مرت عملية زراعة الكتان واستخدامه بالكثير من المراحل والتطورات حتى غدت على شكلها الحالي بفضل التقدم الصناعي والتكنولوجي، أما قديمًا فكانت عملية الزراعة بدائية وبسيطة بعض الشيء وهذا ما لمسناه في زراعة الكتان بالحضارة المصرية القديمة، حيث أن المصريين هم أول من زرع الكتان واستخدم أنسجته وأليافه في تغليف الجثث المحنطة لديهم وذلك قبل خمسة آلاف وأربعمائة عام تقريبًا، وعندما ننظر بعين فاحصة على الكتان المصري القديم وما استخرج منه من ألياف واستخدم في صناعة الأقمشة نجد أنه لا يختلف كثيرًا عن الكتان الموجود في الوقت الحاضر وخاصة الموجود في دولة أيرلندا، وكما نعلم لابد من توفير بيئة وظروف مناخية وتربة مناسبة لكي ينمو الكتان في صورة سليمة ويصبح قابل للتحويل إلى أقمشة جيدة الخامات، ولا ننسى توفير المياه بشكل جيد وبصورة مستمرة حتى لا تجف التربة ويفسد المحصول، ولذا فإن زراعة الكتان تجود في المناطق التي تتساقط بها الأمطار بقدر يتراوح ما بين ثمانية عشر إلى ثلاثين بوصة.
استكشف هذه المقالة
شروط زراعة الكتان بصفة عامة
تحتاج زراعة الكتان إلى بعض الشروط بصفة عامة لكي تتم على أكمل وجه فمثلًا لابد من جلب حبوب كتان صغيرة الحجم ونظيفة حتى لا تكون محملة بالأمراض، ثم لا يتم زراعته بعد حصد محصول الأرز أو أغلب المحاصيل الصيفية مثل الشعير والذرة، ثم يتم حرث الأرض مرتين على الأقل ثم تهويتها بشكل جيد وبعدها يتم تقسيم الأرض لكي تكون جاهزة لغرس البذور، ثم تزرع البذور أثناء جفاف التربة وتكون على شكل متعامد، ومن الممكن زراعة البذور والتربة رطبة بالماء لا مانع في ذلك، وفي الوقت الحالي أصبح بالإمكان وضع البذور بواسطة آلة ميكانيكية تقوم بالتوزيع بشكل متساوي ومرتب على جميع أنحاء الأرض، ولابد من متابعة المحصول بالري دائمًا وبالأسمدة حتى لا يصاب بأي مرض.
فكما هو معروف أن الكتان عرضة للحشرات مثل حشرة النفاسيا والمن أو فطريات الصدأ أو اللفحة أو البياض الدقيقي، ولذا فعلينا متابعته بالأسمدة والأدوية بشكل دوري حتى لا يتعرض للتلف، هذه هي أهم الشروط التي يجب وضعها في الحسبان قبل الشروع في زراعة الكتان وذلك حتى نضمن زرعة جيدة الجني وذات كفاءة عالية.
التربة المناسبة لزراعة الكتان
عليك أن تعلم عزيزي القارئ أنه لابد من توفير بعض العوامل التي تؤثر بشكل رئيسي في زراعة ونمو النبات، ومن ضمن هذه العوامل هي التربة وهي واحدة من أهم العوامل التي لابد من الاعتناء بها جيدًا قبل غرس البذور فيها، والكتان يحتاج إلى تربة جيدة مثل الطينية الخفيفة أو الصفراء الطينية أي النصف رملية، وذلك حتى يتاح لجذور النبات التغلغل بشكل كبير في داخل هذه التربة، ولذا فإن التربة الرملية أو الصفراء الخفيفة لا تتناسب تمامًا مع زراعة الكتان ، فهي ليست لديها القدرة الكافية على الاحتفاظ بالرطوبة اللازمة لكي ينمو النبات بشكل طبيعي.
ولكن هذا لا يعني أن كثرة المياه جيدة على تربة الكتان بالعكس فإنه إذا ذادت كمية المياه التي تشربها الأرض سوف يتوقف نمو الكتان بشكل جذري، ومن الأمور الهامة في التربة التي سيزرع بها الكتان أن تكون خالية قدر الإمكان من النباتات الطفيلية والأعشاب، وأيضًا ألا تكون كثيرة القلوية التي تفسد كيميائية التربة، هذه هي المواصفات التي يجب أن تكون عليها التربة المخصصة لعملية زراعة الكتان .
كمية المياه المناسبة للكتان
من العوامل الهامة لزراعة الكتان هي كمية المياه التي يجب أن يأخذها النبات أثناء نموه وهي محدده بمعيار معين لا تقل ولا تزيد عنه، بداية تجود زراعة الكتان بشكل كبير في المناطق التي يسقط بها الأمطار بقدر يتراوح بين ثمانية عشر إلى ثلاثين بوصة في العام، أو في المناطق الجافة التي لا يتساقط بها المطر ولكن يمكن للمزارع توفير نفس القدر من الماء عن طريق الري، وعلينا أن نعلم أن الكتان يزرع في بعض المناطق لاستخدامه في صناعة الأنسجة وفي مناطق أخرى يقتصر استخدامه على أخذ الزيت منه، وسوف نقوم بتوضيح الفارق بين الفريقان مع وضع أمثلة لبعض الدول من الجهتين، أما المنطقة التي تزرع الكتان لاستخدام الزيت الخارج منه فقط فإن ارتفاع درجة الحرارة والجفاف الشديد خلال وقت تكون الأزهار والثمار يؤديان إلى تقليل وزن وكمية البذور، وهذا يؤدي إلى تقليل جودة النبات وكمية الزيت الذي يخرج منه، وهذا بالطبع يعني خسارة المحصول وعدم القدرة على الاستفادة منه بالشكل السليم.
الخواص الطبيعية لألياف الكتان
يختلف لون الكتان الخارج من كل منطقة حسب طريقة تعطينه وصنفه وأفضل الكتان هو من يحمل اللون الذي يجمع بين الأبيض مع اصفرار قليل، ويأتي الكتان ببريق لامع بسبب انتظام دوران مقطع أليافه، وعدم وجود انحناءات أو ارتفاع في درجة الحرارة اللذان يؤثران بشكل كبير على درجة اللمعان، ويأتي الكتان بطول شعيرات يتراوح بين خمسة وثلاثين إلى سبعين سنتي متر والاختلاف بين أطواله يكون بسبب الظروف البيئية التي زرع فيها أو النوع، كما أن الكتان متين بعض الشيء وهذا ما يجعله متفوق على أغلب الألياف الطبيعية المستخدمة في الملابس، ولكنه في نفس الوقت ذو مرونة قليلة وهذا بسبب رطوبة الألياف والمادة الشمعية المحيطة بها، ونظرًا لمتانته الكبيرة فأن الألياف المستخرجة من الكتان لها القدرة على التحمل أكثر بكثير من الألياف المستخرجة من النباتات الأخرى، وأيضًا تأتي الأقمشة المستخرجة منه بملمس ناعم ورطب للغاية وذلك بسبب نعومة سطح أليافه.
استخدامات الكتان
تستعمل ألياف الكتان في صناعة الغزل والنسيج للأقمشة والتيل، وتدخل بعض مخلفاته في صناعة الدوبارة والحبال والغزل السميك، ثم باقي المخلفات من الأوراق تدخل في صناعة الخشب الحبيبي وهو الخشب المضغوط، ثم نقوم بأخذ البذور ووضعها في الزراعة الموسم القادم والجانب الأكبر من هذه البذور يعصر لكي نستخرج منه زيت بذرة الكتان والمعروف بالزيت الحار، حيث أن بذور الكتان تحتوي على ثلاثين إلى ثمانية وثلاثين بالمائة من الزيت بداخلها، ولكن ما نحتاج إليه في الصناعة هو خمسة وعشرين بالمائة فقط وباقي النسبة يحول إلى قوالب أو أقراص تستعمل كطعام للدواب والمواشي بسبب احتوائها على قدر ليس بالقليل من المواد المغذية لهم، ومن الممكن أن نستخدم الزيت الخارج من الكتان في الدهانات والطلاءات والمشمعات، أو ندخله في عمليات تحويل إلى دهن صناعي لكي يدخل في صناعة الصابون وتحدث هذه العملية عن طريق الاختزال بالهيدروجين، وباقي الزيت يستعمل كزيت حار للطعام كما هو الحال بمصر.
الإنتاج العالمي للكتان
يتركز أغلب الإنتاج العالمي من الكتان في قارة أوروبا وخاصة روسيا وبلجيكا وبولندا وفرنسا وسمولينسك وتشيكوسلوفاكيا، هذه هي أكبر الدول المنتجة لألياف الكتان في العالم.
أضف تعليق