها لك ي هذا المقال حيث أن أحلام اليقظة ليست مجرد شخص يحلم بأشياء ليست بإرادته ولكن في هذا النوع من الأحلام يتخيل الإنسان الأشياء بإرادته وغالباً هذه هي الأشياء التي يتمناها.
التمني
التمني هو من ضمن الأشياء الأساسية في الحياة ويعتمد تماماً على أحلام اليقظة لأن الإنسان يريد أن يمتلك شيء معين لا يمتلكه أو يفعل شيء هو يحبه ولا يقدر على فعله في الزمان والمكان الحاليين أو يتمنى وجود شخص في حياته هو يحب أن يكون بجواره دائماً ولكنه ليس بجواره، هذا هو التمني ويمكن أن نركزه في كلمة “الرغبة” أي الرغبة في امتلاك الأشياء وهذا منطقي جداً بالنسبة للعقل بل وتلقائي أيضاً، لأنه يحدث بتلقائية جداً داخل عقل الإنسان وخصوصاً في سن المراهقة ويزداد عند الأنثى أكثر من الرجل لأن الأنثى كائن عاطفي ولا يميل إلى الواقع بل يميل دائماً إلى الحياة البوهيمية أو الحياة التي لا تندرج تحت الشروط والقواعد والأحلام وهي خير الوسائل لدى الفتيات. وهذا هو سحر الأحلام الذي نتكلم عنه فتجد الفتيات في سن المراهقة دائمات السرحان والتجلي في أوقات كثيرة، وقد لا يدركون كم من الوقت مر وهم يتخيلون بعض الأحداث التي يتخيلونها في عقلهم، وهذا أيضاً يسبب لهم في الأخير مشاكل لدى الأهل حيث تُتهم الفتيات بعدم التعقل وأنها كائنات تافهة لا تتحمل المسئولية ولا تتحدى الواقع وتهرب من الواقع عن طريق التمني في أحلام اليقظة. ولكن دعني أعرفك أن الفتيات وبسبب خصوبة خيالهم هم قادرات على الإبداع أكثر من الرجل، لأن الرجل يركز على العمل دائماً ولا يعطي نفسه مجال للتفكير خارج الصندوق المنطقي ولذلك أيضاً تجد الرجال يميلون غالباً إلى مشورة السيدات المقربات لديهم لأنهم يعرفون قيمة العقلية الحالمة للأنثى.
النجاح
وهذا من ضمن سحر أحلام اليقظة أيضاً ولكنه الأهم على الإطلاق، فأحياناً كثيرة تجد أحد الأطفال مغرمين بكونهم يريدون أن يكبروا ويصيروا لاعبين كرة قدم، فيظلوا يحلموا ويعشقوا الموضوع ويجتهدوا من أجله حتى يحققوه. وهناك قصص نجاح كثيرة ولكني سأقول القليل منها لتعلم عزيزي القارئ قدرة سحر الأحلام على تغير المستقبل بسبب الخيال البسيط، من ضمن الأمثلة التي سأقولها الآن هو الرياضي الأشهر على الإطلاق في وسائل التواصل الاجتماعي وهو لاعب كرة القدم كرستيانو رونالدو، فهذا اللاعب عزيزي القارئ لم تكن طفولته سهلة على الإطلاق، حتى إن أمه في الشهر الرابع من الحمل فيه ذهبت إلى طبيب النساء كي تطلب منه أن يجهض الجنين لأنها لن تتحمل تكاليف الولادة فما بالك بتكاليف التربية والطفل التي تعلمها جيداً. ومع ذلك كان للقدر كلمة أخرى حيث قال لها الطبيب أنه لن يستطيع فعل هذا بسبب وجود خطر على حياتها. وبعد ذلك ولدت وكبر الولد ليصل إلى سن العاشرة الذي كان فيه مغرم بكرة القدم وكان لا يذهب إلى المدرسة ويهرب من الفصول ويلعب كرة القدم، ومن ثم في سن السادسة عشر التحق بناشئي نادي سبورتنج لشبونة البرتغالي، ليلعب في سن الثامنة عشر أمام نادي عظيم مثل مانشستر يونايتد ليراه حينها المدرب أليكس فيرجسون وأعجبه جداً أدائه أمام مانشستر. لينتقل بعد ذلك كرستيانو إلى نادي مانشستر وصار أفضل لاعب في العالم ثلاث مرات حتى الآن ويوجد من يصفه بأنه أفضل لاعب في التاريخ مع بيليه ومارادونا. كل هذا حدث من مجرد حلم فتى صغير كان يهرب من المدرسة ليلعب كرة القدم ليصير أعظم لاعب في العالم وفاز مع بلاده البرتغال في عام 2016 بأول بطولة قارية “بطولة كأس الأمم الأوروبية” عندما فازت البرتغال على فرنسا في أرضها في النهائي. نعم عزيزي القارئ هذا هو حلم اليقظة عندما يسيطر على عقل الأطفال أحياناً فيستجيب القدر ليصير للحلم قدرة سحرية تجعل الطبيعة والظروف لا تتوانى في تحقيق هذه الأحلام.
سحر الأحلام العادية
ومن قال إن الأحلام الطبيعية ليس لها سحر وقدرة على الإنسان! فلكل شيء تراه وتسمعه داخل الحلم تأثير في حياتك الواقعية. فلو حلم الإنسان بحلم مزعج أو كابوس أثناء يومه فبالتأكيد سيستيقظ ليجد نفسه مرهقاً جداً ولديه صداع رهيب، وقد تكون جربت ذلك بنفسك. وخاصة لو حلم الإنسان بأنه يتعارك مع شخص ما بالمنزل، فبالتأكيد سيتيقظ ويجد غل بداخله من ذلك الشخص دون وعي تماماً بالسبب. ولا يقف سحر الأحلام عند ذلك الحد، بل من الممكن أن يصير الإنسان مهوساً بالحلم حد الجنون فيظل يبحث له عن تفسير ولماذا قلت ذلك أو تخيلت ذلك، أو هل حقاً ذلك الشخص يكرهني، وسيكون كابوس في حياة الرجل لو حلمت زوجته بأنه يخونها، فذلك الوسواس القهري عند بعض الأشخاص يجعلهم مشدودي الأعصاب دائماً لمعرفة سبب الحلم، وهو لا يكون بالحقيقة أكثر من مجرد عقل باطن أخرج صور سينمائية مرعبة متكاملة حسب ما يرعب الشخص أو يفكر فيه كثيراً. فكلما زاد تفكيرك في موضوع معين وخفت منه، حلمت به بصورة مفزعة.
بل تزيد سحر الأحلام على العقول في الأفعال نفسها، وعلى سبيل المثال لدى جدة تقول لي دائماً أنها أضاعت محفظتها عند البقال لأنها حلمت بذلك قبلها بيوم. فهل يعقل أن كل الأشياء السيئة أو بعضها التي تحدث للإنسان، يحلم بها قبلها بيوم؟ أما إنه العكس ما يحدث! وأعني أن ما تحلم به يشغل تفكيرك لدرجة أنك لا إرادياً تنفذه فتجد أنه تحقق فتخاف، لتؤمن بسحر الأحلام وحقيقتها أكثر، وتدخل في دوامة لا نهاية لها. لا تستهين بقوة عقلك الباطن الذي قد يتلاعب بأفكارك حتى وأنت لا تدري. فأخر أبحاث على قوة العقل الباطن أثبتت أنه يتحكم في التفكير التلقائي للإنسان خاصة السريع منه، فلذلك لو وقعت في موقف وتحتاج للتصرف فيه بسرعة لإنقاذ نفسك فستجد أن أغلب تصرفاتك لو فكرت بها بعد انتهاء الحدث، تمت وأنت لا تدري أو لم فكرت بها ملياً. إذاً يجب أن تفرق بين أنواع الأحلام ولا تجعلها تسيطر على حياتك، وحاول ألا تفكر كثيراً بها، ولكي تقلل من حدة أحلامك التي تتداخل مع مشاكلك اليومية فحاول ألا تفكر بالمشاكل قبل النوم مباشرة، ودع السرير ليكون مكاناً للراحة وليس مكاناً لحل الخلافات.
ليست كل نهايات الأحلام من صنع العقل الباطن
قد تكون مررت بتجربة مثل هذه بنفسك، فيبدأ الحلم أولاً طبيعياً ولا تأخذ أحداثه سوى أجزاء من الثواني في الحقيقة، ولكنها كافية بأن تكون أيقظتك أنت لتصير في حالة من النوم واللا نوم أو النعاس أو اللاوعي. فيكون عقلك وكأنه نصفه يعمل والأخر لا. ولذلك يتحول الحلم من طبيعي إلى مفتعل أو مشكل حسب عقلك وتفكيرك دون أن تدري، وأغلب تلك المرات تستيقظ فيها لتجد نفسك تتذكر باقي الحلم وليس أوله، وذلك لسبب بسيط ألا وهو أنك أنت الذي أكملته بإرادتك. قد يكون سحر الأحلام بذلك الوقت ليس جميلاً لأنك تكون في قمة من الشفافية مع ذاتك وتنهي حلمك بطريقة قد تؤذيك. يقول البعض أنه عليك أن تفكر بالأمر وتصارح نفسك بما حلمت، ولكني شخصياً لا أحبذ ذلك لأن الأحلام تبقى مجرد أحلام مهما كانت ساحرة طيبة أو شريرة، وبالأخيرة أنت تقرر ما سوف تفعله بحياتك وقراراتك.
النبوءات
هناك نوع أخر من الأحلام وهو سحري أيضاً وهو أمر ديني أو روحاني جداً ولا أحد يعلم كينونته لأنه لا يحدث إلا قليلاً جداً ولأشخاص قليلين جداً أيضاً. والنبوءة عبارة عن أن أحدهم تعرف على شيء قادم بالضبط في صورة مثل حلم في أثناء النوم ولكن وهو مستيقظ، وهو يعلم أنه مستيقظ ويعلم أيضاً أن ما يراه ليس حقيقي وإنما شيء يعرض أمام عينيه ويأسره هو فقط لغرض ما.
أخيراً عزيزي القارئ سحر الأحلام هذا شيء خارج عن نطاق السيطرة دائماً فقليلاً ما تحلم الحلم مرتين وهناك من يقولون أنك لو حلمت الحلم أكثر من مرتين فهذه إشارة إلهية من العالم الأخر للحالم وليس مجرد إفرازات عقلية ينتجها العقل لمجرد أن يشبع حرمانه، وهناك أيضاً من يعلمون كيفية تفسير هذه الأحلام ويربطونها بأحداث ستحدث في المستقبل، وأحياناً كثيرة تُصدق هذه الأقاويل ويستند المفسرين على سيدنا يوسف عليه السلام عندما فسر الحلم لفرعون قائلين أن الأمر جائز وحقيقي وقديم، ولكن الحقيقة أن هناك الكثير من الدجالين يستخدمون إيحاءات لمجرد تشويه عقل الناس والسيطرة عليهم ليس أكثر. لذلك كن حكيم وإذا واجهت مثل هذا الموضوع فلا تتسرع في قبول الكلام أو ذكر أحلامك للآخرين.
أضف تعليق