تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » زراعة القلب : كيف تجري عمليات زراعة القلب الخطيرة ؟

زراعة القلب : كيف تجري عمليات زراعة القلب الخطيرة ؟

زراعة القلب واحدة من العمليات الجراحية الدقيقة التي تحتاج إلى الكثير من الخبرة، نسلط الضوء في السطور المقبلة على عمليات زراعة القلب .

زراعة القلب

بالتأكيد سمعت عن زراعة القلب وعن خطورة إجرائها، لحظةٌ واحدةٌ قد يتوقف فيها قلب الإنسان تمامًا عن العمل ويعجز الأطباء عن إنعاشه فتنتهي حياته، يعلنون وفاته ويُسلم جثمانه ويُوارى بالتراب، لكن العلم تقدم والطب تطور بالطبع لن يكون الطب قادرًا على منع الموت فالموت حقٌ علينا جميعًا إلا أنه وسيلةٌ من وسائل التمسك بالحياة، محاولةٌ لتأخير لحظة الموت والفراق، كان الطب تطور حتى أنه بذل كل ما يستطيع ويقدر عليه لعلاج القلب المريض وإنعاش القلب المتوقف وإعادته للحياة، نجح أحيانًا وفشل أحيانًا، حدثت معجزاتٌ في بعض الأحيان وانتظروا المعجزة لتأتي في كثيرٍ من الأحيان فلم يأتِ سوى الموت، جاء يومٌ بعد ذلك كان الطب قد استنزف فيه كل محاولاته لإنعاش القلب الميت وبث الحياة فيه مرةً أخرى فخرج بفكرةٍ جديدة، وأعطى أملًا جديدًا لأصحاب الحالات الميؤوس منها على وجه الخصوص عندما بدأ الأطباء في محاولات زراعة القلب من جسدٍ لآخر، أكثر من نصف قرنٍ مضى على أول مرةٍ خرجت فيها فكرة زراعة القلب للنور وكانت محط دراسةٍ وتجربة وحتى تم إجراء أول عملية زراعة قلبٍ بنجاح عاد بعدها المريض من الموت ليكمل حياته بمعجزةٍ طبية! لم يحن موعده وأجله بعد وأظن أنه كان شديد الامتنان لذلك.

تعرف على عمليات زراعة القلب

أسباب الحاجة لعملية زراعة القلب

بالطبع لزراعة القلب ظروفٌ معينة ومتطلباتٌ خاصة وليس كل مرضى القلبالأعضاء البشرية : كيف تتم عمليات زراعة الأعضاء البشرية ؟ يتم الزج بهم في غرفة العمليات لاستبدال قلوبهم، فعملية زراعة القلب من أكثر العمليات صعوبةً وتعقيدًا خاصةً أن القلب هو العضلة الرئيسية التي يعتمد عليها جسم الإنسان وعملية الزراعة تعتمد على استبدال تلك العضلة بأخرى في عمليةٍ يجب أن يظل الجسد فيها على قيد الحياة وتنتهي عملية الزرع بسلاسةٍ ليقوم القلب الجديد بعمل القلب القديم بكفاءةٍ دون أن يؤثر أو يقصر في عمله مع أي جزءٍ من أجزاء الجسم، غالبًا ما تكون الأسباب الداعية لهذه العملية هو الفشل التام للقلب أو مرضًا يهدد القلب بالتوقف خلال فترةٍ قصيرةٍ جدًا أو عدم قدرة القلب على القيام بوظيفته بدون الدعم الطبي والآلي، ما يعني أنه لا يتم إجراء عملية زراعة القلب إلا في الحالات التي يكون المريض مخيرًا فيها بين الموت والزراعة ولا أمل له في الحياة بدونها.

موانع عملية زراعة القلب

رغم ذلك فإن هناك العديد من المشاكل التي قد تواجه المريض وتجعله غير مؤهل لعملية زراعة القلب وكل ما يتبقى له هو أن يحصل على العلاج والدعم الطبي ويستنزف قلبه كل محاولات الإنعاش والتنشيط، فإن فشل القلب تمامًا وتوقف كان ذلك قدره ولا نستطيع تغييره، بشكلٍ رئيسي فبالطبع لا يجب إجراء عملية زراعة قلبٍ للمرضى الذين يعانون من عرضٍ أو مرضٍ يهد حياتهم لا علاقة له بالقلب من الأساس، كبار السن الذين يتجاوزون عامهم الستين أيضًا ليس من الممكن إجراء عملية زراعة القلب لهم وغالبًا يتم تجنيبهم أي عمليةٍ جراحية تحتاج لتخديرٍ كليٍ لأن أجسادهم تكون أكثر ضعفًا من تحمل العملية ولا يستيقظون بعدها في أغلب الحالات، كما أنه يجدر الحرص والحذر عند التعامل مع مرضى يعانون من ارتفاع نسبة التجلط أو من أمراض الأوعية الدموية المختلفة أو من فشل الكبد أو الكلى أو أولئك الذين يتعاطون المخدرات أو يدخنون بشراهة، فكل هؤلاء يزيدون من نسبة فشل العملية لأنفسهم.

قلب المتبرع

بالطبع لا يحمل الإنسان سوى قلبًا واحدًا ولا يمكن لحيٍ أن يتبرع بقلبه لآخر لأنه ببساطةٍ سيموت، يتم الحصول على القلب المناسب من شخصٍ مات حديثًا وتم إنقاذ قلبه قبل أن يتوقف تمامًا وحفظه حتى يمكن زراعته، يُحقن القلب بكلوريد البوتاسيوم ويمكن حفظه في الثلج لمدةٍ تصل إلى ست ساعاتٍ حتى عملية الزرع، لكن بعد ذلك قد لا يكون ذو جدوى، في أحيانٍ أخرى يتم الحصول على القلب من شخصٍ ميت دماغيًا ما يعني أنه ميتٌ تمامًا ومن المستحيل أن يستيقظ ثانيةً إلا أن قلبه يعمل عندها يتم استئصاله والبحث في مواصفاته ومدى مطابقته لجسد المريض الذي يحتاج للعملية وإن كان سيمكن زراعته فيه أم لا، عندما يمر القلب والمريض من الفحوصات وتظهر النتائج كلها عندها يبدأ إعداد المريض للعملية، ومؤخرًا نجحت عملياتٌ في نقل قلبٍ حيٍ من جسدٍ لجسدٍ آخر مباشرةً دون الحاجة لتبريده وحفظه.

عملية زراعة القلب

يخضع المريض للتخدير الكلي بالطبع ويتم شق صدره وعظمة القص وغشاء التامور المحيط بالقلب، بعدها يتم بمنتهى الحذر فصل القلب عن أوعيته الدموية الرئيسية من أوردةٍ وشرايين وتركيبها بجهازٍ يعمل عمل القلب ويحافظ على دوران الدم في الجسم خلال فترة العملية، تظل الأوردة الرئوية مكانها دون أن تُقطع متصلةً بالأذين الأيسر الذي يتم إزالة القلب بدونه، ثم يتم تركيب القلب الجديد بعد قصه ليناسب الأذين الأيسر المتبقي مع أوردته الرئوية وخياطته وإعادة الأوعية الدموية الباقية إلى مكانها فيه وخياطتها، بعد ذلك يسمح الأطباء للقلب الجديد بالعمل ويتأكدون من كفاءته وقدرته على القيام بدوره وأن لا مشكلة حدثت أثناء إجراء العملية، وبعد ذلك يتم فصل المريض من جهاز الإنعاش وخياطة صدره وإغلاقه، في حالاتٍ أخرى لا يتم إزالة القلب القديم وإنما يتم ربط وخياطة القلبين معًا واتصالهما بالأوعية الدموية يكون مشتركًا في محاولةٍ لجعل القلب الجديد يقوم بإنعاش القلب القديم وإعادته للحياة والعمل ثانيةً، غالبًا ما يلجأ الأطباء لهذه الحيلة في الحالات التي تقل فيها كفاءة القلب الجديد وتكون نسبة فشله عالية.

نجاح أو فشل العملية

بعد أن تنتهي العملية يتم إفاقة المريض ونقله إلى وحدة العناية المركزة لحمايته ومراقبة وظائفه الحيوية وعمل القلب الجديد في جسده، من المعروف أن جهاز المناعة يهاجم الأجسام الغريبة والدخيلة على الجسد وباعتبار القلب جديدًا أو مختلفًا عن الجسد وجاء من جسدٍ آخر فجهاز المناعة لا يتعرف عليه، ولو عمل جهاز المناعة بكفاءة سيقوم بمهاجمة القلب بضراوة حتى يقتل الإنسان بسبب رفضه للعضو المزروع، الحل الأول والأساسي لهذه المشكلة هو أن المريض يتلقى علاجًا مكثفًا من الأدوية المثبطة للمناعة في محاولةٍ لتقليل دورها والسماح للقلب الجديد بالعمل بدون مضايقاتٍ منه، لكن ذلك له أضراره وآثاره الجانبية الخطيرة لأنه يترك مريض صدرٍ مفتوحٍ بلا حماية معرضًا لكافةً أنواع العدوى والأمراض، ومجرد تعرضه لفيروس أو ميكروب بسيط جهاز مناعة الطفل الصغير قادرٌ على مقاومته قد يسبب له المرض الشديد، لا يُعرف متى يمكن أن يهاجم جهاز المناعة العضو المزروع فأحيانًا يحدث ذلك في التو واللحظة أو بعد أيام أو أشهر وأحيانًا يأخذ جهاز المناعة سنوات قبل أن يرفض العضو المزروع، حسب الإحصائيات والدراسات فمتوسط عمر الفرد بعد عملية زراعة القلب ما بين 10 و 15 عامًا لا ضمان خلالها ألا يفشل القلب أو يرفضه الجسم فجأة، وأظن أن ذلك يحدث بسبب أن القدر نافذٌ وأننا أوتينا الداء والدواء وعلينا أن نأخذ بالأسباب ونفعل كل ما نستطيع تقديمه للمرضى لكن إن حل أجل أحدهم فلا نملك حيلةً أمام الأجل والقضاء والقدر ويصبح موته أمرًا واقعًا وحقًا عليه.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

أربعة عشر − خمسة =